1 – يجب أن لا يمر التقرير الذى أظهر براءة حركة 6 أبريل من تهمة تلقى أموال خارجية مرور الكرام. ليس بدافع موقفك السياسى من 6 أبريل، ولا رضاك أو سخطك عليها، إنما بدافع موقفك من الجهة أو الجهات التى أطلقت هذه الشائعة. فاللواء حسن الروينى الذى امتدح قدرته على نشر الشائعات هو الذى اتهم الحركة علنا، وبلا دليل، وبما أنه ممثل للسلطة فى مصر، ويملك عمليا التليفزيون الرسمى، كما يملك التأثير على وسائل إعلام أخرى، فقد ذاعت الشائعة وراجت، وصدقها عدد لا بأس به من المواطنين، وأدت إلى تعرض الحركة وإلى تعرض نشطاء آخرين إلى اعتداءات لفظية وجسدية. من هذا الباب فإن اللواء حسن الروينى مطالب على الأقل باعتذار رسمى، أما الحركة نفسها فيجب أن تتخذ إجراءات قضائية ضد كل من روج لهذه الشائعة. وللأسف فإن قائمة من روج لهذه الشائعة لم تقتصر على كتاب كل سلطة وإعلامييها، بل امتدت لتشمل سياسيين إسلامجيين «كنا نظن بهم خيرا»، روجوا فى أوساط شباب أحزابهم أن الحركة حصلت على 40 مليون دولار بالتحديد. وهؤلاء الشباب -كعادتهم مع قادتهم- أخذوا الكلمة وسمعوا وأطاعوا ونشروها على مواقع التواصل الاجتماعى، بل واستباحوا لأنفسهم أن يسموا حركة رائدة فى الثورة المصرية كحركة 6 أبريل (مرة أخرى بغض النظر عن موقفك الشخصى منها) بأنها حركة كذبة أبريل. من الكذاب الآن؟ ومن الذى أتى بنبأ ولم يجد «مؤمنين» يتبينون؟ 2 – حسنا فعلت قوى مدنية بإصرارها على الاعتراض على وثيقة المبادئ الدستورية، رغم أن الوثيقة تضع فى بندها الأول أن «مصر دولة مدنية». لقد قدمت القوى المدنية مثالا فى الالتزام بالمبادئ وعدم الانجرار وراء المغريات الآنية. لكن يجب أن لا تنسى القوى المدنية فى خضم هذا الاعتراض الفروق الجوهرية بينها وبين اعتراض الإسلامجيين على الوثيقة. اعتراضات القوى المدنية تتمثل فى البنود الخاصة بوضع المؤسسة العسكرية وبالحريات، البنود 9، و10 و14، وقبل ذلك اعتراض على عدم وضوح الرؤية بشأن معايير اختيار الجمعية التأسيسية والجدول الزمنى لتسليم السلطة. أما الإسلامجيون فلا يرون بأسا فى هذا الغموض بشأن معايير اختيار الجمعية التأسيسية. فهم يعتقدون أن الديمقراطية تعنى أن تملك الأغلبية «المؤقتة فى العرف الديمقراطى» حق كتابة الدستور الدائم. ولا يرون بأسا من أن تستطيع أغلبية 55٪، مثلا أن تختار أعضاء الجمعية التأسيسية بالتصويت على كل فرد فيها. مما يعنى عمليا أن هذه الأغلبية تستطيع أن تختار الأعضاء المئة جميعا لو أرادت. لا أقول إن هذا ما سيحدث، لكننى أقول إن غموض المعايير يفتح الباب لهذا الاحتمال. الإسلامجيون يدعون أنهم يرفضون من حيث المبدأ ضم وثيقة كهذه إلى إعلان دستورى. وهو رفض وجيه جدا أؤيدهم فيه مئة بالمئة لو لم يكونوا وافقوا من قبل على ضم ستين بندا دستوريا إلى الإعلان الدستورى السابق، الذى استفتى الشعب فيه على ثمانية بنود فقط. أما وإنهم وافقوا على «المبدأ» من قبل فاسمحوا لى بالتشكيك فى اتساقهم مع أنفسهم، وفى نزاهة غرضهم، وفى تنزه اعتراضهم «المبدئى» عن الانتهازية السياسية. التعامل مع وثيقة المبادئ الدستورية يجب أن يتم على قاعدة التنسيق والشمولية للوصول إلى صيغة متوافق عليها، وليس على قاعدة لى الذراع واستعراض العضلات الحزبية لفرض رؤية فصيل واحد، مهما كان كبيرا. أتمنى أن يكون الإخوة الإسلامجيون تعلموا من تونس درس التوافق، لأن خطابهم السياسى حتى الآن يشير إلى أن الدرس الوحيد الذى تعلموه من تونس هو التعالى بقوة التيار الإسلامى. وأخشى أن تصدمهم نتيجة الانتخابات بقوة تيار «السلطة» فى مصر، بعد أن نجحوا فى تشويه وتكفير وتفسيق التيارات المدنية. أخشى الصدمة، وأخشى أن نندم جميعا، ولكن بعد فوات الأوان. 3 -الرحلة رقم 274 القادمة من الغردقة إلى القاهرة يوم الجمعة 11/11/2011 كانت المعجزة المنتظرة فى ذلك اليوم ذى التاريخ الملفت. موعدها الساعة الواحدة ظهرا لكنها لم تبدأ تحميل الركاب على الطائرة حتى الساعة الثانية. نعم ليس هذا معجزة على الإطلاق، ف«مصر للطيران» تفعل ذلك دائما. المعجزة هى أن شاشة مواعيد الرحلات أشارت إلى الرحلة بأنها «فى موعدها» حتى وهى متأخرة ساعة كاملة (دون عذر ازدحام المطارات الأوروبية المستهلك). وبعد اكتشاف الخطأ تغيرت الرسالة. فأظهرت إحدى شاشتين أن الطائرة تحمل الركاب حاليا، بينما أشارت شاشة أخرى إلى أن الطائرة متأخرة عن موعدها. بالنسبة لشخص مسافر على متن طائرة، هذه حيرة ما بعدها حيرة، لأن هذا المسافر ليس له إلا الشاشات دليلا. ما علينا. صعدنا على الطائرة لنكتشف أن كراسينا محجوزة لركاب آخرين. أقسم بالله أن تلك هى المرة الأولى فى حياتى التى أرى فيها ازدواج حجز على متن طائرة، وقد سافرت بحكم عملى عشرات المرات، واستعملت معظم خطوط الطيران من كل المستويات. لكنها مصر وشركتها الوطنية التى تتباهى بأن لديها مطارا حديثا، ولم تدرك بعد أن أهم من المبانى الحديثة تحديث الإدارة. لا بد من كسر احتكار «مصر للطيران» لسوق النقل الداخلى، فهى تقدم أسوأ مثال للمقيمين والزائرين. وتستحق، إلى جانب التطورات السياسية أعلاه أن تنضم إلى دليل مصر... للحيران.