أصبحت ثالث المدن العراقية الكبرى على شفا كارثة إنسانية، فقد تعرضت مدينة البصرة مؤخرا للعديد من الأزمات التي أدت إلى خروج العديد من المظاهرات الغاضبة للتعبير عن المعاناة التي تشهدها هذه المدينة التي تعتبر العاصمة الاقتصادية للعراق، وانطلقت شرارة الاحتجاجات الأخير من البصرة نتيجة سوء الخدمات وانتشار البطالة. وتشهد هذه المدينة أزمة كبرى نتيجة تلوث المياه، مما تسبب في تحول الأنهار إلى اللون الأحمر نتيجة ارتفاع نسبة التلوث بشكل كبير للغاية، وانتشرت صور لمياه الأنهار في البصرة، ومياه الاستخدام اليومي، وهي ملوثة بشكل واضح. تسمم الآلاف أدت هذه الكارثة التي تشهدها البصرة إلى تسمم الآلاف من السكان، حيث تكتظ المستشفيات بالعديد من تلك الحالات، وكشف المدير العام لدائرة صحة البصرة، رياض عبد الأمير خلال مؤتمر صحفي، عن تسجيل نحو 17 ألف حالة إصابة بأمراض المغص المعوي والإسهال بسبب المياه الملوثة خلال الأسبوعين الأخيرين، نحو عشرين في المائة منها تنطبق عليها أعراض وباء الكوليرا. وأوضح عبد الأمير أن مستشفيات البصرة تستقبل نحو 1500 إصابة في اليوم الواحد بشكل متواصل. وهناك حالة من التضارب في الأرقام المعلنة حول عدد الإصابات المسجلة في البصرة نتيجة تلوث المياه وعدم صلاحيتها للاستهلاك البشري، ففيما أعلنت وزيرة الصحة العراقية عديلة حمود أثناء زيارتها إلى البصرة السبت الماضي، عن تسجيل 1500 حالة إصابة بإسهال شديد دون تسجيل إصابات بالكوليرا، عادت مديرية صحة المحافظة، أمس، لتعلن عن 17 ألف إصابة، تنطبق على بعضهم أعراض الكوليرا، بحسب "الشرق الأوسط". اقرأ أيضا : «ديالى وواسط والبصرة».. أحدث فصول التغلغل الإيراني في العراق مفوضية حقوق الإنسان في البصرة، أكدت أن الأوضاع في المحافظة "خطيرة"، بسبب ارتفاع نسبة الملوحة وزيادة التلوث، الذي أدى إلى إصابات الآلاف المواطنين، فيما أشارت إلى أن الحكومة لم تسجل أي فعل يوازي حجم الكارثة. ودعت المفوضية الحكومة المركزية ممثلة برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، إلى "الانتقال مع وزراء الصحة والبيئة والموارد المائية للبصرة للوقوف على هذه الكارثة والاطمئنان على أهلها الذين يعدون الثروة الأعظم والذين يفتك بهم التلوث ونقص الادوية"، مطالبة رئاسة الوزراء ب"إعلان البصرة مدينة منكوبة بكل المقاييس الإنسانية"، حسبما ذكر "السومرية نيوز". أحمد السليطي المتحدث باسم مجلس محافظة البصرة، أكد أن البصرة باتت منكوبة جراء الارتفاع المتصاعد لتلوث المياه بسبب زيادة الملوحة، مشيرا إلى أن مجلس المحافظة حذر في وقت سابق من حصول حالات تلوث في البصرة باعتبارها محافظة يصب فيها نهرا دجلة والفرات القادمان من المحافظات الشمالية مرورا بوسط البلاد وجنوبها. ولفت السليطي إلى أن "ما فاقم المشكلة لجوء البعض إلى بيع مياه الشرب في المناطق التي تخلو من المياه باستخدام الصهاريج غير المناسبة من الناحية الصحية لنقل المياه"، وفقا ل"الأناضول". اقرأ أيضا : نار العقوبات الأمريكية على إيران تكوي «العراقيين» مطالب بالاستقالة وفي ظل تفاقم مشكلة ارتفاع مناسيب الملوحة والتسمم نتيجة تلوث مياه شط العرب، طالب النائب عن محافظة البصرة عدي عواد أمس، الحكومة المحلية بشقيها