15 يونيو 2025.. البورصة المصرية تقلص الخسائر مع نهاية التعاملات    الرقابة المالية تضاعف نسبة الأموال المخصصة لشركات التأمين إلى 10%    مدبولى: مخطط طرح أول المطارات المصرية للإدارة والتشغيل قبل نهاية العام الجاري    استمرار أعمال توريد القمح بتوريد 508 آلاف طن قمح منذ بدء موسم 2025 بالمنيا    نتنياهو: نخوض معركة وجودية مع إيران.. وطهران ستدفع ثمن قصفها لإسرائيل    «اختبار قوي لشخصية المدرب» حازم إمام يعلق على تصرف تريزيجيه أمام إنتر ميامي    محافظ الفيوم يتفقد عددا من لجان الثانوية العامة للاطمئنان على سير الامتحانات    ضبط 4 أطنان سلع مجهولة المصدر في حملة تموينية مكبرة بمركز ومدينة بسيون    مجلس النواب يُحيل 5 قوانين للبحث والتنقيب عن البترول للجان المختصة    الرئيس السيسى يصدّق على إطلاق مبادرة "مصر معاكم" للأبناء القصر للشهداء    العراق: نرفض بشدة اختراق أجوائنا فى الحرب الإيرانية الاسرائيلية ونبذل أقصى درجات ضبط النفس    وكيل الأزهر يشكل لجنة عاجلة لفحص شكاوى طلاب العلمي من امتحان الفيزياء    إحباط تهريب بضائع عبر المنافذ الجمركية    قوافل الأحوال المدنية تواصل تقديم خدماتها للمواطنين بالمحافظات    محمد فضل شاكر يشارك شيرين عبد الوهاب حفل ختام مهرجان موازين    وزير الأوقاف: الإمام الليث بن سعد قامة علمية ووطنية ملهمة    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    هذه القافلة خنجر فى قلب القضية الفلسطينية    الرئيس السيسي يؤكد لنظيره القبرصي رفض مصر توسيع دائرة الصراع بالشرق الأوسط    حزب العدل والمساواة يعقد اجتماعًا لاستطلاع الآراء بشأن الترشح الفردي لمجلس الشيوخ    تنفيذ 25 قرار إزالة لتعديات على أراض بمنشأة القناطر وكرداسة    محافظ بورسعيد يتفقد غرفة عمليات الثانوية العامة لمتابعة انتظام الامتحانات في يومها الأول    وزيرة التنمية المحلية تتفقد أعمال تنفيذ المرحلة الأولى من تطوير سوق العتبة بتكلفة 38 مليون جنيه    سعادة بين طلاب الثانوية العامة في أول أيام مارثون الامتحانات بالقليوبية    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    وصول جثمان نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي لمسجد عمر مكرم    عضو حزب المحافظين البريطاني: إسرائيل تقترب من تحقيق أهدافها    100 ألف جنيه مكافأة.. إطلاق موعد جوائز "للمبدعين الشباب" بمكتبة الإسكندرية    نظام غذائي متكامل لطلبة الثانوية العامة لتحسين التركيز.. فطار وغدا وعشاء    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    رئيس النواب يفتتح الجلسة العامة لمناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة    فوز طلاب فنون جميلة حلوان بالمركز الأول في مسابقة دولية مع جامعة ممفيس الأمريكية    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    جامعة القاهرة تنظم أول ورشة عمل لمنسقي الذكاء الاصطناعي بكلياتها أكتوبر المقبل    المؤتمر السنوي لمعهد البحوث الطبية يناقش الحد من تزايد الولادة القيصرية    لأول مرة عالميًا.. استخدام تقنية جديدة للكشف عن فقر الدم المنجلي بطب القاهرة    وائل كفوري يشعل أجواء الصيف بحفل غنائي في عمّان 15 أغسطس    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    الأنبا إيلاريون أسقفا لإيبارشية البحيرة وتوابعها    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد في العلمين    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    9.5 مليار جنيه ل«مُربى البتلو»    «فين بن شرقي؟».. شوبير يثير الجدل بشأن غياب نجم الأهلي أمام إنتر ميامي    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    فيلم سيكو سيكو يحقق أكثر من ربع مليون جنيه إيرادات ليلة أمس    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    حظك اليوم الأحد 15 يونيو وتوقعات الأبراج    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    مقتل ثلاثة على الأقل في هجمات إيرانية على إسرائيل    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    لافتة أبو تريكة تظهر في مدرجات ملعب مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهند وباكستان.. صراع تؤججه التوازنات الدولية
نشر في التحرير يوم 03 - 03 - 2019

دكتوراه في فلسفة العلوم السياسية وخبيرة في العلاقات الدولية
في حدث مفاجئ وفي أثناء عملية جوية مشتركة بين الهند وباكستان أكدت نيودلهي في 27 فبراير 2019 أنه تم إسقاط مقاتلة تابعة لسلاح الجو الباكستاني من طراز (ميج -21) من قبل القوات الجوية الهندية، في حين أسقط سلاح الجو الباكستاني طائرتين هنديتين في المجال الجوي الباكستاني، أي سقطت طائرة في القسم الباكستاني من كشمير، فيما تحطمت الأخرى في الجانب الهندي، وحسب تصريحات الجيش الباكستاني، تعتبر هذه الهجمات الجوية، عبر خط المراقبة الفاصل بين الهند وباكستان، هي الأولى منذ حرب عام 1971.
