مع عودة ميدان التحرير لسابق عهده قبل التنحي وتجدد الإشتباكات العنيفة، قدمت صحيفة «الديلي تليجراف البريطانية» رؤيتها للأحداث التي وجدتها إشارة على تردي أحوال الثورة المصرية. فوجدت «التليجراف» إن تطور الأحداث على أرض الواقع، ينذر بإقتلاع الحصاد الأول للتحول الديمقراطي المصري، مرة أخرى يصحو ميدان التحرير على صوت رنين الإشتباكات العنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين التي أسفرت عن وقوع عددا من القتلى والجرحى من بين آلاف عادوا للشارع مرة أخرى للتظاهر ضد بطء وتيرة الإصلاح. تنتقل الصحيفة للحديث عن الجدول الزمني للانتخابات التي وعد بها الحكام العسكريين، وطال أمدها على يديهم حتى أن هناك تصورا قائما بألا تؤدي هذه الانتخابات إلى إقامة حكومة مدنية خلال عامين آخرين. وهنا توضح الصحيفة رؤيتها بقول «لقد كانت الثورة المصرية دائما ثورة غريبة أطاحت بحاكم مدني، وحتى وإن تم تثبيته من قبل الجيش- واستبدلته برجال يرتدون الزي العسكري، ولكن في بلاد عاشت زمنا طويلا تحت الحكم الاستبدادي، يكون من الصعب إعادة بناء مؤسسات الديمقراطية». في هذا الاطار، تشير «التليجراف» إلى ان المسودة المقترحة للدستور المصري تسمح للجيش بالإحتفاظ بصلاحيات إضافية حتى بعد تنحي الجنرالات عن الحكم، وإذا ما استمرت حالة عدم الاستقرارا في مصر، فمن الممكن أن يتخذها المجلس العسكري ذريعة لتأجيل الانتخابات المقرر عقدها في الأسبوع القادم خاصة إذا ما ظهرت أي مؤشرات على تورط الإسلاميين المتطرفين – على حد قول الصحيفة- في إثارة الحشود. وبحسب صحيفة «الجارديان»، الثورة المصرية دخلت في منعطف خطير، بعد مواجهات يوم الأحد عندما هاجم الجيش الآلاف من المتظاهرين ضد المجلس العسكري بميدان التحرير، مما يجعل جدوى الانتخابات البرلمانية الوشيكة موضع شك خطير. حيث الصحيفة نقلت عن المنتقدين قولهم: إن الانتخابات ستكون عديمة الفائدة إذا لم يصاحبها انسحاب المجلس العسكري والعودة إلى الحكم المدني؛ ولكن حتى الآن يرفض الجنرالات تحديد موعد للانتخابات الرئاسية، ويقولون إنهم مستمرون في الحكم حتى بعد صياغة الدستور الجديد. ووسط الدعوات لتشكيل حكومة إنقاذ وطني لمواجهة المجلس العسكري، تحدث «د. محمد البرادعي» للجارديان قائلا: «إنه مستعد للقيام بكل ما يلزم لإنقاذ البلاد من الإنهيار؛ وأن ما يحدث من استخدام مفرط للقوة يرقى لحد المذبحة ضد مدنيين أبرياء يمارسون حقهم الطبيعي في التظاهر». وأضاف البرادعي: «ما حدث إشارة أخرى على أن المجلس العسكري والحكومة الحالية فشلت في الحكم، وأنا أتفق تماما مع دعوات، تشكيل حكومة إنقاذ وطني جديدة تمثل كل أطياف المجتمع المصري، تكون لها السلطة الكاملة، وما نشهده الآن هو بلد تنهار والناس يدعونني إلى أن تقديم هذه الحكومة». كما تحدث «بثينة كامل» للجارديان قبيل اعتقالها قائلة: «أحداث العنف الأخيرة أظهرت الوجه القبيح لمبارك الذي ظل كامنا وراء المجلس العسكري طوال هذه المدة»، وأضافت، أنها تؤيد البرادعي لقيادة حكومة انتقالية مدنية تستعيد السيطرة على البلاد مرة أخرى من الجنرالات. «الجادريان» حذرت من مثل هذه الخطوة التي ستضع مصر في حالة غير مسبوقة من الاضطراب والصراع، بين اثنين من الكيانات السياسية المتنافسة، التي تعلن كل منها