التنفيذي والتشريعي بتقديم استقالتها بعد تسمم الآلاف من المواطنين، وفشلها في وضع الحلول المناسبة للأزمة. وقال عواد إن "بعض المسؤولين في البصرة لازالوا يستجدون من الحكومة الاتحادية ولو كان لديهم ضمير، فعليهم إن يقدموا استقالاتهم فوراً"، لافتا إلى أن بقائهم في السلطة سيعرض المحافظة إلى تطورات كبيرة لا تحمد عقباها من قبل المحتجين، بعد أن أعطت المرجعية الضوء الأخضر للمتظاهرين بتطوير أساليبهم السلمية في المطالبة بالحقوق الشرعية. وذكر عواد أن "بعض مدراء الدوائر في المحافظة يجب أن يتم رميهم في القمامة لفشلهم في عدم حل مشاكل المواطن البصري، وذلك بعد انتشار أكثر من عشرة آلاف إصابة بالتسمم جراء التلوث الشديد في المياه"، بحسب "الغد". أنقذو البصرة دفعت هذه الكارثة العديد من الناشطين إلى تدشين حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، مسلطين الضوء على الأزمة الخطيرة التي تعانيها البصرة، وأطلقوا حملات عدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مستخدمين أكثر من هاشتاج، أبرزها "#انقذوا البصرة" و"#البصرة مدينة منكوبة"، لإيصال رسائلهم إلى المجتمع الدولي من جهة، والضغط على حكومة بلادهم من جهة أخرى. وفي محاولة لامتصاص هذا الغضب، أصدر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، حزمة توجيهات بخصوص معالجة المشاكل الصحية والبيئية في محافظة البصرة وفتح التحقيق في قضية تلوث المياه بالمنطقة، كما دخلت مرجعية النجف على خط أزمة "العطش والتلوث" في المحافظة عبر تشكيل خلية أزمة لإنقاذ أهالي المحافظة. اقرأ أيضا : تعويضات حرب «الثماني سنوات» تثير أزمة بين العراقوإيران وأفاد المكتب الإعلامي للعبادي بأن مجلس الوزراء ناقش الثلاثاء بشكل موسع "الإجراءات المتخذة لمعالجة تلوث المياه في محافظة البصرة"، مشيرا إلى أنه "تم تقديم تقرير للجنة الحكومية التي ذهبت إلى البصرة وتم اتخاذ مجموعة من القرارات". كما أعلنت أمانة العتبة الحسينية في كربلاء، عن تشكيل خلية بشأن أزمة المياه الملوثة في محافظة البصرة، بحسب "روسيا اليوم". وفي كل أزمة يشهدها العراق يكون لطهران دور فيها؛ فبعد قطعها عدداً من الروافد المائية التي تصب في نهر دجلة، اتهم مواطنون بصريون خلال تظاهرة حاشدة إيران بتسببها في ارتفاع ملوحة مياه شطّ العرب إلى مستويات عالية جداً، مما تسبّب بتوقف عدد كبير من مضخات التحلية من شدة الملوحة. وأكد مواطنون أن على الحكومة العراقية أن تضع حداً للتجاوزات الإيرانية المستمرة على مياه العراق، مبيناً أن الأملاح القادمة من إيران عبر مياه "البزل" حولت مياه شط العرب إلى مياه آسنة غير صالحة للشرب، ومهددة حياة أكثر الملايين بانتشار الأمراض والأوبئة، وموت الملايين من أشجار النخيل والثروة الحيوانية، وإنهاء الزراعة في المحافظة. اقرأ أيضا : المتظاهرون بالعراق يرفعون سقف مطالبهم.. و«العبادي» يفشل في امتصاص غضبهم تجدر الإشارة إلى أن البصرة تعد من أغنى المحافظاتالعراقية بالموارد الطبيعية مثل النفط والغاز، كما تعتبر منفذ العراق البحري الوحيد ، حيث تعيش على بحر من الثروات النفطية والتجارية، لكنها تعاني من غياب الخدمات وسيطرة العشائر والمليشيات والأحزاب على معظم المرافق الاقتصادية فيها.