د. مجدي العفيفي سألوا ملكة جمال تزوجت رجلا قصيرا قبيحا.. فقالت مستنكرة: هل لأنه قصير، ولكن عندما تقف على فلوسه.. كم يبدو عملاقا! أرأيتم.. قيمة ومعنى العملقة.. فالمصالح تتصالح! سألوا ملكة جمال تزوجت رجلا قصيرا قبيحا.. فقالت مستنكرة: هل لأنه قصير، ولكن عندما تقف على فلوسه.. كم يبدو عملاقا! أرأيتم.. قيمة ومعنى العملقة.. فالمصالح تتصالح! وبقدر ما ينسحب هذا المعنى على نماذج شتى لا حصر لها.. فإنه ينسحب أيضا -للأسف العنيف- على دول ومناطق في هذه الحقبة من الزمن، وكأنها لا تريد أن تدرك مغزى السؤال الكبير: في أي عصر من التاريخ نحن نعيش؟ دول كثيرة وكيانات شتى لا تزال في طور البدائية لم تتسلسل بعد في طريق التحول الحضاري من القبيلة إلى العشيرة وبقدر ما ينسحب هذا المعنى على نماذج شتى لا حصر لها.. فإنه ينسحب أيضا -للأسف العنيف- على دول ومناطق في هذه الحقبة من الزمن، وكأنها لا تريد أن تدرك مغزى السؤال الكبير: في أي عصر من التاريخ نحن نعيش؟ دول كثيرة وكيانات شتى لا تزال في طور البدائية لم تتسلسل بعد في طريق التحول الحضاري من القبيلة إلى العشيرة إلى الأسرة إلى المجتمع إلى الدولة، يقال إنها ثرية في ثرواتها الأرضية المادية التي ليس لها قلامة ظفر من جهد بشري، لكنها فقيرة وجوديا، ومعدمة تاريخيا، وتائهة حضاريا، تحاول أن تلوي أعناق الحقائق الكونية والسببية تخليطا.. وتطيح بالشواهد التاريخية تزييفا.. وتسعى لانتزاع الشواهد الجغرافية تجهيلا.. فتتعامل مع الآخرين فقط بيعا وشراء بطريقة هي للمقامرة أقرب، وتشاغب العالمين بوسيلة هي عن العقلانية أبعد. متى ندرك أن معايير الثراء لم تعد مغلقة على ظواهر بعينها.. وأن مقاييس الغنى تغيرت وصار قاسمها المشترك هو «العقل والمعقول» أما «اللا عقل واللا معقول» الذي يلازمنا في حراكنا مع الحياة فهو السائد والمتعارف عليه، وما أسوأ هذه المعرفة! مع أن المعرفة سلطة. في عام 2010 عرض الملياردير السعودي الأمير (الوليد بن طلال) على صاحب موقع فيسبوك (مارك زوكربيرج) شراء الموقع منه، بعرض خيالي، بلغت قيمته 14 مليار دولار.. رفض مارك عرض الأمير السعودي، إذ رد عليه بمنشور على صفحته الشخصية: (الأفكار تصنع المال، ولكن المال لا يصنع الأفكار يا سعادة الأمير) (!!) كان هذا قبل 8 سنوات تقريبا.. واليوم تبلغ القيمة السوقية لموقع فيسبوك 250 مليار دولار. نعم.. (الأفكار تصنع المال، ولكن المال لا يصنع الأفكار). هكذا نرى كل يوم أمثلة ضالة وأمثولات مضللة.. وحدث ولا حرج، فليس على الأعمى حرج، أم على الأعمى حرج؟! أعظم استثمار هو استثمار العقول.. فالإنسان هو الوسيلة وهو الغاية من الحياة التي لا بد أن نعيشها بكل ما أوتينا من قوة، ولا ينبغي أن نحياها لمجرد أن نبقى أحياء.. كيانات حديثة بدأت من تحت الصفر فقفزت إلى صدارة الإنسانية.. إنما بالخطط والتخطيط. والإرادة إنسانية والإدارة سياسية، فلا شيء اسمه النيات الطيبة، فكم من الجرائم التي نعاني من معظمها ترتكب باسم النية.. استراتيجيتها مصدرها فكر على مشكلات وليس فكرا على فكر -وطبقا لتوصيف أستاذنا الفيلسوف زكي نجيب محمود- هم يبدؤون بالمشكلة يبحثون لها عن فكرة، نحن نبدأ بالفكرة ثم نبحث لها عن مشكلة.. الحرب تشتعل والعلماء يخترعون القنابل، والعربى مشغول بسؤاله الأهم «هل الأصح فى اللغة أن نقول قنبلة أم قنبرة؟! هم يصبون الطاقة العقلية على الأشياء ونحن نصب طاقتنا على الأقوال.. فإلى متى نظل كالمبصر الكسيح نرى الطريق ولا نستطيع السير فيه.. ونظل عارضي أزياء، لا نحن ناسجوها ولا بائعوها؟ سأل أحد الصحفيين إمبراطور اليابان (أوكيهيتوا يوهارا) عن سبب تقدم اليابان في هذا الوقت القصير فأجاب: اتخذنا الكتاب صديقا بدلا من السلاح.. وجعلنا العلم والأخلاق قوتنا.. وأعطينا المعلم راتب وزير وحصانة دبلوماسي، وجلالة إمبراطور. لنتقاسم ثقافة الأسئلة -مجددا- مع الدكتور فاروق القاسم صرخة في رسالته المشحونة بالغضب الحضاري الموضوعي.. هل فكرت وأنت تشتري تليفونا كم يحتاج هذا التليفون الذي في يدك من الثروات الطبيعية؟ ستجده لا يكلف دولارا واحدا من الثروات الطبيعية، جرامات بسيطة من الحديد وقطعة زجاج صغيرة وقليلا من البلاستيك، ولكنك تشتريه بمئات الدولارات تتجاوز قيمته عشرات براميل النفط والغاز، والسبب أنه يحتوي على ثروة فكرية تقنية من إنتاج عقول بشرية! هل تعلم أن إنسانا واحدا مثل «بل جيتس» مؤسس شركة مايكروسوفت يربح في الثانية الواحدة 226 دولارا؟ يعني ما نملكه نفطيا من احتياطي للثروات لن يستطيع مجاراة شركة واحدة لتقنية حاسوب! هل تعلم أن أثرياء العالم لم يعودوا أصحاب حقول النفط والثروات الطبيعية، وإنما أصحاب تطبيقات بسيطة على جوالك؟ هل تعلم أن أرباح شركة مثل سامسونج في عام واحد 327 مليار دولار؟ نحتاج لمئة سنة لنجمع مثل هذا المبلغ من الناتج المحلي! أخي في الشمال أو الجنوب، في الشرق أو الغرب من الوطن العربي، أيها الواهم بأن لديك ثروة ستجعلك في غنى دون الحاجة إلى عقلك، دع عنك أوهامك، فلا ثروة مع عقلية الثور.. هُزمت اليابان في الحرب العالمية الثانية، وفي أقل من خمسين عاما انتقمت من العالم بالعلم والتقنية، وبقي الأغبياء يسألونك عن مذهبك أو من أي قبيلة أنت.