العلاقة بين شنودة وإغريغوريوس من ود البدايات إلى عداء النهايات.. اعترض شنودة على رسامته أسقفا للبحث العلمي.. اعترض إغريغوريوس على انتخابات المجلس الملي 1973 في زمن البابا الراحل الأنبا شنودة الثالث، عانت بعض الشخصيات الكنسية من العزل أو الإبعاد أو التشهير بسبب آرائها أو أفكارها مثل القس إبراهيم عبد السيد، والدكتور جورج حبيب بباوي، والأب متى المسكين، والأنبا إغريغوريوس أسقف الدراسات العليا، والأنبا إيساك الأسقف العام، أو لأمور إدارية مثل الراهب أغاثون الأنبا بيشوي الذي كان سكرتيرا للبابا الراحل، والأنبا تكلا أسقف دشنا، ولكن بعد أن جرى في نهر الكنيسة مياه كثيرة السنوات الماضية، وصولا لواقعة قتل الأنبا إبيفانيوس رئيس دير الأنبا مقار، فهل يمكن أن تراجع الكنيسة مواقفها من هؤلاء في عهد البابا الحالي؟ الأنبا إغريغوروس، أسقف الدراسات العليا والبحث العلمي بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، واحد من الذين دخل البابا شنودة معهم في عداء، ويتشابه مع الأب متى المسكين في أنهم من نفس جيل البابا الراحل، وإن كانوا سبقوه في الخدمة أو الرهبنة، وبعدما جلس على الكرسي البابوي اتسعت هوة الخلاف معهم.اقرأ أيضا:إبراهيم عبد الأنبا إغريغوروس، أسقف الدراسات العليا والبحث العلمي بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، واحد من الذين دخل البابا شنودة معهم في عداء، ويتشابه مع الأب متى المسكين في أنهم من نفس جيل البابا الراحل، وإن كانوا سبقوه في الخدمة أو الرهبنة، وبعدما جلس على الكرسي البابوي اتسعت هوة الخلاف معهم. اقرأ أيضا: إبراهيم عبد السيد.. راعي الإصلاح خارج عباءة البابا الراهب أغاثون.. سكرتير البابا الذي ثار له الشعب ضد شنودة متى المسكين.. قوض سلطان «الكهنة» وعاداه البابا شنودة الأنبا إغريغوريوس في سطور اسمه قبل الرهبنة وهيب عط الله جرجس، ولد في 13 أكتوبر 1919، رسم راهبا باسم باخوم المحرقي نسبة إلى دير السيدة العذراء المحرق في أسيوط، عام 1962، ثم رسم أسقفا للدراسات اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي عام 1967 في عهد البابا كيرلس السادس، وتنيح في 22 أكتوبر 2001. من الود إلى العداء بعد علاقة طيبة بدأت بالود والاحترام بين الراهب أنطونيوس السرياني (البابا شنودة» والدكتور وهيب عطا الله «الأنبا إغريغوريوس»، واستمرت بعد رسامة البابا شنودة أسقف للتعليم ووهيب راهبا باسم باخوم المحرقي، لكنها تحولت لعلاقة مضطربة بعد ترشيح البابا كيرلس للراهب باخوم ليكون أسقف للدراسات العليا والبحث العلمي، فأرسل الأنبا شنودة خطاب للبابا كيرلس جاء فيه «إن رسامة أسقفين على إيبارشيه واحدة تتعارض مع قوانين الكنيسة»، ولم يحضر رسامة أنبا إغريغوريوس. بينما رد الأنبا إغريغوريس على موقف الأنبا شنودة وقال: «إن تصرفاتك يا أنبا شنودة تشير إلى أنك تجمع من حولك أناسا بشكل حزبي، وقد كان مأمول أن تكون للكل ولا تشجع على الحزبية الخاصة». محطات في رحلة العداء ورغم أن البابا شنودة في بداياته حتى الرهبنة كان معارضا، إلا أنه عندما جلس على الكرسي البطريركي لم يترك المساحة لوجود آخرين بجانبه أو السماح بوجود معارضة، ربما كان يعتقد أنه بجلوسه على الكرسي سيحقق كل ما كان يتمناه، لكن الأنبا إغريغوريس كان من نفس جيل البابا شنودة، وكان يستطيع أن يعترض على قراراته وتصرفاته. ورغم أن البابا صاحب الشخصية القوية، أراد من اللحظة الأولى فرض السيطرة على كل مقاليد الكنيسة، وهو