البابا تواضروس يترأس صلاة الجمعة العظيمة    شكاوى الكهرباء.. الحكومة تتعامل مع أكثر من 9 آلاف بلاغ    وزارة العمل تعلن عن 3408 وظائف شاغرة ب16 محافظة (التفاصيل)    يسع 1000 مُصلِ.. افتتاح المسجد الكبير بالشيخ زويد اليوم    سبت النور 2024.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    المطران شامي يترأس خدمة الآلام الخلاصية ورتبة الصلب وقراءة الأناجيل الاثنى عشر بالإسكندرية    إزالة 141 إشغال طريق خلال حملة مكبرة في دمنهور    الإسكندرية.. تنفيذ 96 إزالة على الأراضي الزراعية ضمن الموجة 22    زيادة جديدة ب عيار 21 الآن.. ارتفاع سعر الذهب اليوم الجمعة 3-5-2024 في مصر    أسعار الأسماك اليوم الجمعة 3-5-2024 في الدقهلية    «نُوَفّي».. يتصدر منصات المنتدى الاقتصادي العالمي    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 3-5-2024 بالبنوك    محافظ أسيوط يعلن استعداد المحافظة لبدء تطبيق قانون التصالح في مخالفات المباني الجديدة    وزيرة الهجرة تستقبل السفير اليوناني لدى مصر لبحث تعزيز سبل التعاون    دعما لغزة.. اتساع رقعة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات العالمية    الاتحاد الدولي للصحفيين: الإعلام العالمي لا يزال يتعامل بمعايير مزدوجة تجاه الأزمة الفلسطينية    رئيس البرلمان العربي: الصحافة لعبت دورا مهما في كشف جرائم الاحتلال الإسرائيلي    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    البنتاجون: نراقب الروس الموجودين في قاعدة يتواجد فيها الجيش الأمريكي في النيجر    أيمن سلامة ل«الشاهد»: مرافعة مصر أمام العدل الدولية دحضت كافة الأكاذيب الإسرائيلية    رئيس الاتحاد السكندري يكشف حقيقة عروض التعاقد مع مابولولو    كلوب: مشكلتي مع صلاح انتهت    برشلونة يستهدف التعاقد مع الجوهرة الإفريقية    صحف إيطاليا تبرز قتل ذئاب روما على يد ليفركوزن    «كلوب» يتحدث مجددا عن خلافه مع محمد صلاح: تم حل الأمر    إلغاء رحلات البالون الطائر في الأقصر بسبب سرعة الرياح    محافظ الجيزة يوجه برفع درجة الاستعداد لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    مصرع موظفين في تصادم سيارة ملاكي ودراجة بخارية بسوهاج    انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا وإصابة 6 أشخاص    وزارة الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق    نادي أدب بيت ثقافة النصر ببورسعيد يحتفل باليوبيل الذهبي لتأسيسه    عثر عليها في كهف.. علماء بريطانيون يعيدون بناء وجه امرأة «نياندرتال» عمرها 75 ألف عام    أبرز تصريحات فريدة سيف النصر.."نور الشريف تنبأ لي بمستقبل كبير"    عمرو يوسف يتنازل عن صدارة شباك تذاكر أفلام السينما (تفاصيل)    رئيس «المعماريين المصريين»: ندعم الأشقاء الفلسطينيين في إعمارهم غزة    «اللهم احفظنا من عذاب القبر وحلول الفقر وتقلُّب الدهر».. دعاء يوم الجمعة لطلب الرزق وفك الكرب    «أمانة العامل والصانع وإتقانهما».. تعرف على نص خطبة الجمعة اليوم    استشاري يكشف علامات ضعف عضلة القلب وأسبابه    وزير التنمية المحلية يهنئ محافظ الإسماعيلية بعيد القيامة المجيد    السنوار يعارض منح إسرائيل الحق في منع المعتقلين الفلسطنيين من العيش بالضفة    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    عبد المنصف: "نجاح خالد بيبو جزء منه بسبب مباراة ال6-1"    حكم تلوين البيض وتناول وجبات شم النسيم.. الأزهر العالمي للفتوى يوضح    "مانشيت" يعرض تقريرا من داخل معرض أبوظبى الدولى للكتاب اليوم    خلافات سابقة.. ممرضة وميكانيكي يتخلصان من عامل بالمقطم    محظورات امتحانات نهاية العام لطلاب الأول والثاني الثانوي    حماس تثمن قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرائيل    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    هل مسموح للأطفال تناول الرنجة والفسيخ؟ استشاري تغذية علاجية تجيب    حكم لبس النقاب للمرأة المحرمة.. دار الإفتاء تجيب    حكم وصف الدواء للناس من غير الأطباء.. دار الإفتاء تحذر    تشكيل الهلال المتوقع أمام التعاون| ميتروفيتش يقود الهجوم    إشادة حزبية وبرلمانية بتأسيس اتحاد القبائل العربية.. سياسيون : خطوة لتوحيدهم خلف الرئيس.. وسيساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في سيناء    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    «تحويشة عمري».. زوج عروس كفر الشيخ ضحية انقلاب سيارة الزفاف في ترعة ينعيها بكلمات مؤثرة (صورة)    دراسة أمريكية: بعض المواد الكيميائية يمكن أن تؤدي لزيادة انتشار البدانة    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاقات الباكستانية الأفغانية.. رؤية مستقبلية
نشر في التحرير يوم 10 - 03 - 2019

دكتوراه في فلسفة العلوم السياسية وخبيرة في العلاقات الدولية
تتشارك كل من أفغانستان وباكستان عرقيا ومذهبيا وجغرافيا وتاريخيا وماضيا وحاضرا ومستقبلا؛ فقد هيمن مبدأ "العمق الاستراتيجي" على العلاقات بينهما منذ تسعينيات القرن الماضي، وهو ما ترتب عليه العديد من الخلافات بينهما، وهو ما يدعو للتساؤل عن مستقبل هذه العلاقات في ضوء تعدد القوى الإقليمية والدولية التي تعمل على إذكاء هذا الخلاف؟
تتشارك كل من أفغانستان وباكستان عرقيا ومذهبيا وجغرافيا وتاريخيا وماضيا وحاضرا ومستقبلا؛ فقد هيمن مبدأ "العمق الاستراتيجي" على العلاقات بينهما منذ تسعينيات القرن الماضي، وهو ما ترتب عليه العديد من الخلافات بينهما، وهو ما يدعو للتساؤل عن مستقبل هذه العلاقات في ضوء تعدد القوى الإقليمية والدولية التي تعمل على إذكاء هذا الخلاف؟
الخلفية التاريخية: لفهم طبيعة العلاقات الحالية بين البلدين يجب التطرق للخلفية التاريخية وتطور العلاقات بينهما، فبداية، ترى أفغانستان نفسها على مدى التاريخ ضامنة للوجود الإسلامي في جنوب ووسط آسيا لكونها ساعدت في نشره منذ المغول والغزنويين والغوريين والأبداليين الذين وصلوا حتى الهند وحكموا المنطقة، ولذا
الخلفية التاريخية:
لفهم طبيعة العلاقات الحالية بين البلدين يجب التطرق للخلفية التاريخية وتطور العلاقات بينهما، فبداية، ترى أفغانستان نفسها على مدى التاريخ ضامنة للوجود الإسلامي في جنوب ووسط آسيا لكونها ساعدت في نشره منذ المغول والغزنويين والغوريين والأبداليين الذين وصلوا حتى الهند وحكموا المنطقة، ولذا لم تعترف أفغانستان بقيام دولة باكستان عام 1947 في بادئ الأمر، لأنهم رأوا فيها منافسًا لهم على دورهم الإسلامي الصاعد في المنطقة.
تطور العلاقات:
بعد إيجاد حكومة الوحدة الوطنية وعلى أساس السياسة الخارجية السابقة أصبح الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني قريبا جدا من إسلام آباد وأعطاها امتيازات كثيرة. وقد تضاعفت رحلات مسؤولين سياسيين وعسكريين من الحكومة الباكستانية إلى أفغانستان وأعطى كل مسؤول تعهدات جديدة حول قضية السلام والمصالحة الأفغانية إلا أن الطرف الباكستاني لم يتعهد بأي منها.
أدى عدم وفاء الحكومة الباكستانية بمواعيدها وتدهور الحالة الأمنية في أفغانستان إلى توتر العلاقات بين حكومة الوحدة الوطنية وباكستان توترا شديدا، إلا أن الرئيس الأفغاني رفض مساعدات الحكومة الباكستانية في المؤتمرات العالمية، وبدأ يحاول عزل باكستان على المستوى الدولي.
