في هدوء وبدون ضجة رقد في سلام، أول أمس الجمعة، الراهب القس أغاثون الأنبا بيشوي، السكرتير السابق للبابا الراحل شنودة الثالث، وأقيمت صلاة الجنازة بكنيسة العذراء بأرض الجولف وتلقت أسرته العزاء هناك. رغم قرب أغاثون من البابا شنودة في فترة من الفترة، إلا أنه واحدًا من الذين اكتسبوا عداوة الأنبا شنودة مثل الراحلين الأب متى المسكين والأنبا أغريغوريس أسقف البحث العلمي السابق. ولد صبري نجيب قزمان (اسمه قبل الرهبنة) عام 1945، ودرس بمدرسة التوفيقية الشهيرة بشبرا وكان زميله بالفصل الدكتور أسامة الغزالي حرب السياسي الشهير، وتخرج من كلية الهندسة، تعرف على الرهبنة عندما كان عمره 16 عاما عام 1961 خلال رحلة زار فيه دير أبي سيفين في طموه، والتقى هناك بالراهب أغاثون الذي صار أسقف فيما بعد وهو رسم على اسمه. ترهبن صبري في دير الأنبا مقار بوادي النطرون، وفي سنة 1979 حاول التوفيق بين الأب متى المسكين والبابا شنودة، ويقول الكاتب ومؤسس التيار العلماني القبطي، كمال زاخر، إن "الأب متى المسكين أوضح له أن البابا لن يقبل، وطلب منه في حالة الخروج من الدير أن لا يعود مرة أخرى". ويضيف زاخر، عندما فشلت مساعي الراهب أغاثون للصلح بين البابا والأب متى، ذهب لدير الأنبا بيشوي، ثم اختاره بعدها البابا ضمن فريق السكرتارية الخاص به، وطلب أغاثون أن تكون خدمته داخل مصر وليس بالمهجر وألا يرسم أسقفا، ورسم أغثون قسًا في 18 يوليو 1979 في الاحتفال باليوبيل الفضي لرهبنة البابا شنودة. ويوضح زاخر، أن أغاثون طلب تنظيم أعمال السكرتارية وبدأ في جمع المشكلات، لكن البابا قال له وقتها "دع المشاكل للزمن ولا تقربها إلا عندما تسقط أمامك بفعل الزمن، ومعها حلها" وفُهم معناها بعدها. ويشير زاخر للواقعة التي أبعدت أغاثون عن سكرتارية البابا شنودة، ويقول "عندما قرّر البابا عدم الاحتفال بعيد القيامة عام 1980، وألغى قداس الكاتدرائية وذهب للدير، كان الأب أغاثون بالمقر بالكاتدرائية، وقتها اتصل مكتب حسني مبارك نائب الرئيس وطلب منه أن يبلغ البابا بالعودة عن قراره"، ويضيف كما اتصلت جيهان السادات وطلبت منه أن يرسل نفس الرسالة للبابا مع الوعد بأنها ستتدخل لتحل الأمر بين البابا والرئيس الذي كان يواجه حملة ضده في أمريكا بعد معاهدة السلام. ويوضح مؤسس التيار العلماني، أنه لم تكن هناك وسائل اتصال وقتها، ولم يكن بدير الأنبا بيشوي خط تليفون أرضي، وذهب الراهب أغاثون وطلب مقابلة البابا لكن الأنبا صرابامون رئيس الدير أبلغه أن البابا لن يقابل أحد، ثم وافق البابا وعندما ذهب للمقر وجده بملابسه الرسمية لكنه فوجئ بالراهب أغاثون فقط، وانتهره وقتها لأنه كان ينتظر مسؤولين كبار من الدولة وأصرّ على صلاة القداس بالدير. ويضيف زاخر أن البابا اتخذ قرار بإبعاد الأب أغاثون ليخدم بكنيسة أبي سيفين بمصر القديمة، وهناك أعاد ترميم مجموعة من الصور والآيقونات يقدر عددها ب300 واحدة، وبدأت الدولة واليونسكو تنتبه لمنطقة مصر القديمة باعتبارها مجمع للأديان وإعادة إحيائها. ويشير زاخر إلى أنه حدثت مشكلة عند الترميم، عندما طرح البابا أن يقوم بالعمل في الكنيسة شخص قريب له، ورفضت وزارة الثقافة وأسندت العمل لشركة أخرى، فأوقع البعض بين البابا والراهب أغاثون وقالوا أنه هو سبب الرفض، ويوضح أن البابا اتخذ قرار بإبعاده وإغلاق الكنيسة، في يونيو 1994 فثارت الناس وعندما ذهب البابا لزيارة الكنيسة احتج عليه البعض. ويوضح زاخر أن الشمامسة أنقذوا البابا من الناس وخرج من الباب الجانبي، في الوقت الذي أوقع أحد الأساقفة من سكرتارية البابا بينه وبين الراهب أغاثون عندما طلب منه أن يمكث بالكنيسة لأن البابا لا يريد رؤيته، وأخبر البابا بأن الراهب أغاثون يرفض مقابلته. وينوه زاخر أن البابا طلب من أغاثون العودة للدير ثم في النهاية طلب منه أن يجلس بمنزل أسرته، موضحًا أن البابا شنودة عقد مؤتمر يوضح فيه أنه "أحبط محاولة انقلاب في الكنيسة"، ويضيف زاخر "حصلت على وثائق من الراهب أغاثون وكتبت عن الواقعة في مجلة مدارس الأحد في أغسطس 1994 فما كان من البابا ألا أن أغلقها ومنع الخدام متواجدين فيها من الخدمة وهنا تأسس التيار العلماني". من الوقائع التي احتك فيها الراهب أغاثون بالبابا شنودة بشكل غير مباشر، هي صلاته على جثمان القس إبراهيم عبد السيد الذي حاكمه البابا والأنبا بيشوي ومنع الصلاة عليه، ووقتها رفضت أغلب الكنائس الصلاة عليه بأمر البابا المتواجد في أمريكا إلا أن الراهب أغاثون أقام صلاة الجنازة في كنيسة بأحد المدافن قبل أن تصل الأوامر بمنع الصلاة على الكاهن الذي نادى بالإصلاح وتحدث عن إصلاح الكنيسة وأزمة الأحوال الشخصية فكان مصيره العزل.