الثانية الواحدة في "الزمن السياسي".. وقت كبير جدًا.. الذين يتقنون أبجديات "العلوم السياسية" يدركون هذا الأمر جيدًا، وعندما يصبحون في منصب سياسي، يتعاملون مع الوقت من هذا المنطلق، والمتابع الجيد لخطوات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتحديدا فيما يتعلق بأزمة "سد النهضة الإثيوبي"، فقد سارع باستغلال فرصة "القمة الأفريقية" وحالة الترحيب التي سادت هناك، امتنانا ل"عودة القاهرة"، ودخل في مفاوضات جادة من الجانب الإثيوبي، كل المؤشرات تؤكد -بما لا يدع مجالا للشك- أن الأيام المقبلة ستشهد نتائجها. "فيتو" تنشر تفاصيل اللقاءات التي تمت بين الرئيس السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا "هيلي ماريام ديسالين" على هامش القمة الأفريقية المنعقدة في غينيا، والتي كشفت المصادر، أن الرئيس السيسي طلب من رئيس وزراء إثيوبيا نسيان الاجتماع الشهير الذي إدارة الرئيس المعزول محمد مرسي ورؤساء الأحزاب بقصر الاتحادية والذي تمت إذاعته على الهواء مباشرة، وتضمن تهديدات بإعلان الحرب على إثيوبيا لهدم "سد النهضة"، مؤكدًا له أن مصر تسعى لامتداد علاقاتها الطيبة مع إثيوبيا خلال الفترة المقبلة. المبادرة ب "التفاوض" وأكدت المصادر أن "السيسي" استطاع "تفويت" فرصة التحجج على إثيوبيا بهذا الاجتماع، خاصة أن كل المفاوضات الأخيرة التي تمت بالعاصمة السودانية الخرطوموأديس أبابا انتهت بالفشل بسبب اتهام إثيوبيا لمصر بالعدائية والأنانية، واستغلال ذلك أمام العالم كله لإثبات أن القاهرة تريد أن تستأثر وحدها بمياه النيل، وأنها تقف ضد المشاريع القومية الكبرى التي تستهدف تنمية بلدان أفريقيا وانتشالها من الجهل والفقر والمرض، وهي الأرض الخصبة التي كان يعول عليها الإثيوبيون كثيرًا في إحراج الرئيس السيسي في زيارته المرتقبة للعاصمة الإثيوبية "أديس أبابا" لفتح صفحة جديدة من المفاوضات. المصادر أشارت أيضًا إلى أن "السيسي" عرض مجددًا على رئيس وزراء إثيوبيا الاشتراك في بناء السد بين دول "مصر، إثيوبيا، السودان"، والاستفادة معًا من الكهرباء والمياه التي ستنتج عنه، وأن تشترك مصر في تمويل بناء السد بالمشاركة مع إثيوبيا والسودان، عقب الانتهاء من التصميمات النهائية للسد وتنفيذ توصيات تقرير اللجنة الثلاثية التي اشتركت بها جهات دولية. أسواق اللحوم.."عربون محبة" ووعد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الوزراء الإثيوبي بفتح أسواق جديدة لاستيراد اللحوم الإثيوبية بما يعادل 47 مليون دولار من صادرات اللحوم والحيوانات خلال شهر رمضان المعظم، وعيد الأضحى المقبل، بما يضمن تحقيق مكاسب مادية لأديس أبابا لتمكينها من بناء السد، بعد فشلها في تأمين الأموال اللازمة للبناء من الشعب الإثيوبي، ورد الفعل الغاضب والتظاهرات الاحتجاجية بسبب إجبار الحكومة الإثيوبية مواطنيها على العمل في موقع السد، وأكدت المصادر أن الرئيس السيسي عرض على رئيس الوزراء الإثيوبي مشاركة مصر بعمالة مصرية في بناء السد كجزء من التمويل لحل الأزمة. "البشير" في حضرة "السيسي" وأوضحت المصادر أن رئيس وزراء إثيوبيا لم يبد اعتراضًا على عرض الرئيس السيسي، ولم يرفضه، لكنه وعده بالرجوع إلى القيادة السياسية في إثيوبيا للتشاور حول الموضوع قبل إعلان بدء زيارة السيسي لإثيوبيا رسميًا. وأكدت مصادر رفيعة المستوى بملف مياه النيل أن نسبة موافقة الجانب الإثيوبي على عرض الرئيس السيسي 50 %، وهو ما يعني إن