وفي خضم هذه العلاقات المتوترة، وعلى أساس استراتيجية أمريكا الجديدة لأفغانستان وآسيا الجنوبية والضغوط الجديدة على باكستان عادت جهود لتحسن العلاقات بين كابول وإسلام آباد في الفترة الأخيرة؛ تبادل مسؤولين رفيعي المستوى من الجانبين، وقد تحسنت مواقف الحکومة الأفغانية تجاه باكستان بشكل طفيف، وتظهر على الطرف الباكستاني رغبتها في تحسن العلاقات.
ولعل التوجه الأفغاني إلى باكستان في عملية السلام والاستقرار في أفغانستان يعود إلى عدم رغبة طالبان في التفاوض مع الحكومة الأفغانية، وقد حدد هذا خيارات الحكومة الأفغانية في عملية السلام، ويميل المسؤولون الأفغان دومًا إلى باكستان بغية أن تتعامل باكستان هذه المرة في قضية المصالحة بصدق وتمهد لمفاوضات بين الحكومة الأفغانية وطالبان.
بدأت اجتماعات الجانبين السياسية والاستشارية في ذروة عدم الثقة بين البلدين في يوليو، في كابل، وقد أقيمت هذه الاجتماعات السياسية الاستشارية عدة مرات في كابول وإسلام آباد، وفي مارس تحدث وفد رئيس الوزارء الباكستاني السابق شاهد خاقان عباسي إلى كابول مع الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني على تطبيق "الخطة العملية لباكستان وأفغانستان من أجل السلام والتضامن" (APAPPS) وتعهدا على ما يلي:
تدعم باكستان عملية السلام والمصالحة برئاسة أفغانستان وملكيتها.
يتعهد الطرفان على خطوات مؤثرة ضد من لم يحضر عملية السلام ويهدد أمن البلدين.
يتعهد كل من الطرفين بأنه لا يوطد أي بلد، أو منظمة، أو مؤسسة أو شخص داخل بلده ضد الطرف الآخر.
لبدء المواعيد والأصول التي تعهد كل طرف لها، يقوم مسؤولو العلاقات بإيجاد آلية مناسبة لتقويمها، وتنسيقها وتثبيتها.
يتعهد كل من الطرفين على منع الهجمات الأرضية والسماوية من جهته.
يعمل كل من الطرفين على خطة عمل البلدين في منع لعبة اللوم والقضايا المثيرة للجدل.
إيجاد الآليات التنسيقية لبدء وتطبيق هذه الأصول المذكورة أعلاها، و"الخطة العملية لباكستان وأفغانستان من أجل السلام والتضامن".
توطدت العلاقات بين البلدين بعد سفر شاهد خاقان عباسي، وعززت المواعيد السابقة التي تعهد كل طرف بتطبيقها. وقد سافر كل من محمد حنيف أتمر رئيس شورى الأمن القومي، ومعصوم ستانكزي رئيس الأمن القومي، وويس برمك وزير الداخلية إلى باكستان في مايو، وتحدثوا مع الطرف الباكستاني حول الخطة العملية للسلام والتضامن.
سافر رئيس القوات المسلحة قمر جاويد باجوه إلى كابول في يونيو، وتحدث مع مسؤولي الحكومة الأفغانية، وفي هذه السلسلة من الزيارات وفد مرة ثانية كل من محمد حنيف أتمر رئيس شورى الأمن القومي، ومعصوم ستانكزي رئيس الأمن القومي، وويس برمك وزير الداخلية إلى إسلام آباد، وفي حين أن طالبان قد أعلنوا خاتمة وقف إطلاق النار من جهة، ومن جهة أخرى، قتل ملا فضل الله مسؤول طالبان الباكستانية في كونر إثر ضربة جوية مشتركة بين القوات الأفغانية والأمريكية.
السلام الأفغاني؛ التحديات الجديدة والفرص الجديدة
من التحديات الجديدة هي الدور المتزايد لروسيا وإيران في الساحة وعلاقاتهما السيئة مع أمريكا. وكما يظهر أن علاقة طالبان توسعت مع هاتين الحكومتين، وأصبحت عملية السلام بها أكثر تعقيدا في البلد.
