لقد أختار الله تعالي صفة الرحمة للنبي صلي الله عليه وسلم حيث قال تعالي وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وقال صلي الله عليه وسلم إنما انا رحمة مهداة لأن هذه الصفة جماع لكل خير ومن كانت الرحمة صفته كان الشر بكل ألوانه بعيدا عنه ولذا قال الله تعالي في شأنه فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك. ويوضح الدكتور جعفر عبد السلام الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية أن صفة الرحمة لازمت النبي صلي الله عليه وسلم في السلم وفي الحرب, وفي أحرج الأوقات وفي أشد المواقف. ومن الأدلة علي ذلك أنه بعد العدوان الشديد عليه من السفهاء بعد وصوله إلي الطائف لم يدع عليهم بما يهلكهم بل دعا لهم بالهداية, وقال اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون. كما لازمته الرحمة مع الناس جميعا, وبين أن الإيمان الصادق لا يتم في القلوب إلا إذا كانت معه فضيلة الرحمة فقال صلي الله عليه وسلم لن تؤمنوا حتي تراحموا.. قالوا يا رسول الله كلنا رحيم قال إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه ولكنها رحمة العامة. وكذلك لازمته فضيلة الرحمة مع أولاده فعندما كان ابنه إبراهيم يلفظ أنفاسه الأخيرة ضمه إلي صدره وقلبه ودمعت عيناه.. فقال له بعض أصحابه وأنت يا رسول الله؟ فقال صلي الله عليه وسلم إنها رحمة, وان العين لتدمع وان القلب ليخشع ولا نقول إلا ما يرضي الرب وإن بعدك يا إبراهيم لمحزونون. كذلك لازمته فضيلة الرحمة مع اليتامي والمساكين فقد قال لرجل شكا إليه قسوة قلبه أتحب أن يلين قلبك وأن تدرك حاجتك ؟ ارحم اليتيم وأمسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك كما لازمته الرحمة مع الضعفاء والخدم فقال من كان أخوه تحت يده- أي في خدمته- فيطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوه من العمل ما يغلبهم فان كلفتموهم فأعينوهم ورحمته بالأطفال حيث جاءه الأقرع بن حابس يزوره ودخل الحسن بن علي بن السيدة فاطمة بنت النبي صلي الله عليه وسلم وعندما دخل الحسن أخذه النبي واحتضنه وظل يقبله فقال الأقرع بن حابس: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا فنظر اليه رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم قال من لا يرحم لا يرحم. ولقد لازمته صفة الرحمة حتي مع الحيوان فقال صلي الله عليه وسلم دخلت امرأة النار في هرة حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض وكذلك بلغت رحمة النبي صلي الله عليه وسلم حتي في ميدان القتال حيث وضع النبي صلي الله عليه وسلم أسلوبا للإرشاد والهداية فيما يتعلق بالسلوك الحربي فحين يرسل قائده إلي الحرب ينصحه وجنوده بتقوي الله والخوف منه ويقول صلي الله عليه وسلم اغزوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا رواه أبو داود والترمذي.. ثم يخبر جنده أن يعرضوا علي العدو ثلاثة أمور أولا: الإسلام ثانيا: الجزية ثالثا: الحرب. فإذا قبل العدو الإسلام فقد أمن وإذا قبل دفع الجزية فلا يعتدي علي ماله أو روحه ولكن إذا رفض دفع الجزية فقاتلوه بعون الله. وهكذا نجد ان فضيلة الرحمة لازمت النبي صلي الله عليه وسلم وشملت الجوانب العديدة من الحياة فقد رحم الصغير والكبير ورحم القريب والبعيد ورحم الراشد والشارد ورحم الصديق والعدو ورحم الإنسان والحيوان. أحمد عبد الفتاح