أصدرت جماعة الإخوان المسلمين بيانا حول تصريح اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس العسكرى ونائب رئيس الوزراء بأن المجلس ينوى إصدار إعلان دستورى جديد يتضمن مواد حاكمة للدستور. قال البيان إن «الإصرار على المضى فى هذا الموضوع رغم أننا أعلنا موقفنا منه بأشكال عديدة كان آخرها مظاهرات 8 و29 يوليو، يعنى الانحياز للأقلية التى تحاول فرض وصايتها على الشعب، وتمكينها من الالتفاف على إرادته التى تجلت فى استفتاء مارس الماضى، والافتئات على صلاحية الهيئة التأسيسية المنوط بها كتابة مشروع الدستور، وكل هذه الأمور تتصادم مع قواعد الديمقراطية وتقر استبداد الأقلية وديكتاتوريتها». وأضاف البيان «إننا نربأ بالمجلس العسكرى أن يساير فريق (المواد الحاكمة) ضد إرادة غالبية الشعب لأن هذا من شأنه أن يستفز جماهير الرافضين لمبدأ المواد الحاكمة والحريصين على حق الشعب وحريته، كما أننا نربأ بالجيش أن يستجيب لضغوط هذه الفئة بإقحامه فى المجال السياسى وإغرائه بأن يكون حاميا للدستور وحارسا للدولة المدنية كما يزعمون، إن هذه الرغبة تعنى وجود لجنة لصيانة الدستور مثل إيران، أو شبيهة بتركيا العلمانية التى تجعل الجيش فوق الدستور، ويجاهد الأتراك منذ 40 سنة لتغيير هذا الوضع». وحذر البيان من الاستجابة للساعين إلى تطبيق المواد الحاكمة وتنفيذ أغراضهم، ودعا إلى الاحتكام إلى الشعب واحترام إرادته. التعليق: العزباوى: استعراض عضلات يكشف النيات الحقيقية للجماعة تجاه السلطة والتيارات السياسية الأخرى يسرى العزباوى الباحث فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: بيان الإخوان هو نوع من إظهار قوة «عضلات» الجماعة للمجلس العسكرى والشعب المصرى والدولة بشكل عام. وأهم ما يظهر من وراء البيان هو إبراز النيات الحقيقية للجماعة تجاه السلطة، فهم يرفضون المبادئ الحاكمة نظرا إلى ما ينجم عنها من تحجيم لدورهم الذى يريدون توسيعه فى الفترة القادمة، كما أن البيان أوضح أن الإخوان غير موالين للمجلس العسكرى كما كان الاعتقاد سائدا فى الفترة السابقة، فضلا عن توضيحه رفضهم فكرة التوافق أو الاجتماع الوطنى إذا لم يخدم مصلحتهم بالمقام الأول، وغالبا ما سوف تبدأ الجماعة فى تنفيذ تهديدها الذى حمله البيان وهو ما سوف يظهر فى شكل النزول إلى الشارع فى مليونيات متكررة كوسيلة للضغط ليس أكثر حتى يرضخ المجلس العسكرى لهم ويلغى المبادئ التى سوف تتحكم بشكل أو بآخر فى الدستور وتبنى سقفا صلبا لأحلام الجماعة فى السيطرة على مصر فى المستقبل القريب. التحليل: تحول عنيف فى خطاب «الإخوان» السياسى.. ومحاولة لإظهار الجيش باعتباره «علمانيا» تصعيد شديد اللهجة وغير مسبوق، صيغ فى بيان يحمل تهديدا ووعيدا للمجلس العسكرى، ويحذره «مما لا تُحمد عقباه»! فالبيان يحمل تحولا راديكاليا فى نبرة خطاب جماعة الإخوان المسلمين مع المجلس العسكرى الذى كانت الجماعة طوال الوقت حريصة على مهادنته ومغازلته فى خطابها السياسى الرسمى، فى ما ينذر بصدام قريب بين الطرفين. تحذير الإخوان للمجلس من إغراءات البقاء فى السلطة، وصف بطريقة غير مباشرة ما يسعى إليه المجلس العسكرى بأنه قريب من النموذج السياسى التركى، وقد حرصت الجماعة فى بيانها على تشويه هذا النموذج واصفة إياه ب«العلمانى»، الذى يجعل الجيش فوق الدستور! ويجرّم الأذان، ويمنع فتح مدارس الأئمة! متناقضات بدت واضحة فى خطاب الجماعة التى لطالما دافع أعضاء منها عن نموذج الحركات الإسلامية المنفتحة بالتذكير بنموذج حزب العدالة والتنمية التركى. ولم يقتصر التناقض على ذلك فحسب بل امتد إلى جمع البيان بين دعاوى الجماعة للاستقرار ووقف القلق والاضطرابات، مع التهديد فى الوقت نفسه بعودة المظاهرات والتذكير بيوم 29 يوليو فى حالة إصرار المجلس على المبادئ الحاكمة للدستور!