يعيش الحرافيش هذه الأيام حالة من النشوة، تصحب الإحساس بقيمتهم كمواطنين سوف يقررون كيف ستكون مصر في الفترة القادمة.. سيشاركون في اختيار رئيسها الجديد، وسيفرزون من هم أعضاء برلمانها القادم.. هم فقط الذين يأخذون حيزا من الاهتمام سواء في الإعلام أو الصحافة أو حتى المؤتمرات التي تعقد في حواريهم واللافتات التي تعلق على نواصى شوارعهم.. الكل يناشدهم بالاستجابة والخروج للإدلاء بأصواتهم وتحديد مصير مرشحى الرئاسة والبرلمان.. الكل يعمل على استمالتهم ناحيته وإقناعهم بأنه الأفضل.. الجميع يقدمون لهم الوعود بحياة أكثر آدمية من تلك التي يعيشون لكن الحرافيش باتوا يعلمون أنهم مجرد أداة ليس أكثر وسلما يصعد عليه من يستطيع استمالتهم أكثر من منافسه.. فهل سيقبل الحرافيش وفقراء هذا الوطن أن يلعبوا هذا الدور أو يُلعب بهم ويتم التغرير والزج بهم في مجهول قادم استغلالا لآمالهم وطموحهم في العيش الكريم ؟ هذا ما ستجيب عليه تلك الرسالة التي وصلتنى ضمن رسائل كثيرة جاءتنى هذا الأسبوع، والتي من أجلها كتبت تلك المقدمة وقررت أن أعرضها عليكم في السطور القادمة دون حذف أو إضافة: عزيزى الحرفوش الكبير.. تحية من قلب يتوق إلى ما هو قادم ويتمنى أن يكون كما يأمل.. وتحية من عقل راصد مترقب لما سيؤول إليه حال الحرافيش والفقراء أمثالى وأمثالك من أبناء هذا الوطن.... أنا ياسيدى متابع جيد لكل مايدور في مصر من أحداث سياسية.. مهموم بها وأقف عند تفاصيلها.. وما دفعنى إلى الكتابة إليك أننى وجدتنى كواحد من فقراء وحرافيش هذا الوطن، ألقى اهتماما بالغا من أطراف عديدة لم تكن تلتفت إلى الحرافيش خلال الفترة الماضية سوى في مثل هذه الأيام التي تشهدها مصر من الإعداد للانتخابات سواء الرئاسية القادمة خلال ساعات أو البرلمانية التي ستليها خلال أيام.. وجدتنا نحن الحرافيش رمانة ميزان الأحداث القادمة، فاللجنة العليا للانتخابات ترصد أعدادنا.. والحبر الفسفورى تم إعداده بكميات تناسب أعدادنا وقادة الرأى يشحذون ألسنتهم لإقناعنا بالنزول والمشاركة ومقدمو البرامج وكبار الكتاب جميعهم يناشدوننا ويعملون على إقناعنا، كل منهم حسب اتجاهه وانتمائه لمرشح ما.. وجدت وعودا بحياة أفضل لنا دون غيرنا، وكأن الجميع يعترف بأننا لا نحيا.. والعجيب أن مثل هذه التصريحات والوعود يشارك فيها مسئولون بالحكومة وكأن لسان حالهم يقول لنا إنهم يملكون الكثير لتقديمه لنا لكنه مؤجل حتى انتهاء الانتخابات كى يُنسب إلى الرئيس القادم الذي يتمنون.. رأيتنا ألعوبة ياسيدى في أيدى كل هؤلاء الذين يستفيدون بالحدث قبل وقوعه، لأنهم فقط يعملون على استمالتنا وإقناعنا بالنزول والمشاركة.. أنا ياسيدى قد أكون مبالغا بإرهاصاتى لكنى أراها واقعا ملموسا وأستطيع أن أعدك بأننا سنعود إلى مكاننا الطبيعى في هامش الاهتمام عقب انتهاء تلك الفترة، ووقتها سوف أكتب لك رسالة تذكرك بما كتبته لك الآن، وليس معنى كلامى هذا أننى أدعو لمقاطعة الانتخابات.. بل أتمنى أن ينزل كل المصريين وخاصة أمثالنا من الحرافيش لاختيار المرشح الأمثل من وجهة نظرهم حتى يرى بنفسه كم نحن نستطيع أن نفعل به ما نريد سواء من خلال الصناديق التي ستجلسه على مقعد الحكم أو من خلال الميادين التي تطيح به وتزج به إلى السجن.. فنحن دائما مدعوون ودائما منسيون.. وبرغم ما سبق أنا أشعر أن هذه المرة ستكون مختلفة إلى حد ما وأن ما سننزل من أجله سيكون مهموما بنا وبحياتنا البائسة.. لكن الخوف كل الخوف من بطانات السوء التي لا تعمل سوى لمصالحها الخاصة، ومازالت ترى أننا فئة مهمشة فقط تفعل مايطلب منها وتلبى الدعوة المصحوبة بوعود مكتوبة ب"الزبدة" ما أن تنتهى الانتخابات حتى "تسيييييييح" وتصبح كاللبن المسكوب ثم يطلبون منا ألا نبكى عليه.. وما يؤسفنى أن مجموعة من وزراء الحكومة يتعاملون معنا بهذا المنطق العبثى، مما ينذر بأنه لا إصلاح يلوح في الأفق لكننى سأصدقهم هذه المرة وأدعو كل الفقراء وحرافيش الوطن أن يصدقوا كل الوعود فعسى أن يتحقق منها ولو ثلثها فثلث مقومات الحياة أفضل بكثير مما نعيشه من عدم.. لذا يا سيدى، فلتسمح لى أن أتمنى عليك إذا ما نالت رسالتى هذه إعجابك وأتيح لها النشر أن توجهها للحكومة ووزرائها تحت عنوان "إحنا مش مصدقين لكن نازلين".. وفى نهاية رسالتى أتمنى من ربى أن يصلح حال المصريين... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته!