«محمود عبد الله» منح صديقه حياة جديدة ب«نصف كبده» كي يعيشا معًا.. 350 ألف جنيه تكاليف العملية تحملها مستشفى المواساة.. وفقيه دينى: يجوز شرعًا قديما قالوا إن الغول والعنقاء والخِل الوفي هي المستحيلات الثلاثة التي لا يمكن تحقيقها على أرض الواقع، لكن "محمود عبد الله" البالغ من العمر 24 عاما، كسر «تابوه المستحيلات» وأكد أن كل شيء يمكن تحقيقه، وذلك بعدما تبرع بنصف كبده لصديقه وزميله في كلية العلوم جامعة الإسكندرية "عبد الله أبو المجد" الذي كان ينتظر الموت بسبب «مرض نادر في الكبد» وباءت بالفشل كل محاولات التبرع من أفراد أسرته، حتى جاء «الخِل الوفي» وعرض على صديقه أن يهبه «قبلة الحياة» لكليهما، لأنه ما كان يستطيع العيش من دونه.. "قبل عام، علم «عبد الله» أن حياته في خطر، بعد إصابته ب«تليف في الكبد» رافقته في رحلة البحث عن علاج، وتبين أنه لا أمل في الشفاء إلا بزراعة كبد"، يقول محمود المتبرع بنصف كبده -في أول يوم استطاع التحرك فيه عقب إجراء العملية- إنهما صديقان منذ ست سنوات، وأكملا دراستهما الجامعية معًا "قبل عام، علم «عبد الله» أن حياته في خطر، بعد إصابته ب«تليف في الكبد» رافقته في رحلة البحث عن علاج، وتبين أنه لا أمل في الشفاء إلا بزراعة كبد"، يقول محمود المتبرع بنصف كبده -في أول يوم استطاع التحرك فيه عقب إجراء العملية- إنهما صديقان منذ ست سنوات، وأكملا دراستهما الجامعية معًا وتخرجا في كلية العلوم جامعة الإسكندرية، وخلال تلك الفترة مرا بمواقف عديدة معًا منها ما هو صعب ومنها ما هو مفرح، مؤكدا أنه بمثابة شقيقة الذي لم تلده أمه. وأضاف المتبرع بجزء من كبده، من داخل غرفة العزل رقم 304 بوحدة جراحات زراعة الكبد بمستشفى المواساة بجامعة الإسكندرية ل"التحرير"، أن محاولات تبرع أي من أفراد عائلة "عبد الله" له بجزء من الكبد باءت بالفشل. وتابع بأنه كان على موعد للتقدم لأداء الخدمة العسكرية، وتوجه لوداعه داخل المستشفى، وأخبره عبد الله، أن الفحوصات أثبتت عدم إمكانية أن يتبرع له أى شخص من عائلته بجزء من كبده، مضيفًا أنه من هنا فكر سريعًا في أن يتبرع بجزء من كبده لصديقه، وعلى الفور توجه إليه وعرض عليه الأمر، خاصة أن فصيلة الدم متطابقة ويجوز أن يتبرع له. صمت محمود قليلا، ثم عاد قائلا: "لم يكن فى مقدورى أن أترك صديقى فى شدته وما كنتش هسامح نفسي لو لم أقدم على هذه الخطوة"، مضيفا أن الأمر لاقى قبولا لدى والدتي وأسرتى فأنا أحد خمسة أبناء والوالد متوفى منذ زمن. أكد محمود أن الوقت الذى سبق موعد إجراء الجراحة كان وقتًا عصيبًا، مشيرًا إلى أنه أجرى تحاليل وفحوصات قبل العملية، وسط حالة من القلق الشديد إزاء الجراحة، ونفس الأمر ينطبق على كلَيْنا. وأوضح محمود، أنهما كانا ينظر أحدهما للآخر ويبعثان برسائل طمأنة، مؤكدا: توكلت على الله وأجريت الجراحة وبدأت الحركة وعبد الله ما زال فى غرفة العزل. وكشف عن أنه تخلف عن موعد التجنيد ولا يعرف كيف سيكون مصيره عقب قيامه من العملية والتوجه بتقديم أوراقه، متابعًا بأنه يستنكر موقف الرافضين لقراره بالتبرع بجزء من كبده لصالح صديقه، مؤكدا أن العلاقة القوية يمكن أن يكون بها تضحيات أكثر من ذلك. وأن أسرة صديقه يعاملونه دائمًا على أنه نجلهم أسوة بعبد الله صديقه. وأوضح محمود، أن والدته وافقت على قراره وقامت بأخذ الآراء من الناحية الطبية والدينية والقانونية وتحمست لتنفيذها، موضحا أنها حاصلة على بكالوريوس الهندسة وتركت عملها بعد أن توفى زوجها لمراعاة أبنائها الخمسة. من جانبه قال الدكتور شادي عاصم، مدير مستشفى المواساة، إن جراحة نقل جزء من كبد محمود لصديقه أبو المجد بلغت تكلفتها 350 ألف جنيه تحملتها جامعة الإسكندرية كاملة، مشيرًا إلى أن الجراحة استغرقت نحو 12 ساعة كاملة. وأكد الشيخ محمود عبد الكريم، بمديرية أوقاف الإسكندرية، أن قرار التبرع بجزء من جسد الإنسان هو أمر مباح في ضوء شروط، ملخصًا هذه الشروط فى نقطتين، الأولى أن تكون الفحوصات التي أجريت قبل الجراحة تثبت فائدة هذا الجزء للمتبرع إليه، وثانيا ألا يترتب على هذا التبرع أى أضرار بالمتبرع. وأشار إلى أن التبرع بالكبد هو من الأمور الجائزة والمتفق عليها، وأن الكبد يكتمل نموه عقب اقتطاع أجزاء منه ويعود كاملا بعد فترة قصيرة، بحسب كلام المتخصصين فى مجال زراعة ونقل الكبد. وقال الدكتور محمد عبد اللاه، أستاذ علم النفس بكلية الآداب، إن العلاقات الإنسانية المترابطة والجيدة مستمرة إلى يوم الدين ولن تنتهى أو تنقطع وهناك مواقف كثيرة يمكن أن يثبت بها شخص لآخر مقرب منه حبه ووفاءه وإخلاصه. وأضاف أن الموقف الذى أقدم عليه محمود نال اهتمام الكثيرين لأن العالم تحكمه أشياء أخرى غير العلاقات الإنسانية التى من المفترض أن يكون عليها، فأصبح رفض الرشوة أو الفساد من شخص يستحق التكريم على الرغم من أن هذا السلوك هو الطبيعى والذى من المفترض أن يكون عليه. وأوضح أن محمود يمتاز بثبات انفعالى وقدرة على اتخاذ القرار، مؤكدًا أن لحظة اتخاذ قرار التبرع قد يكون لحظة شجاعة ووقت الجد هناك من لا يلتزم إلا أنه أكمل المشوار وتبرع وأجرى الجراحة وبدأ يتعافى.