«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أضرحة الأولياء.. ملاذ المريدين وملجأ المهمومين «ملف خاص»
نشر في التحرير يوم 24 - 08 - 2019

السيدات والزائرين لضريح «قاضي الشريعة» بأسوان يقومون بإلقاء زهرة الغسيل الزرقاء ومنهم من يلقى الماء على الضريح بعد أن يشرب منه بغرض أن تحيطه البركة.
تكثر الأضرحة والمقامات فى مصر لتفاجأ بأنه لا تخلو محافظة منها، فعددها تخطى ال6000 ضريح، بحسب وزارة الثقافة، فيتخذها المريدون ملجأ لأوجاعهم، ووسيلة للتبرك والشفاء، فمَن ألمَّ به مرض يتوسل للشفاء، ومن حرمت من الإنجاب تطلب الرزق بالأطفال، وتحتل القاهرة بلد الألف مئذنة الصدارة فى مقدمة المحافظات التى تحتضن الكثير من المقامات، لكثرة مساجد آل البيت بها. ? وخلال كلمته بافتتاح 1300 صوبة زراعية فى قاعدة محمد نجيب العسكرية، أشار الرئيس عبد الفتاح السيسى، إلى ضريح ومسجد يعترضان إنشاء محور المحمودية والكوبرى الجديد، قائلا "يا جماعة يا اللى بتسمعونى، ما أسهل أن أقول لمدير الأمن والجيش فى إسكندرية ادخلوا وأنهوا هذا الأمر لكننا نتكلم عن مصلحة عامة، والله، النبى محمد صلى الله عليه وسلم، ما يرضى بكده، أن يتوقف الطريق ويتوقف الكوبرى عشان الناس فاهمة إن ده لا يليق، إحنا قلنا شوفوا مكان جديد وإحنا نعمل المسجد ده طبق الأصل أو أحسن زى ما عملنا باقى المساجد".
وتحتل القاهرة بلد الألف مئذنة الصدارة فى مقدمة المحافظات التى تحتضن الكثير من المقامات والأضرحة بل أشهرها، خاصة لكثرة مساجد آل البيت بالمحافظة. ضريح الحسين يعد ضريح الإمام الحسين، الذى يقع بمنطقة الجمالية بالدراسة، بحى الحسين، من أشهر الأضرحة التى تعرفها قاهرة المعز لدين الله الفاطمى، ليس ذلك فحسب،
وتحتل القاهرة بلد الألف مئذنة الصدارة فى مقدمة المحافظات التى تحتضن الكثير من المقامات والأضرحة بل أشهرها، خاصة لكثرة مساجد آل البيت بالمحافظة.
ضريح الحسين
يعد ضريح الإمام الحسين، الذى يقع بمنطقة الجمالية بالدراسة، بحى الحسين، من أشهر الأضرحة التى تعرفها قاهرة المعز لدين الله الفاطمى، ليس ذلك فحسب، بل إن لضريح الحسين زوارا ومريدين من كل ربوع العالم، وبالأخص سوريا والعراق وإيران.
وبنى المسجد فى عهد الفاطميين سنة 549 هجرية الموافق لسنة 1154 ميلادية تحت إشراف الوزير الصالح طلائع، ويضم المسجد 3 أبواب مبنية بالرخام الأبيض تطل على خان الخليلى، وبابًا آخر بجوار القبة ويعرف بالباب الأخضر.
سمى المسجد بهذا الاسم نظرًا لاعتقاد البعض بوجود رأس الإمام الحسين مدفونًا به، إذ تحكى بعض الروايات أنه مع بداية الحروب الصليبية خاف حاكم مصر الخليفة الفاطمى على الرأس الشريف من الأذى الذى قد يلحق به فى مكانه الأول فى مدينة عسقلان بفلسطين، فأرسل يطلب قدوم الرأس إلى مصر وحمل الرأس الشريف إلى مصر ودفن فى مكانه الحالى وأقيم المسجد عليه.
وفى كل عام يحتفل المصريون ومريدو الحسين وآل البيت من مشارق الأرض ومغاربها، بمولد الإمام الحسين، مرتين فى كل عام، أحدهما يسمى بمولد الحسين، وهى ذكرى سنوية تقام بحلول ذكرى دخول الرأس الشريف للقاهرة فى الثلاثاء الأخير من ربيع الآخر، والثانى برجبية الحسين الموافق 3 شعبان من كل عام، الذى يواكب ذكرى ميلاد الإمام الحسين.
ضريح السيدة زينب
فى منطقة السيدة زينب بمصر القديمة، أحد أحياء القاهرة الشعبية، يقطن ضريح أم العواجز السيدة زينب، وذلك فى مسجدها والمسمى بمسجد السيدة زينب، ويعد هذا الضريح من أكثر الأضرحة شهرة ليس فى مصر فحسب بل فى ربوع العالم العربى والإسلامى، حيث يقصده مريدو أم هاشم من كل الدول.
ويتزين الضريح بالمسك والعطور، ومختلف أنواع الإضاءات بشكل دائم، خاصة عند حلول مولد السيدة زينب، حيث يكتظ الناس رجالا ونساء بجوار الضريح، طالبين من المولى عز وجل أن يرفع عنهم الشر، ويعد ضريح السيدة زينب من أكثر الأضرحة جلبا للأموال، حيث تبلغ حصيلة صناديق النذور بالضريح ما يزيد على 15 مليون جنيه سنويا.
ضريح على زين العابدين
ضريح الإمام زين العابدين يعتبر أحد أهم الأضرحة الإسلامية الموجودة بالقاهرة، ويقع فى منطقة آثار السيدة زينب التابعة لمناطق آثار جنوب القاهرة، وترجع عمارة هذا المسجد لعهد الوالى العثمانى حسن باشا طاهر السلحدار "1119 - 1121 ه / 1707 - 1709".
الإمام زيد بن على المعروف بزين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب وكنيته أبو الحسن، الذى توفى عام 122ه.