ويعتبر لوقف إطلاق النار بين الحكومة الأفغانية وطالبان فرصة جديدة، كما أن التحركات الشعبية للسلام داخل البلد وتغيير الموقف الأمريكي ولو كان طفيفا، تعتبر من الفرص الجديدة أيضا.
مستقبل العلاقات:
ومن ثم لفهم مستقبل العلاقات بين البلدين لا بد من استيعابها في إطار تطوراتها اللاحقة من زاوية الرواسب الجغرافية والتاريخية، وهنا يمكن التنويه حول عدد من القوى المحركة لمستقبل العلاقات بين الدولتين كالتالي:
القوى المحركة لمستقبل العلاقات:
1- الخلاف الحدودي بينهما على منطقة البشتون: تعرب باكستان من قلقها من عدم حسم تبعية السيادة الباكستانية على مناطق البشتون، حيث لم تسلّم أية حكومة أفغانية حتى الآن بملكية هذه المناطق وتبعيتها لباكستان، خاصة أن الاتفاقية البريطانية الأفغانية بشأن الحدود الحالية التي ورثت باكستان بموجبها مناطق البشتون انتهى العمل بها قانونيا عام 1993، ومنذ ذلك التاريخ وباكستان تفتقر إلى شرعية قانونية للسيطرة على هذه المناطق، وإن كانت تجادل بأنها بحكم الواقع غدت أراضيها وأنها ورثتها من البريطانيين.
ويبدو أن أفغانستان غير راغبة بطرح هذه المسألة خوفًا من أن تنعكس سلبًا على بعض مكونات الشعب الأفغاني على المدى الاستراتيجي والبعيد، فضَمّ هذه المناطق لأفغانستان سيُخِلّ بالعامل الديمغرافي لصالح الأغلبية البشتونية وضد الأقليات، ولكن على المدى القريب والتكتيكي ربما تطمح باستخدامها كورقة ضغط لتنتزع بعض التنازلات من باكستان.
كما أن هناك تخوفا من قبل باكستان من عودة طالبان إلى الحكم والذي تغلب عليه العرقية البشتونية من أن يكون متشددًا في المسألة لا سيما وهو المحتقن ضدها لوقوفها بجانب أعدائه من التحالف الغربي الذي أسقط حكومتها عام 2001 وسلّم سفيرها عبد السلام ضعيف إلى أمريكا، واعتقل عشرات من قياداتها وسلم بعضهم إلى الحكومة الأفغانية، وغيرها من الممارسات والسلوكيات المعادية التي قد لا ينساها قادة طالبان لباكستان.
2- اعتماد أفغانستان على باكستان في تجارة الترانزيت: خاصة أن أفغانستان دولة حبيسة ليس لها منفذ بحري، وبالتالي تنقل بضائعها عبر تجارة الترانزيت من بحر العرب عبر الأراضي الباكستانية إلى أراضيها، وعلى الرغم من الاتفاقيات البينية والدولية التي نظمت وتنظم مثل هذه الوضعية فإن باكستان تتهم أفغانستان وتجارها وحكومتها باستيراد البضائع إلى أراضيهم ثم إعادتها إلى مناطق حرة في بيشاور فتُباع داخل باكستان وليس في أفغانستان، وهو ما يسبب خسائر ضخمة للاقتصاد الباكستاني كونها بضائع أفغانية معفاة جمركيا.
3- التنافس على التجارة مع دول آسيا الوسطى: ففي الوقت الذي تشكّل فيه أفغانستان بوابة الهند إلى آسيا الوسطى سعت باكستان إلى أن تلعب نفس الدور على البضائع المتجهة إلى أفغانستان وآسيا الوسطى وبالعكس، ولكن تدهور الوضع في أفغانستان حرمها هذه الميزة، وهو ما يفسّر دعم باكستان لحركة طالبان الأفغانية للتحكم بكل ما يخرج من وإلى آسيا الوسطى.
تحاول أفغانستان أن تصدّر منتجاتها الزراعية وغيرها إلى الهند عبر الأراضي الباكستانية وتحديدًا معبر "واغا" قرب لاهور، والحصول بالمقابل على بضائع هندية، غير أن باكستان تعترض على الشق الثاني كونه سيمنح تسهيلات للبضائع الهندية دون تقديم الأخيرة تنازلات اقتصادية وسياسية لباكستان.
