هيكل اقترب من «فاروق وعبد الناصر» وانقلب عليه «السادات ونجيب».. واعتقل في سبتمبر 1981.. وأفرج عنه مبارك.. ودعم الثورتين وعارض الإخوان وأيد السيسي رغم مرور الأيام على رحيل «الأستاذ»، إلا أنه ما زال متربعا على عرش الصحافة في مصر والعالم العربي، كأهم صحفي مصرى وعربى في القرن العشرين، فالكاتب الصحفي، محمد حسنين هيكل مثلت مسيرته المهنية نموذجا يحتذى به أجيال من الصحفيين على مر التاريخ، إضافة إلى خبراته الواسعة فى مجالات عدة، لأنه كان قريب الصلة بمعظم قادة ورموز العالم، ما جعل فى جعبته كنزا من المعلومات أهلته لأن يكون شخصية ذا ثقل وقريبا من صناع القرار فى مصر، الأمر الذى دفع أغلب الرؤساء خلال تلك المسيرة إلى التقرب منه. السطور التالية ترصد علاقة «الأستاذ» برؤساء مصر السابقين، التى اتسمت بالصداقة فى أحيان كثيرة والعداء فى أحيان أخري، حيث ظهر بعضها فى كتابته المختلفة وبعضها تكفلت كتابات المؤرخين. «هيكل والملك فاروق» علاقة هيكل بالرؤساء، استمرت طوال فترة وجوده ببلاط صاحبة الجلالة حتى رحيله، حيث السطور التالية ترصد علاقة «الأستاذ» برؤساء مصر السابقين، التى اتسمت بالصداقة فى أحيان كثيرة والعداء فى أحيان أخري، حيث ظهر بعضها فى كتابته المختلفة وبعضها تكفلت كتابات المؤرخين. «هيكل والملك فاروق» علاقة هيكل بالرؤساء، استمرت طوال فترة وجوده ببلاط صاحبة الجلالة حتى رحيله، حيث بدأها بمقال له فى مجلة روزاليوسف، فى العدد رقم 830 الصادر في القاهرة يوم الخميس 11 من مايو 1944 بمناسبة العيد الثامن لجلوس الملك فاروق على عرش مصر، أثنى فيه على الملك بقوة فى مقال حمل عنوان «في يوم عيدك يا مولاي». وجاء فى نص مقاله: «ثمان سنوات وأنت تحمل مسئولية هذا الوطن وهذا الشعب كنت فيها نعم الملك الدستوري في ظروف لعلها أدق ما مر بها في تاريخ حياتها، ثمان سنوات وأنت تعمل لهذا الشعب وتخلص له وهو يعمل معك ويخلص لك وستظلان معا إلى الأبد». «هيكل ونجيب» رغم أن هيكل كان شاهدا على ثورة 23 يوليو 1952، إلا أن العلاقة بينه وأول رئيس بعد الثورة كانت غير هادئة، نتيجة لما ردده هيكل بعد عام واحد من الثورة، والتى رأى فيها أن الرئيس الراحل محمد نجيب، لا يصلح للاستمرار في رئاسة مصر، لعدم تطابق صفات الترشح عليه، خاصة فيما يتعلق بجنسية والدته، التى قال هيكل إن جنسيتها سودانية. ورد ذلك فى نص كتاب «الأوراق السرية لمحمد نجيب» للكاتب الصحفي محمد ثروت، حيث قال إن «هيكل» صاحب مقولة الجنسية السودانية لوالدة الرئيس محمد نجيب. واتهم هيكل «نجيب» بالعمالة لصالح النظام الأمريكى، فى كتابه الشهير «عبد الناصر والعالم»، مستشهدا بواقعة تلقيه مبلغ 3 ملايين دولار أمريكى لبناء برج اتصال لاسلكى. «هيكل وعبد الناصر» الحديث عن العلاقة بين هيكل والرئيس الراحل جمال عبد الناصر، تحتاج إلى كتابات كثيرة، لما فيها من تشابه بين شخصية الرجلين، إضافة إلى أن حجم علاقة الصداقة بينهما كانت قوية للغاية، وهذه العلاقة سببت مشاكل لكل منهما، فبعض المقربين من الرئيس كانوا يشعرون بأن هيكل يشكل خطرا على علاقتهم به، لأن عبد الناصر كان يثق به بشكل كبير، وعلى الجانب الآخر أظهرت تلك العلاقة غضب بعض الصحفيين على هيكل، خاصة أبناء جيله الذى كان معهم ثم قفز فجأة فأصبح فى مكانة لا يحلم بها أى صحفى فى العالم. الكاتب رجب البنا، يقول فى مقال نشره فى مجلة أكتوبر يحمل عنوان «أسرار وحكايات هيكل وعبد الناصر» ذكر فيه أن «فى فترة من الفترات كنت أسأل كل من أقابله من كبار الصحفيين الذين عاصروا هيكل فى بداياته؟.. فلا أسمع منهم إلا عبارات تدل على أن مشاعر الغيظ والحقد تكاد تقتلهم، ولم أسمع من واحد منهم كلمة طيبة إلا الأستاذ أحمد بهاء الدين». وفى نفس السياق يقول الكاتب فؤاد مطر «صاحب كتاب بصراحة عن عبد الناصر»: إن محمد حسنين هيكل هو صحفى العصر، وهو أحد أبرز الظواهر فى التجربة الناصرية، ويقول أيضا إن ثورة 23 يوليو هى الثورة الأولى فى التاريخ التى اتخذت من صحيفة بديلا عن الحزب، فقد تحولت «لأهرام» منذ أن تولى رئاسة تحريرها