ويعتبر المسجد من أكبر المساجد والأضرحة بمصر حيث يبلغ 4600 م2 ويسع 5200 مصلى، المسجد له واجهة رئيسية واحدة من الناحية الشمالية الغربية تطل على شارع سيدى على زين العابدين.
ضريح الرفاعى
فى منطقة القلعة بالقاهرة، وبجوار أشهر مساجد مصر الأثرية بل والعالم، ألا وهو مسجد السلطان حسن، يقطن ضريح الرفاعى على بعد أمتار بسيطة من السلطان حسن، فى مسجد الرفاعى، ذلك المسجد الذى تم بناؤه على يد خوشيار هانم والدة الخديو إسماعيل باشا.
وجعلت «خوشيار هانم» المسجد يحوى مدافن لها ولأسرة الخديو إسماعيل، أى بمثابة مقبرة للملوك والأمراء، وهو ما تجده فى أثناء سيرك داخل مسجد الرفاعى، حيث مدافن أولاد الخديو إسماعيل ووالدته، كما يوجد مدفن الملكة فريال (والدة الملك فؤاد)، ومدفن السلطان حسين كامل وزوجته، و الملك فاروق الأول، وضريح شاه إيران، الذى توفى عام 1980، فكلا الضريحين عبارة عن غرف مستقلة لها أبواب داخل المسجد.
كان موقع المسجد قديماً "زاوية الرفاعى" المدفون بها الشيخ على أبى شباك الرفاعى والموجود قبره بالمسجد حتى الآن، ومنه اتخذ المسجد اسمه، إلا أنه بعد إنشاء المسجد نُسبت التسمية إلى الشيخ أحمد الرفاعى المدفون بالعراق، وجد أحمد الصياد والد الشيخ على أبى شباك.
يقع المسجد حالياً بميدان صلاح الدين بحى الخليفة التابع للمنطقة الجنوبية بالقاهرة.
وتنتشر العديد من المراقد والأضرحة فى كل أنحاء وربوع القاهرة، ففى منطقة الخليفة يوجد ما يعادل 21 مرقدا لأولياء الله الصالحين، وفى الدرب الأحمر 4، والسيدة زينب 4 والجمالية 3، والمطرية 1 وعين شمس 1، فضلا عن عشرات المراقد والمقامات فى مناطق عدة بالقاهرة وربوع الجمهورية، ومع ذلك ورغم كثرة مراقد آل البيت وأولياء الله الصالحين، لا يوجد حتى الآن حصر رسمى شامل صادر عن أى مؤسسة رسمية بعدد المقامات والمراقد بمصر بشكل عام، إلا أن البعض منها مسجل بأوراق رسمية سواء داخل وزارة الأوقاف لوجود صناديق نذور بها أو مسجل آثار داخل وزارة الآثار، لكون البعض من تلك المراقد مقصدا سياحيا لدى بعض الزوار الأجانب.
غير أنه لا تكاد تخلو محافظة من محافظات الجمهورية من وجود عشرات الأضرحة والمقامات بها، فعلى طول خط الصعيد، توجد مئات الأضرحة.
الفولى.. يقصده المُريدون والصوفيون فى المنيا
تتميز محافظة المنيا بوجود العديد من الأضرحة التى يقصدها عشرات الآلاف بل المئات من المواطنين والمُريدين والمنتمين للطرق الصوفية على مدى العام، ومن بينها أضرحة الحبشى، والقرطبى، بالإضافة إلى أضرحة لبعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، داخل قرية البهنسا الواقعة فى الجانب الغربى لمركز البهنسا شمال المحافظة، الذين استشهدوا خلال فتح مصر ومنهم صحابة صاحبوا الرسول خلال غزوة بدر؛ إلا أنه يظل ضريح العارف بالله أحمد الفولى الواقع وسط مدينة المنيا فى شارع الكورنيش المُطل على نهر النيل، هو الضريح الأشهر والذى له نصيب الأسد من استقبال المُحبين والمُريدين له من كل أنحاء الجمهورية.
وتأتى الاحتفالات بمولد العارف بالله أحمد الفولى يوم 27 من شهر رجب، متزامنة مع رحلة الإسراء والمعراج، حيث تشهد مدينة المنيا احتفالا كبيرا بليلة مولده وذلك بعد إقامة نحو 10 ليال من الذكر والأناشيد الدينية، تتصدرها الطرق الصوفية من "الرفاعية، والبيومية، والشاذلية وغيرها"، ويحرص الآلاف من المواطنين على المشاركة وخاصة فى الليلة الكبيرة، وينصب الآلاف من الزائرين الخيام التى تتضمن الأكل والذكر والإنشاد الدينى.
وقال الشيخ صوفى أبو الليل، أحد مشايخ الطرق الصوفية وتحديدا الطريقة البيومية، ل"التحرير"، إن الآلاف من أبناء الطرق الصوفية، ومن خارجها، يحتفلون بيوم مولد سيدى أحمد الفولى، كل عام، قاصدين التبرك والدعاء حتى إن بعض المرضى وأصحاب الحاجة يقومون بزيارة المقام وقراءة الفاتحة والمسح بالشال الموجود على الضريح كبركة لهم.
ويُنسب المسجد والضريح إلى "على بن محمد بن على" والشهير بسيدى "أحمد الفولى"، ولد يوم 27 من شهر رجب، عام 990 هجريًا، جاء من اليمن إلى مصر، وتلقى العلوم بالأزهر وسار على المذهب الشافعى على يد الشيخ سيدى محمدين يحيى الجركسى، وقام بالتدريس بجامع إسكندر، واحترف بيع الفول وتزوج من أهل المنيا وعرف بالمدينة ب"أبى أحمد الفولى"، وذاع صيته لما عُرف عنه من تصوف وصلاح وزُهد واستقامة وتبحر فى علوم الشريعة اللغوية والصوفية الشاذلية، عاش فى المنيا نحو 57 عاما قضاها فى الإرشاد لأبنائها الوافدين عليه من أرجاء الصعيد وله تفاسير لبعض آيات القرآن وله مخطوط مؤلف يعرف باسم "تحفة الأكياس فى حسن الظن بالناس"، وعندما توفى عام 1086 هجريًا أى بعد عمر يناهز 85 عاما دفن فى ضريح خاص بالزاوية التى أنشأها فى حياته على شاطئ النيل الغربى، وبسبب التوافد الكبير للصوفيين، وأهالى المنيا على الضريح للتبرك به، قرر الخديو إسماعيل، خلال زيارته للضريح عام 1875 ميلادية، بإنشاء مسجد كبير على الطراز الأندلسى ونقل الضريح إليه، ثم جدّدته وزارة الأوقاف عام 1946.
