أعاد الهجوم الإرهابي الذي استهدف حافلة عناصر من الشرطة الهندية في كشمير اليوم و أسفر عن وفاة نحو 44 شخصا وإصابة آخرين إلى الأذهان الصراعات التى يشهدها إقليم كشمير بين التيارات والقوى المتطرفة وتأثير ذلك على الأمن الأقليمى والدولى فى ضوء النزاع الهندىالباكستانى على الأقليم. نزاع كشمير وصراع القوى النووية يقع إقليم كشمير المعروف باسم جامو وكشمير في القسم الشمالي من شبه القارة الهندية تحده الصين من الشمال وشرقاً منطقة التيبت وجنوباً تحده ولاية البنجاب الهندية، أما غرباً فتحده الباكستان، وبذلك يحتل موقعاً استراتيجياً مهماً على حدود هذه الدول النووية الثلاث. كانت «جامو وكشمير» تشكل إقليماً يخضع لحكم «مهراجا» هندوسي هو «هاري سنغ» (Hari Singh)، بينما غالبية سكان الإقليم (حوالى 80٪) هم من المسلمين. وحاول هاري سنغ أن يستأثر بحكم الإقليم ويستقل به، وتردد في إعلان انضمامه الى أي من الدولتين الجديدتين، كما هو مطلوب منه. إزاء هذا الواقع قام أهالي الإقليم من المسلمين بتمرد على سلطة الحاكم الهندوسي وطلبوا الدعم من الباكستان والانضمام اليها، تدخلت القوات الباكستانية وبعض القبائل الموالية لها (البشتون) بدعم هذه الحركات ودخلت قسماً كبيراً من أرض الإقليم.عند هذا الحد طلب المهراجا «سنغ» المساعدة من الهند التي استغلت هذا الطلب وأجبرت المهراجا على توقيع وثيقة بطلب الانضمام ليبدأ النزاع الذى استمر حتى يومنا هذا. تحتل الهند حوالى 48٪ من مساحتها الإجمالية أي 106.567كلم2، وتسيطر الباكستان على حوالى 35٪ من المساحة أي نحو 78.114 كلم2، أما الصين فتسيطر على 17٪ من المساحة أو ما يقدر بحوالى 37.555 كلم2. و يعتبر نزاع كشمير نزاعًا إقليميًّا وبشكلٍ أساسيّ بين دولتي الهندوباكستان وقد تنازعت الدولتان حول كشمير ثلاثَ مرّات، ما يشمل الحروب الهنديّة-الباكستانيّة في عاميْ 1947م و1965م، وحرب كارجل كذلك في عام 1999م. وقد تناوشت الدولتان كثيرًا حول السيطرة على نهر سياتشين الجليديّ. تدّعي الهند أنّ ولاية جامو وكشمير كلها مُلكٌ لها إذ تسيطر على جامو، ووادي كشمير، ولاداخ، ونهر سياتشين الجليديّ. وتنازع باكستان التي تحكم حوالي 37% من جامو وكشمير أو ما يُعرَف ب آزاد كشمير (كشمير الحُرّة) وجلجت بالتستان الهند فيما تدعي أنه ملكها. أمّا الصين فتحكم حاليًا منطقة ديمشوك، ووادي شاكسغام، ومنطقة أكساي شن، وتنازعها الهند على هذه الأقاليم التي تدّعي الصين امتلاكها منذ استيلاء الصين على أكساي شن خلال الحرب الهنديةالصينية عام 1962م. القوى المتطرفة فى كشمير يتمحور النزاع الحاليّ حول وادي كشمير، ويعود هذا النزاع القائم بين الثوّار الكشميريين والحكومة الهندية إلى خلافٍ حول الحكم الذاتي المحلّي ومبنيّ على المطالبة بتقرير المصير. و تعتبر ولاية كشمير المركز الرئيسي للحركات المتطرفة سواء داعش أو طالبان، وذلك لأن دخول أفراد الجماعات يعتبر أسهل عن طريق حدود باكستان لذلك تشتعل أرض كشمير بصراع صامت ما بين داعش وطالبان من أجل السيطرة على تلك البقعة الهامة، والتي من خلالها سيتم السيطرة على الأجندة الإرهابية المتعلقة بالهند. وفي نهاية يوليو الماضي حققت حركة طالبان انتصاراً على تنظيم داعش في إحدى الولايات الأفغانية وهو ما يبرز الصراع المركب الذي تشهده المناطق التي تنتشر فيها تنظيمات إرهابية عديدة. حيث إن داعش منظمة متطرفة لديها أجندة تخريب على مستوى العالم، أما طالبان فما زالت تصر على أجندتها المحلية المحصورة فقط في أفغانستان والدول المجاورة لها، وهدفهم المعلن هو السيطرة على أفغانستان والانسحاب الكامل والفوري لجميع القوات الأجنبية من البلاد. ولجأت الحكومة الهندية إلى توسيع نطاق محاربة الجماعات المتطرفة، عبر استخدام القوة الناعمة كالسينما ودور العبادة، لحماية الشباب من الانزلاق نحو الجماعات الإرهابية. وتساهم العمليات الإرهابية المتكررة سواء فى الإقليم أو فى الداخل الهندى فى توتر العلاقات بين الهندوباكستان بين الحين والأخر مما قد يدفع البلدين النووين لحرب جديدة فى أى لحظة خاصة وأنه لا تلوح فى الأفق بوادر لحل النزاع بشكل نهائى.