في حدث مفاجئ وفي أثناء عملية جوية مشتركة بين الهند وباكستان أكدت نيودلهي في 27 فبراير 2019 أنه تم إسقاط مقاتلة تابعة لسلاح الجو الباكستاني من طراز (ميج -21) من قبل القوات الجوية الهندية، في حين أسقط سلاح الجو الباكستاني طائرتين هنديتين في المجال الجوي الباكستاني، أي سقطت طائرة في القسم الباكستاني من كشمير، فيما تحطمت الأخرى في الجانب الهندي، وحسب تصريحات الجيش الباكستاني، تعتبر هذه الهجمات الجوية، عبر خط المراقبة الفاصل بين الهند وباكستان، هي الأولى منذ حرب عام 1971.
وتأتي هذه الهجمات في أعقاب هجوم مسلح في كشمير أودى بحياة 41 من أفراد الجيش الهندي، وهي الهجمة التي تعتبر الأعنف خلال موجة التمرد ضد الحكم الهندي لكشمير، والتي بدأت منذ ثلاثة عقود. وأعلنت جماعة باكستانية مسؤوليتها عن هذا الهجوم، وهذا ما يدعو للتساؤل حول مستقبل الصراع المستمر بين الهند وباكستان حول إقليم
وتأتي هذه الهجمات في أعقاب هجوم مسلح في كشمير أودى بحياة 41 من أفراد الجيش الهندي، وهي الهجمة التي تعتبر الأعنف خلال موجة التمرد ضد الحكم الهندي لكشمير، والتي بدأت منذ ثلاثة عقود. وأعلنت جماعة باكستانية مسؤوليتها عن هذا الهجوم، وهذا ما يدعو للتساؤل حول مستقبل الصراع المستمر بين الهند وباكستان حول إقليم كشمير؟
إقليم كشمير:
يحتل إقليم جامو وكشمير موقعًا إستراتيجيًا هامًا في جنوب القارة الآسيوية، حيث تحده الصين من الشرق والشمال الشرقي، وأفغانستان من الشمال الغربي، وباكستان من الغرب والجنوب الغربي، والهند في الجنوب، وتبلغ مساحته نحو (84471) ميلاً مربعًا، ويشكل المسلمون فيه أكثر من 90% من السكان.
النزاع الهندي الباكستاني على إقليم كشمير:
يعتبر نزاع كشمير نزاعًا إقليميًّا، وبشكلٍ أساسي بين دولتي الهند وباكستان، الذي بدأ مباشرةً بعد تقسيم الهند في عام 1947م، وقد تنازعت الهند وباكستان حول كشمير ثلاثَ مرّات، ما يشمل الحروب الهندية-الباكستانية في عامي 1947م و1965م، وحرب كارجل في عام 1999م. وقد تناوشت الدولتان كثيرًا حول السيطرة على نهر سياتشين الجليدي.
