بعد هدوء نسبي في الأوساط الكنسية، عقب واقعة قتل الأنبا إبيفانيوس، وما صاحبها من أحداث صاخبة، تفوق الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم، الأربعاء، على خبر وفاة الراهب زينون المقاري، داخل دير السيدة العذراء «المحرق» في أسيوط بعدما نقل إليه بقرار من لجنة شؤون الرهبنة والأديرة، نهاية أغسطس الماضي، على خلفية قرارات اتخذها البابا واللجنة لضبط الرهبنة بعد مقتل الأسقف، ورغم أن البيان الرسمي من الكنيسة لم يشر لسبب الوفاة، وأشار إلى أن النيابة تحقق لمعرفته، إلا أنه تداول الخبر على أنه «انتحار»، وليس وفاة طبيعة. زينون وقضية إبيفانيوس منذ 3 أيام كانت أولى جلسات محاكمة الراهب المجرد إشعياء المقاري (وائل سعد تاوضروس)، المتهم الرئيسي في قضية قتل الأنبا إبيفانيوس، وطالب ميشيل حليم محامي المتهم، شهادة 11 شخصا، من بينهم الراهب زينون المقاري، خلال جلسة المحاكمة المقبلة، ما يفتح البابا أمام تكهنات كثيرة حول سبب وفاته هل هو انتحار بسبب خوفه من التورط في القضية، أم تعرض للقتل للخوف مما قد يذكره خلال التحقيقات؟ اقرأ أيضا: محامي فلتاؤس المقاري عن وفاة زينون: أطلبه للشهادة ألقاه مقتول؟ من هو زينون؟ لا توجد معلومات كثيرة عن الراهب الراحل، إلا أن أبرز المعلومات توضح أنه ضمن 6 رهبان تم نقلهم من دير أنبا مقار بوادي النطرون إلى دير السيدة العذراء «المحرق» بأسيوط، بقرار من لجنة شئون الرهبنة والأديرة، ضمن عدة قرارات اتخذها البابا تواضروس الثاني مع اللجنة لضبط الرهبنة بشكل عام وفي دير أنبا مقار بشكل خاص على خلفية قتل إبيفانيوس. من دفعة الرهبان التي رسمها البابا الراحل شنودة الثالث، على دير أنبا مقار في 13 فبراير 2010، كان أب اعتراف الراهب المجرد إشعياء، وقاد حملة المطالبة بمسامحة «المجرد» في فبراير الماضي، وكان توقعيه رقم 35 في كشف المطالبة ببقائه، ويبلغ من العمر 46 عاما، له مواقف مضادة من الأب متى المسكين، وورد في تحقيقات القضية، أنه كان من بين مثيري المشاكل مع الأنبا إبيفانيوس، وربما يوضح هذا سبب نقله من الدير. لماذا ينتحر الرهبان؟ بعد مقتل أنبا إبيفانيوس، حاول الراهب فلتاؤس المتهم الثاني في القضية الانتحار، ومن بعده المتهم الرئيسي إشعياء، واليوم، تؤكد المعلومات الأولية انتحار زينون، فهل الرهبنة المصرية تعاني من أزمة؟ أم مجرد وقائع متعلقة بقضية قتل الأنبا إبيفانيوس؟ ما يجمع الرهبان الثلاثة، إنهم رسموا في دير أنبا مقار عام 2010، بيد البابا الراحل شنودة الثالث، أثناء فترة تولي الأنبا إرميا سكرتير البابا الراحل مسؤولية الدير الأدارية، وتمت رسامتهم لإحداث توازن بين الرهبان القدامى تلاميذ الأب متى بإدخال رهبان موالين للبابا، وهم يكنون العداء للأب متى والأنبا إبيفانيوس ويعتبرونهم «مهرطقين»، كما تقول عنهم صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي محسوبة على بعد الأساقفة القدامى والبابا شنودة. أما إجابة السؤال فقد أجاب عنها رهبان دير أنبا مقار القدامي