أمريكا متورطة فى سرقة كمامات الشرطة الألمانية.. وتركيا تسرق «بلا رحمة» أجهزة تنفس صناعى مخصصة لإنقاذ أرواح الإسبان.. وهيستيريا خطف الكحول تفجر أزمة بين تونسوالتشيك أصبحت المستلزمات الوقائية والأجهزة الطبية سلاح الدول لمواجهة وباء "كورونا" الذى يجتاح العالم، وفى الوقت الذى يحاول فيه العالم مواجهة هذا الوباء القاتل بشتى الطرق، نجد أنه على الجانب الآخر تنشط سياسات عدائية من بعض الدول تجاه نظرائها تتمثل فى السطو على سفن المستلزمات الطبية والوقائية من الفيروس مثل الكمامات والمطهرات وغيرها من الأجهزة الطبية الوقائية. ورغم تنحية الصراعات السياسية والاقتصادية على مستوى العالم للتركيز على محاربة هذا الوباء جاءت عمليات القرصنة، بحجة أنها تواجه أزمة فى المعدات الطبية اللازمة لمواجهة انتشار كورونا، لتصعد تلك الصراعات وفجر وباء "كورونا" حرب تصريحات واتهامات بعمليات قرصنة وسطو على معدات ومواد طبية، أبطالها ليسوا بعصابات إجرامية بل دول وحكومات. ففى الأيام الأخيرة وفى ظل تفشى الوباء، تم نشر عدة تقارير حول مشكلات النظم الصحية فى دول أوروبا والولاياتالمتحدة وعدم قدرتها على التصدى لارتفاع أرقام المصابين بفيروس كورونا، وفجر وباء "كورونا" حرب تصريحات واتهامات بعمليات قرصنة وسطو على معدات ومواد طبية، أبطالها ليسوا بعصابات إجرامية بل دول وحكومات. ففى الأيام الأخيرة وفى ظل تفشى الوباء، تم نشر عدة تقارير حول مشكلات النظم الصحية فى دول أوروبا والولاياتالمتحدة وعدم قدرتها على التصدى لارتفاع أرقام المصابين بفيروس كورونا، وأشار بعضها إلى النقص الحاد فى المستلزمات الضرورية، ليس فقط فى عدد أسرّة المستشفيات المجهزة للعناية المركزة وأجهزة التنفس الصناعية بل لمستلزمات أساسية مثل الأقنعة الواقية والقفازات الطبية وحتى مواد التطهير العادية، مما دفع بعض الدول للحصول على تلك المستلزمات بطرق غير مشروعة. إعلان حرب النظام التركى قام بعملية قرصنة لشحنة تضم أجهزة تنفس صناعى ومستلزمات طبية، قادمة من الصين، لمواجهة أزمة انتشار فيروس كورونا فى إسبانيا، واستغرب الإسبان الغاضبون من الاستفزازات التركية وتنوعت مطالبهم ما بين طرد سفير أنقرة فى مدريد، وإعادة النظر فى المساعدات المقدمة إلى نظام أردوغان من الاتحاد الأوروبى، بل وصل إلى اعتبار التصرف التركى بمثابة إعلان حرب. وزيرة الخارجية الإسبانية جونزاليس لايا، اتهمت تركيا بالاستيلاء على طائرة قادمة من الصين، محملة بالعشرات من أجهزة التنفس لعلاج المصابين بفيروس كورونا، قائلة: "الطائرة لا تزال تحتجزها أنقرة التى قررت الاستيلاء على المعدات التى تحتويها". وأضافت لايا أن تركيا شددت فى الأيام الأخيرة إجراءاتها فيما يخص بيع وتصدير المعدات الطبية، لضمان الكفاية الذاتية، مبدية استغرابها من الخطوة التركية، قائلة: "المعدات التى كانت متوجهة لبلادها قادمة من الصين، وتم شراؤها لإقليمى كاستيا دى لامنشا ونبارا، وليست لهما صلة بالمعدات الطبية لتركيا، ومع ذلك استولت عليها أنقرة منذ السبت الماضى". ورغم الجهود الكبيرة التى تبذلها السلطات الإسبانية متمثلة فى وزارتى الخارجية والصحة لاستعادة الشحنة الطبية؛ فإن نظام أردوغان يتعنت بشكل مثير للاستفزاز، حيث تطالب أنقرة حكومة مدريد بالتنازل عن الأجهزة لعدة أسابيع، بحجة أنها تواجه أزمة فى المعدات الطبية اللازمة لمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد فى تركيا. وكان النظام التركى قد أفرج عن الجزء الخاص بشحنة الأقنعة الواقية والمطهرات الطبية، إلا أنه ما زال يحتجز الجزء الأهم فى الشحنة وهى أجهزة التنفس الصناعى. قرصنة عصرية الولاياتالمتحدةالأمريكية تواجه أيضا اتهامات بالقرصنة وسرقة شحنة من الأقنعة الطبية كانت