والمسجد من الداخل مربع الشكل بوسطه أربعة أكتاف مشعبة بينها أربعة عقود يرتكز كل منها على زوجين من الأعمدة لكل منها قاعدة وتاج على الطراز العربى، ويربط هذه الأكتاف بجدران المسجد "كمرات" تنتهى بكوابيل على شكل مروحة.
والمدخل الرئيسي عبارة عن بهو مستطيل تتكون وجهته من ثلاثة عقود محمولة على عمودين وتنتهى بمظلة مغطاة بالقرميد الأحمر، ويقع باب المسجد أمام منتصف العقد الأوسط، أما العقدان الجانبيان فيتوسطهما شباكان من الخرط الصهريجى.
وتتميز جدران المسجد بأنها تم إنشاؤها بالطوب الأحمر ومكسوة من الخارج بالحجر الصناعى، ومزخرفة بحليات عربية، وأسقفه من الخرسانة المنقوش عليها بزخارف عربية دقيقة بألوان متعددة، وسلالم المدخل وأرضيته من الموزايكو، كما تتميز المشغولات الخشبية داخله من أبواب وشبابيك بأنها تمت على الطراز العربى ومكسية بزخارف عربية من النحاس.
أما المنبر وكرسى السورة فمصنوعان من خشب نقى معشق بحشوات من خشب الزان ومجمعة بحليات وأشكال هندسية، وداخل ضريح المسجد، تجد الشبابيك مصنوعة من الجص المفرغ المحلى بالزجاج الملون.
ويستقبل المسجد والضريح الزائرين والمُريدين يوميا، ويحرص الآلاف من المُريدين وأبناء الطرق الصوفية، على زيارة المسجد والضريح، على مدى نحو 10 أيام قبل احتفال الليلة الكبيرة مساء يوم 27 من شهر رجب، إذ يفترش أبناء الطرق الصوفية، الشوارع المُحيطة بالمسجد؛ وفى الليلة الختامية، ووسط إجراءات أمنية مُشددة، يستقبل المسجد ومحيطه الآلاف من المُريدين، وأصحاب الطرق الصوفية للاحتفال بمولده.
قاضى الشريعة.. ضريح للتبرك وقضاء الحاجات بأسوان
تشتهر محافظة أسوان بوجود عدد كبير من مقامات وأضرحة الأولياء والصالحين وعدد من صحابة رسول الله، الذين وفدوا إلى مصر خلال عصر الفتح الإسلامى، حتى إن هناك مثلا شعبيا دارجا بين الأهالى يقول إن أسوان بلد المشايخ!! ومن أشهر المقامات والأضرحة الشهيرة بين الأهالى مقام الإمام على والإمام الشافعى والحسن والحسين والسيدة فاطمة والسيدة زينب وغيرهم من آل البيت ومقام السيد البدوى وسيدى إبراهيم الدسوقى وقاضى الشريعة، وغيرهم رغم عدم وجود هؤلاء داخل أسوان.
ويعد ضريح قاضى الشريعة، أو الشيخ الزهار كما يطلق عليه أبناء أسوان، أحد هذه المقامات والأضرحة التى يتبرك بها الأهالى، ويقع الضريح بالجبانة الفاطمية الشهيرة وسط مدينة أسوان، ملاذ الراغبات فى الزواج أو إنجاب الذكور وقضاء الحاجات كما يتردد، وكشف الحقائق كما يقول الأهالى، حيث تتوجه السيدات والفتيات للتبرك بالضريح الموجود وسط تجمعات قبور الموتى والقباب الفاطمية الشهيرة.
ومن أمام ضريح قاضى الشريعة، تجد أغرب وأشهر القصص التى وردت، وتقول السيدة سكينة أم إحسان كما تحب أن يطلق عليها، وهى من رواد هذا المكان، إن ضريح قاضى الشريعة يتوجه إليه السيدات من أجل التقرب إلى الله و قضاء الحاجات، حيث يتبرك به الأهالى والسيدات والفتيات فى كل المناسبات وفى أثناء الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف والنصف من شعبان وليلة عاشوراء وغيرها من المناسبات الدينية.
وتضيف أن السيدات والزائرين للضريح يقومون بإلقاء زهرة الغسيل الزرقاء ومنهم من يلقى الماء على الضريح بعد أن يشرب منه بغرض أن تحيطه البركة لقبول زيارته أملا فى دعاء صاحب الضريح له بقضاء أمره.
وتابعت السيدة قائلة إن المعنى فى إلقاء زهرة الغسيل الزرقاء على قبر أو ضريح (قاضى الشريعة) لها عدة روايات منها أنها تظهر الحق لأصحاب الحاجات ورد المظالم لأصحابها، حيث تدعو صاحبة الابتلاء عند الضريح أن يكشف الله الغمة عنها ويظهر الحقائق فى نوع من الاعتقاد الروحانى والتواصل فى عالم الغيب بينها وبين صاحب الضريح.
وفى رواية أخرى تقول "خيرية.ن"، ربة منزل، إن قصة إلقاء الزهرة على الضريح تأتى لاعتقاد حسب الرواية الشائعة أن صاحب الضريح قضى بين والده ووالدته فى إحدى المسائل الحياتية بالحق وفقا لشرع الله، حيث لم ينحز لوالده أو والدته، لذا أطلق عليه قاضى الشريعة، وأنهم لا يعلمون الموطن أو الجهة التى قدم منها قاضى الشريعة.