في ورقة مهمة قدموها لسيمنار الرهبنة الأول بعهد البابا تواضروس، يناير 2013، ورصدوا فيها أزمة الرهبنة ب«ضعف أهم خصائصها، وهي نذورها الثلاثة الرئيسية المعروفة: الطاعة، والفقر، والبتولية، فاهتزَّت أعمدتها، وأضحت الطاعة فيها طاعة لأهواء الذات، والفقر مظهرا لاستدرار عطف الأغنياء، والبتولية ثوباً ممزَّقا يكشف كلوم المجروحين بسهام الشهوة»، وأرجعوا الأسباب إلى «انفتاح الأديرة على العالم، وعدم التدقيق في اختيار مَن يتقدَّم للرهبنة». والنقطة الأخيرة التي أثارها الرهبان، الخاصة بعد التدقيق في اختيار المتقدمين للرهبنة، هي حجر الأساس، خاصة أن الرهبنة نظام حياة مغلق وقاس ولا يقدر عليه أي شخص، بل يستدعي وجود أطباء نفسيين لدعم الرهبان ومساعدتهم على الاتزان النفسي. ووضعوا ركيزتين أساسيتين للإصلاح المنشود للرهبنة، أولها تقنين زيارات العلمانيين إلى الأديرة، وعلى سبيل المثال: إغلاق الأديرة في جميع فترات الأصوام على مدار السنة، وتحديد أيام معينة في الأسبوع يُسمَح فيها بدخول الزوَّار، في حدود ساعات مُعيَّنة وأعداد محددة، وبعلمٍ سابق، ويكون مسؤولا عنهم طوال فترة تواجدهم بالدير أحدُ الرهبان المشهود له بالأمانة للطريق الرهباني ليشرح لهم معالم الدير، ويُعطيهم كلمة روحية، ثم يُشرف على ضيافتهم، حتى لا ينتشروا في أروقة الدير مُفسدين على الرهبان هدوئهم. والثانية التدقيق الشديد في اختيار طالبي الرهبنة، بتعريف المتقدم للرهبنة قائمة المبادئ الرهبانية التي سيلتزم بها إلى آخر أيام حياته، لكي يكون على بينة من أمره، وكاقتراح أَولي لهذه القائمة، أن يَرضَى أن يعيش راهبا طوال أيام حياته، دون أن يُطالِب بأية درجة كهنوتية، إلا إذا دُعِي لهذه الدرجة من رئيس الدير أو الرئاسة الكنسية، أن لا تكون له أية ملكية شخصية، لأن الدير سيتكفل برعايته من جميع النواحي، دون أن يحتاج أن يتعامل مع المال بأية وسيلة، أن لا يُطالب بدخول قريب أو صديق له الدير في غير أوقات الزيارة المسموح بها، ولا يطالب أن يقابلهم كأن هذا حق له، وأن لا ينزل من الدير لأي سبب كان، إلا إذا كلف بذلك من رئيس الدير للقيام بأشغال الدير. وكقاعدة عامة لصحة اكتشاف واختيار كل المتقدمين للرهبنة، يحسن جدا ألا تَقِل فترة الاختبار عن 3 سنوات، مع توافر إمكانية إخلاء سبيل الأخ طالب الرهبنة في أيّ وقت خلال هذه الفترة، رحمةً به وبالرهبنة. للاطلاع على الورقة كاملة (من هنا) اقرأ أيضا: هل يسيطر البابا تواضروس على «صراع المال» في الأديرة؟ البابا وبيزنس جمع التبرعات في الأديرة.. لمن الغلبة؟ بعد مقتل الأنبا إبيفانيوس.. 12 قرارا للبابا لضبط الأديرة و«الرهبنة» موقف الكنيسة من المنتحر أوضح موقع كنيسة الأنبا تكلا هيمانوت في الإسكندرية، أن «المُنتَحِر لا تصلي عليه الكنيسة بعد موته، لأنه مجرم، فالكنيسة ترفض الصلاة على المنتحر إلا في حالة إذا كان قد فقد عقله (أصبح مجنونًا) وقتل نفسه بلا عِلم». فهل إذا أعلن أن سبب موت زينون هو الانتحار ستصلي عليه الكنيسة؟