«الكرمل» رهبنة نسكية كاثوليكية نشأت في بيت المقدس.. تريزا الأفيلية إسبانية أصلحت رهبنة «الكرمل» وأعادت لها النسك.. يوم وفاتها صادف إصلاح التقويم الميلادي إذا كانت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هي التي أسست الرهبنة في المسيحية على يد القديس أنطونيوس الكبير في نهايات القرن الثالث الميلادي ومنهجها التوحد واعتزال العالم، فإن الكنيسة الكاثوليكية لديها عديد من الرهبانيات التي تختلف أهدافها، وبعضها خدمية، ومنها رهبنة «الكرمل» أو «الكرمليت» واسمها الرسمي «رهبنة إخوة سيدة جبل الكرمل»، التي تأسست في القرن الثاني عشر في بيت المقدس، وانتشرت في عدة دول منها إسبانيا التي تحتفل الكنيسة الكاثوليكية اليوم بعيد القديسة تريزا الأفيلية المشهورة باسم مجددة رهبنة الكرمل، وبها جانب نسكي مثل الرهبنة المصرية. ولدت تريزا في 28 مارس 1515م، بمقاطعة «جوتارندورا» التابعة لمدينة «أيلا» غرب إسبانيا. جدها لأبيها هو «خوان سانشيز دي توليدو»، وهو يهودي تحول إلى المسيحية ويُطلق على هذه الفئة بالإسبانية «مارانو». تحكي سيرتها أن تريزا كانت مفتونة بسير القديسين منذ صغرها، ولدت تريزا في 28 مارس 1515م، بمقاطعة «جوتارندورا» التابعة لمدينة «أيلا» غرب إسبانيا. جدها لأبيها هو «خوان سانشيز دي توليدو»، وهو يهودي تحول إلى المسيحية ويُطلق على هذه الفئة بالإسبانية «مارانو». تحكي سيرتها أن تريزا كانت مفتونة بسير القديسين منذ صغرها، وتأثرت كثيرا بالشهداء منهم لدرجة دفعتها للهرب وهي في السابعة من عمرها برفقة شقيقها «رودريجو» لتذهب نحو معسكرات العرب في الأندلس (المور كما يطلق عليهم بالإسبانية) وتعترف بإيمانها بيسوع المسيح فتنال الشهادة على أيديهم، إلا أنهما قابلا عمهما العائد من سفره وما إن لاحظهما خارج أسوار المدينة حتى عاد بهما إلى أخيه. بداية علاقتها بالرهبنة أرسلها والدها لتتعلم لدى الراهبات الأغسطينيات فيما يشبه المدرسة الداخلية بمدينة أيلا، وبعمر العشرين، التحقت تريزا بدير التجسد للراهبات الكرمليات بأيلا باسم «الأخت تريزا ليسوع»، لكنها وجدت نفسها في حالة نفور متزايد، بسبب انهيار المستوى الروحي بالدير، والتقت بالراهب الفرنسيسكاني «بيدرو دي آلكنتارا» الذي سبق وقرأت كتابه التقوى وساعدها كثيرا على التأمل، وقد كان مشجعاً لها على محاولة تحسين الأوضاع الروحية داخل الدير. دير جديد افتتحت ديرا جديدا عام 1562م، بدعم من سيدة ثرية تُدعى «جيمارا دي أولوا»، واختارت له اسم دير سان خوسيه (القديس يوسف)، وقد كان ديرا يدعم التقشف التام والعزلة، مما جعل المجتمع الأيلي غير راض عن إنشائه بشكل خاص أهل السلطة والنفوذ، إلا أن مبادئ الدير كانت تلقى دعما من كثيرين خاصة أسقف أيلا نفسه. حصلت أيضا على دعم البابا بخصوص تجديد رهبنة الكرمل وترقية المستوى الروحي لراهباته بافتتاح الدير الجديد، وشرعت طوال خمس سنوات بعد افتتاح الدير، في وضع قانون إصلاحي للرهبنة يخدم مبادئ التقشف والعزلة بحزم، لاستعادة مجد رهبنة الكرمل الروحي. وحصلت على موافقة الرئيس العام للرهبنة الأب «روبيو دي رافينا». صياغة الإصلاحات واضطهاد القدماء لها أقنعت رهبان الكرملين المتصوفين بأن يعاونوها في صياغة الإصلاحات اللازمة للرهبنة، وأنشأت العديد من الأديرة في أنحاء إسبانيا، وفي عام 1576م، بدأت اضطهادات لها من جانب الأديرة الكرملية القديمة، التي لم تستجب لدعوة الإصلاح والترقية التي نادت بها تريزا الأيلية، ومنها استصدار قرارات بمنع إنشاء أديرة إصلاحية للكرمل، وصدر قرار بحظر نشاطها وتنقلاتها وفرض إقامة جبرية عليها بأحد الأديرة التي أنشأتها، فأطاعت القرار واختارت الإقامة بدير سان خوسيه بتوليدو. أما أصدقاؤها وكل من عاونها وكان له نفس حلمها بمستوى روحي أعلى للكرمل فقد تم إيذاؤهم بمحاكمات أكبر وعقوبات أشد. وبعد فترة من إرسالها خطابات توضح فيها موقفها وما تتمناه للرهبنة، قامت بإرسالها إلى الملك فيليپي الثاني، ملك إسبانيا آنذاك، تمت محاكمتها أمام محاكم التفتيش عام 1579م لتوضيح موقفها والفصل في أمرها هي وكل من ساعدها. رحيلها والاعتراف بقداستها بعد أن هدأت الحروب على إصلاحات تريزا الأيلية، وفي السنوات الثلاث الأخيرة من حياتها (1580– 1582م)، بنت أديرة إصلاحية أخرى، وتوفيت بالمصادفة في منتصف ليلة 4 أكتوبر 1582م، في التوقيت الذي تم فيه الانتهاء من تصحيح التقويم اليولياني إلى التقويم المصحح (الغريغوري) وهو ما استلزم تقديم الأيام 11 يوما فصار تاريخ وفاتها بعد التصحيح هو 15 أكتوبر 1582م. وتم دفن جثمانها بكنيسة دير البشارة بمدينة ألبا دي تورميس، أحد أديرة الإصلاح الكرملي وأصبح هو المزار الرئيسي لها. تم تطويبها واعتبارها قديسة على يد البابا بولس الخامس عام 1614م، وتم إعلانها قديسة ومعلمة للكنيسة وشفيعة لإسبانيا على يد البابا جريجوري الخامس عشر، وهي شفيعة الأيتام والمرضى والمهانين من أجل تقواهم وتقشفهم، والراغبين في الترقي الروحي، وتعيد لها الكنيسة الكاثوليكية في 15 أكتوبر ذكرى وفاتها.