ما اتضح في إعادته البابا للمجلس الملي المجمد في عهد البابا كيرلس، لكنه دعم قائمة بعينها للنجاح سميت ب«أبناء القديس أثناسيوس»، مما جعل الأنبا إغريغوريس يكتب خطابا للبابا يعترض على إدارة الأمر بهذا الشكل، خاصة أن من ضمن المرشحين القس بطرس جيد شقيق البابا شنودة. وكان الخطاب شديد اللهجة، المرسل للبابا في 12 يوليو 1973، ليذكره أنبا إغريغوريوس بمناداته بقاعدة «من حق الشعب أن يختار راعيه»، وتساءل هل ما تم في الانتخابات يتماشى مع هذا المبدأ؟ وقال نصا: «أم أن هذا الشعار أيضا صار كغيره.. خيالاً.. إنك يا أبي تصنع اليوم منذ أن صرت بطريركا -مالم يصنعه كل البطاركة السابقين ممن اتهموا بفرض إرادتهم.. بأسلوب تستخدم فيه ذكاءك -لا إيمانك- أسلوب يبدو في نظرك خفيا عن الناس، ولكنه لا يلبث أن يصير علانية وعلى السطوح». وأكد الأنبا إغريغوريوس أن الخلاف مع البابا شنودة «خلاف فكري، وعلى منهجه في إدارة شؤون الكنيسة بطريقة شخصية، مركزا كل السلطات فى يده كما لو كانت الكنيسة مقاطعة يملكها الأنبا شنودة ملكا خاصا». واشترك الأنبا إغريغوريس في عضوية اللجنة الخماسية لإدارة الكنيسة، بعد قرار التحفظ على البابا شنودة في 5 سبتمبر 1981، مع الأنبا مكسيموس مطران القليوبية، والأنبا صموئيل أسقف الخدمات، والأنبا أثناسيوس مطران بنى سويف، والأنبا يوأنس مطران الغربية وسكرتير المجمع المقدس، وشهدت هذه الفترة خلافات أيضا بينهم. الخلاف الفكري في محاضرة بتاريخ 22 أكتوبر 1992، بالكلية الأكلريكية أجاب البابا شنودة عن سؤال حول الخلاف الفكري مع الأنبا إغريغوريوس، وذكر أنه «عل الأقل اختلف معه في أمرين وهو يعرف ذلك، الأول مسالة الأرواح، والثاني في كثير من مسائل الأحوال الشخصية والزيجات المحرمة وما إلى ذلك». وتابع البابا: «أول مرة بدأت الرد، لما نيافته نشر مقالة في جريدة وطني قال فيها إن الروح تجول حول الجسد الذي خرجت منه 3 أيام، لذلك يصلي الكاهن في اليوم الثالث ليطرد الروح من الدير، ويقول إنها أرواح متلكئة ترفض الذهاب لمصيرها الأبدي، والكلام في كتبه، أن هذه الأرواح يمكن أن تتجسد في أشباح وتزعج الناس، لذا النور يبدد هذه الأرواح». وحول هذه النقطة ذكر الكاتب والمفكر كمال زاخر، أن الأنبا إغريغوريس، لم يخطئ تجاه العقيدة أو الإيمان، بل إن رأيه في جزئية الأرواح يندرج تحت بند «الرأي»، وفقا للمحاضرة الشهيرة للأنبا إبيفانيوس رئيس دير أنبا مقار والتي حل فيها هذه الإشكالية بالتفريق بين العقيدة والرأي والهرطقة. أما الأمر الثاني الذي اختلف فيه البابا مع أسقف البحث العلمي فكان «زواج رجل من شقيقة زوجته أو زوجة من شقيق زوجها في حالة موت الأول»، ولفت البابا إلى أن يرفض أي زيجة «تسبب تشويشا في الأنساب، فلا يمكن أن نوافق عليها». وأوضح البابا أن الأنبا إغريغوريوس اعترض على رفضه لهذه الزيجات، وأشار إلى سفر التثنية بالعهد القديم إصحاح 25 الذي يشرع لأن يتزوج الأخ زوجة أخيه في حالة موته ويقيم له نسلا، ورد البابا شنودة بأنه «كلام كان موجود زمان أيام ما كان لازم حفظ الأسباط، وألا يمحى اسم من إسرائيل». ورغم تأكيد البابا أنه أمر يخص العهد القديم، فإنه يتمسك بمفهوم الكهنوت في العهد القديم، واتهم التيار التابع له من الأساقفة، الأنبا بفنوتيوس ب«البدعة»، بسبب كتاب «المرأة والتناول»، الذي يرفض فيه منع المرأة من التناول وقت الحيض، وهي فكرة كانت موجودة بالعهد القديم. اقرأ أيضا: الأنبا أغاثون.. «الاتجاه المعاكس» للبابا تواضروس