تدعي الهند أن ولاية جامو وكشمير كلها ملكٌ لها، ومنذ عام 2010 تحكم هي ما يقارب 43% من المنطقة، إذ تسيطر على جامو، ووادي كشمير، ولاداخ، ونهر سياتشين الجليدي. وتنازع باكستان التي تحكم نحو 37% من جامو وكشمير أو ما يُعرَف ب"آزاد كشمير" (كشمير الحُرّة) وجلجت بالتستان الهند فيما تدعي أنه ملكها. أما الصين فتحكم حاليًا منطقة ديمشوك، ووادي شاكسغام، ومنطقة أكساي شن، وتنازعها الهند على هذه الأقاليم التي تدعي الصين امتلاكها منذ استيلاء الصين على أكساي شن خلال الحرب الهندية الصينية عام 1962م.
يتمحور النزاع الحالي حول وادي كشمير، ويعود هذا النزاع القائم بين الثوار الكشميريين والحكومة الهندية إلى خلافٍ حول الحكم الذاتي المحلّي، ومبنيّ على المطالبة بتقرير المصير.
والجدير بالذكر أن انضمام كشمير إلى الهند كان مؤقتًا ومشروطًا باستفتاء، وكان لهذا السبب وضعٌ دستوريٌ مختلفٌ في ولايات الهند الأخرى. في أكتوبر من عام 2015 قالت المحكمة العليا لجامو وكشمير إن بند 370 "مؤقت" وإن جامو وكشمير لم تُدمج بالهند كما دُمجت الولايات الأميرية الأخرى إنما حافظت على مكانة خاصة وسيادة محدودة بموجب الدستور الهندي.
أهمية الإقليم للهند وباكستان:
أهمية الإقليم للهند: للإقليم أهمية إستراتيجية للهند؛ حيث ترتبط قضية كشمير بتوازن القوى في جنوب آسيا، وتوازن القوى بين الهند والصين.
أهمية الإقليم لباكستان: للإقليم أهميته لباكستان من حيث الموقع الجغرافي وطبيعة السكان، حيث تنبع أنهار باكستان الثلاثة (السند وجليم وجناب) منه، وتنفتح الحدود بين باكستان والإقليم وهو ما يشكل تهديدًا للأمن القومي الباكستاني في حالة سيطرة الهند عليه، يضاف إلى ذلك أن مصالح الإقليم الاقتصادية وارتباطاته السكانية قوية بباكستان، فالإقليم ليس له ميناء إلا كراتشي الباكستاني، فضلا عن تقارب السكان الديني والعائلي.
مواقف الدول من إقليم كشمير:
1- موقف باكستان:
تقيم الحكومة الباكستانية دعواها في المطالبة بضم كشمير على أساس أن 97% من السكان مسلمون، وأن كشمير قبل تقسيم القارة الهندية كانت مرتبطة بباكستان الحالية بطرق برية وأن مخارج تجارتها العادية ترتبط بها.
2- موقف الهند:
بينما تقيم الهند دعواها على أساس أن حكومة كشمير الشرعية وافقت على الانضمام للهند في سنة 1947، كما قامت الهند منذ سنة 1947 بمشروعات تنمية ضخمة لتطوير اقتصاديات كشمير ومواصلاتها، كما ربطت جامو وكشمير بالهند من خلال طرق للنقل، كما تدعي بأن مستقبل كشمير يمكن أن تحققه الهند، بأسواقها الواسعة وإمكاناتها الصناعية بطريقة أفضل مما تستطيعه باكستان، وأن الهند ملتزمة بحماية مصالح الأقلية الهندية التي يبلغ عددها مليونين من البشر وتعيش أساسا في جامو. في حين ترى الهند أن مطالب باكستان لاستغلال مياه الأنهار للري أو لتوليد القوى الكهربائية يمكن أن تنظمه اتفاقية دولية.