زيارة الرئيس لأديس أبابا مرتبطة بموافقتها على العرض، وبإلغائها في حالة الرفض، مشيرة إلى أن الرئيس التقى الرئيس السوداني عمر البشير ساعات بمطار الخرطوم قبل عودته إلى القاهرة، لإطلاعه على تفاصيل الاتفاق الذي تم مع رئيس الوزراء الإثيوبي والذي تشترك فيه السودان، للضغط على أديس أبابا للموافقة وتوحيد الصفوف لمقاومة التدخلات الإسرائيلية والتركية والقطرية الأمريكية في الملف، والتي ستدفع إثيوبيا إلى رفض عرض الرئيس السيسي. الأزهر والكنيسة في إثيوبيا.. قريبًا وقالت المصادر إن الرئيس سيسعى إلى إرسال مندوبين ووفود من الكنيسة المصرية للكنيسة الإثيوبية لإقناع إثيوبيا بحل الأزمة وديا والتوقف في بناء السد لحين الانتهاء من كل التفاصيل التي تضمن عدم المساس بحصة مصر المائية من نهر النيل والتي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويا، لا سيما أن مصر دخلت مرحلة الفقر المائي وتعاني من عجز مائي يقدره المسئولون عن وزارة الموارد المائية والري ب25 مليار متر مكعب سنويا. كما تضمنت المباحثات المصرية الإثيوبية بالعاصمة الغينية كمبالا تشكيل لجنة عليا تحت إشراف الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي "هيلي ماريام ديسالين" تتناول كل جوانب العلاقات الثنائية والإقليمية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية بين البلدين، ويتم اختيار شخصيات مصرية وإثيوبية للانضمام إلى اللجنة من بينهم الأمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والبابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك القرازة المرقسية، والدكتور بطرس غالى، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، والذي تربطه علاقات جيدة بالحكومة الإثيوبية، والدكتور حسام مغازي وزير الري، والسفير سامج شكري وزير الخارجية، والمهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء، وعدد من خبراء المياه وأساتذة الهيدروليكا والجيلوجيا بكليات الهندسة بالجامعات المصرية وأعضاء اللجنة الثلاثية من مصر الذين اشتركوا في إعداد تقرير اللجنة. كما تضمن اللقاء توقيع كل من مصر وإثيوبيا والسودان على ورقة مباحثات ثلاثية تؤكد ضرورة التزام الدول ال3 بكل المعاهدات الدولية والمواثيق المبرمة بينها، والابتعاد عن التصريحات النارية في وسائل الإعلام المختلقة بالبلدان ال3 لتهدئة الرأي العام المحتقن لإمكان حل الأزمة بالتفاوض والحوار للوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف المتنازعة. من جانبه،،، توقع الدكتور محمد نصر علام، وزير الموارد المائية والري الأسبق – رئيس لجنة الري بحزب المصريين الأحرار، أن تضطر إثيوبيا إلى الموافقة على عرض الرئيس السيسي، خشية الاصطدام برئيس ذي خلفية عسكرية، على غرار تعاملهم مع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، واللواء عمر سليمان حينما كان يتولى إدارة المخابرات المصرية، مؤكدا أن كل الدول التي كانت تؤيد بناء السد جهارا نهارا باتت تخشى من إعلان موقفها رسميا، بعد تولي المشير السيسي رئاسة الجمهورية، وبعد قرار البنك الدولي بمنع تمويل السد لأنه يخالف الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تمنع بناء أي جسم على حوض نهر النيل دون موافقة باقي الدول المشتركة فيه، وهو ما يجعل إثيوبيا عرضة لمساءلات دولية إذا فكرت مصر جديًا في مقاضاة إثيوبيا أمام محكمة العدل الدولية. نقلا عن العدد الورقى