بعد معاناة 3 أسابيع قطعها مريض الإيدز (وائل.ن) ورفضه في أكثر من مستشفى حكومي وجد أمله الأخير في مستشفى المنيرة العام فدخل على كرسي بنزيف بدمه حتى يجبرهم على علاجه دون خوف هدوء تام يسود داخل أرجاء مستشفى المنيرة العام لليوم الثاني على التوالي، وسط تخوفات من قبل المرضى وذويهم في تلقي العلاج داخل الأقسام الداخلية، خاصة أقسام الحروق والجراحة التي صارت شبه خاوية، الدور الثالث بالكامل، لا يكسر ظلمته سوى بضع لمبات قليلة في كل طرقة، وأفراد أمن وممرضات يتناوبون في الإشراف والمتابعة، بعد مرور يومين على دخول إحدى الحالات المتعايشة مع الإيدز إلى قسم الطوارئ بالمستشفى غارقا في دمه حتى يتم علاجه بعد رفضه في أكثر من مستشفى حكومي . هنا في الدور الثالث من المستشفى يقع قسم الحروق والجراحة، حديث الإنشاء الذي تم انشاءه منذ عامين ونصف ويحتوي على مجموعة من الغرف، وكان يحتجز 6 حالات في حالة حرجة من بينهم 3 أطفال تحت سن 3 سنوات وفي الجوار يوجد قسم ال Septic (الخراريج والأقدام السكرية والصديد والغرغرينا) كل ذلك في دور واحد.الوضع هنا في الدور الثالث من المستشفى يقع قسم الحروق والجراحة، حديث الإنشاء الذي تم انشاءه منذ عامين ونصف ويحتوي على مجموعة من الغرف، وكان يحتجز 6 حالات في حالة حرجة من بينهم 3 أطفال تحت سن 3 سنوات وفي الجوار يوجد قسم ال Septic (الخراريج والأقدام السكرية والصديد والغرغرينا) كل ذلك في دور واحد. الوضع قبل دخول مريض الإيدز (وائل.ن) اختلف تمامًا عن الحال اليوم بعد مرور 48 ساعة على دخوله، الخوف يخيم على المكان ولا صوت يعلو فوق صوت الصمت، تروي إحدى السيدات المرافقات لمريض بالقدم السكري أن عدد كبير من المرضى الذين كانوا يتلقون علاجهم في الدور الثالث أخلوا طرفهم من المستشفى وطلبوا تحويلهم إلى مستشفيات أخرى، نتيجة خوفهم الشديد من انتقال العدوى إليهم باستثناء طفل صغير بصحبة والدته، تضيف: "الناس بتترعب من الإيدز وبتهرب منه". "كعب داير" هذا المريض الثلاثيني خاض رحلة طويلة من اللف على معهد ناصر ومُستشفى حُميات العباسية، اللذين تنصلا من مسؤولية علاجه، فتم تحويله بقرار من وزارة الصحة للعلاج في مستشفى المنيرة القريبة من مقر الوزارة بوسط القاهرة وهناك ترددوا في قبوله بدعوى عدم وجود مكان حتى تناثرت دماء المريض بين طرقات المستشفى في محاولة منه لإجبار المستشفى على قبول علاجه بعد أن وصل للطوارئ، ما أصاب العاملين والمرضي بحالة من الذعر والخوف من العدوى لدرجة دفعت عدد منهم للخروج وتلقي علاجهم في مكان أخر. ترجع بداية القصة إلى يوم الأحد الماضي حين نشر أحد أطباء الجراحة الممارسين بالمستشفى منشورا عبر صفحته على "فيس بوك" كشف من خلاله عن حالة التردي والإهمال الإداري في علاج شاب ثلاثيني متعايش مع فيروس نقص المناعة (الإيدز) قضى أكثر من 20 يومًا في اللف "كعب داير" على المستشفيات والمعاهد الحكومية للبحث عن مكان صحي لعلاجه حتى وجد أمله الأخير هناك داخل مستشفى المنيرة فدخل إلى قسم الطوارئ على كرسي بنزيف حاد نتيجة انفجار فى الشريان الفخذي، وسط حالة من الرعب العام أصابت جموع الأطباء والعاملين بالمستشفى. عفوا.. لا يوجد مكان كان الدم ينزف من المريض (وائل.ن) بصورة غير طبيعية، لدرجة أنه أغرق أرضية المستشفى وجدرانه باللون الأحمر القاني حسب رواية الدكتور ثرت بدوي أبو زيد، طبيب جراحة بمستشفى المنيرة العام أول من تعامل مع مريض الإيدز الوافد ثم أجرى الإسعافات الأولية اللازمة له تمهيدًا لتحويله إلى مستشفى حميات العباسية أو إلى معهد ناصر ، نظرا لعدم وجود غرفة عزل أو جراحة وأوعية دموية بالمكان. هنا أصرّت زوجة المريض على رفض أي محاولات لتحويل زوجها المريض بفيروس نقص المناعة (HIV) منذ أكثر من شهرين ونصف "كعب داير" على المستشفيات و"بهدلتهم" لأكثر من 3 أسابيع في البحث عن مكان لعلاجه غالبية المستشفيات رفضت دخوله، أولهم "حميات العباسية" الذي قال إنه لا يوجد لديه قسم جراحة، وكذلك معهد ناصر بدعوى عدم توافر مكان قبل أن يتم قبوله في قسم الجراحة والحروق بأوامر عليا، لا يفصله عن باقي المرضى غير ممر ضيق صغير في غرفة داخلية معزولة