ندد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بقانون الغدر المزمع إصداره قريبا، وقال المركز فى تقرير له: «نرى أن قانون الغدر، حتى بعد التعديلات التى طرحها مجلس الوزراء عليه، يظل بعيدا كل البعد عن تطبيق منهج العدالة الانتقالية، فضلا عن احتوائه على انتهاكات لقواعد قانونية مستقرة فى معظم دول العالم الحديث». وأوضح التقرير أنه من الناحية القانونية، فإن قانون الغدر خالف جميع المبادئ القانونية المتعلقة بالقواعد الجزائية، ففى مجال تحديد الأشخاص الذين يخضعون لأحكام هذا القانون، كما ورد فى مادته الأولى، فقد تم التوسع فى تحديدهم حيث نص على: «يعد مرتكبا لجريمة الغدر كل من كان موظفا عاما أو وزيرا أو غيره....» وهى صياغة من الممكن تطويعها لتستخدم كأداة لتصفية المعارضين السياسيين أو النشطاء، خصوصا أن تحديد الأفعال المعاقب عليها جاء فضفاضا وغير منضبط الألفاظ. وأكد التقرير أن الجرائم الواردة فى المادة الأولى تنطوى على ألفاظ غير واضحة المعالم، وتتسم بالغموض والاتساع فى مجال التجريم، وذلك خلافا لقواعد قانون العقوبات فى أن يكون الفعل المجرم واضحا ومحددا وبنصوص قاطعة الدلالة. وقانون الغدر صدر عقب 23 يوليو 1952 من أجل عزل القيادات السياسية السابقة على ثورة يوليو من الوظائف الحكومية والمناصب السياسية، وحرمانهم من ممارسة الحقوق السياسية لفترة تمتد لخمس سنوات. التعليق: رئيس محكمة استئناف: مخاوف لا محل لها بعد إدخال التعديلات على القانون المستشار فؤاد راشد، الرئيس بمحكمة استئناف طنطا: نصوص قانون الغدر بعد إدخال مجلس الوزراء التعديلات عليها، أصبحت منضبطة وتتسم بالموضوعية، ولهذا فأنا أؤيد هذه التعديلات، ومع تطبيق القانون بحزم ليشمل كل الفاسدين. أما بالنسبة للتخوفات من التوسع فى تطبيق القانون، أو أن يتم استخدامه كأداة للتنكيل بالمعارضين السياسيين نتيجة أن عباراته فضفاضة وغير منضبطة الألفاظ، فهذا أمر مستبعد، وأنا مع تطبيق تلك النصوص على كل الفاسدين، حتى لو طالت مليون فاسد، فلا بد أن يطال القانون جميع من أفسدوا الحياة السياسية فى مصر، بل على العكس أخشى أن يفلت بعض المتهمين منه، إذا ما طالبنا بالتضييق والتحديد فى عباراته ونصوصه. المشكلة الحقيقية ليست فى القانون، بقدر ما هى فى حالة البيروقراطية التى يتعامل معها المسؤولون بالنسبة لمطالب الثورة. التحليل: تعديل مجلس الوزراء القانون يثير القلق ويكشف وجود تضارب مع الجهات المختصة إعلان مجلس الوزراء وبشكل منفرد عن قيامه بالتعديلات هو فى حد ذاته أمر يثير القلق والشكوك، فمجلس الوزراء ليس من شأنه وضع التشريعات أو صياغتها أو إدخال تعديلات عليها، إنما هو يقر ما يعرض عليه من تشريعات أعدت مسبقا من قبل الجهات المختصة وهى إدارة التشريع بوزارة العدل، وكان رئيس الوزراء قد كلف وزير العدل بإدخال تلك التعديلات، الغريب فى الأمر الذى يكشف مدى التضارب هو أن إدارة التشريع بوزارة العدل حتى الآن لا تزال تعكف على دراسة قانون الغدر. مجلس الوزراء سارع من جانبه بإصدار تلك التعديلات على قانون الغدر بالشكل الذى خرج عليه فى محاولة منه لتهدئة الشارع، مثلما حدث فى قرارات سابقة كثيرة، وخصوصا فى ما يخص محاكمات رموز النظام السابق، وكانت نتيجة صدور قرارات بسرعة لإرضاء الناس أو لتهدئة الشارع هو تفريغ الشىء من مضمونه، وربما يكون هذا حدث مع تعديلات قانون الغدر. كان الأولى بمجلس الوزراء أن يترك الجهات المختصة لتمارس عملها، خصوصا أن شيوخ القضاة قالوا: إن هذا القانون هو قانون منعدم الأثر لانتفاء الغرض منه، وإنه صدر عام 1952 بغرض معين وهدف واحد، وهو معاقبة من أفسدوا الحياة السياسية فى الفترة من عام 1939 حتى عام 1952 إبان حكم الملك فاروق، وإن محاولة التعديل على قانون منعدم الأثر منذ عام 1952 خطأ قانونى.