وتشير إلى أن السيدات المقبلات على الزواج يقمن أيضا بطقوس أخرى منها بناء "7 طوبات داخل مرقد الضريح على هيئة منزل أو بيت"، للاعتقاد بأن صاحب الضريح سيساعدها فى الزواج سريعا وبناء عش الزوجية بأن يتم خطبتها وزواجها.
وسيدة أخرى رفضت ذكر اسمها تقول إن السيدات اللاتي لم ينجبن ذكورا يقمن بزيارة الضريح بغرض إيقاد 3 أو 5 أو 7 شمعات فى أركان الضريح مع كتابة اسم المولود الذكر الذين يريدون إنجابه فى ورقة، وينتظرون انتهاء الشمع حتى تحترق تلو الأخرى، وينتظرون آخر شمعة تحترق وهى الدالة بإنجاب الذكر حسب اعتقادات لديهم بقضاء حاجاتهم.
واستطردت السيدة قائلة إن هناك صنفا آخر من السيدات يقمن بحفر حفرة داخل الضريح لوضع ورقة مكتوب عليها اسم الذكر الذى تريد إنجابه أو كتابة اسم المولود الذكر على حوائط الضريح.
وتابعت السيدة أن هناك عددا من السيدات من أصحاب الحاجات أو المرضى المصابين بأمراض مزمنة، ويئسوا من الذهاب للأطباء يأتون للتبرك بالضريح من خلال التمسح بأركانه الأربعة وتلاوة الأدعية أملا فى الشفاء أو كشف الله الغمة عنهم أو قضاء حاجاتهم أو رد المظالم لأصحابها حسب معتقدهم.
من جانبه، قال علاء الدين سليمان، مدير منطقة آثار أسوان الإسلامية والقبطية، إن قبة أو ضريح قاضى الشريعة التى توجد بالجبانة الفاطمية، هو جزء من القباب الأثرية الفاطمية المنتشرة بالجبانة والتى تعود إلى عصر الفتوحات الإسلامية فى مصر.
ولفت إلى أن ضريح قاضى الشريعة يفد إليه بعض الأهالى خاصة السيدات حسب معتقدات لديهن بقضاء حوائجهن والتبرك به، خاصة الفتيات المقبلات على الزواج من خلال رش زهرة الغسيل وبناء الأحجار والطوب، أملا فى بناء عش زوجية ومنهم من يقوم بطباعة الحناء ودق المسامير فى أركان الضريح، الأمر الذى قد يؤدى إلى حدوث بعض الأذى والشروخ بحوائط القبة الأثرية أو تشويه المنظر الجمالى والنسق الإسلامى للقبة.
الروبى.. ضريح المريدين والمجاذيب بالفيوم
يبلغ عمر "ضريح وقبة الروبى" 700 عام، ورغم قدمه وتهالكه فإنّه مقصد العديد من المرضى والمجاذيب والراغبات فى الحمل بالفيوم، أملًا منهم فى الشفاء والحصول على مبتغاهم.
"بمسجد ربى عند روض الروبى صفى القلب فى حال إحتسا مشروبى"، كلمات بدأ بها الإمام محمد ماضى أبو العزائم قصيدته التى نظمها فى ضريح وقبة "الروبى" فى أثناء زيارته لهما عام 1350ه.
وكان على الروبى أحد الأولياء الصالحين ولقب بسلطان الفيوم، ويرجع نسبه إلى العباس بن عم المطلب، عم النبى صلى الله عليه وسلم، الذى تنبأ للسلطان برقوق عندما كان أميرًا بأنّه سيصبح سلطانًا عظيم الشأن وبالفعل تحققت نبوءته، وتولى برقوق حكم مصر، لذا قرر إنشاء قبة الروبى بمدينة الفيوم، بحى المبيضة، عام 794ه، تقديرًا منه ل"الروبى"، ثم أنشأ برقوق "ضريح الروبى" بعد وفاته عام 795ه.
ويقع المقام فى نفس الشارع الذى يوجد به مسجد خوند أصلباى الأثرى، فى حى قديم ما زالت منازله تحتفظ بعبق الماضى، ويبدأ بفناء واسع ينتهى ببابين أحدهما فى الشرق والآخر فى الغرب، ينقلانك إلى الضريح نفسه، حيث يقع فى منتصف فناء ويعلو القبر سياج خشبى مزخرف بالأرابيسك، وبجانبه غرفة صغيرة مدفون بها الشيخ محمد أحد سكرتير الشيخ الروبى، ويضم مئذنة فريدة من نوعها حيث تضم سلمين من الداخل، ويقع المسجد ملاصقًا لساحة الضريح والتى يوجد بها المدخل المؤدى لمصلى السيدات.
وبداخل ضريح الروبى، عُثر على لوحة خشبية كُتب عليها "بسم الله الرحمن الرحيم.. ألا إنّ أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.. هذا ضريح الشيخ العابد الزاهد على الروبى.. انتقل إلى رحمة الله فى السادس والعشرين من ذى الحجة سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة"، ويوافق هذا التاريخ عام 1391 ميلاديًا.
وقال إبراهيم رجب، مدير عام الآثار الإسلامية بالفيوم، فى تصريحات خاصة ل"التحرير" إنّ صاحب الضريح عاش خلال العصر المملوكى، حيث كان الظاهر برقوق أحد تلامذته، وأنه بشره بتوليه السلطنة حينما كان أميرًا وبالفعل عندما تولى سلطنة مصر بنى لأستاذه مقامًا ومسجدًا ليجتمع فيه محبو ومريدو الروبى من أجل العبادة والذكر، موضحًا أن المسجد الحالى يرجع تاريخه للعصر العثمانى فى عهد الأمير أحمد كتخدا، بينما تم تجديد الضريح والمئذنة عام 1717 م.
