بعد ظرف تاريخى بحجم الثورة، باتت الجماعة الإسلامية تعانى من جدب فى عنصر الشباب الذى تعول عليه بالأساس، لإكمال مسيرتها الدعوية، خصوصا مع افتقادها الوجود داخل الجامعة. هى الآن أمام تحديات عديدة، منها كون جميع أعضائها قد أتموا دراستهم ولم تعد تربطهم بالجامعة أى علاقة. والتحدى الأهم ذلك الانتشار الواسع والوجود الفعلى لجماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفى، اللذين حظيا بشعبية فاقت شعبية وانتشار الجماعة الإسلامية بمراحل. التحدى الأول أمام الجماعة الإسلامية، المتعلق بوجودها داخل الجامعة، ربما تتغلب عليه الجماعة عن طريق اعتمادها على أبناء أعضائها الذين ينتمون إلى المرحلة العمرية المناسبة للجامعة، إضافة إلى إمكانية اعتمادها على أساتذة الجامعات ومعلمى المدارس الثانوى، ممن ينتمون إلى الجماعة الإسلامية فى نشر ذلك الفكر من جديد. حزب الجماعة أيضا، يمكنها أن تعتمد عليه كأحد روافدها للحصول على مزيد من الانتشار بين فئات الطلاب، الذين يمكنهم نشر فكر الجماعة بالتالى داخل جامعاتهم وبين زملائهم فى الدراسة. الدعوة الفردية، التى تتقنها الجماعة الإسلامية، خصوصا بين شريحة طلبة الجامعة، ستكون أحد الروافد الهامة أيضا لمزيد من الأعضاء، تعود من خلالهم الجماعة إلى مجتمع الجامعة وبقوة. الأمر نفسه ينطبق على ممارسة الدعوة الجماعية، عبر عقد اللقاءات الجماهيرية والمؤتمرات ونشر المطبوعات بأنواعها، إضافة إلى إمكانية الاعتماد على وسائل التكنولوجيا الحديثة، المتمثلة فى شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى. التحدى الثانى، الذى سيواجه الجماعة الإسلامية، منافستها كيانات إسلامية أكثر منها وجودا وانتشارا تتمثل فى جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفى، خصوصا أنه ليس فى «الفكر الحديث» لتلك الجماعة ما يميزها عن غيرها، ومن ثَم لا يوجد أمامها إلا محاولة التعاون والعمل المشترك مع تلك التيارات والجماعات، لدعم وجودها سياسيا. يُذكر أنه فى مطلع السبعينيات شهدت الجامعة المصرية مولد حركة طلابية دينية جديدة عرفت باسم «الجماعة الدينية» وسط حالة من الكمون فى تيار جماعة الإخوان المسلمين، التى كانت موجودة على الساحة بالفعل حينها، إذ كانت لا تزال تداوى جراح محنتها الطويلة، مع سجون عهد الرئيس عبد الناصر. وسرعان ما اجتذبت تلك الجماعة الوليدة جموع الطلاب إليها، ممن يبحثون عن ممارسة النشاط الدينى فى الجامعة، إذ خرجت الفكرة من نطاق جامعة أسيوط، إلى جامعتى القاهرة والمنيا وباقى جامعات مصر تباعا. ومع ازدياد العدد وكثرة المنضمين إلى الجماعة واتساع نطاق انتشارها، تقرر تغيير اسمها فى منتصف السبعينيات إلى «الجماعة الإسلامية»، بديلا عن مسمى «الجماعة الدينية»، بعد أن ارتبط اسمها بالمجتمع الجامعى، إذ كوّنت مجموعة الجامعة البنيان والكيان الأول لتلك الجماعة الوليدة، الذين سرعان ما عادوا إلى قراهم فى الأقاليم، ناشرين ذلك الفكر والتوجه الجديد، الذى لاقى ترحابا وانتشارا واسعا فى فترة كانت تعانى من الجفاف الدينى. وعبر تلك التجربة، أدرك الجميع أهمية الجامعة فى نشر الفكر على وجه العموم، وأولوها اهتماما كبيرا، وكتب منظر الجماعة الأول، الدكتور ناجح إبراهيم بحثه «الدعوة فى الجامعة»، وضمّنه عبارة بالغة الأهمية مفادها أن «مفتاح المحافظات هو الجامعة ومفتاح الدول هو موسم الحج».