فى البداية لا بد من تحية المجلس العسكرى، لأنه يمثل جيش بلادى قاهر الأعادى منذ القدم.. ومن يجرؤ على إنكار انتصارات الأجداد من الفراعنة، منذ عهود الرمامسة الذين قهروا الهكسوس فى «قادش» وطاردوهم على بعد آلاف الكيلومترات. ومن طيبة، حيث مدرعات الفراعنة، وكانت العربات الشهيرة لرمسيس الثانى، إلى مدرعات «البيكيه» و«التوباز» التى سبق وقهرت فى أكتوبر 1973 مدرعات العدو الصهيونى «السنتوريوم»، الذى انهزم واحتاس بفضل مهارة وكفاءة جندى مقاتل داس على الصلف والغرور الإسرائيلى بالمهارة والكفاءة والاقتدار، حتى تحقق الانتصار، الذى يتكرر الآن بحماية ثورة شاركت فيها الجموع من أبناء مصر تحقيقا لنصر لا لقهر! لقد شدنى الحوار الثرى وبرؤى عاقلة وهو منوعية سبق وأبداها اللواء حجازى واللواء العصار فى حوار موضوعى فى برنامج «العاشرة مساء» يوم الأربعاء 19 من شهر أكتوبر، بين صديقى الكاتب الصحفى النابه إبراهيم عيسى، والمذيعة منى الشاذلى.. والذى يعنينى فى هذا المقام أن أشير إلى أن الجيش المصرى هو الأصالة وصاحب المقام والهامة، ولا يجرؤ أحد كائنا من كان ولو كان يمضغ «اللبانة» على أن يتكلم أو يتحدث عنه بالاستهانة أو المهانة، لأن قياداته ليست هيمانة أو فلتانة! قيادات الجيش تشبعت بالحزم والانضباط وتشربت همم العزيمة القتالية وقيم الأصالة العسكرية والوطنية.. قيادات تركع لجلال مصر وعزتها وكبريائها.. قيادات لا تناور ولا تلتف ولا تماطل ولا تخادع ولا تسرق الحلم المصرى، ولا تتباهى بما تؤديه من المهام والواجبات وفق الأوامر والتعليمات. وهى قيادات تشوقت وهى فى مقتبل العمر إلى أن تلتحق بمصنع تخريج الرجال من الأبطال وتمنى الالتحاق بالكلية الحربية أو الجوية أو البحرية.. كانوا طلبة فى ريعان الشباب وآثروا الالتحاق بالكليات العسكرية تحقيقا لآمال مستقبلية وطموحات وطنية، لحماية أرض الأوطان من غدر الأعادى إذا ما فكروا فى رغبة الاحتلال! والذى يثير الحزن والأسى أنه يوجد من تجرأ وببجاحة أو قل بتناحة وتماما كالبقرة النطّاحة بأن ينتقد الدور الوطنى للقوات المسلحة، كأنها العدو الدخيل، دون أن يدرك دورها الجليل.. مثل هؤلاء يعتقدون أنهم فقط الأصلاء وغيرهم من البلهاء أو الدهماء، ومواقف مثل هؤلاء تذكرنى بمن يبكى ويولول بكلمة واء.. واء! ثم منذ متى نسمح بانتقاد الجيش؟! يا سادة.. القوات المسلحة خط أحمر.. ثم من يتناسى أنها الأصيلة فى الشرعية.. ودعونا -فى عرض النبى- من جمل الفلسفة الكلامية، لأن هناك من يحاول من الأطياف المدنية أن يفرض الآراء وبديكتاتورية وتحت الدعاوى الكاذبة والتمسح بالديمقراطية! بل هناك من تعدى الأمر وتخطاه واعتقد أنه القائد أو المارشال فيتحدث ويعطى كلام الأوامر بأن يعود الجيش إلى الثكنات.. ويبتعد عن الساحات!! بالله عليكم من له الحق فى إصدار الأوامر للجيش؟! من له الحق هو من يبعبع بكلام كأنه حامل الصولجان، حتى لو كان مواطنا «فلتان» كما فعل مؤخرا بعض الغلمان والصبيان، وكما أبدى من تمسحوا فى الثورة، مما جعل البعض الآن يمصمص الشفاة ويصفها بالفورة أو العورة! وهى ليست كذلك بالطبع، لأنها ثورة يجب أن نحافظ عليها وبكل قوة، خصوصا أنه بين كل آونة وأخرى يظهر على السطح الأفاقون ومن أصحاب السيرة الموصومة بالطين.. والذى يجعلنى ناقدا أيضا سلبيات التعامل مع الثورة، هو قيام البعض بتنصيب نفسه وغيره كأمناء وحيدين للثورة! وعليه هل هناك من حدد أسماءهم وتقرر التصديق على قبولهم؟ وكيف يسمح أحدهم بأن يلصق بنفسه لقب الأمين العام للثورة؟ بمعنى أن كل من هب ودب يمنح نفسه اللقب أو الألقاب، وهذا يذكرنى بمارشال سيدنا الحسين، الذى كنا نشاهده منذ أكثر من 25 عاما بمنطقة الميدان، وكان يجلس على أحد المقاهى وهو يرتدى سترة الزعيم النازى هتلر، التى كان يرصفها بغطاءات الكوكاكولا والكازوزة، وهى من صفيح! واعذرونى لأن هناك من سُلطوا على الثورة وأعطوا لأنفسهم الحق بالتحدث باسمها، فتجدهم يتباهون بأنهم الثوار الذين قاموا باحتلال الميدان وصعدوا على المنصة كمان! رغم أنه كان يوجد الآلاف من الشباب والرجال وحتى الأطفال فى مشهد بديع.. لكن ماذا نقول عمن يهوى ويعشق التلميع! والأكادة أن بعض هؤلاء سافر على الطائرات وفى زيارات كأن المجلس العسكرى أعطاهم التعليمات، ولا ندرى من سدد أسعار التذاكر فى تلك السفريات! يا سادة، لا تتناسوا ما أكده حكم المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، الذى صدر برئاسة المستشار مجدى العجاتى، الذى أكد أن إسقاط النظام يستتبع بالضرورة وبحكم اللزوم والجزم سقوط أدواته التى كان يمارس من خلالها سلطاته، بحيث لا ينفك عنها، وأهم هذه الأدوات ذلك الحزب الذى ثبت بيقين إفساده الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهو ما أحجم عن إقراره والكشف عنه وبحق المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حتى لا يُتهم بأنه اغتصب سلطة. ويا سادة، هذا المجلس العسكرى استمد شرعيته من الشعب الذى قام بثورته ومنحه شرعية اعتلائه المؤقت منصب الحكم.. وهذا المجلس ليس بالدخيل لأنه من عمق منظومة الجيش المصرى، الذى لا يمكن أن نقلل من قدرته أو نسمح بإهانة سمعته حتى لو من خلال رأى أو مقال ولو تغنى أحد بأى موال! أخيرا، لا لكلام القهاوى، لأن الواقع يؤكد أن العزة لجيش بلادى على الرغم من كيد الأعادى، ولأن المحكمة الإدارية العليا أكدت أيضا أن المجلس العسكرى استمد شرعيته حقا من الشعب الذى قام بثورته.