وأشار إلى أن هناك احتفالًا كبيرًا "مولد" يقام للروبى فى ليلة منتصف شعبان كل عام، ويأتى إليه آلاف المواطنين من جميع أنحاء المحافظة، موضحًا أنه يتم خلاله نصب الخيام للزائرين، وبائعى الحلوى، وأصحاب الملاهى المخصصة للأطفال، بالإضافة إلى عمل موائد وحفلات دينية وابتهالات بحضور الكثير من المشايخ والمبتهلين.
ويعد الضريح ملتقى للمرضى والمجاذيب والراغبات فى الحمل، الذين يعتقدون أن زيارة تلك الأضرحة وخدمتها تساعدهم على الشفاء، حيث يتم فتح أبواب الضريح فى منتصف شعبان لمدة ثلاثة أيام متصلة للدعاء والصلاة.
وتقول صفاء محمد فى حديثها ل"التحرير" إنها أتت من محافظة المنيا، بعدما نصحها الجميع بالذهاب لضريح الروبى، أملًا فى استجابة الله لدعائها برزقها بالأطفال بعدما فشلت جميع الأدوية فى علاجها، موضحةً أنها تأتى للصلاة وتوزيع الصدقات على الفقراء بالمنطقة من أجل الاستجابة لدعائها، خصوصًا أنّها فى حال لم تنجب سيتزوج زوجها من أخرى ليتمكن من الإنجاب.
وبينما كانت الحاجة "أم طلعت" تطوف حول السياج الخشبى وتمسحه بملابسها قالت إنها تعودت على القدوم للروبى للصلاة والتبرك به، كما أنها تأتى كل عام لحضور المولد، حيث تستمتع بحلقات الذكر والابتهالات الموجودة بالمسجد، ثم تشترى حلوى المولد والألعاب لأحفادها وتعود إلى منزلها فى مركز إطسا مرة أخرى.
أما ناصر سيف اليزل، خادم الضريح، فيؤكد أنه كان يلهو أمام ورشة أبيه لصناعة الأثاث بجوار الضريح، وذات يوم زاره الشيخ على الروبى فى المنام، وأعطاه سلاحًا وملابس جندى، وقال له أنت حارس وخادم، ومن يومها قرر تسخير نفسه لخدمة المقام، موضحًا أنه تعلم من خدمته للضريح تقوى الله، بالإضافة إلى أنه يرى من يريد إيذاء المكان حيث يقوم الشيخ الروبى بتعليم وجهه ويقوم هو بمراقبته حتى يخرجه من المقام.
جدير بالذكر أن الضريح تم ترميمه فى عام 1994 على نفقة المجلس الأعلى للآثار، ثم قام الأهالى بترميمه بالجهود الذاتية فى فبراير 1997، وأخيرًا تم ترميم القبة والمئذنة ترميمًا شاملًا، إلا أنه لم يتم ترميمهما منذ ذلك الوقت، وتعرضت أجزاء كثيرة من الضريح للسقوط بسبب تسرب الصرف الصحى إلى المسجد، وزيادة الرطوبة.
ضريح «الباعث» بالإسكندرية.. نقل جثمانه بالمزمار البلدى
قصص كثيرة وكرامات نسجها أهالى محافظة الإسكندرية عن أولياء الله.. ويعد ضريح إبراهيم عبد الباعث أحد المزارات التى تحظى بمكانة عند أتباعه من الصوفيين، ينقلها البعض عنه منذ مجيئه من مدينة دسوق إلى الإسكندرية فى سن الثامنة عشرة من عمره، وأتقن كل العلوم الشرعية وتتلمذ على يد الشيخ يوسف على الشاذلى بمنطقة راغب باشا فى محرم بك بالإسكندرية، ودرس علوم الشريعة والفقه حتى صار له أتباع كثيرون.. «التحرير» تستعرض خلال هذه السطور معلومات عن ضريح إبراهيم عبد الباعث الذى أصدر السادات قرارا جمهوريا بنقل جثمانه من المقابر إلى ضريحه الحالى.
يقول أحمد يوسف إبراهيم الباعث، حفيد الباعث، إن جده تم دفنه فى مقابر عمود السوارى بمنطقة كرموز لمدة 18 شهرا، فجاء فى المنام للرئيس السادات وطالبه بنقله إلى المسجد الذى قام ببنائه من ثلاثة طوابق وكانت به خلوته التى يدرس فيها القرآن والحديث، وتمت الموافقة من الرئيس السادات بالقرار الجمهورى رقم 231 لسنة 1972، الذى ينص الترخيص بإقامة مدفن خاص للمرحوم الشيخ إبراهيم عبد الباعث شيخ مشيخة السادة الشاذلية فى مسجده بحى غربال قسم محرم بك بمحافظة الإسكندرية تحت إشراف لجنة من وزارة الأوقاف ومديرية أمن الإسكندرية ووزارة الصحة ومشيخة الطرق الصوفية.
وأضاف "يوسف" ل"التحرير" أن عائلة الباعث تكتمت على خبر نقل الجثمان حتى تتم فى هدوء. وعند فتح المدفن فوجئ الجميع بأن الجثمان كامل لم يتحلل رغم دفنه 18 شهرا، ووجود بعض الثقوب الخفيفة فى الكفن من التراب. مشيرا إلى أن خبر نقله تسرب للأهالى من المقابر إلى الضريح فكان حافلا بعشرات الآلاف من المواطنين، وحدث أثناء حمل الجثمان فى النعش تحطم من كثرة التزاحم وظهر جثمان الباعث وهى كانت دلالة على وجوده كاملا دون تحلل حتى وصل إلى مكان ضريحه.
من جانبه قال الشيخ جابر قاسم، مسئول الأضرحة بالطرق الصوفية فى الإسكندرية، إن الشيخ عبد الباعث مسجل ضمن مشايخ الطرق الصوفية من أولياء الله الصالحين وهو من أتباع الطريقة الشاذلية، وكان له دور فى نشر التعليم الإسلامى والمنهج الوسطى، وعند نقل جثمانه انبعثت منه رائحة المسك لمدة شهر، وجهزت الصوفية زفة بالمزمار البلدى من مدفنه حتى خلوته الموجودة حاليا، منوها بأنه يتم الاحتفال به فى كل عام فى شهر سبتمبر.
