صحوت من نومى صباح أمس وفى نيتى إن لم تحلف وزارة الدكتور شرف المستعدلة اليمين الدستورية وتتولد وتخلصنا، أن أحمل عصاى على كاهلى وأرحل إلى أى وزارة تناسب مزاجى (هناك من يعين فى وزارة تناسب بزنسه ولأننى ليس لى بزنس فالمزاج أولى)، وأقعد على مقعد الوزير الذى لا شك أنه مريح ولذيذ ومن ثم أقوم أنا كمان ب«تسيير الأعمال» مع الجيوش التى تسيرها حاليا. كانت هذه نيتى غير أننى قرأت فى صحيفة «الشروق» خبرا عكر مزاجى الذى كنت أشعر به رائقا بدرجة تسمح لى بأداء واجب المساهمة فى تسيير أعمال وزارية، فقعدت محبطا أنتظر مع المنتظرين أن يمن الله على الوزارة المستعدلة بنعمة حلف اليمين، ورحت أتأمل بأسى خبر «الشروق» الذى زف لنا بشرى قيام رئيس محكمة استئناف الأسرة شخصيا، المستشار عبد الله الباجا، بتقديم مشروع قانون معدل للأحوال الشخصية سماه سيادته قانون «25 يناير» ثم شحنه بفقرات وبنود بدا لى أن غايتها الوحيدة بهدلة المرأة المصرية وإلغاء أبسط وأقل حقوقها الإنسانية. وقد غاظنى بشدة أن سيادة المستشار نسب مشروعه الغارق فى الخشونة والقسوة إلى ثورة يناير فأعاد تذكيرى بحقيقة أن هذه الثورة التى فجرها أكثر قطاعات مجتمعنا تقدما ورقيا وتعليما وحداثة، وجاء مشهدها الافتتاحى (فى ميادين التحرير) آية مبهرة من آيات الروعة الإنسانية ودليلا قويا على شوق المصريين للنهوض والتقدم، اعتبرها البعض (انظر حولك من فضلك) فرصة تاريخية لمزيد من التأخر والإمعان فى التخلف. ورغم كآبة الموضوع فإنى لم أستطع أن أمنع نفسى من الضحك عندما قرأت ما قاله المستشار الباجا للزميلة محررة الخبر، وهو أن سيادته (تعمد) تقديم مشروعه إلى رئيس الوزراء يوم 21 يونيو الماضى بالذات، فأهدانى وسط الحزن مفاجأة سارة وهى أن هذا التاريخ يوافق يوم «العيد العالمى للأب» إذ لم أكن أعرف أن هناك عيدا بل و«عالميا» للأساتذة الآباء ومنهم العبد لله، لكن حالتى النفسية السيئة منعتنى من مواجهة ابنتى الوحيدة بهذه المعلومة التى من شأنها إعادة التوازن المفقود إلى أسرتنا. ولست أعرف والله علاقة الأب وعيده بمشروع تشريعى ينكل بالأمهات والزوجات ولا يكتفى بعلاج أخطاء ربما ظهرت فى التطبيق العملى لأحكام قانون الأسرة الذى بصم عليه برلمان مبارك المزور عام 2005 من دون تدقيق ولا تمحيص لمجرد أن الست «الملكة الأم» كانت خلف صناعته لكى يخدم حملتها الدعائية التى صورتها عند الخواجات كراعية لحقوق المرأة، تلك التى أذلها وأرهقها نظام زوجها المخلوع بعدما أشاع البؤس والفقر والفاقة مما أدى إلى أن تتحمل وحدها عبء إعالة ما يقارب نصف الأسر المصرية. والآن يأتى معالى السيد الباجا ويلاحقها بأحكام فظة وتعسفية لا يقرها دين أو شرع، فيحرمها مثلا من استخدام حكم «الخلع» الشرعى لإنهاء عذاب علاقة زوجية فاشلة قد يستخدمها أزواج منحرفون لممارسة أشد أنواع الإيذاء والقهر الإنسانى. أما أسوأ ما قرأته فى خبر مشروع معالى الباجا المستشار فهو إصرار سيادته على إعادة نظام جلب الزوجة إلى بيت الطاعة الزوجية قسرا وب«القوة الجبرية»، أى بالبوليس! ولا اعتراض لى على رغبة القاضى الجليل وتوقه لاستخدام قوات من الشرطة فى جرجرة امرأة مسكينة معذبة ووضعها فى سجن زوج مشوه نفسيا ووجدانيا إلى درجة أن يفرض على زوجته معاشرته بالقوة الجبرية بدل أن يسرحها بإحسان ومعروف كما يقضى شرع الله. أقول لا اعتراض، وإنما هناك مشكلة عملية لم يلتفت إليها السيد الباجا وهى أن الشرطة ما زالت غائبة (فى إجازة وضع) لهذا أقترح على سيادته تعديل بسيط فى مشروعه يسمح باستخدام قوات من الجيش مدعمة بالدبابات والمدرعات والمدفعية الثقيلة لمحاصرة الزوجة الخارجة عن الطاعة وأسرها وإعادتها لزوجها «النطع».. ولا حول ولا قوة إلا بالله.