- السيسي اكتسح في كل المحافظاتوالمنوفية الأكثر مشاركة والأعلى تصويتًا له! - مشاركة الصعيد زادت عن الاستفتاء على الدستور لكنها ما زالت منخفضة عن القاهرة والدلتا - مطروح.. والفيوم الأقل مشاركة والسبب السلفيون والإخوان - 200 ألف.. صوت باطل زيادة عن انتخابات الإعادة بين مرسي وشفيق.. لو أنصتنا باهتمام لما قالته صناديق الانتخابات سوف نسمع الكثير.. أكثر من نتيجة الانتخابات التي جاءت بفوز ساحق للمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي وصدمة قاسية للمرشح الرئاسي الثاني حمدين صباحي الذي لم يحرز سوى بضعة مئات الآلاف من الأصوات تقل عن تلك الأصوات الباطلة. صناديق الانتخابات تقول لنا إن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية ليست منخفضة كما روج البعض عن عمد، ولكنها نسبة مرتفعة في أول انتخابات اتسمت بقدر كبير من النزاهة والنظافة.. صحيح أن نسبة المشاركة التي تقترب من 48٪ تقل عن نسبة المشاركة في الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة عام 2012 التي تجاوزت الخمسين في المائة، إلا أن هذه الجولة كانت لها ظروف مختلفة، فهي كانت بمثابة صدام ملتهب شهد حشدا منظما من قوى عديدة ومحاولات حثيثة كثيفة لشراء الأصوات من قبل جماعة الإخوان لدعم مرشحها محمد مرسي.. كما أن أمر نظافة هذه الانتخابات «2012» تحيطه الكثير من الشكوك على الأقل بواقعة بطاقات المطبعة الأميرية المزورة. وفوق ذلك كله فإن نسبة المشاركة في انتخابات الرئاسة الأخيرة 2014 تعد مناسبة في ظل مقاطعة الإخوان وحلفائهم التي أعلنوا عنها، وأيضًا في ظل القيود التي فرضتها لجنة الانتخابات الرئاسية على تصويت الوافدين.. كما أن هذه النسبة تفوق نسبة مشاركة الناخبين في انتخابات الرئاسة الأمريكية والفرنسية والتي تراوحت بين ما فوق العشرين إلى ما فوق الثلاثين في المائة قليلًا. ولذلك من السخف والسذاجة معا أن يخرج علينا البعض معتبرا أن الذين لم يشاركوا في انتخابات الرئاسة هم رافضون للمرشح الذي فاز، أو أنهم من المقاطعين عمدًا لهذه الانتخابات، خاصة أننا نخوض تجربة الانتخابات الحقيقية وغير الصورية في البدايات. مشاركة متساوية نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية ليست منخفضة ولكنها تفوق نسبة المشاركة في انتخابات الجولة الأولى للرئاسة عام 2012 والانتخابات التي جاءت بأوباما رئيسا للولايات المتحدة التي يعتبرها البعض منا جنة الديمقراطية والنموذج الذي يجب أن يحتذى للانتخابات. أما ما كان يطمح فيه البعض الآخر منا للوصول بعدد المشاركين إلى ثلاثين وربما أربعين مليون ناخب فهو كان طموحا خياليا لا يستند للواقع، حيث إن الزمن المتاح للإدلاء بالأصوات «36 ساعة» لا يكفي لاستيعاب كل هذا العدد لو افترضنا أن الناخب الواحد لن يستغرق أكثر من دقيقة واحدة لإتمام عملية التصويت، وأن اللجان الانتخابية ستبدأ كلها في الموعد المحدد لها وسوف تنتظم طوال الوقت دون حاجة القضاة ومساعديهم لوقت يتناولون فيه طعامًا. وهذه النسبة العامة المتوسطة للمشاركة في انتخابات الرئاسة تجاوزتها عدد من المحافظات كان في مقدمتها المنوفية 63٫3٪، وهي الأعلى مشاركة وبورسعيد 60٫9٪ والغربية 59٫1٪ والقليوبية 55٫3٪ والدقهلية 55٫1٪، والشرقية 53٫7٪، ودمياط 53٫1٪.. بل إن القاهرة العاصمة تجاوزت نسبة الخمسين في المائة للمشاركة في هذه الانتخابات.. ومن المؤكد أن وراء ارتفاع المشاركة في هذه المحافظات أسبابا عامة وأخرى تخص كل محافظة.. فالمنوفية تتسم بارتفاع مستوى الوعي لارتفاع مستوى ونسبة التعليم منها.. أما بورسعيد فهي تحمل تقديرًا خاصًا للقوات المسلحة التي شاركت في تضميد جراحةا خلال أزمتها إبان حكم مرسي.. بينما تتسم