وأشار قاسم إلى أن الشيخ إبراهيم الباعث ولد فى 15 نوفمبر سنة 1898 وحفظ القرآن فى الحادى عشر من عمره وعند بلوغه سن الثامنة عشرة عاما أتقن علوم الشرعية، وأتى إلى الإسكندرية وتعلم الفقه على يد الشيخ يوسف على الشاذلى بمنطقة راغب باشا فى محرم بك، ودرس علوم الشريعة والفقه واللغة العربية والحديث وصار له أتباع كثيرون.
وأوضح قاسم أن الشيخ عبد الباعث له أكثر من خمسة وسبعين مؤلفا مطولا ومختصرا ومطبوعا ومخطوطا، ومنها "تنوير المقياس فى ذكرى أبى العباس، منار الابتهاج فى قصة الإسراء والمعراج، الأدب العربى فى الأسلوب الأدبى، المنحة الإلهية فى الدعوة الإبراهيمية، تشنيف الآذان بتحسين الصوت بالأذان، الذوق واللطافة فى سنن الفطرة والنظافة، انتفاع الميت بالقرآن عقيدة أهل الإيمان، أحسن ما قيل فى التغيير والتبديل، الترسل فى التوسل، الطب النبوى ودعاء الفرج، وكان يذاع له أسبوعيا بإذاعة الإسكندرية برنامج "أقطاب الإسكندرية"، عندما بدأت إرسالها فى الستينيات من القرن العشرين، وتناول سيرة أولياء الإسكندرية مثل سيدى أبى العباس المرسى وسيدى أبى الدرداء والإمام البوصيرى.
ابن تميم فى الدقهلية.. لا يهزم جيش فيه «القعقاع»
مريدون من كل مكان تتعلق قلوبهم بأضرحة الأولياء الصالحين لإيفاء النذور أو للحصول على البركة وطلب المدد بالخير والشفاء من العقم والأمراض، فى موالد معروف مواعيدها كل عام، من تلك الموالد زيارة ضريح القعقاع بن عمرو التميمى فى مدينة المنزلة بمحافظة الدقهلية، الذى اشتهر فى مصر باسم "ابن تميم"، وتحيى الطرق الصوفية من كل عام ذكرى قدومه إلى مصر، ويعتقد أن إقليم المنزلة سُمى بهذا الاسم نسبة إلى قدوم كتيبته أيام الفتح الإسلامى لمصر.
يشير مؤرخون إلى أنه أحد التابعين الصالحين وفارس شارك فى حروب الردة والفتوحات الإسلامية فى عهد الخلفاء أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب، مستشهدين بقول الخليفة أبى بكر الصديق عنه: "لا يهزم جيش فيه القعقاع"، و"لصوت القعقاع فى الجيش خيرٌ من ألف رجل"، ويعتبر القعقاع فارس شاعر، كان يُلقى الشعر فى الفتوحات التى شارك بها.
جاء "ابن تميم" إلى مصر فى جيش عمرو بن العاص، وأوصاه "عمرو" بأن يبنى مسجدًا فى أول بقعة ينزل بها وكانت إقليم تنيس، شمال محافظة الدقهلية، وأن القعقاع قال لجنوده هذا منزلكم، ومن هنا سُميت "المنزلة".
يوجد فى مدينة المنزلة مسجد من أكبر مساجد الدقهلية، يطلق عليه اسم "ابن تميم" ملحق به دار مناسبات وضريح ملفوف بالأقمشة الخضراء والنقوش الإسلامية، يقال إن "مقتنياته وسيفه" مدفونان فيه، ويعتقد مريدو ابن تميم أنه ظل فى مصر حتى توفى ودفن جثمانه فى الضريح الملحق بالمسجد.
وتنتشر فى حجرة الضريح لوحات وصور بها نبذة عن حياته وتاريخه وأبيات شعرية من تأليف القعقاع عن المعارك التى خاضها باعتباره "شاعر الفتوحات"، الذى ولد فى الجزيرة العربية عام 636 ه، وكان قائد لواء جيوش المسلمين، شارك فى معارك اليرموك والقادسية وحروب الجلولاء ونهاوند، وفتح العراق والشام، وكان له كتيبة سميت "كتيبة القعقاع"، وأسهم فى فتح العراق والشام.
وتحرص الطرق الصوفية على إقامة المولد خاصة الطرق السعدية والرفاعية والشاذلية والإبراهيمية والبرهانية والأحمدية، ويقام سرادق كبير مجاور للمسجد ويستقبل فيه المنشدون والمقرئون والمداحون والمبتهلون، وتقام فيه حلقات الذكر والدروشة وغيرها من طقوس الموالد، وتقام موائد طعام الخيرية وينتشر باعة الحلوى والحمص وتنصب المراجيح فى ساحة كبيرة مجاورة للمسجد.
اختلف المؤرخون على تاريخ وفاته، كما لا توجد مصادر تاريخية مؤكدة عن مكان دفنه هل كان بالكوفة أم فلسطين أم إقليم المنزلة مثلما يؤكد مريدوه فى مصر.
رغم إقامة المولد منذ عشرات السنين فإن عددا من المؤرخين يشككون فى صحة حضور "القعقاع" إلى مصر أو وجود فارس يدعى عمرو بن القعقاع.
يقول سامح الزهار، الباحث ومسؤول الوعى الأثرى بشمال الدقهلية، إن مولد ابن تميم من أكبر الموالد إلا أنه مولد شعبى والضريح مجرد رمز له، فلا يوجد أى سند تاريخى أو دليل علمى يؤكد دخول شخص بهذا الاسم إلى مصر.