موجهة للشرطة الألمانية، فضلا عن مزايدتها على دول أخرى فى السوق العالمية لمنعها من شراء معدات الحماية من الفيروس التاجى. وذكر تقرير نشرته صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، أنه تم تحويل نحو 200 ألف قناع من نوع N95 إلى الولاياتالمتحدة فى أثناء عملية نقلها بين الطائرات فى تايلاند، كانت موجهة فى الأساس إلى العاصمة الألمانية برلين، وفقا لإدعاء السلطات الألمانية التى كشفت أن شحنة الأقنعة الطبية تم شراؤها لتزويد رجال الشرطة فى برلين بها للحماية من خطر الفيروس التاجى. وقال أندرياس جايزل وزير داخلية ولاية العاصمة الألمانية برلين، إن 200 ألف كمامة وقناع وجه طبى تعاقدت عليها المدينة، تمت مصادرتها من جانب مسؤولين أمريكيين بالعاصمة التايلاندية بانكوك، متهما الولاياتالمتحدة بانتهاج "قرصنة عصرية". وأضاف جايزل أن كمامات وأقنعة الوجه "إف إف بى - 2"، التى تحمى مستخدمها من الإصابة بالعدوى، كانت مخصصة لأن تستخدمها قوات شرطة برلين، وولاية برلين طلبت هذه الكمامات من شركة أمريكية وسددت قيمتها. وهاجم الولاياتالمتحدة، قائلا: "نعتبر هذا عملا من أعمال القرصنة العصرية، هذه ليست الطريقة التى يتم بها التعامل مع الشركاء عبر الأطلنطى، حتى فى أوقات الأزمة العالمية، يجب ألا تحكمنا أساليب الغرب المتوحش"، داعيا الحكومة الاتحادية الألمانية لحض واشنطن على الالتزام بالقواعد الدولية.
ولم تكن برلين الوحيدة فى الشكوى إزاء مثل هذا السلوك. فقد اتهم سياسيون فرنسيون مؤخرا الولاياتالمتحدة بشراء إمدادات كاملة من الأقنعة الواقية فى الصين، كانت مخصصة إلى فرنسا، كما أجبرت واشنطن العملاق الأمريكى، مجموعة "إم ثرى" الصناعية، بموجب القانون بأن تورد للولايات المتحدة أكبر عدد ممكن من كمامات الوجه "N95" من تلك المستخدمة فى المستشفيات. هستيريا السرقة بالانتقال إلى العالم العربى، كشف وزير التجارة التونسى محمد المسيلينى، عن سرقة باخرة كانت محملة بالكحول الطبى ومتجهة إلى البلاد، قائلا: "تعرضت باخرة تابعة لنا، كانت محملة بالكحول الطبى للسرقة فى عرض البحر خلال توجهها إلى تونس"، متابع "ما حدث يشبه واقعة سرقة دول التشيك لشحنة مساعدات طبية قادمة من الصين إلى إيطاليا". وأوضح المسيلينى أن كل الدول الأوروبية تعيش اليوم حالة من الهستيريا وجميعها تسرق المعدات خوفا من هذا الفيروس، ولم يحدد الوزير الدول الأوروبية التى تسرق المعدات والمستلزمات الطبية، لكن كلامه يبدو بدون مبالغة كبيرة، فالنظام الصحى فى أغلب الدول الأوروبية يعانى نقصا شديدا فى المستلزمات الطبية التى يحتاجها لمواجهة تفشى وباء فيروس كورونا. والواقع أن شحن المستلزمات الطبية الطارئة إلى إيطاليا يتم عبر دول أخرى مع توقف خطوط طيران كثيرة، وهناك دولة خليجية أرادت مساعدة إيطاليا فى الأيام الماضية فاشترت شحنة مستلزمات طبية وأرسلتها عبر دولتين أوروبيتين. وصادرت التشيك أكثر من نصف مليون قناع واق وآلاف المعدات المرسلة إلى إيطاليا ووزعتها على مستشفياتها، وحين اضطرت السلطات التشيكية للاعتراف بذلك بعد كشف وسائل الإعلام لعملية السطو، قالت فى البداية إنها صادرت المستلزمات فى إطار عملية مكافحة تهريب، ثم عادت وقالت إنها تحقق فى كيف وصلت الشحنة إلى التشيك وهى متوجهة من الصين إلى إيطاليا. ورغم أن العديد من البلدان مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا طلبت من شركات صناعة السيارات وشركات أخرى إنتاج أجهزة التنفس الصناعى لتلبية النقص الحاد فيها، وتحولت شركات منسوجات إسبانية لإنتاج أقنعة الوجه الواقية وشركات عطور ومستحضرات تجميل فرنسية لإنتاج سوائل التعقيم والمطهرات، فإن كل ذلك لا يبدو كافيا، وتسعى الحكومات فى تعويض النقص بالسطو على الغير.