السؤال الذى نطرحه كيف يمكن بناء نماذج أو نموذج للواقع الموضوعى والتاريخى لا سيما إذا كان التنظير فى عالم متحول يبدو صعبا وتحوطه تحديات التغير السريع والتحول فى سياقات سائلة، وتفكك أبنية وبروز أخرى ومعها ظواهر جديدة فى عالم رقمى، يثور التساؤل هل هناك إمكانية لبلورة تيار عام جديد فى الثقافة العربية. تبدو الإجابة صعبة، فلا مجال للنماذج فى عصر أفوالها وتراجعها. السؤال الذى نطرحه كيف يمكن بناء نماذج أو نموذج للواقع الموضوعى والتاريخى لا سيما إذا كان التنظير فى عالم متحول يبدو صعبا وتحوطه تحديات التغير السريع والتحول فى سياقات سائلة، وتفكك أبنية وبروز أخرى ومعها ظواهر جديدة فى عالم رقمى، يثور التساؤل هل هناك إمكانية لبلورة تيار عام جديد فى الثقافة العربية. تبدو الإجابة صعبة، فلا مجال للنماذج فى عصر أفوالها وتراجعها. ثمة عديد المشكلات التى تواجه الإقليم العربى، وتؤثر على حالة الثقافات العربية فى وحدتها وتنوعها، وذلك على النحو التالى: 1- الاضطراب الإقليمى، واتساع التناقضات بين بعض الدول العربية بعضها بعضا، سواء على مستوى السياسات الإقليمية، أو السعى لبناء المكانة والنفوذ، أو الصراع فى بعض مناطق الصراع الإقليمى والحروب ثمة عديد المشكلات التى تواجه الإقليم العربى، وتؤثر على حالة الثقافات العربية فى وحدتها وتنوعها، وذلك على النحو التالى: 1- الاضطراب الإقليمى، واتساع التناقضات بين بعض الدول العربية بعضها بعضا، سواء على مستوى السياسات الإقليمية، أو السعى لبناء المكانة والنفوذ، أو الصراع فى بعض مناطق الصراع الإقليمى والحروب الأهلية فى سوريا، واليمن، وليبيا، على نحو أثر على تفاقم الأزمات لا سيما فى ظل تمدد نفوذ بعض دول الجوار الجغرافى العربى، وقوى دولية فى هذه النزاعات، على نحو ساهم فى استمراريتها، وعدم الوصول إلى تسويات سياسية لإنهائها. التنافس والصراع على النفوذ والمكانة الإقليمية أثر سلبا على دور الجامعة العربية، ومن ثم على العلاقات البينية بين هذه الدول. 2- تفاقم أزمات الدولة الوطنية ما بعد الاستقلال، وانهيار بعضها فى اليمن وليبيا وهشاشة بعضها الآخر فى العراقوسوريا، وضعف هياكل بعضها الآخر لصالح النظام والسلطة الحاكمة، وتآكل بعض أسس وروابط الاندماج والتكامل الوطنى الداخلى، وفشل استراتيجيات بوتقة الصهر والإدماج القسرى، فى ظل صحوة المكونات الطائفية والعرقية والعشائرية والقبلية والمذهبية والمناطقية. 3- الصراعات المذهبية بين السنة والشيعة على خلفية التمدد الإقليمى الإيرانى، ودخولها طرفًا فى بعض النزاعات الإقليمية والداخلية، فى اليمن والبحرين والعراقوسوريا ولبنان. 4- تزايد القيود والضغوط على المجال العام السياسى وحريات الرأى والتعبير والإبداع فى أعقاب إخفاق الربيع العربى وتعثر عمليات الانتقال السياسى بعد وصول بعض الجماعات الأصولية الإسلامية السياسية إلى سدة السلطة وفشلها. من ناحية أخرى أدت القيود على المجال العام للتأثير سلباً على الإنتاج الثقافى والإبداعى فى ظل أزمات الصحافة الورقية والفضائيات العربية. 5- ساهم التشدد الأصولى فى فرض قيود على حريات الرأى والإبداع وإنتاج السلع الثقافية الإبداعية فى السرد والسينما والمسرح على نحو شكل كوابح ذاتية لدى المبدعين والمثقفين. 6- صحوة وشيوع اللغات واللهجات المحلية، وتراجع مستويات الكتابة والحديث وتعليم اللغة العربية. 7- تزايد الفجوات بين الإنتاج المعرفى الغربى، وبين حركة الترجمة إلى اللغة العربية، وهو ما يفاقم الفجوة المعرفية بين الجماعات الأكاديمية والثقافية العربية، وبين التطورات فى العلوم الاجتماعية والفلسفة فى المنطقة، وبين ما يجرى فى العالم. 8- نقص الترجمات عن اللغات الآسيوية والغربية لاسيما عن الثقافات الآسيوية، وفى مجال الإنتاج المعرفى فى عديد التخصصات، وفى السرديات الإبداعية، فى ظل صعود الدول الآسيوية الناهضة اقتصادياً وتكنولوجيا، وتحول الاهتمامات الدولية إلى هذه المنطقة المتطورة من عالمنا. 