وأوضح الزهار ل"التحرير": ليس منطقيا أن يكون فارس عظيم بهذا الثقل ولا يكتب المؤرخون عنه إلا بعد 500 عام من الفتوحات، مؤكدا أن ذكر تلك الشخصية ظهر بسبب صراعات قبلية قديمة، حاول البعض من خلالها تقديم شخصية أسطورية على أنها فاتح عظيم وأنه لا يهزم جيش يكون به وأنه يساوى قوة ألف رجل.
وأكد الزهار أن كل المصادر التاريخية المعتبرة لم تذكر تلك الشخصية إطلاقا، وأن كل ما نشر بشأنه كان من مراجع ضعيفة السند، فليس تحت قبة ضريح المسجد أى شيخ.
تضم المنزلة عددا كبيرا من الأضرحة مثل الأنصارى، والشيخة صالحة، وسيدى حسن الجرايحى، ويعتقد أنه الشافى الزائر فى المنام، وسيدى خالد، والشيخ أحمد زين الدين، والشيخ الزناتى، والشيخ أبو العطا، وغيرها من الأضرحة، وتضم بحيرة المنزلة على جزيرة ابن سلام ضريح الصحابى الجليل عبد الله ابن سلام.
وتشتهر محافظة الدقهلية بوجود عدد كبير من الأضرحة بها مثل الشيخ حسانين والشيخ عائشة والمسلمى بمركز المنصورة والبازات فى طلخا وسيدى البلتاجى بميت الكرماء، وسيدى ياسين بالمنصورة، وضريح محمد بن أبى بكر فى قرية ميت دمسيس.
«خلوة أبو مسلم».. حكاية آخر ضريح «أيوبى» بالشرقية
«أبو الكرامات».. وصف ولقب يعرفه القاصى والدانى من المريدين الصوفيين وأرباب الموالد وليالى الذكر فى العالم الإسلامى أجمع، فى ومصر بصفة خاصة، فيما تتطابق العبارة ومعناها مع صاحب الضريح الأشهر بمحافظة الشرقية، ذلك الموجود بمنطقة تُعرف باسم صاحبها «خلوة أبو مسلم»، والتى كانت مقصدًا للمتصوفين والمغاربة للاحتفال بمولد صاحب الضريح والتبرك به، قبل أن يتم إلغاء المولد قبل أكثر من تسعة أعوام لدواعٍ أمنية، فيما يرجع تاريخ الضريح وقبة مسجده إلى نهاية عصر الدولة الأيوبية، وبالتحديد عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب.
على بُعد أمتار قليلة من مدخل قرية «بحطيط» التابعة لدائرة مركز ومدينة أبو حماد، تقع «الخلوة» التى يرجع تاريخ ضريح صاحبها لعام 645 هجرية، وفقًا للوحة جدارية عُلقت بمدخل الضريح، ودونت عليها عبارة: «ضريح سيدى سليم أبو مسلم الكبير»، الذى توفى تاركًا حكاية يحفظها عن ظهر قلب أغلب مريديه من المتصوفين بشتى بقاع الأرض، بداية من اسمه ونسبه، ونهاية، برؤيته وجهاده ضد التتار سواء بالعلم والقلم، أو بسقاية الجنود.
هو «سليم أبو مسلم بن يعقوب يوسف الهمذانى»، الذى ينتهى نسبه إلى سيدنا على بن أبى طالب، زوج السيدة فاطمة بنت سيدنا محمد رسول الله، ولد عام 531 هجرية، فى مدينة «همذان» بإيران، لكن أبرز «كراماته» بدأت برؤيا أفزعته من مرقده وهو بهمذان فى نهاية عامه الثامن بعد السبعين؛ إذ رأى نارًا اشتعلت جهة المشرق ثم امتد لهيبها إلى همذان فالعراق والشام حتى وصلت جبل «الطور» بمصر فانطفأت.
استيقظ أبو مسلم من نومه وأخبر أهله وأقاربه برؤيته، فقيل له إن تأويل الرؤيا تدل على أن دولة لا تؤمن بالله تهجم على البلاد التى رأيت فيها النار فتهلك الحرث والنسل وتعيث فى الأرض فسادًا، وهو الأمر الذى ظل محفورًا فى ذهنه قبل أن يغادر إلى مصر، وبالتحديد مدينة القاهرة، لكنه لم يبق بها غير أسبوع واحد توجه بعده مع فئة كبيرة من أهله إلى الشرقية، واتخذ له «خلوة» هناك عاش بها ما تبقى من عمره، حتى فارق الحياة عن عمر ناهز ال115 عامًا.
بضع سنوات قليلة مضت على «أبو مسلم» فى خلوته، قبل أن يسمع بقيام التتار وما فعلوه بهمذان من قتل النفوس وهتك الأعراض، وهنا تذكر رؤياه، وأخذ يُدلى بدلوه فى سبيل الجهاد بشتى الصور، فتارة يكون واعظًا مرشدًا إلى ضرورة الجهاد فى سبيل الله بمحاربة أعداء الله وأعداء البلاد، وتارةً أخرى يخرج من قريته فى بعض الأحيان يحمل على ظهره إبريقًا كبيرًا يسقى منه الجنود فى ساحة الوغى، وظل على هذه الحال حتى فارق الدنيا فى عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب، عام 645 هجرية، ودفن فى محله حيث كانت خلوته، ولما مات رأى الملك الصالح وفاء ببعض أفضال هذا الرجل الورع التقى أن يقيم له قبة فوق قبره ويلحق بها مسجدًا، وهو ما تم قبل نحو ثمانية قرونٍ من الزمان.
يرجع تاريخ كفر «أبو مسلم»، الذى اختارها صاحب الضريح مكانًا لخلوته ومعاشه لما له من امتداد تاريخى حافل بذكريات دينية، حسب دراسة أثرية استعانت بآراء أهل الكفر، حيث يُقال إن المكان كان لبنى إسرائيل، وأنهم ذبحوا بقرتهم التى ورد ذكرها فى سورة «البقرة» بالقرآن الكريم، فيه، كما أنه كان وما حوله مخازن للغلال فى عهد النبى «يوسف» الصديق، وممرًا لنبى الله إبراهيم.
