مثلما عاش الفنان سيد زيان سنوات تفيض بالسعادة والضحك على خشبة المسرح وأمام الكاميرات، عاش سنوات أخرى مليئة بالتعاسة والكآبة في نهاية مشواره الحزين. الفنان سيد زيان، هو صاحب إحدى أشهر الضحكات المميزة التي عرفها الفن المصري، كما استطاع أن يوظف صوته الجهوري ويطوعه في أداء أدواره، وإجادته الغناء الشعبي وتقليد الأصوات بطريقته الخاصة، كان منبعًا للإفيهات التلقائية التي يطلقها بين كل لحظة وأخرى، صاحب مدرسة "الخروج عن النص"، الممثل المسرحي الكبير الذي تعلقت روحه به وبجمهوره حتى رحل، ورغم أنه عاش حياة براقة لامعة تفيض سعادة وضحكًا على خشبة المسرح أو أمام كاميرات السينما والتليفزيون، إلا أنه عاش أيضًا سنواته الأخيرة حزينًا مكتئبًا تعيسًا على كرسي متحرك. البداية.. والمسرح هو زيان عطية سليمان، المولود في 10 أبريل عام 1942 بمحافظة الشرقية، عاش في حي الزيتون بالقاهرة، تخرج من مدرسة الميكانيكا التي تخصصت في تخريج الأفراد المتخصصين في صيانة طائرات سلاح الطيران، ثم عمل بالقوات الجوية المصرية. بدأ العمل في مجال الفن بعد أن تقدم باستقالته من عمله في حقبة ستينيات البداية.. والمسرح هو زيان عطية سليمان، المولود في 10 أبريل عام 1942 بمحافظة الشرقية، عاش في حي الزيتون بالقاهرة، تخرج من مدرسة الميكانيكا التي تخصصت في تخريج الأفراد المتخصصين في صيانة طائرات سلاح الطيران، ثم عمل بالقوات الجوية المصرية. بدأ العمل في مجال الفن بعد أن تقدم باستقالته من عمله في حقبة ستينيات القرن العشرين، وانطلق من خلال المسرح الذي تألق فيه من خلال فرقة المسرح العسكري، وجسد على خشبته العديد من مآسي شخصيات شكسبير الشهيرة، في مسرحيات مثل هاملت وعطيل وغيرهما، ثم انضم إلى فرقة الهواة مع الفنان عبد الغني ناصر، الذي أسند إليه أول دور كوميدي في مسرحية "إعلان جواز"، ثم أسند له المخرج نور الدمرداش دور بارز في مسرحية "حركة واحدة أضيعك" وكانت بداية مشرقة له. انطلاقته الحقيقية جاءت بعد اشتراكه في مسرحية "سيدتي الجميلة" مع الراحل فؤاد المهندس والنجمة شويكار في الستينيات، حيث قدّم دورًا مميزًا لمع فيه وأصبح علامة مميزة له ومهدت الطريق لنجوميته، وهو دور "زربيح" الشاب المتشرد، وتوالت نجاحاته المسرحية بعدما انتقل من فرقة الفنانين المتحدين إلى فرقة الريحاني التي عمل بها لمدة تسع سنوات متواصلة، ثم واصل نجاحاته في مسرح محمد نجم، وتميز بصوت قوي ساعده على أداء المواويل الشعبية. ويعتبر سيد زيان من أصحاب مدرسة "الخروج عن النص"، فقد عرف عنه ارتجاله وخروجه عن النص في المسرحيات التي قدّمها خلال مشواره الفني إلى جانب الإفيهات الكوميدية الراقية التي لا يزال جمهوره وعشاق فنه يتداولونها حتى الآن، وكان البطل الأول ونجم الشباك لمسرحياته طوال الثمانينيات والتسعينيات، ومن أشهر مسرحياته: "البرشوت، واحد لمون والثاني مجنون، سائق التاكسي، خد الفلوس واجري، أبو زيد، الساهي واللومنجي، الغبي وأنا، لعبة جواز، الورثة، البيه السباك". السينما والتليفزيون ولم يتوقف طموح سيد زيان عند المسرح فقط، ولكنه قدّم العديد من الأدوار المساعدة في السينما، ومن أشهر الأفلام التي شارك فيها: "أبناء الصمت، أريد حلا، عفوا أيها القانون، ليلة ساخنة، ليالي الصبر، نصف دسته مجانين"، كما اشتهر بدور النصاب في "البواب"، والأب الفاسد في "الجراج"، و"خليل الغبي" في "المتسول"، و"حلومة الجحش" في "وكالة البلح"، وكان بطلًا مطلقًا لثلاثة أفلام فقط، وهي: "دورية نص الليل" و"حظ من السماء" و"كيف تسرق مليونيرا". وفي التليفزيون يبقى دور القص في مسلسل "المال والبنون" من أشهر أعماله، بالإضافة لمشاركته في مسلسلات "عمر بن عبد العزيز، التوأم، الوليمة" وغيرها من الأعمال المميزة التي استطاع من خلالها أن يحتل مساحة كبيرة في ذاكرة الجماهير. وبعدما تقدّم في السن، أخذه الحنين مرة أخرى إلى المسرح حيث اختتم مشواره الفني ببطولة مجموعة عروض، منها: "يا حلوة ماتلعبيش بالكبريت، زوبا المصري، لعبة زواج، القشاش، مين ما يحبش زوبة، باي باي كمبورة، العسكري الأخضر" و"الفهلوي" الذي ارتجل فيها مشهدًا ساخرًا من تصفيق أعضاء الحزب الوطني للرئيس حسني مبارك، في إسقاط سياسي جريء. الختام وفي عام 2003 أجبره المرض على الابتعاد عن الفن، بعدما تعرض لجلطة في المخ أدت إلى شلل نصفي ما أقعده على كرسي متحرك لمدة 9 سنوات، وفي عام 2006 تقدّمت ثلاث من بناته إلى المحكمة بدعوى للحجر، بداعي أن شقيقهن الأكبر هو المتصرف في كل شؤون والدهن، ويستغل حالته الصحية المتأزمة في الاستئثار لنفسه بكل إيرادات أملاكه، وقضت المحكمة بتعيين الابنة الكبرى لإدارة أموال والدها، إلّا أن شقيقها طعن في الحكم، وظل الصراع مستمرًا بينهم. رغم حالته الصحية، ظل سيد زيان متمسكًا بكارنيه نقابة الممثلين ويدفع الاشتراك سنويًا لإيمانه بأنه سيعود يومًا ما، لكنه تعرض لأزمة صحية مرة أخرى بعدما تحسنت صحته وأصبح يسير متكئًا على العصا ودخل على أثرها المستشفى، ورحل عن عالمنا في الثالث عشر من أبريل عام 2016، تاركًا من خلفه أدوارًا حفرت اسمه بالنور بجوار عمالقة التمثيل.