موقف الولايات المتحدة الأمريكية:
يمثل انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفييتي السابق عام ‏1991‏ بداية التحول في الموقف الأمريكي المؤيد لباكستان في نزاعاتها مع الهند‏،‏ ويرى بعض المحللين السياسيين أن عيون واشنطن كانت دائما على الهند وليس باكستان،‏ فقد رحبت أمريكا باستقلال الدولتين في أغسطس عام‏1947،‏ وتطلعت نحو إقامة علاقات جيدة مع كل منهما‏،‏ ومنذ البداية بدا الاهتمام الأمريكي بالهند أكثر من باكستان،‏ ذلك أن سياسة المهاتما غاندي السلمية وسحر شخصية نهرو أثاروا إعجاب الرأي العام الأمريكي بشكل كبير‏،‏ مما جعل الهند تحظى باهتمام كبير في وسائل الإعلام الأمريكية‏،‏ وفي المقابل نجد فكرة التقسيم‏،‏ ومفهوم الدولة الدينية والصورة القاسية التي ظهر بها مؤسس باكستان محمد علي جناح لم تحظ سوى بالقليل من التعاطف الأمريكي‏.‏
بيد أن هذا الوضع تغير قليلا خلال إدارة الرئيس الأمريكي دوايت أزينهاور في الخمسينيات في أعقاب مشاركة الهند "نهرو" في مؤتمر باندونج في منتصف الخمسينيات لتشكيل ما عرف بحركة عدم الانحياز، بهدف مقاومة الجهود التي تستهدف استقطاب الدول المستقلة حديثا لمسرح الحرب الباردة‏،‏ فمن ليس مع أمريكا فهو ضدها‏‏.‏
في حين انضمت باكستان لتحالف أمن يدعمه الغرب هو "حلف بغداد"‏،‏ مما ضمن لها الحصول على المساعدات الاقتصادية والعسكرية من الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية الأخرى‏،‏ ورأت الولايات المتحدة في هذه العلاقة تحالفا جديدا ضد الاتحاد السوفييتي‏،‏ في حين اعتبرتها باكستان وسيلة لتعزيز موقفها أمام الهند‏، إلا أن خيبة الأمل بواشنطن ظهرت أيضا في باكستان عام‏ 1965‏ خلال الحرب الهندية الباكستانية الأولى،‏ إذ لرغبتها في البقاء على الحياد، قطعت الولايات المتحدة شحنات الأسلحة الأمريكية لباكستان‏،‏ وفي الحرب الثانية عام‏ 1971‏ فشلت باكستان في الحصول على دعم واشنطن في مواجهة الهند‏، مما أسفر عن تقسيم شطري باكستان وقيام دولة بنجلاديش في شطرها الشرقي‏.‏
وبعد هذا جاءت الطموحات النووية في كلا البلدين لتكشف ازدواجية السياسة الأمريكية تجاه الدولتين، فردا على قيام الهند بإجراء أول تفجير نووي عام‏ 1974،‏ بدأت باكستان برنامجا نوويا سريا‏،‏ لكن واشنطن ردت بقوة أكثر مما فعلت مع الهند ضد برنامج باكستان‏،‏ فقامت بوقف مساعداتها لباكستان‏.‏
لكن غيرت أمريكا سياستها تجاه باكستان في أعقاب غزو الاتحاد السوفييتي لأفغانستان في ديسمبر عام ‏1979،‏ فعندئذ أصبحت باكستان طريقا رئيسيا لتقديم المساعدات لحركات المقاومة الأفغانية وعادت المساعدات لإسلام آباد مرة أخرى.‏ واستمرت العلاقات الأمريكية الوثيقة بباكستان حتى انسحاب السوفييت من أفغانستان أواخر الثمانينيات‏.‏
وحتي في عالم القطب الواحد‏،‏ في أعقاب تفكك الاتحاد السوفييتي في ديسمبر عام ‏1991،‏ استمرت الولايات المتحدة في تبني سياسة خارجية إيجابية فاعلة تجاه باكستان‏،‏ ولكن كان اتجاه باكستان نحو توطيد علاقاتها مع الصين وسعي باكستان لاستعادة إقليم كشمير أو إجراء استفتاء لتقرير مصيره دفع أمريكا إلى تبني موقف مناوئ لباكستان مرة ثانية‏.‏
