النظام الذي يعتمد على صنع فزاعات وهمية لإرهاب المواطنين للحفاظ على بقاء نظامه، حتى لو كانت على حساب حرية المعتقدات الدينية، فمن المؤكد أنه نظام يسبح ضد التيار، ويخلق لنفسه عداءات جديدة ليس لها في معترك السياسية ناقة ولا جمل. المنظر الأول: مظاهرات حاشدة منددة بالتجاوزات المستمرة لرجال الشرطة، ويردد المتظاهرون هتافات الدين لله والوطن للجميع، منددين بحملات الاعتقالات المتزايدة في صفوف رجال الدين والملتحين، بدعوى انضمامهم لجماعات إرهابية، ومع اشتعال التظاهرات تكثف قوات الأمن من تواجدها وتقع اشتباكات قوية بين الطرفين وتلقى القبض على عدد كبير من المعارضين، والتليفزيون الحكومى لدولة "مصريوس" يبث الأغانى الوطنية ويؤكد للجمهور أن قلة مندسة ممولة من الخارج تحتج خارج القصر الرئاسى، والأمن ينظم الطريق ويوفر سبل الراحة للمتظاهرين، ويؤكد كذلك أن الرئيس أمر بإجراء محاكمة عاجلة تجمع بين الأطراف المتعارضة لتقريب وجهات النظر بحكمته المعهودة. المنظر الثانى: يدخل "ديوانيوس" ممتعضا مرتبكا، فينظر اليه الرئيس "حسنيوس" مترقبا "حسنيوس": مالك ياغراب البين، عمرك مادخلت عليا بتضحك، أكيد جايب خبر هباب زى وشك. "ديوانيوس": طب وانا أيه ذنبى ياسعادة الريس، الشعب مش عاوز يتهد ويقعد في بيته. "حسنيوس": هو الشعب دا فاضى ولا إيه، أيه.. أسيب شغلى وأقعد للعب العيال دا، وعاوز إيه الشعب النهاردة. "ديوانيوس": عاملين مظاهرة كبيرة أوى بره، وبيقولو حسبى الله على الظالم. "حسنيوس": ومين ظلمهم وبيدعو عليه كدا. "ديوانيوس": متشغلش بالك سعادتك، دا شعب عبيط وجاهل. "حسنيوس": طب غور حضر المحكمة القديمة، اللى عند بيتى قبل ما أكون ريس. "ديوانيوس": بس ياسعادة البيه، دى مكان معفن أوى. "حسنيوس": أمال عاوزانى أخد الشغب فين ياغبى، أجيبهم هنا القصر ولا أيه. "ديوانيوس": اللى تأمر بيه ياسعادة البيه. المنظر الثالث: يدخل الحاجب، ويقول بصوت مرتفع "محكمة" فيقف الجميع في احترام، ثم يدخل الرئيس "حسنيوس" ويطلب من الحاجب أن يُنادي على القضية. الحاجب: "شخيوس" والسيد "أحبيوس"، وزير الداخلية. ... يقترب "شيخيوس" مطأطأ الرأس منكسرا، طليق اللحية، أشعث شعر رأسه، سىء منظره، قصير جلبابه. "شخيوس": السلام على مشى ورا الهدى "حسنيوس": مين دا اللى بيمشى ورا هدى؟ إتكلم "شخيوس": هدى من ؟ أنا أقصد السلام على من أمن بالله "حسنيوس": طب إحلف اليمين وأخلص "شخيوس": والله العظيم أقول الحق "حسنيوس": وحياة أمك ؟ هتحلف اليمين مظبوط ولا أقوم أضربك بالجزمة "شخيوس": وحياة مقامك العالى أقول الحق "حسنيوس": أيوه كدا أظبط، قول باه أيه حكايتك "شخيوس": ياسيدى الرئيس، أنا رجلا حاملا لكتاب الله، وأودى فروض الله في موعدها، ولا يعنينى من أمور الدنيا شىء، وليس لى أي توجه ولا نشاط سياسي، ولا أبتغى من الدنيا سوى رضا المولى عز وجل، ولا طامعا في مناصب زائلة، وذات مساء كئيب لم تشرق شمس العدالة فيه إلى الدنيا، كنت خارجا من صلاة العشاء، فوجدت الوزير "أحبيوس" منتظرا أمام المسجد، في البداية لم أعر الأمر أي اهتمام، وبعد دقائق وجدته يشدنى من ذراعى بكل قوة، فسألته "ماذا دهاك أيه الوزير، ولماذا هذا العنف معى، فقال لى "ماذا تفعل هنا"؟ فقلت له، كنت أصلى العشاء حاضرا، وماهى الا طرفة عين حتى وجدته يشير بأصبعه لرجاله، فالتفوا حولى، وقال له "خذوه" إنه إرهابى عتيد، فإنتابنى الغضب الشديد، وقلت له، لست إرهابيا، ثم إلى أبن يأخذونى؟ فقال إلى المعتقل "ياحليتها"، فقلت إلى مندهشا، إلى المعتقل، لماذا؟ فقال له "لإنك إرهابى" وتريد بالوطن وأهله السوء. "حسنيوس": بقلك أيه "ياشيخوس" ما تتكلم عربى زى مخاليق ربنا "شيخوس": وهل أتحدث بلسان أعجمى؟ "حسنيوس": أنت ياد، هتتكلم زى الناس ولا أقوم أعلملك على وشك ؟ "شخيوس": المهم يا باشا، خدونى على المعتقل، وربنا ما يكتبها على عدو ولا حبيب، أقل على قلم هناك، يخلى العتويل يولول، وعينك ما تشوف الا النور، وفترة الراحة هناك بتكون شوية شلاليط على حفان بنيات، ولسوعه بالكهربا، دا غير الحفلة اللى كانت بتتعمل كل شوية على قفايا، وحياة غلاوتك يا سعادة البيه، انا شوية وقفايا دا كان هيولع نار، المهم ياباشا مطولش عليك، انا مقدرتش أستحمل كل دا، وقلت بأعلى صوتى، خلاص ياهووووه حرمت، مش هدخل الجامع برجلى تانى، وببص لقيت الوزير الظالم بيضحك ويقولى لالالالا، دا إحنا لسه هنرفعك على.... "حسنيوس": على أيه يا شخيوس ؟ "شخيوس": والله الذي رفع السماء بلا عمد، إنى لسانى يستحى أن ينطقها "حسنيوس": انت هترجع تانى تتكلم كلام مش فاهمه "شخيوس": على... على... لالالا يابيه، أنا هتكسف أقول "حسنيوس": ورفعوك عليهوإستحملت "شخيوس": وقعدت هناك كام شهر كمان "حسنيوس": الله يكون في عونك، أتاري لسانك إتعوج، طب أقعد وما تتكلمش غير لما أسمحلك "حسنيوس": نادي ياحاجب على الوزير "أحبيوس" "الحاجب": السيد وزير الداخلية "أحبيوس" "حسنيوس": إحلف اليمين ياخويا، أنا عارف أن نهايتى هتكون على أيديك "أحبيوس": وحياة مقامك العالى أقول الحق "حسنيوس": أقول اللى حصل وإنجز، عاوز أقوم أكل لقمة "أحبيوس": والله ياسعادة الريس، أنا مظلوم دايما، والشعب مضطهدنى مش عارف ليه، وفاكر إنى جبار وظالم، الحكاية بتاعت "شخيوس" يابيه، أنى كنت واقف بحفظ الأمن والأمان، وأضرب في الجعان وأعتقل الغلبان، ودا كله حسب توجهات سعادتك، لقيت الراجل "شخيوس" رايح يصلى العشا، وبعدين لقيته بكل وقاحه وبجاحة وقله أدب بيقولى، أنت مش هتيجى تصلى العشا ياوزير، فأنا يابيه لامؤاخذة زعلت في نفسى أوى، والدم غلى في مخى، فقلتله، هو الشغل مش عباده زى الصلاة يا "شيخوس" ولا ايه، وبعدين إفرض دخلت أصلى، فحد قتل حد، ولا حد سرق حد، وبعدين هو القبض على الإرهابيين والمجرمين مش عمل نتقرب بيه من ربنا ؟ ولا أهملت في عملى مش هيكون حرام عليه وأدخل النار "حسنيوس": أيه صح، هيكون حرام عليك طبعا، بس أنت كدا كدا هتدخل النار يا "أحبيوس" "أحبيوس": المهم ياسعادة البيه، فراح "شخيوس" قالى ياوزير تعالى صلى، فالمولى خير حارس، فأنا يابيه لامؤاخذة خفت أنك تزعل منى وتجيب وزير تانى مكانى، فقبضت عليك وحطيته في المعقتل "حسنيوس": ما تخفش يا وزير، انت الراجل بتاعى ومقدرش استغنى عنك، المهم حابب تقول حاجة تانية ؟ "أحبيوس": ربنا يكرم أصلك يابيه، متشكرين "حسنيوس": ترفض الدعوى المقامة من "شخيوس" ضد الوزير "أحبيوس" مع إلزامه بأتعاب المحاماة، وعطلة وقلة المزاج. رفعت الجلسة.