شوقى علام فى حوار ل"التحرير": الإسلام حريص على المساواة بين المرأة والرجل.. والمساواة في الميراث أمر مخالف للشريعة.. وكلنا نقف على مسافة واحدة من قضية تجديد الخطاب قال الدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية، إن الله عز وجل توعد المتحايلين على أحكامه حال الخروج عن قوله تعالى: "لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ"، مؤكدا أن المساواة فى الإرث دعوى لا يُعتد بها وزَعم باطِل، وأن الإسلام حريص على المساواة في الحقوق والواجبات لا في كل تفصيلة. وأكد علام، في حوار مع "التحرير"، في ختام عام 2018، أن الشريعة حرصت على وجوب مشاركة المرأة فى كل مناحي الحياة، وأن المذاهب الفقهية حفظت علينا العبادات والمعاملات نؤديها ونحن مطمئنون، وإلى نص الحوار. فى نهاية العام.. كيف جددت الدار أدواتها فى الرد على المتطرفين؟ تجديد الفتوى يأتى فى مقدمة مهام إصلاح الخطاب الدينى، بعدما استغلت الجماعات المتطرفة الفتاوى سلاحا لها فى تبرير العنف. لذلك حملت الدار لواء مخاطبة كل الفئات العمرية لتحصينهم من براثن التطرف باستخدام أدوات تتماشى مع العصر فى نهاية العام.. كيف جددت الدار أدواتها فى الرد على المتطرفين؟
تجديد الفتوى يأتى فى مقدمة مهام إصلاح الخطاب الدينى، بعدما استغلت الجماعات المتطرفة الفتاوى سلاحا لها فى تبرير العنف.
لذلك حملت الدار لواء مخاطبة كل الفئات العمرية لتحصينهم من براثن التطرف باستخدام أدوات تتماشى مع العصر وتعبر عن روح الإسلام، والإفتاء تعمل فى قضية التجديد على عدة محاور، كان آخرها افتتاح وحدة للرسوم المتحركة لاستخدامها في الرد على المتطرفين وتصحيح الفكر بأسلوب عصرى متطور.
كيف استطاعت الدار أن تواجه فوضى الفتاوى؟ أطلقنا خلال مؤتمر الإفتاء العالمى الأخير، عدة مشروعات من شأنها ضبط الفتوى، دشنا المؤشر العالمي للفتوى، يبين كيف يسير الشأن الإفتائي في كل دائرة جغرافية، ووضعنا ميثاقا عالميا للإفتاء بهدف ضبط حالة الفوضى التي أصيبت بها الساحة الإفتائية والخطاب الإسلامي عموما. هذا فضلا عن تأسيس الدار أول جهة علمية وبحثية ذات ظهير إفتائى رصين وعريق، لمعالجة ظاهرة الفتاوى المنفلتة، وهو "مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة"، ويعمل المرصد على تقديم الدعم العملي والفني والشرعي اللازم لتمكين المؤسسة الإفتائية من تحديد لظاهرة وبيان أسبابها وسياقاتها المختلفة. قضية ميراث المرأة أثار جدلا عارما.. فهل الميراث حق أم واجب؟ الميراث حق أقرته الشريعة الإسلامية، وقال النبي (صلى الله عليه وسلم): «مَنْ فَرَّ مِنْ مِيرَاثِ وَارِثِهِ، قَطَعَ اللهُ مِيرَاثهُ مِنَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وقد نصَّت أحكام القضاء على بطلان أيِّ تصرف يكون من شأنه التحايل على أحكام الإرث المقررة شرعًا، أو حرمان وارث من إرثه.
البعض ممن نادى بالمساواة فى الميراث علل بأن القانون أخذ بشهادة المرأة فى حين أن القرآن اشترط شهادة امرأتين عدل.. فلماذا لا يطبق نفس الوضع فى الميراث؟ الميراث حق أقرته الشريعة الإسلامية، والمساواة في الميراث أمر مخالف للشريعة، ولا اجتهاد في وجود نص بدعوى تغير السياق الثقافي الذي تعيشه الدول والمجتمعات الآن مثلما يدعي البعض؛ إذ إن تلك النصوص المقطوع بدلالتها وثبوتها تعد من ثوابت الشريعة، فالقرآن الكريم قطعي الثبوت من ناحية آياته، وهو يشمل آيات كثيرة دَلالتها قطعية لا شك فيها، والإسلام حريص على المساواة في مجمل الحقوق والواجبات لا في كل تفصيلة. وكشفت مقاصد الدين أن التمايز في أنصبة الورثة لا يرجع إلى معيار الذكورةِ والأنوثة، وإنما لمقاصدَ ربانيةٍ، فالمرأةُ في دينِنا الحنيف لها أكثر من ثلاثين حالةً في الميراث، والشرع أعطاها في كثير من الأحيان أكثرَ مما أعطى الرجل، والمساواة هي دعوى لا يعتد بها وزعم باطِل، والمولى عز وجل توعد المتحايلين على أحكامه. بعض النساء تتطلع إلى وضع المرأة بتونس خاصة لعدم قدرة الزوج على تطليقها غيابيا.. فضلا عن إقرار المساواة فى الميراث.. والمرأة فى مصر ما زالت حتى الآن ممنوعة من مناصب عدة.. فهل يقبل مفتى الجمهورية أن تتولى امرأة رئاسة جامعة الأزهر ومنصب رئيس مجلس القضاء الأعلى؟ دار الإفتاء تدعم جميع حقوق المرأة التي أقرها الشرع، كما ندعو دائمًا إلى تمكينها من حقوقها العلمية والسياسية والمجتمعية، عبر الفتاوى التي تصدرها الدار، ولكنها في نفس الوقت تقف أمام محاولات التغيير فيما فرضه الله في كتابه الكريم. وفيما يخص مشاركة المرأة في الحياة العملية والسياسية، فهي من جنس الإصلاح المطلوب شرعًا، والله تعالى يقول: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ"، ومن ثم يجوز للمرأة أن تتولى القضاء أيضًا عند بعض أهل العلم؛ وهو قول الإمام الطبري، حيث أجاز قضاءها مطلقًا؛ لأنه يجوز لها أن تكون مفتية فيجوز أن تكون قاضية، فليست الذكورية بشرط في ذلك، وهو رواية عن الإمام مالك، وكذلك هو رأي ابن حزم، والحافظ ابن حجر، ومذهب الحنفية أنه إذا وليت المرأة القضاء جاز قضاؤها فيما يجوز أن تقبل فيه شهادتها؛ قالوا: لأن القضاء من باب الولاية كالشهادة، والمرأة من أهل الشهادة فتكون من أهل الولاية. كما أن فقهاء الشافعية مع أنهم من القائلين بعدم جواز تولية المرأة القضاء، إلا أنهم قد نصوا أنه لو ولاها ولي الأمر إياه فإن قضاءها ينفذ.
أين يقف فضيلة المفتى فى المسافة بين شيخ الأزهر ووزير الأوقاف فى قضية تجديد الخطاب الدينى؟
جميع المؤسسات الدينية تقف على مسافة واحدة من قضية تجديد الخطاب الدينى، فجميعنا نعمل وفق منهج واحد ورسالة واحدة هي القضاء على فوضى الفتاوى، ونشر صحيح الدين وتوصيل رسالة الأزهر الشريف للجميع في الوطن وفي كل بقاع الأرض، فإصدار الفتوى يتم وفق المنهج الأزهري القائم على مراعاة الأحوال والعادات والتقاليد التي تتفق والشرع الشريف وكذا إدراك الواقع. وما نظرة الدار إلى قضية التجديد؟ تجديد الخطاب يهدف إلى استعادة الريادة المصرية للفكر الإسلامي بل والإنساني في العالم كله وتجديد الفتوى ومعالم الدين الإسلامي، من خلال تقديم رؤية متكاملة للإسلام الحضاري الساعي لنشر قيم الرحمة والخير والجمال والنور بين الإنسانية كلها بما يزيل الصورة الذهنية القبيحة التي رسمها دعاة الشر والشيطان الذين يدعون الانتساب للإسلام وهو من أفعالهم وشرهم براء. والمقصود بتجديد الخطاب هو معرفة المشكلات في عالم الإفتاء المعاصر، ومن ثم محاولة وضع الحلول الناجعة لها، إلى جانب دراسة كيفية استخدام المنجزات الحضارية لخدمة مجال الإفتاء، والوصول إلى أدوار محددة تؤديها عملية الإفتاء في مجالات التنمية، ومحاولة فهم طبيعة العلاقة بين الإفتاء والسياسة والاقتصاد، وتحديد الأدوار التي يمكن التأثير والتأثر من خلالها. ولماذا هيمنت الآراء الفقهية على المشهد الدعوى خلال الآونة الأخيرة؟ المذاهب الفقهية نشأت على أيدي أئمة عظام لا يُختلف على علمهم أو تمكُّنهم، واستمرت هذه المذاهب حتى يومنا هذا تحفظ على الناس دينهم، وتحفظ علم الفقه حيًّا نابضًا متفاعلًا مع مستجدات العصر وتطور الزمان وفق أصول شرعية وضوابط علمية، ما كان لنا أن نحتفظ بها طوال هذه القرون لولا وجود المذاهب الفقهية في الأمة وعلى مدى اتساعها. كما أن المذاهب حفظت لنا الدين، وحفظت علينا العبادات والمعاملات وكل شئون الحياة نؤديها ونحن مطمئنون إلى صحة ما ورد إلينا من أقوالهم. أما الاختلافات الفقهية بين العلماء والمفتين -وليست الخلافات- فهى تسهم بصورة كبيرة في ثراء الحقل الفقهي، والدليل على ذلك تعدد المذاهب الفقهية، بل وتعدد الآراء داخل المذهب الواحد. تنتشر المظاهرات فى بلدان عدة.. فما حدود التعبير عن الرأى فى الشريعة؟ كفل الإسلام للجميع حق التعبير وإبداء الرأى طالما لم يترتب عليه مفسدة أو إيذاء للآخرين، أو حدوث تعطيل لمصالحهم، وأيضًا الدول كلها كفلت هذا الحق، لكن فى إطار قانونى حتى يحفظوا حقوق الآخرين، والسيرة النبوية تحثنا على هذا الأمر كثيرًا، طالما أننا نحافظ على الآخرين، فدعتنا إلى المحافظة على الطريق وقالت هو أدنى شُعب الإيمان من خلال إماطة الأذى وغيرها، لذا على جموع المصريين أن يتكاتفوا من أجل أن تتخطى مصر المرحلة التى تمر بها حاليًا.