فعلى الصعيد الهندي‏،‏ نال التحول الذي حدث في السياسة الخارجية الهندية تجاه العالم العربي والقضية الفلسطينية‏ استحسان أمريكا، خاصة بعد اغتيال رئيس الوزراء راجيف غاندي وتدشين الهند لعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل‏،‏ وافتتاح قنصلية لإسرائيل في نيودلهي في عام‏ 1992‏.‏ ورغم أن اعتراف الهند بإسرائيل كان متمشيا من جهة‏ مع نمط عالمي عام في أعقاب مؤتمر مدريد أكتوبر عام ‏1991،‏ فضلا عن فتح الاقتصاد الهندي المغلق‏‏ وتدفق الاستثمارات الأجنبية إلى تغيير دينامية علاقة الهند بالمنتجات الأمريكية.‏
كما نال استحسان الولايات المتحدة أيضا توجه سياسات الهند الاقتصادية التقدمية إلى النهج العلماني لحكومتها‏،‏ بخلاف الطابع الإسلامي للدولة في باكستان‏.‏ وقد قال أشوك أجارول الخبير في السياسة الأمريكية في جامعة نهرو في نيودلهي إن الخوف من خطر إسلامي هو الذي يتحكم أساسا في السياسات الدولية للولايات المتحدة، حتي في هذا الزمن وهذا العصر‏.‏
ووجدت واشنطن في الهند‏ انسجاما مع موقفها المتشدد تجاه حركة طالبان وخوفها من تعاظم نفوذ الحركات الإسلامية في العالم‏‏ شريكًا مناسبًا وجاهزًا لإقامة قاعدة لها في منطقة جنوب آسيا‏.‏ أي أن أمريكا تنظر إلى الهند على أنها حجر الزاوية للاستراتيجية الأمريكية في جنوب آسيا‏،‏ وذلك لما تمثله من ثقل في مواجهة الصين‏،‏ ولما لها من تأثير في المنطقة،‏ فضلا عما ما تمثله من فرص للاستثمارات الأمريكية في أسواقها الواسعة‏.‏
‏موقف الصين:
من المعروف أن الصين تحكم حاليًا منطقة ديمشوك، ووادي شاكسغام، ومنطقة أكساي شن، وأن الهند تنازعها على هذه الأقاليم مما يعني أن للإقليم أهمية، حيث يرتبط بتوازن القوى في جنوب آسيا، وتوازن القوى بين الهند والصين.
من اللافت للنظر هو توجه وزير الخارجية الهندية شوشما سواراج بعد هذا الحدث مباشرة إلى الصين، وأعلنت عدم رغبة بلادها في مزيد من التصعيد مع باكستان بعد الغارات الجوية التي شنتها مقاتلات هندية على الأراضي الباكستانية، موضحة أن بلادها ضربت هدفا محدودا وهو معسكر تدريبي لتنظيم "جيش محمد" المتشدد الذي تبني هجوما انتحاريا قبل أسبوعين قتل فيه 41 عسكريا هنديا في الشطر الهندي من كشمير.
وهذا يرجع إلى دور الصين الرئيسي خاصة لدى باكستان، حيث اتفقتا 4 نوفمبر 2019 على تعزيز العلاقات بينهما وفقا لما أعلنته وزارة الخارجية الباكستانية، وقد وقعت البلدان على 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم للتعاون في مجالات متنوعة، وذلك خلال زيارة رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان للصين، وأكد الجانبان أن باكستان والصين جارتان وصديقتان وشريكتان، كما أوضحا أن الصداقة والتعاون بينهما يخدمان المصالح الأساسية للبلدين والشعبين ويسهمان في تحقيق السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة وخارجها، خاصة طريق الحرير الذي سيمر من خلال باكستان.
من ثم دعت الصين إلى إجراء تحقيق موضوعي وعادل في الهجوم في شطر كشمير الواقع تحت السيطرة الهندية من أجل اكتشاف الحقيقة في 1 مارس 2019 تعليقا على اعتماد مجلس الأمن الدولي بيانا بشأن هجوم كشمير، وقال شوانج إنه على الرغم من ذكر البيان جماعة بعينها (جماعة جيش محمد)، فإن هذا لا يعني إصدار حكم بشأن الحادث، مشيرا إلى أن الحكومة الباكستانية أعربت عن عزمها التعاون مع الهند في التحقيقات وحل النزاعات عن طريق الحوار.
مما يعني أن دور الصين سوف يكون لصالح تواصل كل من الهند وباكستان وممارسة ضبط النفس، وإجراء محادثات من أجل الحماية المشتركة للسلام والاستقرار الإقليميين.
