ربما تستطيع الحصول على بعض المال من صديقك على سبيل السداد، لكن أن يعطيك ما يزيد على نصف عضو من أعضاء جسده، فذلك أصبح عملة نادرة. ولكن في بعض الأحيان يصبح للقاعدة شواذ، فقد ذاع صيت محمود محمد عبد الله، عقب تبرعه لصديقه عبد الله أبو المجد ب 60% من كبده، بعد أن أخبر الأطباء عبد الله إن حالته ميؤوس منها ويعاني حالة وراثية نادرة، لا حل لها سوى زراعة الكبد، ليقرر بعدها الصديقان إجراء العملية في مستشفي «المواساة» بالإسكندرية. وعلمت «الشروق» في مكالمة هاتفية أجرتها مع أحد العاملين في استقبال مستشفى الموساة بالإسكندرية، عصر يوم السبت، أن الصديقان عبد الله ومحمود يخضعان بالفعل لإجراء عملية جراحية في غرفة العمليات لاستئصال وزراعة الكبد على يد فريق من الأطباء المتخصصين، بينما رفض الاستقبال الافصاح عن أية معلومات أخرى حول الفريق الطبي أو المريضان. وعلى الرغم من أن الصديقان تشاركا الدراسة في قسم الأحياء في كلية العلوم، جامعة الإسكندرية وتخرجا منها في العام الماضي 2018، إلا أن علاقتهما لم تنته بسهولة، ويشاء القدر أن تتطابق أعضائهما؛ ليصبح محمود هو الأمل الوحيد لصديقه في التعلق بالحياة. وتداول رواد مواقع التواصل الإحتماعي فيس بوك، يوم السبت صورة نشرها عبد الله برفقة صديقه المتبرع محمود الذي قبل دخولهما غرفة الإنعاش، كتب فوقها قائلا "هذه الصورة برفقة صديقي العزيز محمود قبل دخولنا الى غرفة العمليات حقيقي مهما عملت مش هوفي 1% من اللي عملته معايا ممتن جدًا لوجودك يا صديقي ستظل نعم الأخ والصديق كنت موجود معايا في الصعب قبل السهل وفي المرض قبل العافية سافرت إلى القاهرة لإنجاز إجراءات العملية الجراحية أي يوم هعيشه هيكون بفضلك لإنك هتضحي بأكتر من 60% من كبدك عشاني، الأعمار بيد الله يا محمود، لكن قبل دخول الغرفة لازم اعترفلك بإنك أفضل صديق". يقول محمد العربي، وهو صديق لمحمود وعبد الله: "جمعتنا الدراسة في كلية العلوم في جامعة الإسكندرية وكان محمود (يقصد المتبرع) مثالًا للتفاني والخلق الحسن ومن زمان كان معروف إنه إنسان مش عادي كنا بنقول عليه ملاك بيمشي على الأرض كان دايمًا بيشجعنا وبيدينا طاقة إيجابية غير طبيعية وعنده استعداد يخدم أي حد في آخر الدنيا حتى لو ميعرفهوش لمجرد بس أنه يشوفه مبسوط عشان كده اتبرع لزميلنا عبد الله". ويكمل قائلا: "كنا نعلم أن محمود يؤدي رسالة خاصة به، فقد كان يقدم الدعم المعنوي لكل من يحتاجه ولم يعش لنفسه يومًا، ولم أتحدث معه في ضائقة أصابتني إلا وأحسست بعدها براحة نفسية واطمئنان داخلي". ونشر أصقاء الشابين من خريجي دفعة كلية العلوم عام 2018، منشورات على موقع التواصل الاجتماعي، فيس بوك لمآذرتهما بالدعاء، ولتمجيد محمود، الشاب المتبرع، حيث حكي أصدقاؤه مشاهدات لمواقف إنسانية نبيلة بدرت منه خلال الدراسة التي انتهت في العام الماضي 2018.