وتعتبر «مقرنصات» الضريح فريدة فى نوعها من حيث ترتيبها، إلا أنها شوهت بالألوان الزيتية التى تم طلاء الضريح بها بقصد التكريم، وملحق بالقبة من جهتها الشمالية الشرقية مسجد جديد حل محل المسجد القديم، أقامته وزارة الأوقاف.
من جانبه، يقول الدكتور مصطفى شوقى، مدير قطاع التفتيش على الآثار الإسلامية والقبطية بالشرقية، إن الضريح يتكون من مربع يبلغ طول ضلعه ستة أمتار من الداخل، فى كل ركن من أركانه «مقرنص» كبير بداخله ستة عقود متدرجة، حيث يبدأ كل عقد عند القاعدة من قمة ثلاثة مقرنصات صغيرة هرمية الشكل، وهى مقرنصات تشبه مقرنصات العصر الأيوبى، حيث يرجع تاريخ الضريح القائم إلى عصر الملك الصالح نجم الدين.
الضريح يوجد به مكتب للآثار يضم 4 مفتشين من الآثار و6 أفراد أمن، بالإضافة إلى فنى زراعة واثنين إداريين للحفاظ على الضريح، فيما جرى ترميم الضريح مرتين، آخرها كانت فى شهر يونيو عام 1990، وفقًا للوحة الدارية المُعلقة بمدخله.
الدسوقى.. «عين الشريعة» فى كفر الشيخ
43 عاما، عاشها إبراهيم بن عبد العزيز أبو المجد، المعروف بالعارف بالله سيدى إبراهيم الدسوقى، فترك مريدين من كل أنحاء الأرض، يفدون فرادى وجماعات إلى مدينة دسوق، بمحافظة كفر الشيخ حيث ضريحه ومسجده بكفر الشيخ، خاصة فى ذكرى مولده، حيث أعلنت المشيخة العامة للطرق الصوفية بمدينة دسوق فى كفر الشيخ، منذ أيام قليلة، تحديد موعد بدء الاحتفال بالمولد الكبير فى الفترة من الجمعة 18 إلى الخميس 24 أكتوبر المقبل.
الشيخ محمد مختار أبوزيد، وكيل الطرق الصوفية بكفر الشيخ ، يسرد ل"التحرير" أن إبراهيم بن عبد العزيز أبو المجد الذى ولد عام 653ه، الموافق 1255م، بمدينة دسوق نسب إلى مدينة دسوق لمولده ووفاته بها. لقبه محبوه ببرهان الدين وأبى العينين "عين الشريعة وعين الحقيقة"، وينتهى نسبه من جهة أبيه للإمام الحسين بن على بن أبى طالب وفاطمة الزهراء بنت المصطفى، صلى الله عليه وسلم، حفظ القرآن الكريم وتفقه على مذهب الإمام الشافعى وعشق الخلوة منذ صغره ودخلها للتعبد وهو ابن 3 سنوات وخرج منها لمريديه وهو ابن 23 عاما، وسطع نجمه فى العلوم والمعارف وانتشرت طريقته حتى وصل صيته إلى كل أرجاء البلاد، منذ أن ترك الخلوة وتفرغ لتلاميذه.
وتابع وكيل الطرق الصوفة بكفر الشيخ، أن السلطان الظاهر بيبرس البندقدارى أمر بتعيينه شيخًا للإسلام فقبل المنصب وقام بمهمته، وكان يهب راتبه من هذه الوظيفة لفقراء المسلمين، كما قرر السلطان بناء زاوية يلتقى فيها الشيخ بمريديه يعلمهم ويفقههم فى أصول دينهم، وهى مكان مسجده الحالى، وظل الدسوقى يشغل منصب شيخ الإسلام حتى توفى السلطان بيبرس، ثم اعتذر عنه ليتفرغ لتلاميذه ومريديه، حتى حدث صِدام بين الدسوقى وخليل بن قلاوون بعد توليه حكم مصر، بسبب فرض المزيد من الضرائب غير المبررة، ليحاول بعد ذلك السلطان قتله فأرسل بطرد عبارة عن شهد مسموم كهدية من السلطان للدسوقى، فتسلم الدسوقى الهدية ثم جمع فقراء المدينة، وقال لهم: «هذا شهد إن شاء الله تعالى، كُلوه ولا مبالاة بإذن الله». فأكله الفقراء ولم يؤثر فى أحد لتحدث بعد ذلك عدة كرامات للدسوقى انتهت بأن رأى السلطان أنه من الأفضل أن يسافر إلى دسوق ليعتذر للدسوقى عما حدث، ثم عرض عليه ما شاء من العقار والمال، فرفض أن يطلب شيئا لنفسه، وطلب من السلطان أن يترك نصف جزيرة الرحمانية المواجهة لدسوق للفقراء ينفقون منها على مصالحهم، فوافق.
وتابع بعد ذلك الحديث الشيخ حاتم فوزى البرى، إمام مسجده، أن كرامات الدسوقى سطرت فى كتب عدة، وأنه أمر أتباعه بالمشاركة ضد الحروب الصليبية، وأن طريقته الصوفية انتشرت فى جميع أنحاء العالم وتجاوز عدد مريديها حالياً أكثر من 10 ملايين شخص حول العالم وتفرعت منها عشرات الطرق الصوفية، وتوفى وهو ساجد، وكان ذلك عام 696 ه الموافق 1296 م على أرجح الأقوال.
وتوفى وله من العمر 43 عاما، ليدفن الدسوقى بمدينة دسوق محل مولده، والتى لم يغادرها فى حياته إلا مراتٍ معدودة، وأقام أهل المدينة بعد ذلك على ضريحه زاوية صغيرة، وتوسعت شيئاً فشيئاً فتحولت الزاوية إلى مسجد من أكبر مساجد مصر، والذى يُعرف حالياً بمسجد سيدى إبراهيم الدسوقى ويزوره سنوياً أكثر من 2 مليون زائر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.