كاتب صحفي له العديد من الكتب ودواوين الشعر، وكاتب سيناريو. اختار أكثر من مليون مواطن النزوح بعيدًا عن العاصمة، طمعًا فى حياة أفضل على كل المستويات الإنسانية والبيئية والاجتماعية، لم يكن النزوح يخص طبقة بعينها، يشهد على ذلك التباين الطبقى الذى يميز مدينة الشيخ زايد من المساكن الشعبية إلى مساكن بنك الإسكان والتعمير، وإسكان الشباب، وعمارات "العرايس"، مرورًا بشقق الطبقة المتوسطة نهاية بالتوين هاوس والدوبلكس والفيلات. اختار أكثر من مليون مواطن النزوح بعيدًا عن العاصمة، طمعًا فى حياة أفضل على كل المستويات الإنسانية والبيئية والاجتماعية، لم يكن النزوح يخص طبقة بعينها، يشهد على ذلك التباين الطبقى الذى يميز مدينة الشيخ زايد من المساكن الشعبية إلى مساكن بنك الإسكان والتعمير، وإسكان الشباب، وعمارات "العرايس"، مرورًا بشقق الطبقة المتوسطة نهاية بالتوين هاوس والدوبلكس والفيلات. كان هناك عقد بين الحكومة وهؤلاء النازحين يتضمن شكل المعمار فى هذه المدينة البعيدة، بيوت من ثلاثة طوابق كحد أقصى، مع مساحات خضراء عامة متناثرة، بما يعِد بهواء نظيف وسماء مشمسة وشروط حياة صحية، كان ثمنها أن يقضى الواحد نصف عمره على طريق المحور حتى يصل إلى قلب العاصمة، وهو شرط رضى به الكبار طمعًا فى مستقبل كان هناك عقد بين الحكومة وهؤلاء النازحين يتضمن شكل المعمار فى هذه المدينة البعيدة، بيوت من ثلاثة طوابق كحد أقصى، مع مساحات خضراء عامة متناثرة، بما يعِد بهواء نظيف وسماء مشمسة وشروط حياة صحية، كان ثمنها أن يقضى الواحد نصف عمره على طريق المحور حتى يصل إلى قلب العاصمة، وهو شرط رضى به الكبار طمعًا فى مستقبل أفضل للأطفال. ثم حدث أن تم مؤخرًا الإعلان عن بيع وحدات سكنية داخل أبراج شاهقة داخل المدينة، خصص لها مساحة تزيد على 60 فدانًا حديقةً عامةً تخص سكان الأبراج وغير مسموح لأحد غيرهم من سكان المدينة باستخدامها إلا بتذاكر واشتراكات، ليصبح هذا المشروع هو حجر أساس انهيار المدينة وبطلان العقد الذى باعت على أساسه الحكومة للمواطنين بيوتهم. ارتبط المشروع الجديد باسم المهندس نجيب ساويرس، وكان أن افترضت حسن النية، وكتبت أنه ربط مضلل وغير صحيح، فليس منطقيًّا أن يقع ساويرس، الذى يعرف عنه أنه يدعم الثقافة والفنون والأدب والسينما فى مثل هذا الخطأ، ويعيد تجربة مقاولى السبعينيات الذين دمروا مدينة نصر والمهندسين ومصر الجديدة والحلمية وغيرها بالأبراج، تلك المناطق التى سكنت فيها الناس بعد أن اشترت شكلًا معينًا للمعيشة، ثم هجم بعدها التتار وأفسدوا كل شىء بأبراج جلبت معها الزحام والقمامة وانفجار مواسير الماء إلى آخره، وقلت إن ساويرس شخصية عامة تلعب دورًا ثقافيًّا ما، لا يشبه تلك الجريمة التى يربط البعض بينها وبين اسمه. ثم اكتشفت أننى مفرط فى الطيبة كشخص اختار أن يعيش بعيدًا عن المدينة فى شقة تطل شبابيكها على مربع من النجيلة