تداعيات انضمام كشمير للهند على باكستان:
1- من الناحية الاقتصادية، تعرض سيطرة الهند على كشمير نظم الري في باكستان للخطر وكذلك مشروعات القوى الكهربائية، وذلك لأن أعلى نهر السند ورافدين من روافده الخمسة الرئيسية تجري في كشمير، أي أن ثلاثة من أصل ستة أنهار التي تمتد عبر باكستان، وإذا اختارت الهند كشمير كجزء منها، وبنوا سدا على نهر السند فسوف يتم تغيير تدفق النهر، وبالتالي ستتحول باكستان إلى صحراء قاحلة، ولعدم توفر الثقة بين البلدين؛ فإنهما لن تتشاركا السيطرة على نهر السند لأن كلتيهما تريد السيطرة الكاملة عليه.
2- من الناحية العسكرية، سيكون طريق "الحرير" إلى الصين في خطر بدون كشمير بشكل كبير وانه لن تكون هناك صلة مع حليفتها الصين. كما لن يكون هناك دفاع برى لباكستان إذا جفت الأنهار والقنوات فيها. على أساس هذه الأسباب اعتبر السيد محمد على جناح -مؤسس دولة باكستان، وأبو الشعب الباكستاني- كشمير بمثابة "شريان" باكستان، وكذلك المشير محمد أيوب خان وكان من رأى أن "كلا من كشمير والنزاعات على المياه هي مسائل حياة أو موت لباكستان".
ومن هنا يمكن القول إن سيطرة الهند ستهدد الأمن القومي الباكستاني وذلك لنقص مقومات الدفاع الطبيعية بين جنوب كشمير وباكستان، كما أن سيطرة باكستان على كشمير تعد أساسية لحماية مقاطعة الحدود الشمالية الغربية ضد أطماع جماعات الباتان الأفغانية.
مستقبل قضية كشمير:
يمكن القول إن هناك ثمة سيناريوهات لتسوية النزاع بين الدولتين كالتالي:
1- السيناريو الأول: إجراء استفتاء في كل كشمير على أن يسبقه انسحاب معظم قوات الدولتين ولكن العقبة في ذلك أن الهند ترفض الجلاء عن المنطقة التي سيطرت عليها.
2- السيناريو الثاني: ضم منطقة جامو الهندية ولاداخ البوذية إلى الهند من ناحية وضم بالستيان وجلجلت المسلمتين إلى باكستان وإجراء استفتاء في باقي المناطق فال وبونش.
3- السيناريو الثالث: استقلال كشمير وظهورها كوحدة سياسية مستقلة، وهذا السيناريو مستبعد لأن الهند سوف تفقد أداة ضغط اقتصادية وعسكرية على باكستان، كما ستسمح لطريق الحرير للمرور عبر كشمير مما سيزيد من قوة الصين المنافس الرئيسي للهند في آسيا.
4- السيناريو الرابع: تقسيم كشمير على أساس خط وقف إطلاق النار في سنة 1949 م بين الهند وباكستان وقد أبدى نهرو في سنة 1956 تأييده لهذا الرأي، وهذا السيناريو مستبعدا أيضا لأن كلتا الدولتين تريد الإقليم كاملا لعدم ثقة كل طرف في الآخر.
5- السيناريو الخامس: إشراف الأمم المتحدة بنوع ما على كشمير أو على منطقة فال تاركة باقي الإقليم على ما هو عليه الآن، ويمكن القول إن هذا مستبعد أيضا لكل الأطراف بما فيها الدولية.
ختاما، يمكن القول إن المشكلات والنزاعات الحدودية خاصة التي لا تحظى أطرافها بالثقة المتبادلة ودخول أطراف دولية كبرى لها مصالحها المتعارضة، يصعب إيجاد حلول لها ترضي جميع الأطراف كما يصعب ظهور تنازلات حولها، ومن ثم فإن مشكلة كشمير سوف تستمر لأنها مصدر تهديد لاقتصاد دولة مثل باكستان لديها علاقات جيدة مع الصين من ناحية ومن ثم من المتوقع افتعال أزمات فيها من وقت لآخر للحيلولة دون إتمام مشروع طريق الحرير للصين، وهذا ما تتفق حوله كل من الهند وأمريكا، وبالتالي سوف يستمر الصراع الباكستاني الهندي حول كشمير الذي ستؤججه القوى والتوازنات الدولية، حسب تطورات الأحداث حول قضايا العالم المشتركة بين تلك القوى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.