ويتطور القلق والخوف الباكستانيان من تطور العلاقات الأفغانية - الهندية من الاقتصادية إلى تشكيل حلف بين البلدين ليطوق باكستان، لا سيما مع وجود خمس قنصليات هندية في أفغانستان ومعظمها على الحدود مع باكستان وهو ما ترى فيه الأخيرة تجسسًا عليها وتدريبًا لعناصر بلوشية وبشتونية متمردة على الحكومة المركزية لباكستان، وزرع خلايا تجسسية؛ وهو ما قد يفضي إلى حلف هندي - أفغاني لمحاصرة باكستان.
لذا حرصت باكستان تاريخيا على تأمين الجبهة الغربية المواجهة لأفغانستان وذلك من أجل التفرغ لعدوها وخصمها الهندي، وإلا فسيكون من المستحيل عليها المرابطة في منطقتين حدوديتين طويلتين في مواجهة عدوين أو خصمين يربطهما حلف قوي.
4- العلاقات مع القوى الإقليمية: أن ثمة تنافسا إقليميا على أفغانستان يتمثل في باكستان التي سيطرت عليها نظريتها "العمق الاستراتيجي"، والهند التي كانت تتطلع إلى الافتئات على النفوذ الباكستاني، وإيران التي كانت تراهن على الأقليات في أفغانستان، والصين المنسجمة مع حليفتها التقليدية باكستان، والتي رغبت في فترة من الفترات في إبقاء بعض الوجود الأمريكي في أفغانستان من أجل مواجهة طالبان والقاعدة المتحالفين مع الحركة الإسلامية في تركستان الشرقية (إقليم شينجيانغ) بالصين، وهو ما كانت تراه بكين خطرًا جديا على أمنها القومي. وعلى هذا فإن طالبان قد يُلحق ضررًا بالعلاقات الصينية - الباكستانية.
والآن تسعى الصين إلى تشكيل تحالف بين الحكومة الأفغانية ومعتدلين طالبانيين يمهد لانسحاب أمريكي من أفغانستان ويسهم في تحجيم دور طالبان في المستقبل، ولكن هذا التحالف سوف يقوى من نفوذ الهند في أفغانستان على حساب باكستان.
سيناريوهات ما بعد الانسحاب الغربي من أفغانستان
سيناريو استمرار عدم الاستقرار في أفغانستان: ويعتمد هذا السيناريو على طبيعة الانسحاب الغربي منها؛ فإن كان انسحابًا جزئيا وتم الإبقاء على عدد من الجنود الأمريكان في قواعد بعيدة المدى، فهذا يعني أن الاستقرار لن يكون حليفًا لأفغانستان ومن ثم ستواصل حركة طالبان قتالها.
وعلى هذا فإن شكل العلاقة بين أفغانستان وباكستان المستقبلي سيحدده معيار أساسي متمثل بانسحاب شامل للقوات الغربية، وحينها فإن البديل حكومة طالبان أو شبيهة بها موالية لباكستان ويستتبع ذلك تفوق باكستاني على الهند والدول المجاورة المؤثرة.
سيناريو الشك والريبة بين الدولتين: ويتوقف هذا السيناريو على بقاء قواعد غربية في أفغانستان وعدم تحقيق الانسحاب الشامل يستتبع بقاء علاقة الشك والريبة وعدم الثقة بين البلدين، وقد تواصل باكستان دعمها لطالبان من أجل إزعاج القوات الأجنبية والحكومة الحالية الموالية التي تراها أقرب إلى الهند.
وختاما، يمكن القول بأن علاقات كابول وإسلام آباد كانت دوما ضحية عدم الثقة، ويشك كل منها في مواقف الآخر؛ ومما يثير الاهتمام في هذه العلاقات المتوترة، أن كابول مع شكوكها وعدم ثقتها في الجانب الآخر تحاول تحسن علاقاتها مع باكستان، ومن ثم تستفيد منها على نجاح عملية السلام والاستقرار في أفغانستان. وعلى مدى قصير أدى هذا الموقف إلى تحسن العلاقات بين البلدين، ولكنه على مدى الطويل لم يحصل على شيء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.