نشرت «التحرير» أمس الجزء الأول من مقال د.خالد عودة ردا على مقالَى جمال فهمى وتنشر اليوم الجزء الثانى: خامسا: إن الكاتب يقول إن إجمالى عدد الفدادين التى يستطيع خزان المياه الجوفى النوبى تلبية احتياجاتها لا يزيد بحال من الأحوال على 172 ألف فدان دون أن يوضح لنا مصادر هذا الرقم، ويقول الدكتور ممدوح حمزة إن الحد الأقصى للأراضى التى يمكن استصلاحها هو 500 ألف فدان بناء على دراسات مقدمة له لم يفصح عنها، بينما التقرير الرسمى الصادر من وزارة الرى فى شهر نوفمبر يقول إن الحد الأقصى الذى يمكن زراعته من مياه الخزان الجوفى النوبى هو 1٫2 مليون فدان، فأيهم نصدق؟ سادسا: ما لا يعرفه الكاتب وكثير من مدعى الخبرة فى مجال المياه الجوفية أن الخزان الجوفى النوبى ليس خزانا واحدا، وإنما هو عدة خزانات متوازية، تفصلها فوالق تحت سطحية نتيجة الكسور والثنيات التى اعترت القشرة الأرضية فى مصر فى نهاية العصر الطباشيرى، كل منها ذو سمك مختلف ومساحة مختلفة. وأن جميع البيانات التى تم الاعتماد عليها فى تقييم الخزان الجوفى تم جمعها من الآبار المحفورة فى الوادى القديم، بينما لم يتم إلى هذه اللحظة حفر أى بئر فى منطقة بحر الرمال الأعظم الذى يتميز بخزان جوفى مستقل تفصله فوالق ظاهرة على السطح عن الفرافرة والخارجة والداخلة كما أنه منعزل عن خزان شرق العوينات. علما بأن مضاهاة سُمك طبقات الحجر الرملى النوبى وهو الخزان الجوفى الرئيسى فى شرق العوينات وشمال واحة سيوة وشرق ليبيا تؤكد أننا بصدد سُمك هائل لهذا الخزان تحت سطح الأرض فى منطقة بحر الرمال الأعظم يتراوح من 2500 متر إلى 3500 متر، بينما يتراوح هذا السمك فى شرق العوينات من 500 إلى 600 متر فقط. فإذا علمنا من نفس المصدر الذى يستشهد به الكاتب وهو كتاب «المياه الجوفية فى مصر»، الصادر عن وزارة الموارد المائية والرى والذى قام بتحضيره اثنان من أقدر وألمع العلماء والباحثين فى هذا المجال وعلى الرغم من قدم المعلومات الموجودة بالكتاب فإن المخزون من المياه الجوفية فى شرق العوينات (مساحة 60 ألف كيلومتر مربع) تم تقديره بتريليون متر مكعب، فكم يكون المخزون فى منطقة بحر الرمال الأعظم التى تبلغ مساحتها نفس مساحة شرق العوينات؟ إنه يصل إلى نحو خمسة أضعاف هذا الرقم. أما وأن يكفى هذا المخزون للزراعة فالأمر يتوقف على معدل السحب والمساحة المطلوب زراعتها ونوع المحصول المراد زراعته والمدة الزمنية المطلوبة لاستمرار استثمار الأرض خلالها وهى فى الحد الأدنى مئة عام. سابعا: إن الكاتب يرى أن ستة أيام ليست كافية لمثل هذه الاكتشافات. وهو معذور لكونه يجهل أطوار العمل الجيولوجى. فالظواهر الطوبوغرافية والجيومورفولوجية الكبرى بالصحراء يتم اكتشافها أولا من خلال صور أو بيانات الأقمار الصناعية أو الطائرات، حيث يتم رسم الخرائط الكونتورية والحدود الفاصلة بين الكتل الصخرية المتباينة من خلال هذه البيانات، ثم تبدأ مرحلة جمع العينات وتحقيق القياسات على الأرض وتصوير المواقع من خلال الرحلة الجيولوجية الأولى، تلى ذلك الدراسة