الأهالي: «الطفلة دينا كانت تمشي مكسورة ومكتئبة في الشارع واشترت الحبوب القاتلة وتناولتها هي وابنة خالتها قبل دخولهما المنزل».. تاجر: ماحدش عارف إيه اللي حصل «أنا ماليش حد في الدنيا دي.. أنا تعبانة وتعبت أكتر والله، وربنا بس اللي يعلم أنا ماليش حد يطبطب عليا لما أتعب أو ياخدني في حضنه لما يحس إني خلاص قربت أنهار من العياط»، ترى لماذا لم يسمع أحد استغاثة الصغيرة دينا ابنة ال15 عاما وهي تصرخ من أعماق نفسها المكسورة، ألم يلاحظ أحد من أقاربها أو جيرانها كيف تمشي مهزومة مكسورة إيابا وذهابا في الطريق إلى الدرس، كيف لأحد لم يلاحظ نور وجهها الذي انطفأ مرة واحدة، ربما لو انتبه أحدهم لكان أنقذها من مصيرها المحتوم نحو الهاوية والبحث عن الموت السريع، لتضع حدا لحياتها البائسة. مبكرا عرفت «دينا» اليتم حتى وإن كانا والداها على قيد الحياة، فالأم هجرتها وتركتها لدى خالتها وتزوجت برجل آخر غريب، لم يحنُ على الطفلة، التي وجدت نفسها وحيدة في الحياة. الخالة على قدر جهدها حاولت الاعتناء بابنة شقيقتها واعتبرتها من ضمن بناتها، لكن لم تلتفت إلى تدهور الحالة النفسية للصغيرة مبكرا عرفت «دينا» اليتم حتى وإن كانا والداها على قيد الحياة، فالأم هجرتها وتركتها لدى خالتها وتزوجت برجل آخر غريب، لم يحنُ على الطفلة، التي وجدت نفسها وحيدة في الحياة. الخالة على قدر جهدها حاولت الاعتناء بابنة شقيقتها واعتبرتها من ضمن بناتها، لكن لم تلتفت إلى تدهور الحالة النفسية للصغيرة التي اعتزلت العالم وانكفأت على نفسها، وعاشت الوحدة بكل تفاصيلها. كتمثال من البرونز خالٍ من الحياة وحب الطفولة وشقاوتها، كانت «دينا» تغدو كل يوم لدرسها بالقرب من مسكنها وتعود منه لا تكلم أحدا ولا تتبادل أطراف الحديث مع صديقاتها، فقط هو الصمت المطبق والفضاء السحيق في داخلها، بُعد الأب والأم جعلها تخشى المجهول وترهب الغد التالي، فلا أحد يشعر بها أو يربت على كتفها، لذا قررت أن تنهي حياتها بمعرفتها لتريح من حولها وتريح أمها التي هجرتها لرجل آخر. إيمان صديقتها وابنة خالتها وحدها شعرت بما تخطط له ابنة خالتها، التي قررت أن تموت معها دون معرفة أسباب ودوافع الأخيرة، ليبقى موتها لغزا آخر في المأساة التي هزت كفر الدوار. مأساة في أرض العمدة المعلومات الواردة من «أرض العمدة» بكفر الدوار، حيث تقطن دينا وخالتها وبناتها، تؤكد أن الفتاتين اشترتا الحبوب المسمومة التي تستخدم في حفظ الغلال وتناولتاها قبيل وصولهما البيت، وظهرت عليهما علامات التسمم والموت ولم يسعفهما المستشفى لتأخر وصولهما وسرعة تأثير الحبوب القاتلة على الجسد، لتتسع المأساة بانتحار الطفلة الثالثة وشقيقة إيمان حزنا على شقيقتها وابنة خالتها، واعتقادها بوفاة أمها. «اختمولي القرآن».. هذا كان آخر طلب ل«دينا.س.ع»، من معارفها عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حيث نشرت تدوينة قبل يوم واحد من انتحارها، قالت فيها: "ادعولي.. اختموا لي القرآن.. افتكروا ليا المواقف الحلوة.. اسألوا الله أن يجعل قبري روضة من رياض الجنة وأن يبدلني دارا خيرا من داري"، وأرفقت تدوينتها بصورة لفتاة في الكفن والمصحف فوقها، ما يشير إلى أن الطالبة المنتحرة كانت تمر بحالة نفسية سيئة وأنها فكرت في التخلص من حياتها. الغريب أن جميع تدويناتها تتحدث عن الموت، فكتبت قبل انتحارها: "اللهم إني نويت صيام شهر رمضان، فإن توفيتني قبل قدومه فاكتبني من الصائمين يا رب". حزن في القرية على الأرض لا تزال الصدمة تلجم أفواه الأقارب والجيران، حتى إن أحدا لا يريد التحدث عن الواقعة، فيما كان لسان حال أهل المنطقة «ربنا يرحمهم، ماتوا وأخدوا السر معاهم»، بينما الإجراءات الأمنية تبدو عادية عقب التصريح بدفن الجثامين الثلاثة، وتأكيد النيابة العامة أن سبب الوفاة توقف عضلة القلب لدى الضحايا وعدم وجود شبهة جنائية في الحادث. محمود الضو، تاجر يسكن بالقرب من منزل الأسرة المنتحرة، يؤكد أنه مصدوم من الحادثة، مضيفا: «إحنا داخلين على أيام مفترجة، والبنات لسه صغيرين ليه يموتوا نفسهم، أكيد فيه لغز في اللي حصل». وتابع الضو: «مهما كانت الظروف وحشة المفروض كان الأهل أخدوا ماحدش عارف إيه اللي حصل خلاهم يموتوا نفسهم، وممكن كانوا بيلعبوا ومش عارفين إنهم هيموتوا». الواقعة تلقى بها اللواء مجدي القمري، مدير أمن البحيرة، إخطارا من قسم شرطة كفر الدوار بوصول جثتين هامدتين للطالبتين «إ.م.ف»، 17 سنة، و«د.س.ع»، 15 سنة، مستشفى كفر الدوار العام، لتناولهما الحبة السامة "حبوب حفظ الغلال"، ثم لحاق الشقيقة الصغرى للضحية الأولى 11 عاما بشقيقتها، وتناولها الحبة السامة للتخلص من حياتها. حزن ونفسية سيئة.. انتحار جماعي في أسرة بالبحيرة اختمولي القرآن.. آخر رسالة لإحدى المنتحرات بالبحيرة