تزينه أشكار الفيكس، فالمهندس نجيب ساويرس يتيه فخرًا بهذا المشروع عبر تويتاته ويروج له، متمنيًا من الناس التوفيق، منهيًا كلامه بتوجيه الشكر لرئيس الحكومة على مساعدته فى إتمام المشروع. والحقيقة حسنًا فعل المهندس ساويرس عندما حدد بالاسم من هو الشخص المسئول عن هذه الكارثة. فسدت مناطق ومشاريع كثيرة على مدى العقود الماضية دون أن نعرف من المتهم. صمم المهندس سيد كريم عاصمة الثورة الجديدة فى نهاية الخمسينيات (مدينة نصر)، وهو الذى صمم مدنًا بحجم دبى والكويت وبغداد وغيرها من العواصم العربية، الأمر الذى قد يشرح لك كيف صمم (مدينة نصر)، ومات بحسرته وهو يراها تتحول من بيوت أنيقة هادئة تخضع لتصميم يقوم على جمال ما إلى غابة أبراج عشوائية قاحلة إنسانيًّا، وقبله صمم وزير الأوقاف عبد الحميد باشا عبد الحق مدينة المهندسين، مستعينًا بمهندسين أوروبيين فى نهاية الأربعينيات، ثم انهار الحلم سريعًا وتحول مع أول برج إلى معرض للقبح شكلًا ومضمونًا. لكن الأمر أصبح سهلًا بعد أن حدد المهندس ساويرس اسم المسئول هذه المرة. المسئول الذى سيفتح الباب لقوانين جديدة تسمح بالارتفاعات، وعمارات وأبراج شاهقة تتغول فى منطقة صممت مرافقها بحيث تخدم كثافة بشرية بعينها، لتبدأ رحلات أعطال الصرف الصحى وانقطاع المياه وزحام سيارات الصف الثانى والثالث وتعسر القدرة على ملاحقة ضغط القمامة، وبالمناسبة تعيش مدينة الشيخ زايد بشائر هذه المرحلة قبل أن تعلو أبراج ساويرس، راجع حوادث السيارات أمام مول أركان بسبب الزحام، وانقطاع المياه المتكرر مرة بتحذير ومرة بدون، والانهيار الذى بدأ يضرب منظومة نظافة تقوم على صناديق صدئة ملقاة بعرض الشوارع وعمال نظافة يجلسون فى الظل بعد تكويم المخلفات على جنب فى انتظار عاصفة هوائية تنشرها فى كل مكان. اختار الناس على اختلاف طبقاتهم الاجتماعية الحياة فى الشيخ زايد بعقد لم تلتزم به حكومة المهندس مصطفى مدبولى، وهو الشخص القادر على أن يشكل فريق عمل يجمع له آراء سكان المدينة حول المشروع الذى يرونه أول خطوة فى التدمير وتشويه منظومة حياة كانت هادئة وبسيطة، عليه أن يراجع تعليقاتهم ليعرف الخوف الذى أصبح سكان المدينة يعيشون فيه بسبب أبراج ساويرس. لن أتكلم عن غرابة أن تفتح الدولة مطارًا جديدًا (مطار سفنكس)، ثم تبيع بعدها بأيام أراضى لبناء أبراج عالية، وكان أهم ما يمنع تغول العمران فى الشيخ زايد من قبل هو وجود مطار آخر على أطراف المدينة، ومن الواضح أن انشغال الحكومة بالعقارات عطلها عن التفكير فى أى تفاصيل أخرى، ولكن الكلام عن حكومة ضربت أمانة التعاقد مع المواطنين فى مقتل. هذا المشروع لا يندرج تحت عنوان (المنفعة العامة) التى تسمح للحكومات بتجاهل شكاوى الناس، هو مجرد بيزنس لا يدرك القائمون عليه أنه "مؤذٍ"، وإذا لم يتورط فيه نجيب ساويرس فالشركات الإماراتية والسعودية جاهزة، ما دامت الحكومة بالدف ضاربة.