إلى ما يشبه الحزب الداعم لعبد الناصر، بفضل تلك العلاقة ذات الطبيعة الخاصة. «هيكل والسادات» السنوات الأولى فى حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات كانت العلاقة بينه وهيكل مترابطة، ولكنها لم تستمر طويلا وسرعان ما تغيرت بعد حرب أكتوبر، الذى كان أحد الشهود على بعض كواليس الأحداث التي تدور في الغرف المغلقة، حسب وصف هيكل، الذى ذكر في كتاب يحمل عنوان «أكتوبر 1973.. السلاح والسياسة»، أن الرئيس الراحل صار شخصية مختلفة مساء السادس من أكتوبر، عقب إحراز الجيش تقدم واضح في الحرب. يقول هيكل، إن «السادات سجل انتصارا عسكريا لم يكن ينتظره أحد، وإحساسه قبل الحرب أن عبد الناصر يعيش بداخله، لكن بعد الانتصار تدفق الإحساس لديه بأنه أكبر من جمال عبد الناصر». بدأ هيكل العداء بسبب رفضه طريقة تعامل السادات مع انتصار حرب أكتوبر، وكان يرى أنه يعطي لأمريكا دورا كبيرا، وبسبب تدخلات هيكل في قرارات السادات السياسية قام الأخير بإقالته من مؤسسة الأهرام التى ظل على رأسها منذ العام 1957 وحتى 1974. في سبتمبر 1981 تم القبض على هيكل ووضعه فى السجن ضمن اعتقالات طالت كثيرين من المعارضين، وبعد رحيل السادات حاكمه هيكل في كتابه «خريف الغضب» وحمّله مسئولية استمرار الصراع العربي الإسرائيلي حتى الآن. «هيكل ومبارك» بدأت العلاقة بين الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وهيكل، عندما أصدر قرارا بالإفراج عن هيكل من السجن، كما دعاه مبارك إلى قصر الرئاسة بعد خروجه، ليمتد بينهما حوار استمر ل6 ساعات متواصلة، وذلك وفقا لما ذكره هيكل فى كتاب يحمل عنوان «مبارك وزمانه.. من المنصة إلى الميدان». وأعلن مبارك منح هيكل رخصة مفتوحة للاتصال بمبارك فى أى وقت يشاء، إضافة إلى أنه عندما سافر إلى ألمانيا للعلاج، اتصل به مبارك وعرض عليه العلاج على نفقة الدولة، لكن هيكل رفض. كما هاجم هيكل مبارك بطريقة غير مباشرة في مقال له، يحمل عنوان «سلطة شاخت في مواقعها»، وفى 19 أكتوبر عام 2002، أعلن هيكل في محاضرة بالجامعة الأمريكية، أن هناك مخططا لفكرة توريث الحكم، قائلًا: «مصر بلد يختلف عن غيره من البلدان، فلا هو وطن طائفة أو قبيلة أو عشيرة أو عائلة تلح عليها فكرة توريث السلطة لسبب أو لآخر، فلا بد أن نقول كفاية»، وذلك فى إشارة إلى منه ضرورة رحيل مبارك عن الحكم. «هيكل ومرسي» قبل فترة حكم الرئيس السابق محمد مرسي، طرح «هيكل» في حوار مع جريدة «الأهرام» عدة تساؤلات، حال فوز مرسي بمنصب رئيس الجمهورية، كان من بينها: «كيف يتصرف الرئيس مرسي إزاء وزارة الداخلية، وللإخوان ثأر معها؟ وكيف يتصرف مع وزارة الدفاع، وللإخوان خطة للنفاذ إلى الجيش، باعتباره وسيلة السيطرة الكبرى؟ وإذا وقع ذلك فأين نظرية الأمن المصري؟ مع العلم بأن قواعد الأمن القومي المصري بحكم الجغرافيا والتاريخ هي قواعد عربية، وليست إسلامية». وفى بداية حكم مرسي، وصفه هيكل فى حوار له مع صحيفة «صنداي تايمز البريطانية» قائلا: «مرسي رجل طيب جدا على المستوى الشخصي، لكننى لست متيقنا من مدى معرفته بالعالم العربي، والسياسة المصرية»، وتوقع أن النجاح لن يكون حليفا للإخوان، ومع ذلك يؤمن بضرورة منح مرسي والحركة الدينية، التي يمثلها الفرصة». «هيكل والسيسي» اختلفت علاقة هيكل والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، عن سابقيه حيث بدأها بدعمه فى عزل الإخوان من الحكم، وعبر عن إعجابه به فى أكثر من مناسبة، كما أن هيكل كان يصف السيسي بالكثير من الصفات الجيدة، كما أنه كان يلتمس له الأعذار، ويقول إنه يواجه ظروفًا صعبة وعصيبة، وإنه يتميز بالإخلاص والتفانى فى مواجهة التحديات، وإن له محبة كبيرة في قلوب الشعب. قدم هيكل، الكثير من النصائح للرئيس السيسي، لعل أبرزها «بناء نظام سياسي جديد، ويفرز القوى السياسية وينشئ تحالفات، ويضع خططه وتصوراته للمستقبل، ويستعمل قوة مصر التاريخية بأكثر مما يبدو على السطح». وقال هيكل: إن «مصر لا تحتمل أن يفشل السيسي، خاصة أن المرحلة التي تمر مصر بها لا بطل فيها ولا شهيد».