كل من القليوبية والدقهلية والشرقية بارتفاع حجم الحراك السياسي والثقافي فيها.. بينما تتسم دمياط بانخفاض واضح في معدل البطالة.. أما الأسباب العامة فهي تتمثل في ارتفاع مستوى الوعي الانتخابي بشكل عام في معظم محافظات الوجه البحري. وعلى الجانب المقابل فقد سجلت محافظة مطروح أقل نسبة مشاركة في انتخابات الرئاسة 26٫9٪.. وبعدها الفيوم 29.7%، ورغم أن هذه النسب تجاوزت نسبة مشاركة المحافظتين في الانتخابات الرئاسية نسبة المشاركة في الاستفتاء على الدستور، إلا أنها تعد منخفضة كثيرا عن المتوسط العام للمشاركة في عموم مصر كلها.. وقد يكون سبب ذلك أن السلفيين في مطروح لم يستجيبوا لقيادة حزب النور للمشاركة في الانتخابات.. بينما قد يكون سبب انخفاض المشاركة في الفيوم إلى أنها تعتبر موطنا للإخوان والجماعات المتطرفة الأخرى المتحالفة مع الإخوان. أما محافظات الصعيد فقد انخفضت فيها نسب المشاركة عن المتوسط العام للمشاركة في عموم مصر.. وتراوحت هذه النسب بين 33٪ في أسيوط و39٫7٪ في بني سويف.. لكن هذه النسب المنخفضة كانت تتجاوز نسب المشاركة في الاستفتاء على الدستور بمحافظات الصعيد.. غير أن الملفت للانتباه أن نسبة المشاركة في الأقصر 38٫6٪ تعد منخفضة بالقياس للطبيعة السياحية لهذه المحافظة إذا قورنت هذه النسبة بمشاركة البحر الأحمر والتي بلغت نسبتها 41٫8٪ وجنوبسيناء 45٫6٪.. وهذا الانخفاض في نسب مشاركة أهل الوجه القبلي بالقياس للوجه البحري يمكن تفسيره بحالة الفقر المستشرية فيه، والفقر يعد عائقا كبيرا للمشاركة السياسية والانتخابية. بقي التوقف أمام انخفاض نسبة المشاركة في شمال سيناء 35٫3٪ وقد نجد تفسيرا لذلك لظروف وملابسات الحرب الجارية الآن ضد بعض الجماعات الإرهابية فيها، مع انخفاض مستوى المعيشة فيها عن محافظة جنوبسيناء بشكل عام.. أما محافظة الوادي الجديد فقد سجلت ارتفاعا في نسبة المشاركة بالقياس إلى محافظات الوجه البحري 43٫6٪ وإن جاءت هذه النسبة أقل بعض الشيء من المتوسط العام في عموم مصر، ولعل تفسير ذلك أن الأوضاع الثقافية والاقتصادية أفضل كثيرا في الوادي الجديد مقارنة بالأوضاع في الصعيد الذي يحتاج أن يكون على رأس أولويات اهتمام الرئيس المنتخب. سر الأصوات الباطلة ولا يتوقف كلام صناديق الانتخابات بل يستمر ليقول لنا إن ثمة ارتفاعا ملحوظا في نسبة وعدد الأصوات الباطلة في انتخابات الرئاسة حيث سجلت نحو 4٪ بعد تجاوز أعداد هذه الأصوات المليون صوت.. وهذا الرقم يزيد على رقم الأصوات الباطلة في انتخابات الرئاسة السابقة عام 2012 والتي بلغت في الجولة الأولى نحو 400 ألف صوت وفي الجولة الثانية نحو 800 ألف صوت بعد تصاعد الدعوة للمقاطعة من قبل مجموعات وحركات لم تقبل بأي من المرشحين وقتها، محمد مرسي وأحمد شفيق. وبالطبع يصعب اعتبار كل الأصوات الباطلة التي تجاوزت المليون صوت أنها نتيجة إبطال متعمد.. هناك إبطال تم نتيجة الخطأ في التصويت مثلمًا حدث في الجولة الأولى للانتخابات السابقة، وساهم في ذلك تصريح منسوب للمستشار عبد العزيز سالمان -أمين عام لجنة الانتخابات الرئاسية- قال فيه إن من حق الناخب كفاية كلمة بحبك أو رسم صورة قلب بجوار اسم المرشح الذي يختاره رغم أن قواعد الفرز التي عمل بها القضاة تعتبر ذلك إبطالا للصوت. كذلك من الصعب القبول بتفسير البعض بأن عددًا لا بأس به من الأصوات الباطلة «ما بين 40، 50٪» كانت أصواتا للإخوان الذين يرفضون أن يكون السيسي رئيسا ولا يرغبون في أن يحصل صباحي على أصوات تؤهله لتولي زعامة المعارضة. لكن مع ذلك لا يمكن تجاهل أن هناك قطاعا من الناخبين المشاركين في عملية التصويت قاموا بإبطال أصواتهم عمدا، وهؤلاء إما كانوا ينتمون للسلفيين الذين يضمرون عكس ما يعلنون