داخل المستشفى مكتوب عليها "غرفة عزل رقم 1". تخوفات من العدوى يحكي طبيب الجراحة المتابع للحالة: "المريض تحول لنا من حميات العباسية ودخل المستشفى من الباب الخلفي وكان ماشي ينقط دم لحد الطوارئ ولوّث معظم أرضيات وجدران المستشفى من المطعم للأشعة للمعامل حتى اضطررنا لإغلاق الاستقبال وبلغنا طوارئ الوزارة يبعتوا لنا سيارة إسعاف تنقله ردوا إنه مش من اختصاصهم". وبعد ساعتين من الضغط عليهم جهزوا سيارة إسعاف للمريض، يروي أبو زيد عن حالة التوجس والخوف والهلع التي أصابت الجميع من التعامل مع مريض إيدز "كان العيان لوحده بيخرخر فى الاستقبال وكله متكهرب وخايف يقرب منه لدرجة إن الحالات اللي في الطوارئ جريت منه وحادثة كانت جاية واحد واقع من الدور الرابع وكل المرافقين اللي معاه أول ما شافوا بركة الدم وعرفوا القصة أخدوه وطاروا بيه بره على أى مستشفى تاني". لم تنحصر التخوفات على العاملين بالمستشفى الحكومي أو المرضى والمرافقين لهم وغرفة الطوارئ التي لم يتردد عليها مريض جراحة واحد حتى الآن من شدة الرعب فى سابقة تاريخية، بل انتشرت القصة خارج عنابر المستشفى الضيقة حتى وصل إلى المقاهي المجاورة التي كانت تكتظ بالرواد وفجأة تحولت إلى صحراء بعد أن هجرها الجميع. شهادة الدكتور أحمد مجدي، استشاري الجراحة التجميلية والحروق بمستشفى المنيرة العام بالقاهرة توافقت مع رواية زميله بالمستشفى في نقاط عدّة، مؤكدًا أن الحالة كان من المفترض أن تتحول إلى معهد ناصر ولكن في المنيرة أغلقوا الاستقبال لما يقرب من 6 ساعات كاملة انتظارًا لسيارة الإسعاف المجهزة، وحين جاءت رفضت إدارة المستشفى لسبب غير مفهوم إنه يمشي وقرروا احتجازه في غرف العزل الخاصة بقسم الحروق بجوار مرضى السكري الذين بُترت أقدامهم جراء الإصابة بمرض السكر. يضيف طبيب جراحة التجميل والحروق بالمنيرة أن هذا المريض تم احتجازه بالمستشفى، لأنه يحتاج إلى جراحة أوعية دموية بسبب النزيف الحاد الذي تعرض له في الاستقبال بسبب انفجار تمدد للشريان الفخذي ناتج عن الحقن بالخطأ فيه. يستنكر طبيب جراحة التجميل احتجاز مريض بالإيدز داخل المستشفى، بما يهدد صحة المرضى والممرضين والأطباء، قائلًا: "قسم جروح ملوثة، جنبه قسم حالات ماعندهاش جلد، جنبهم كلهم مريض إيدز وفوق كل ده الممرضة اللي بتشتغل على الدور كله بتبقى واحدة بس". الحالة مستقرة في المقابل أوضح الدكتور أشرف شفيع، مدير مستشفى المنيرة العام أن حالة المريض مستقرة حاليا وتم إجراء الإسعافات اللازمة له وتم وقف النزيف الحاد الذي تعرض له ويخضع حاليا للعلاج تمهيدًا لنقله غدًا إلى مستشفى حميات العباسية المتخصص في علاج مرضى الإيدز. ونفى شفيع ل"التحرير" رواية طبيب الجراحة الممارس بالمستشفى الذي وصفه بأنه "دكتور غلبان مالوش خبرة كتب كلمتين دون أي أساس من الصحة عشان عاوز بدل عدوى زيادة"، نافيًا تسبب هذه الحالة المصابة بالإيدز في إصابة الفريق الطبي والمرضى الآخرين بالعدوى وإن كانت ثقافة عدد كبير منهم تحتاج إلى إعادة توعية نتيجة تخوفهم من التعامل مع مريض الإيدز، قائلًا: "لا يمثل أي عدوى هو من أضعف الميكروبات الموجودة في الجسم والحالة الوحيدة لانتقال العدوى تكون عبر العلاقة الجنسية أو الحقن بالدم". وأعلن مدير المستشفى أن قسم الطوارئ مايزال يعمل كما هو دون إغلاق، كما تم تجهيز غرفة العزل كاملة مع مراعاة معايير مكافحة العدوى وتخصيص ممرضة خاصة به فقط قبل تحويله إلى مستشفى متخصصة في علاج مثل هذه الحالات. نشرات دورية ومن جانبه أكد الدكتور أحمد محيي القاصد، مساعد وزير الصحة للطب العلاجي والمشرف على أمانة المراكز الطبية المتخصصة، اتخاذ مستشفى المنيرة العام الإجراءات الطبية اللازمة مع مريض الإيدز بعد دخوله للمستشفى مصابا بنزيف حاد نتيجة تمدد في شريان الفخذ. وأضاف أنه تمت السيطرة على النزيف واستئصال التمدد وإنقاذ حياة المريض وحجزه في غرفة عزل بمفرده وكل هذه العمليات تمت تحت إشراف من الطب الوقائي بالوزارة، وأشار إلى أن كل المستشفيات تستقبل مرضى الإيدز مع اتباع الإجراءات اللازمة،وتم توزيع نشرات دورية على المستشفيات تبين طريقة التعامل مع مريض الإيدز.