واضح الآن أن الفلول عائدون.. لم يهتموا بما حدث فى ثورة 25 يناير، بل بعضهم يعلن نفسه من الثوار وكان فى ميدان التحرير رغم أنهم كانوا من المحرضين ضد الثورة والثوار وبعضهم شارك فى موقعة الجمل التى جرت وقائعها فى ميدان التحرير وغيرها من المعارك فى ميادين وشوارع مصر الأخرى. ومع هذا لم يختشوا على دمهم وراحوا يقدمون أوراق ترشحهم لانتخابات البرلمان بمجلسيه الشعب والشورى لعلهم يحصلون على حصانة تحول بينهم وبين اتهامهم بالفساد الذى تهنّوا به أيام نظام مبارك المخلوع وحزبه الوطنى الفاسد ولجنة سياسة ابنه التى كانت تحاول السيطرة على كل مجريات الحياة وتزرع عناصرها فى جميع المؤسسات للترويج لتوريث الحكم، وما زال الكثيرون منهم فى مناصبهم حتى الآن يناصبون الثورة العداء حتى وإن أعلن بعضهم تحوله وتأييده للثورة! ولم يترك الفلول أى حزب سياسى إلا وطرقوه بخلاف الأحزاب السياسية التى أنشؤوها مستغلين حالة السماحة، أو قل حالة الهبل، التى تسيطر على إدارة شؤون البلاد، فاخترقوا الأحزاب القديمة، وإن كانت هى أحزاب فلول فى الأساس، فليس هناك فرق كبير بين حزب وفد السيد البدوى أو «تجمع» رفعت السعيد أو «ناصرى» أحمد حسن، والحزب الوطنى «المنحل». فقد كانت هذه الأحزاب تُدار من خلال ضباط جهاز «أمن الدولة المنحل» وتنافق وتوالس الحزب الوطنى وقياداته من أجل المحافظة على المصالح الخاصة لقيادات تلك الأحزاب كما حدث مع السيد البدوى، أو تعيين أحد القيادات ومنحه الحصانة البرلمانية كما حدث مع رفعت السعيد الذى كان ضيفا دائما بالتعيين فى مجلس الشورى بخلاف لجان المجلس والمجلس الأعلى للصحافة وخلافه.. وهو ما جرى بعد ذلك مع الحزب الناصرى والوفد نفسه من تعيين بعض أعضائه. ناهيك بالأحزاب الكارتونية أو أحزاب الأنابيب التى خرجت من رحم أمن الدولة ولجنة أحزاب صفوت الشريف التى تعرض أى شىء للإيجار، فقد اخترقها أيضا الفلول، أو قل اشتروها.. ولم يكتفوا بذلك وإنما انطلقوا إلى الأحزاب الثورية أو التى تشكلت بعد الثورة من شخصيات وطنية محترمة ولكن خبراتهم السياسية ضعيفة جعلتهم يخضعون لفلول الحزب الوطنى ويضعونهم على قوائمهم الانتخابية، وبفعل مستشارى سوء يسعون أيضا إلى مصالحهم الشخصية. ما يحدث فى تلك الانتخابات عبر قانونها «السيئ» يجعل الناس يسألون: لماذا لا يرشح فتحى سرور وصفوت الشريف نفسيهما بالمرة فى تلك الانتخابات ومعهما أيضا زكريا عزمى.. خصوصا أنهم أصحاب تجارب عظيمة فى الفساد والتزوير والبلطجة والسرقة وهى أمور ما زالت شائعة حتى الآن فى ظل الإدارة الفاشلة للمجلس العسكرى وضعف حكومة شرف؟ فلماذا فعلا لا يرشح فتحى سرور نفسه، وهو الذى له تجربة كبيرة فى منطقة السيدة زينب وله أنصاره من التجار ورجال الأعمال الذين كان يتولى رعايتهم بخلاف البلطجية الذين كانوا يساندونه دائما وخرجوا أيام الثورة للاعتداء على المتظاهرين؟ وفى نفس الوقت ما زال متهما ولم يصدر ضده أى حكم بعد فى موقعة الجمل أو فى قضية الكسب غير المشروع. وكذلك الأمر بالنسبة إلى صفوت الشريف الذى لم يدخل انتخابات من قبل وكان دائما حاضرا فى الخدمة بالتعيين.. ويمكن استخدامه مرة أخرى. وزكريا عزمى نفس الشىء.. فقد ظل يدير قصور الرئاسة لما يزيد على شهرين بعد تخلى مبارك، واستطاع إخفاء الكثير من الأوراق والمستندات والهدايا وغيره.. وقد صرح الرجل قبل حبسه بأنه يرحب بالثورة.. ولا مانع عنده من تأييدها.. بلا شك سيكون فتحى سرور وصفوت الشريف وزكريا عزمى بقدرتهم على خدمة النظام، أى نظام، ثوريين على غرار ثورية السيد البدوى، فهم ليسوا أقل من السيد البدوى فى ثوريته وتأييده لثورة 25 يناير، الذى لولا سياساته وانسحابه من انتخابات الإعادة فى مجلس الشعب عام 2010، مع الإخوان بعد إصراره على المشاركة، فى تلك الانتخابات بالخروج عن الإجماع بمقاطعتها لما قامت الثورة، كما قال البدوى، لا فُضّ فوه! إن هناك فرصة كبيرة كى يترشح فتحى سرور وصفوت شريف وزكريا عزمى ويستفيد منهم الذين يديرون شؤون البلاد بخبرتهم فى التزوير و«الترقيع» وإدارة البرلمان والأعضاء الجدد من الفلول وغيرهم من الأحزاب والقوى القديمة.. ومن حقهم أن يوجدوا ويتصدروا المشهد السياسى، كما يحدث الآن مع قيادات الجامعات وبعض وزراء حكومة الثورة. وما دام لم يصدر قانون العزل السياسى.. وما دام المجلس العسكرى لا ينفذ مطالب الثورة بمحاكمة الذين أفسدوا الحياة السياسية فمن حقهم أن يعودوا لممارسة السياسة، بل وقيادة البرلمان بخبرتهم، خصوصا أنه ليس هناك فى الأفق أشخاص يقودون البرلمان القادم.. ويا د.فتحى ويا صفوت بك ويا زكريا بك لماذا لا ترشحون أنفسكم فى انتخابات البرلمان؟ فالسادة فى المجلس العسكرى سيرحبون بكم كما يرحبون بالفلول فى جميع مؤسسات الدولة.