لم يكن عهد المماليك الذين حكموا مصر سعيدًا للغاية على المصريين في كافة مراحله فمن "عز الدين أيبك" الذي تزوج الملكة شجرة الدر إلى آخر سلطان مملوكى "طومان باى" والذي شنق وعلق على باب زويلة في القاهرة بسبب دفاعه عن أرض مصر تجاه الاحتلال العثماني في ذلك الوقت، تغيرت كثير من الأمور وصعدت الروح الوطنية أحيانا ودبت الخلافات فيما بينهم في أحيان أخرى مما ساعد على انتهاء دولتهم بأسوأ الطرق. لكن لا أحد ينكر العمارة التي تركوها ومن ضمنها لؤلؤة المساجد "مسجد السلطان حسن" بالقاهرة. والسلطان حسن هو "الناصر حسن بن الناصر محمد بن المنصور قلاوون"، من أسرة قلاوون المملوكية العريقة التي حكمت مصر نحو مائة عام، ولد عام 735 ه 1334 م، وتولى الحكم بعد أخيه الملك المظفر في الرابع عشر من رمضان عام748 هجرية 1347م وكان عمره 13 عامًا فقط، وفي بداية حكمه ونظرا لصغر سنه لم يكن مطلق اليد في السلطة إلى أن كبر وانتزع الحكم لنفسه، ثم اعتقل وسجن وعاد مرة أخرى إلى الحكم إلى أن قتل وتولى مكانه ابن أخيه ولم يجدوا جثته فلم يدفن في الضريح الذي بنى له في مسجده. ترك السلطان حسن أثرا عظيما وراءه على اسمه، وهو مسجد ومدرسة السلطان حسن، ويعد المسجد أكثر آثار القاهرة تناسقا وانسجاما، ويمثل مرحلة نضوج العمارة المملوكية، ويتكون البناء من مسجد ومدرسة لكل مذهب من المذاهب الأربعة (الشافعي والحنفي والمالكي والحنبلي). أنشئ هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط وبه صحن مكشوف مساحته 32 في 34.60 مترًا، تشرف عليه أربع إيوانات متقابلة ومعقودة أكبرها وأهمها إيوان القبلة، وتحصر بينها المدارس الأربعة، ويحيط بالصحن مساكن للطلبة مكونة من عدة طبقات بارتفاع المسجد. يعتبر مسجد السلطان حسن من أهم الأماكن السياحية التي يتوافد عليها السياح بمختلف ثقافاتهم، ويحتوي المسجد حاليا على مدرسة صغيرة للأطفال لتدارس القرآن الكريم ويقام به أيضا العديد من الحلقات والندوات الثقافية.