تصدرت أحدث العنف التى تشهدها مصر حاليًا افتتاحيات الصحف الغربية التى أبدت تخوفها حول مستقبل الانتخابات البرلمانية فى مصر وحذّرت من عواقب تأجيلها. فجاءت افتتاحية صحيفة "الإندبندنت" البريطانية لتقارن بين الحشود التى تجمعت فى ميدان التحرير منذ تسعة أشهر مضت والأخرى التى تملأ الميدان الآن، قائلة إن الأولى أظهرت تماسكًا ومثابرة بطولية فى حين تبدو الثانية أكثر تقلبًا وأقل تنظيمًا، ولكنها قالت: إن أبرز الاختلافات بينهما هوغياب الأمل الذى كان يغذى المحتجين فى فبراير بأنهم باستطاعتهم تحقيق حياة فضلى، والذى يبدو بعيدًا الآن من ميدان التحرير. وأضافت أنه عندما تولى الجيش إدارة البلاد لسد الفراغ فى السلطة ما بين خلع الرئيس وتنظيم انتخابات حرة، كان هناك دائمًا مخاوف من أن يكتشف الجيش طعم السطة، أو أن تفشل عملية تطوير مؤسسات جديدة أو إجراء انتخابات بشكل سريع مما قد يمنح الجيش ذريعة للاستمرار فى الحكم. وأشارت إلى أن أكثر ما يخشاه المتظاهرون وما دفعهم للعودة إلى ميدان التحرير واستماتتهم ضد أى محاولات لإخراجهم منه هو خوفهم من أن تتحول ثورتهم إلى انقلاب عسكرى، مضيفة أن تجدد الاحتجاجات بهذا الشكل فى أنحاء البلاد تدل على كم الفرص التى تم إهدارها على مدى الشهور الماضية، فالإصلاحات بالكاد بدأت فى أى قطاع، ومستوى المعيشة تدهور، كما تقلصت السياحة، وهوما أدى إلى حالة من الإحباط. وحذّرت الصحيفة من أن يتم تأجيل الانتخابات البرلمانية، قائلة: إن ذلك من شأنه أن يضاعف حالة التشاؤم المتزايدة ويؤدى إلى تجدد الاشتباكات، وشددت على أنه يجب أن يتم إقناع الجيش بأن محاولته تمديد قبضته على السلطة سيؤدى لتفاقم الأوضاع الخطيرة. واقترحت أن يتدخل وسيط نزيه لحل الأزمة فى مصر، داعية الولاياتالمتحدة والجامعة العربية للاتحاد من أجل إنقاذ الثورة المصرية. أما افتتاحية صحيفة "الجارديان" البريطانية فشددت على ضرورة المضى قدمًا فى الانتخابات البرلمانية، حتى إذا استمر المجلس العسكرى فى إدارة البلاد باسم السلطة الانتقالية فإن العملية السياسية ستحتاج إلى إنتخابات لحقن بعض الشرعية. وأضافت أنه حتى إذا أدرك المجلس العسكرى بعد مليونية يوم الثلاثاء، أن اللعبة قد انتهت وقام بتشكيل سلطة مدنية، فيجب أن يتم إجراء الإنتخابات أيضًا على الرغم من ذلك، لأن المطالب الديمقراطية للثورة المصرية يجب أن تنتصر، وكل ما يفعله الجيش هوالوقوف فى طريقها. من جانبها اتهمت صحيفة "ذا جلوب آند ميل" الكندية المجلس العسكرى بإساءة استغلال منصبه باعتقال النشطاء والمدونين ومحاكمة عدد من المدنيين فى محاكم عسكرية خلال سبعة أشهر لم يتم محاكمته خلال ثلاثين عامًا تحت حكم مبارك، إضافة إلى قمع المحتجين وتأجيل الانتخابات الرئاسية. ودعت الصحيفة فى افتتاحيتها حلفاء مصر إلى التدخل للمساعدة بالأموال والخبرات على تدريب المصريين لبناء أحزاب سياسية قابلة للاستمرار وتشكيل هيئة إنتخابية مستقلة، وخلق المزيد من مصادر الإعلام المستقل، معتبرة أنه من دون دعم الغرب لن يكون هناك ديمقراطية ذات قيمة فى مصر. وترى صحيفة "التليجراف" البريطانية أن سوء تعامل المجلس العسكرى مع متظاهرى التحرير هو ما أدى إلى تفاقم الوضع بهذا الشكل، فبدلًا من التعامل معهم بروح التسامح فى مصر ما بعد الثورة، قامت قوات الأمن بقمع المحتجين ومهاجمتهم بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطى، مما أشعل لهيب الغضب الشعبى. ونقلت الصحيفة عن بعض الخبراء توقعاتهم بأن تجرى الانتخابات البرلمانية الأسبوع المقبل كما هومخطط لها، مشيرين إلى أن الاحتجاجات لم تصل بعد إلى درجة من شأنها تهديد قبضة المجلس العسكرى على السلطة. وأكدت أن الانتخابات البرلمانية ستكون مثابة صمام أمان أمام استياء الرأى العام، ولكنها أضافت أنه سيتوجب على المشير أن يقوم بطمأنة المصريين على أن الجيش سيتنحى جانبًا بالفعل عندما تبرز قيادة منتخبة، وقالت إنه بإمكانه فغل ذلك من خلال تحديد موعد ثابث ومؤكد تنتهى فيه مسئولية الجيش بإدارة البلاد. واختتمت قائلة، إن الجماهير فى ميدان التحرير بعثت برسالة واضحة للمجلس العسكرى مفادها بأنه لن يتم ازدراء الرأى العام فى مصر بعد الثورة.