خسارة إسطنبول لا تعد مجرد هزيمة في أكبر مدن تركيا، وعاصمتها المالية، حيث كان منصب عمدة إسطنبول نقطة انطلاق مهنة أردوغان السياسية، إلا أنها قد تعد تهديدا لحكم أردوغان في مارس الماضي، أصدرت الهيئة العليا للانتخابات في تركيا، قرارا بإعادة الانتخابات البلدية في إسطنبول، بعد أن أعلن مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو فوزه على مرشح الحزب الحاكم بن علي يلدريم بفارق 13 ألف صوت. وأجريت إعادة الانتخابات أمس الأحد في إسطنبول، وشهدت هزيمة ساحقة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه، حيث تمكن إمام أوغلو من رفع الفارق مع يلدريم إلى 750 ألف صوت. وفي محاولة لتشتيت الانتباه بعيدا عن هذه الهزيمة المحرجة، سارع أردوغان إلى إعادة التأكيد على فكرة كونه السياسي الأكثر هيمنة في البلاد، من خلال التركيز على وضعه الدولي خلال رحلته إلى آسيا. ففي سلسلة من التغريدات على "تويتر" بعد ظهور النتائج ليلة الأحد، هنأ أردوغان عمدة إسطنبول الجديد، وتعهد بالحفاظ على التحالف مع حزب الحركة القومية. كما وعد بتعزيز مصالح تركيا في الداخل والعالم، وأعلن أنه سيزور الصين وأوروبا بعد قمة مجموعة العشرين في اليابان في وقت لاحق من هذا الأسبوع. وأشارت شبكة "بلومبرج" ففي سلسلة من التغريدات على "تويتر" بعد ظهور النتائج ليلة الأحد، هنأ أردوغان عمدة إسطنبول الجديد، وتعهد بالحفاظ على التحالف مع حزب الحركة القومية. كما وعد بتعزيز مصالح تركيا في الداخل والعالم، وأعلن أنه سيزور الصين وأوروبا بعد قمة مجموعة العشرين في اليابان في وقت لاحق من هذا الأسبوع. وأشارت شبكة "بلومبرج" الأمريكية إلى أن الرئيس التركي، الذي من المتوقع أن يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قمة مجموعة العشرين، سعى إلى الإشارة إلى أنه سيركز خلال اللقاء على قضايا أكثر أهمية مثل العقوبات الأمريكية المحتملة بسبب شراء نظام الدفاع الصاروخي الروسي "إس 400". ومع ذلك، لم يكن لدى أردوغان أي خيار سوى الإشارة إلى النتائج المتوقعة من الهزيمة في إسطنبول، التي تسببت في هياج داخل حزب العدالة والتنمية. عقوبات جديدة بانتظار تركيا بسبب «S-400» وقال أردوغان: "كما في الماضي، سنعمل على تحقيق أهدافنا لعام 2023 دون تقديم تنازلات بشأن الديمقراطية وسيادة القانون والسلام والاستقرار في بلدنا بما يتماشى مع مبادئ تحالف جمهوريتنا"، في إشارة إلى تحالفه مع زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي، الذي يحتاج إلى الحفاظ عليه للاحتفاظ بالسلطة حتى عام 2023. ومن جانبه يرى أنتوني سكينر، المحلل في شركة "فيريسك مابلكروفت" لتحليل المخاطر، أن الرئيس التركي سوف يراقب عن كثب المعنويات داخل صفوف حزب العدالة والتنمية، وحزب الحركة القومية، قائلا إنه "لديه مساحة أقل للمناورة مقارنة بالسنوات الأخيرة". الشبكة الأمريكية تقول إن خسارة إسطنبول لا تعد مجرد هزيمة في أكبر مدن تركيا، وعاصمتها المالية، حيث كان منصب عمدة إسطنبول نقطة انطلاق مهنة أردوغان السياسية، إلا أنها قد تعد تهديدا لحكم أردوغان. ففي حالة تمكن إمام أوغلو البالغ من العمر 49 عاما من العمل بشكل جيد، فقد يجده أردوغان، وهو أكثر زعماء تركيا نفوذا منذ مؤسس الجمهورية الحديثة، مصطفى كمال أتاتورك، منافسا له في المستقبل. إمام أوغلو يهزم رجل أردوغان في انتخابات إسطنبول في الوقت نفسه تضعف الهزيمة في إسطنبول، موطن نحو خُمس سكان تركيا البالغ عددهم 82 مليون نسمة، من سيطرة حزب العدالة والتنمية على مصدر رئيسي من النفوذ والدخل، فحسب بعض التقديرات، تضم المدينة ربع إجمالي الاستثمارات العامة وتمثل ثلث اقتصاد البلاد البالغ 748 مليار دولار. من جانبه سعى بهجلي لإغلاق أي حديث عن الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة، في وقت لا يزال يعاني فيه الاقتصاد، مع زيادة نسبة الركود، وتجاوز معدل البطالة نحو 14%. وقال رئيس حزب الحركة القومية: "الحديث عن انتخابات مبكرة جديدة هو من بين أسوأ الأخطار التي تهدد بلدنا"، مؤكدا أنه سيعمل مع أردوغان لحل مشاكل البلاد. وأشارت "بلومبرج" إلى أن المستثمرين، الذين كانوا يأملون في أن يحول قادة تركيا تركيزهم في النهاية على الإصلاحات الاقتصادية، رحبوا بالفوز الحاسم لإمام أوغلو بنسبة 54% مقابل 45% لصالح يلدريم، وهو ما أسهم في ارتفاع الليرة بنسبة 1.5% إلى 5.7280 مقابل الدولار، وارتفع مؤشر بورصة إسطنبول 100 بنسبة 1.7%. وثائق تكشف خطة أردوغان في قبرص ورغم هزيمته فلا يزال يتمتع أردوغان بأدوات قوة أخرى لتأكيد إرادته على المدينة، حيث يحظى حزبه بالأغلبية في المجلس البلدي، ويسيطر على 25 منطقة من 39 منطقة في إسطنبول. ويقول سكينر، المحلل في "فيريسك مابلكروفت": "لقد تصدر إمام أوغلو المشهد كقائد وطني ملهم، وأردوغان لديه مهمة صعبة تتمثل في تحييد الرجل دون تحويله إلى شهيد، وتوسيع قاعدته الشعبية دون قصد".