كما تعودوا إبان حكم مبارك ومنهم من شارك في اعتصامي رابعة والنهضة مساندين للإخوان، وإما كانوا ينتمون للنخبة السياسية التي لا يروق لها أيا من المرشحين المتنافسين السيسي وصباحى. ويعزز ذلك الاستنتاج أن أعلى نسب الأصوات الباطلة جاءت في محافظات بها تواجد سلفي ملحوظ وأيضا تواجد لعدد من تلك الحركات التي تخشى تولي من له خلفية عسكرية رئاسة الجمهورية ولم تثق في أن المرشح الآخر المنافس له «صباحي» جاد في معركته الانتخابية مثل مطروح والتي بلغت فيها نسبة الأصوات الباطلة 8٫6٪ يليها السويس 7٫2٪ ثم شمال سيناء 6٫9٪ وجنوبسيناء 6٫6٪ ويأتي بعد ذلك المنيا 5٫8٪ ثم الوادي الجديد وبورسعيد 5٫7٪ يليهما أسيوط 5٫5٪ والإسماعيلية 5٪. أما أقل نسب للأصوات الباطلة فقد كانت من نصيب المصريين في الخارج 1٫3٪ ثم المنوفية 2٫6٪ وكفر الشيخ 2٫7٪ والدقهليةوالغربية 2٫8٪.. وهذا يعني أن ثمة ارتباطا عكسيا بين نسب المشاركة وبين نسب الأصوات الباطلة حيث كانت إجمالا المحافظات الأكثر مشاركة هي الأقل في عدد نسبة الأصوات الباطلة.. بينما يلفت الانتباه أن القاهرة جاءت فيها نسبة الأصوات الباطلة مقارنة للنسبة العامة في عموم مصر وسجلت 4٫1٪. خريطة التصويت نأتي الآن لما قالته صناديق الانتخابات عن نتائج التصويت وأول ما قالته الصناديق إن السيسي اكتسح وتفوق في كل اللجان الفرعية 14 ألف لجنة باستثناء لجنة فرعية واحدة في بلطيم مسقط رأس المرشح المنافس حمدين صباحي الذي تفوق فيها وحدها متجاوزا الأصوات التي حصل عليها السيسي بنحو 200 صوت. وهذا يعني أن الناخبين في كل عموم البلاد بلا استثناء اختاروا السيسي لتولي منصب رئاسة الجمهورية، لأن اللجنة الفرعية الوحيدة التي تفوق فيها صباحي لم تساعده على أن يلحق بالسيسي في محافظته كفر الشيخ، وإن كان صباحي قد سجل في هذه المحافظة أعلى نسبة أصوات حصل عليها في كل المحافظات وبلغت هذه النسبة 6٪ من أصوات الناخبين يليهما جنوبسيناء 5٫7٪، المنيا 5٫5٪ ثم مرسي مطروح 5٫3٪.. بينما سجل حمدين أقل نسبة في الأصوات التي منحها له الناخبون في محافظاتالمنوفية 1٫4٪ يليها الدقهلية والشرقية 2٫1٪ ثم القليوبية 2٫3٪ ثم قنا 2٫5٪ والأقصر ودمياط والبحيرة 2٫6٪، وأسوان 2٫8٪ وبورسعيد 2٫9٪. وهكذا نتيجة لتدني نسبة الأصوات التي حصل عليها حمدين في معظم المحافظات فإن نسبته الكلية على مستوى البلاد لم تتجاوز 3٫1٪ وهي نسبة تقل عن نسبة الأصوات الباطلة والتي بلغت نحو 4٪. أما على الجانب الآخر فإن منافسه عبد الفتاح السيسي اكتسح في كل المحافظات بلا استثناء وإن كانت المنوفية مثلما كانت هي الأعلى في نسبة المشاركة كانت أيضا هي الأعلى في الأصوات التي منحتها للسيسي بنسبة 98٫6٪ يليها الغربية 98٪ ثم الدقهلية والشرقية 97٫9٪ وبعدها القليوبية 97٫7٪ والبحيرة والأقصر 97٫4٪ وأسوان 97٫2٪ ثم قنا وبورسعيد 97٫1٪. فيما كانت أقل نسب التصويت التي سجلها السيسي في كفر الشيخ 97٫3٪ ثم جنوبسيناء 94٫3٪ والمنيا 94٫5٪ ومطروح 94٫7٪ مع ملاحظة أن هذه النسب تعد في حد ذاتها مرتفعة جدا ولكنها تقل عن المتوسط العام لنسبة ما حصل عليه السيسي في عموم البلاد والذي يقترب من 97٪ بالنسبة للأصوات الصحيحة بعد حذف الأصوات الباطلة. وهذا الاكتساح التصويتي الذي حققه عبد الفتاح السيسي في كل أنحاء البلاد يحمله مسئوليات ضخمة وهائلة عندما يتولى ممارسة مسئوليات منصبه.. فالرهان عليه كبير والآمال المعلقة عليه عالية والتوقعات في تحسن أحوال البلاد وأهلها وصيانة أمنها لا حدود لها. ولذلك الرئيس المنتخب مطالب فور دخول القصر الرئاسي بأن يقنع الذين انتخبوا والذين لم يشاركوا في انتخابه بأنه سوف ينهج في الحكم نهجا مختلفا يفضي في نهاية المطاف لتحقيق ما يطمحون فيه.