المعملية لمعرفة نوع الصخور وخواصها وتاريخها ومحتواها الحفرى أو المعدنى لاستكمال الخرائط وإعداد القطاعات الجيولوجية، ثم العودة مرة ثانية إلى الحقل لاستكمال المتطلبات النهائية. أما بالنسبة لهذا الاكتشاف فقد استغرقت المرحلة الأولى ثلاثة أشهر، اعتبارا من أول مارس 2011 باستخدام بيانات رادار مكوك البعثة الطوبوغرافية لوكالة «ناسا» الفضائية، حيث تم إعداد أطلس مبدئى للظواهر الطوبوغرافية الجديدة، وتقديمه إلى السيد الدكتور وزير الزراعة وقتها الذى أمر بدوره بإعداد رحلة جيولوجية مشتركة بين جامعة أسيوط ومركز بحوث الصحراء بوزارة الزراعة، شارك فيها ستة أساتذة متخصصين من الجانبين، لتحقيق هذه الاكتشافات، واستغرقت الرحلة ستة أيام لجمع العينات وعمل القياسات بعد أن تم التأكد من مطابقة الظواهر فى الحقل على بيانات رادار مكوك وكالة «ناسا». وساهم فى ذلك أن مكاشف جميع المظاهر الطوبوغرافية الجديدة المكتشفة وأرضيتها وأسطحها تتكون من نوع واحد من الصخور، وهو الحجر الرملى النوبى (الخزان الجوفى)، وهو فى حد ذاته اكتشاف لم يسبق رصده فى جميع الخرائط الجيولوجية من قبل. ثم تلى ذلك دراسة معملية للعينات من جميع القائمين على هذا الاكتشاف مدة 45 يوما، ثم كتابة التقرير النهائى للدراسة السطحية خلال 30 يوما. ويتبقى الآن الخروج فى بعثة تضم أساتذة وإخصائيى الجيوفيزياء والمياه الجوفية بجامعتى أسيوط ومركز بحوث الصحراء لعمل القياسات الجيوفيزيائية، باستخدام الأجهزة الكهربائية والمغناطيسية والجاذبية، وحفر آبار اختبارية بغرض التحديد الفعلى لسمك الخزان الجوفى وعمق سطح المياه من الأرض، وهى رحلة تحتاج إلى تمويل، وجار الاتفاق مع مركز بحوث الصحراء على تدبير تمويلها. ثامنا: إن نية التربص ضد إنجازات د.خالد عودة وزملائه الذين شاركوه فى الاكتشافات يستدل عليها من مهاجمة الكاتب لعنوان الاكتشافات الخاطئ الذى جاءت به بعض وسائل الإعلام، دون أن يطلع على فحوى الدراسة التفصيلية المكتوبة بالإنجليزية والمقدمة للنشر بأسماء كل الأساتذة المشتركين فى الدراسة. كما أن أستاذ الآثار الإنسانية الذى استعان به فى الهجوم الشخصى لم يقرأ هذا البحث وهو يعلم -بوصفه باحثا- أنه لا يجوز له علميا أن يهاجم بحثا لا يعرف تفاصيله إلا بعد الاطلاع عليه كاملا، ثم يمكنه بعد ذلك الرد عليه فى نفس المجلة العلمية التى تنشر البحث أو غيرها من الدوريات العلمية. كما أن لفظ «أحد علماء جماعة الإخوان المسلمين» الذى استخدمه الكاتب هو لفظ خاطئ ومغرض. فالعلماء لا يصنفون سياسيا أو عقائديا، فالأساتذة رشدى سعيد وأحمد زويل وفاروق الباز ومجدى يعقوب هم علماء مصريون ودوليون. وعلى الرغم من أن بعضهم هاجر من مصر فإنهم لم يتخلوا عن مجتمعهم الأم، وهى مصر، ويسعون جاهدين لنهضة مصر وتنميتها من خلال مشروعاتهم البناءة واقتراحهم المثمرة، ولم نسمع أن أحدهم هاجم زملاءه من علماء مصر المقيمين أو حط من قدرهم، مثلما فعل أستاذ الآثار والأنثروبولوجى المهاجر ضد مشروعات أحمد زويل وخالد عودة دون أن يقدم مشروعا قوميا واحدا لمصر.