9- تراجع الاهتمام بالثقافة ودور المثقفين فى أعقاب الربيع العربى من قبل بعض أجهزة الدولة الرسمية فى بعض الدول العربية، وشحوب حضورهم فى أجهزة الإعلام المرئية، لاسيما الفضائيات، ونزوع السياسات الإعلامية إلى البرامج الترفيهية، على حساب البرامج الثقافية التى تعنى باستطلاع آراء المثقفين والباحثين فى القضايا العامة، أو التعريف بالإنتاج الثقافى والإبداعى فى مجال الأدب والفنون، وهو ما أدى إلى تراجع دور ومكانة المثقفين فى الحياة العامة. 10- غروب وشحوب الفكرة العربية الجامعة، وضعف الحركة القومية، كنتاج للتحولات السياسية، وتمدد الجماعات الأصولية الإسلامية، وطرحها للفكرة الإسلامية الجامعة حول الخلافة، وتديين الهوية، ونزوع النخب السياسية للتركيز على خصوصية كل دولة وتاريخها وثقافتها، فى إطار عمليات بناء الدولة الوطنية، فى مناهج التعليم، والسياسات الإعلامية والثقافية. 11- الفجوة بين الثقافة الرقمية وإنتاجها باللغات الأجنبية، وبين ترجماتها إلى اللغة العربية، وذلك على الرغم من تمدد الثقافة الرقمية بين الأجيال العربية الجديدة، وبدء تشكل نمط ثقافى رقمى جديد، وبروز فجوات لغوية وجيلية مع الأجيال الأكبر سنًا فى هذه السياقات المتغيرة. ثمة تأثير للتحولات الرقمية يشمل الأسواق، والتفاعل الاجتماعى، وبروز بعض أشكال من الخطابات والبلاغة الرقمية، ونمط جديد من السرديات حاملُ للغة وأخيلة ورموز وعلامات مستمدة من العوالم الرقمية الجديدة. أن شيوع البلاغة الرقمية، ونمط اللغة الرقمية الذى يمزج بين العامية، والعلامات والأرقام والرموز وبعض من العربية، بات يؤثر سلبا على تطور اللغة العربية فى ظل جمود قاموسها عن متابعة انهمار الإصطلاحات الجديدة الرقمية، وغيرها فى مجالات العلوم الاجتماعية والطبيعية. 12- أدت أزمات الدولة الوطنية وسياسة بوتقة الصهر القمعية إلى تآكل وتفكك أسس وروابط الاندماج الوطنى فى عديد من الدول العربية، على نحو ساهم فى صعود أشكال التعبير والتمثيل عن هويات وثقافات المكونات الأساسية للمجموعات الدينية والمذهبية والقبائلية والعشائرية، والمناطقية والقومية واللغوية، وهو ما أثر سلبًا على ثقافة الدولة الوطنية ما بعد الاستقلال. 13- النزوح القسرى للمهاجرين من مناطق الحروب الأهلية والنزاعات، وأزمة غياب الخدمات الثقافية المقدمة لهم فى مناطق الهجرة المؤقته واللجوء فى المنطقة وخارجها. السؤال الذى نطرحه هنا هل هناك إمكانية للتعامل العملى والواقعى من منظور ثقافى مع هذه الأوضاع؟ فى هذا الإطار لا بد من طرح بعض الملاحظات الأولية حول طبيعة المقاربة المقترحة، وذلك على النحو التالى: 1- ضرورة التجاوز النسبى المؤقت لمقاربة وخطابات التنظير السياسى والسسيولوجى والفلسفى التى تركز على الأطر النظرية والمعرفية للثقافة العالمة، وذلك على أهميتها القصوى لعمل وإنتاج منتجى هذا النمط الرفيع للمعرفة والأفكار والثقافة التى تدور فى دوائر محدودة للمثقفين العرب البارزين. 2- التركيز على ضرورة تحرير المجال العام المحاصر، واحترام حريات الرأى والتعبير والبحث الأكاديمى وحرية التدين والاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، وإصلاح التعليم وسياساته ومناهجه فى كافة المراحل، مع تطوير السياسة التربوية، و العمل على الانتقال من إعادة إنتاج العقل النقلى إلى العقل النقدى. هذا المطلب يبدو من الأهمية بمكان فى خطابات المثقفين والباحثين والسياسيين، ويتعين التمسك به طرحاً ومطالبة، إلا أن واقع الشمولية والتسلطية كسياسة وثقافة وإرث وممارسة يشكل عائق مركزى أمام أى محاولة، أو سعى واقعى للتعامل مع وضعية الثقافة –أو الثقافات العربية-، ومحاولة إيجاد مخرج ما، نحو ثقافة نقدية وعقلانية وحداثية وما بعد بعدها قادرة على الاشتباك والتعامل مع الأوضاع الراهنة والمستقبلية عربياً وعالمياً. 3- تطرح المخاطر والتحديات العربية الراهنة على الفكر العربى ومدارسه المختلفة، ضرورة النظرة الواقعية فى التعامل مع مشكلاته التاريخية، وعلاقته بالثقافة الغربية وغيرها من ثقافات العالم الأخرى، لا سيما الآسيوية الناهضة حول الصين والهند وسنغافورة وكوريا الجنوبية، التى يبدو بعضها غائبا أو شحيحا فى ثقافاتنا العربية. 4- السعى للبحث عن مخرج من بعض أزماتنا الثقافية والفكرية التاريخية، لا بد أن يستصحب معه تقدير للنفقات السياسية والاقتصادية التى يتطلبها هذا المخرج المطلوب.