نفسها حكومة شرعية للبلاد، والتي من المؤكد أنها ستؤدي إلى تأجيل الانتخابات. وفي الختام، نقلت الصحيفة عن أحد المتظاهرين قوله: «فلتذهب الانتخابات إلى الجحيم؛ ميدان التحرير يأتي أولا، ويجب أن ننهي ثورتنا نصف المكتملة قبل أن يبدأ تنظيم الانتخابات»، وأضاف: «إذا كان المجلس العسكري يعتقد أنه يمكنه أن يفعل بنا ما يفعله الأسد في السوريين وصالح باليمنيين، فتنتظرهم مفاجأة هي أن المصريين سيفعلون بهم ما فعله الناتو في ليبيا؛ الجنرالات هم بقايا نظام مبارك وسوف يتم الإطاحة بهم». أما صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية، في تعليق على الإشتباكات الأخيرة، قالت، في مارس الماضي، أخلى العسكر ميدان التحرير بالعنف وقاموا بتعذيب بعض النشطاء المعتقلين بصواعق كهربائية وبانتهاكات جنسية بالقرب من المتحف المصري، وفي يوليو الماضي أيضا، قام المجلس العسكري بقمع المتظاهرين، وهو الحال في 9 أكتوبر، اليوم الذي قتل فيه 20 قبطي على أيدي الجيش أثناء تظاهرهم خارج مبنى الإذاعة والتليفزيون، والآن تحول قلب العاصمة المصرية، إلى بؤرة مشتعلة، أثبتت تورط الجيش المصري في أعمال العنف بالإضافة إلى قوات الشرطة. ولكن، تابعت الصحيفة في مقال بعنوان «ثورة ثانية تظهر حاليا»، أحداث التحرير الأخيرة هي الأكثر عنفا منذ الثورة المصرية التي أطاحت بمبارك، وتسائلت عن كيفية تعامل الجيش مع الأحداث، وكيفية إنهائها. وأضافت، إن مطالب متظاهري السبت بضرورة تسليم المجلس الحاكم السلطة إلى حكومة مدنية، وهي ذاتها التي طالب بها متظاهرو جمعة تسليم السلطة، تزيد من الضغط على المجلس العسكري مع اقتراب الانتخابات البرلمانية، والأحداث الأخيرة تثير القلق حول إمكانية الجيش من تأمين الانتخابات وترسيخ الحكم العسكري. وهو ما دفع سياسيون ليبراليون ويساريون وتحالفات سياسية إلى تعليق حملاتهم الانتخابية، بخلاف جماعة الإخوان المسلمين التي ما زالت مستمرة في حملتها ولم تدعو أعضائها إلى المشاركة في المظاهرات الأخيرة، رغم مشاركتها في جمعة تسليم السلطة السلمية، ولكنها أدانت عنف الشرطة والجيش ضد المحتجين. هذا ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال»، أن الجيش المصري بعد هذه أحداث التحرير الأخيرة، أصبح أمام قرار صعب ومهم، إما تأجيل الانتخابات والمخاطرة بغضب السياسيين وبعض المحتجين، أو إجراء الانتخابات في أوج الظروف غير المستقرة حاليا. وتابعت الصحيفة الأمريكية، إن تأجيل الانتخابات البرلمانية سيشكل «إحراج» للقيادة العسكرية، لأن اللواءات كانوا قد وعدوا بتسليم السلطة خلال 6 أشهر من توليهم زمام الحكم في مصر، وأجلوا الانتخابات البرلمانية التي كانت مقررة سبتمبر الماضي. وأضافت، إن ثورة الأحد، على حد وصفها، تمثل حشد متجدد للمطالب السياسية بين المحتجين العلمانيين والسياسيين الإسلاميين الذين يتمتعون بدعم قوي من الشعب المصري. ونقلت عن «شادي الغزالي حرب»، إن كثير من الجماعات السياسية اتفقوا أن يكون «محمد البرادعي»، رئيس الوزراء الإنتقالي الذي يمكنه أن يقود البلاد نحو انتخابات رئاسية، ويشرف على عملية صياغة الدستور. ونقلت عنه رغبته في أن تتم الانتخابات في موعدها رغم عدم ثقته في قيادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة لهذا العملية.