«انتفضت أم العربى من نومها منزعجة على صوت أبو العربى النائم بجوارها. وهو يهذى فى أحد كوابيسه المزعجة، وكان يهتف مستعطفا وهو يكاد يبكى». - بلاش أنا يا ريس.. بلاش أنا يا ريس. «بسملت ثم استعاذت أم العربى من الشيطان الرجيم، ثم أيقظت زوجها بهزة عنيفة من يدها الثقيلة فاستيقظ أبو العربى على الفور، وانتفض جالسا مذعورا فسألته أم العربى: - فيه إيه يا راجل مالك؟ - كابوس يا أم العربى. - ريس مين ده اللى جالك فى المنام وخلاك عمال تزعق وتقوله بلاش أنا يا ريس.. بلاش أنا يا ريس؟ - الريس أبو خالد. - الريس أبو خالد مين.. بتاع الخلول؟ - أبو خالد يا ولية.. جمال عبد الناصر. - شخصيا؟ بذات نفسيته. - ما تجوزشى عليه غير الرحمة.. لكن عبد الناصر شخصيا هيزورك فى المنام؟ - دى مش أول مرة يزورنى فيها. - يعنى زارك قبل كده؟ - أبو خالد ما بيزورنيش إلا فى الشديد القوى.. لما بيكون قلقان وروحه قلقانة. - ومقلكش قلقان من إيه؟ - قلقان على البلد.. واللى بيجرا فيها يا أم العربى. - لأ احكيلى من الأول يا أبو العربى.. من أول ما جالك الريس قالك إيه وقلتله إيه وكان لابس إيه وأنت لابس إيه واتقابلتو فين؟ - جرى إيه يا ولية هو ميعاد غرامى.. أنا كل اللى فاكره إنى شفت أبو خالد جاى حزين ومحنى وبيبصلى قوى، وهو ساكت ومقهور، زى ما شفته سنة سبعة وستين بالظبط، فكرته حزين على خالد، قلتله البقية فى حياتك يا أبو خالد فى ابنك خالد، قاللى خالد عجز يا أبو العربى.. بقى أكبر منى بعشر سنين.. الواد بقى أكبر من أبوه.. إنت مفكرنى زعلان على خالد يا أبو العربى؟ قلتله أمال زعلان على إيه يا أبو خالد؟ قاللى على البلد، الزمن هيعيد نفسه يا أبو العربى.. قلتله مش فاهم يا أبو خالد.. فهمنى؟ قاللى فيه ناس هيغلطو نفس غلطتنا اللى غلطناها سنة اتنين وخمسين، لما سيبنا العسكرية ولعبنا سياسة وحكم.. أنا خايف يا أبو العربى تتكرر نفس الوكسة اللى حصلتلنا لما سيبنا ملعب الحرب ولعبنا سياسة، فعملنا زى هريدى.. قلتله هريدى مين ياريس؟ قاللى متعرفش هريدى؟ قلتله مين هريدى؟ قاللى هريدى.. اللى لا فلح فى دى ولا فلح فى دى.. أنا عايزك تبلغ عنى رسالة يا أبو العربى، قلتله رقبتى يا ريس، قاللّى عايزك تروح تحذر الناس دى.. قوللهم إنهم لو كرروا غلطتنا هيعملو زى هريدى، وهتكون النتيجة وكسة ونكسة تانى جاية فى السكة جاية فى السكة قريب قوى.. وأنا شايفها، قلتله وكسة ونكسة إزاى يا ريس؟ قاللى هيحصل نفس اللى حصلنا فى يونيو سنة سبعة وستين. «هنا انتفضت أم العربى ولطمت بقوة وهى تولول» - يا خرابى يا لهوى. «انتفض أبو العربى منزعجا» - بتولولى ليه يا ولية.. الله يحرقك. هنهاجر تانى يا أبو العربى وننذل ونتشحطط فى بلاد الفلاحين تانى يا أبو العربى؟ طب أيام عبد الناصر كان عندنا نحاس وهون نبيعه.. المخلوع ما خلاش حيلتنا حاجة نبيعها.. كان الفلاحين عندهم عيش ومش يقدمهولنا عشان ناكل.. المخلوع نشفلهم زلعة المش يا أبو العربى.. يعنى هناكل بعض.. لازم تبلغ يا أبو العربى.. ده نذير.. نذير وجاى ينذرك يا أبو العربى.. واختارك إنت بالذات، لازم توصل الرسالة يا أبو العربى. إنتى اتجننتى يا ولية.. عايزانى أروح برجلى للتهلكة.. نامى يا أم العربى نامت عليكى حيطة. «يعود أبو العربى إلى النوم، ويشد عليه الغطاء، فتزغده أم العربى بذراعها الذى يزن نصف وزنه وهى تزجره» - وهيجيلك نوم؟ - وما يجليش ليه يا ولية؟ - البلد فى خطر وإنت هتنام؟ - ياكش تولعى إنتى والبلد فى فمتو ثانية. كده إنت بتخون الأمانة يا أبو العربى، الريس عبد الناصر اختارك أنت دونا عن كل الناس وحملك رسالة، لازم تروح وتبلغها. - وما يروحش هو ليه؟ ما يروح للى عايز يبلغهم على طول ويبلغهم كده، فيس تو فيس.. ولا إحنا بس اللى بنحلم وهما ما بيحلموش زينا؟ ولا تكون أحلامهم كمان عليها يافطة ممنوع الاقتراب والتصوير، نامى يا أم العربى الله يخرب بيتك وبيت أم رز التموين المعفن وعدس التموين الجايف اللى إنتى طابخاهم بزيت التموين الزفر، اللى قادح على صدرى ومصهرج وخلانى أشوف عبد الناصر فى المنام.. هو أنا ناقص.. قومى يا ولية شوفيلى إزازة سفن تبرد على صدرى. - منين. - طب فزى هاتيلى كيس فوار. - مفيش - طب قومى هاتيلى معلقة طحينة. - معندناش. - طب شوفيلى معلقة كربوناته أسفها بشوية ميه تطفى النار دى. - مكانش يتعز. - يعنى مفيش حاجة فى البيت خالص؟ سايباها خاوية على عروشها؟ «وهى تشد عليها الغطاء» - يا جارية اطبخى.. كلف يا سيد. - جارية وسيد.. إنتى يا ولية لسه عايشة فى دور مرجانة.. فاكرانى على بابا؟ - مش إنت راجلى؟ - راجلك.. طب إيه رأيك بقى إن أنا من بكرة هقلب.. وأهو الطب بيعملها اليومين دول.. ورينى بقى هتعملى إيه فى الأيام السودة اللى جاية. - عايز تقلب ست يا أبو العربى؟ - إيه ما أنفعش؟ - ما أنصحكش يا أبو العربى. - ليه بقى؟ - لأنك هتعمل زى هريدى.