السلفادور والهندوراس.. مصر والجزائر.. روسيا وأوكرانيا، حروب اشتعلت راح ضحيتها الآلاف، كراهية زُرعت دون داعي بين شعوب، أزمات سياسية اندلعت، كل ذلك بسبب مباراة كرة قدم، أما في النصف الآخر من المستطيل الأخضر، منحتنا الساحرة المستديرة حبا وسلاما، فالحرب الأهلية في كوت ديفوار أنهتها مباراة كرة قدم مع مدغشقر دعى إليها الفيل ديديه دروجبا، بعد سنوات من الخصام بين الشمال والجنوب، وبعد 14 اتفاقية فاشلة، والآن بعد 10 سنوات من أزمة أم درمان، كان المصريين على موعد في المقاهي لمساندة منتخب الجزائر. لا تصدق من يخبرك أن كرة القدم عبارة عن قطعة من الجلد يتتبعها 22 مليونيرا، الأمر أكبر من ذلك، كرة القدم أكثر من مجرد لعبة، هنا الجماهير تشعر بالفرح والسعادة والأسى والحزن، هنا تختلط الدموع بالابتسامات، فالملعب يمكن أن نقول إنه المكان الوحيد الذي يشعر فيه المواطن بانتمائه، ويُخرج مشاعره وانفعالاته. اقرأ لا تصدق من يخبرك أن كرة القدم عبارة عن قطعة من الجلد يتتبعها 22 مليونيرا، الأمر أكبر من ذلك، كرة القدم أكثر من مجرد لعبة، هنا الجماهير تشعر بالفرح والسعادة والأسى والحزن، هنا تختلط الدموع بالابتسامات، فالملعب يمكن أن نقول إنه المكان الوحيد الذي يشعر فيه المواطن بانتمائه، ويُخرج مشاعره وانفعالاته. أمس الخميس، كرة القدم ضربت لنا موعدا جديدا لتمنحنا فيه مزيدا من السلام الذي لا ينتهي، سطره الشعبين المغربي والجزائري، على الحدود في شرق المغرب، تحديدا مدينة السعيدية، هنا الجميع على أهبة الاستعداد، تجمع حشد من الشعبين قرب الحدود لمشاهدة محاربي الصحراء يصارعون الأفيال الإيفوارية، في ربع نهائي كأس الأمم الإفريقية في نسختها الجديدة ب24 منتخبا، التي تشرف مصر بتنظيمها. أطلق الحكم صافرته، وبدأت المباراة، في الدقيقة 20 منح سفيان فيجولي جمهور الجزائر سعادة عارمة، كدر صفوها في الدقيقة 61 جوناثان كودجيل، فرص ضائعة وضغط وحماس، انتهى الوقتين الأصلي والإضافي، والجمهور في المدرجات لا يكف عن التشجيع، لكنه لا يدري أنه على الضفة الأخرى، الحدود تذوب وأصبحت مجرد علامات على الخريطة خطها المستعمر الأوروبي. الآن وقت ضربات الترجيح، هنا لا مجال للتعادل، إما أن تكون منتصرا أو مهزوما، إما أن ترسم الفرحة على وجه الجمهور أو ستذرف الأعين الدمع وتشعر بالندم، لكن لاعبو الجزائر بانتصارهم منحوا شعبهم ما هو أكثر من لذة الانتصار، ففي «السعيدية» قرر شاب جزائري أن يكسر الحدود ويذيب الفوارق، ويقفز من أعلى السياج الحدودي ليدخل إلى المغرب، وسط تشجيع من نوع آخر. أن تستطيع جمع شعبين على الحدود قبل مباراة، ليتجاذبا أطراف الحديث، ومن ثمّ يتفرق كل منهما ليشاهد المباراة، وبعد ذلك يعودان لكي يحتفلا سويا، رغم السياج الذي يفصلهما، فيقرر أحدهما أن يلعن الحدود والحديد والأسوار والمسافات فيقفز ليحتفل مع أخوته، غير عابئ بجندي يلحق به، وبعقوبة تنتظره، فبالتأكيد الأمر أكثر من مجرد لعبة. موقف اجتياز الحدود جاء تتويجا لهتاف «خاوة خاوة.. ما في عدواة»، فجمهور المغرب والجزائر لا يفوته الفرصة أبدا في إثبات أنه لا عداء بينهما وأنهما إخوة وليس هناك ما يفرقهما، فدائما إذا ما اجتمع الشعبين تجدهما يرددان هذا الهتاف الذي يعني «إخوة إخوة». «فتح الحدود ما بين الإخوة هي إرادة الشعوب وليست قرارا سياسيا».. تعليق جاء ليكلل جمال المشهد، الذي وثقه بكاميرته شاب مغربي يدعى حسام عمراني ونشره عبر حسابه الشخصي على موقع «فيسبوك»، ليشاركه أكثر من 1300 مستخدم، ويقترب من 30 ألف مشاهدة خلال 12 ساعة فقط، في موقف يدل على أن الشعوب بطبعها متحابة، وتنبذ كل ما يفرقها، وتنتظر الفرصة لتثبت أنها واحد، ولا يعنيها أبدا ما يدور على طاولات السياسيين.