يعيش العراق على وقع أزمة كبيرة مع دخول الاحتجاجات أسبوعها الثالث، وارتفاع حدة الصدام بين المتظاهرين والسلطات الأمنية، في وقت يسعى رئيس الحكومة حيدر العبادي إلى التفاوض مع المتظاهرين من أجل إنهاء الاحتجاجات، وسط غموض في مستقبل تظاهرات العراق. البداية جاءت من خلال دعوات "تنسيقيات المحافظات الجنوبية" إلى تصعيد المظاهرات، وأعلنت رفع سقف مطالبها لتشمل إعادة بناء العملية السياسية وإسقاط الأحزاب وإعادة كتابة الدستور، بحسب "الاتحاد" الإماراتية. وتطورت حركة الاحتجاجات بشكل خطير ووصلت إلى 13 محافظة، ودخلت إلى صلاح الدين وسامراء وانسحبت القوات الأمنية في كركوك وسط مخاوف من توسع الاحتجاجات لثورة عارمة. الدكتور قصي المعتصم الخبير العسكري والاستراتيجي العراقي، أكد تأزم الوضع وازدياد حدة التظاهرات وامتدادها لمحافظات جديدة في العراق، الأمر الذي قد يتحول إلى ثورة عارمة قد تطيح بكل شيء، وفقا للصحيفة. اقرأ أيضًا: وسط مخاوف أمنية واقتصادية.. العراق يدخل مرحلة «الفراغ التشريعي» وتسعى حكومة العبادي إلى التفاوض من أجل إنهاء التظاهرات، ودعوة المتظاهرين خوفًا من تطور المشهد إلى ثورة عارمة تهدد الدولة العراقية. في هذا الصدد، أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي، أنّ حكومته تقف مع المطالب المحقة للمواطنين، محذرًا من وجود مندسين يستغلون المطالب المشروعة للمتظاهرين. وشدد العبادي على أهمية حماية المتظاهرين وحفظ الأمن في عموم البلاد، موضحًا "نحن مع التظاهرات المطالبة بالحقوق المشروعة شرط أن لا تتحول لممارسة العنف". وبموجب ذلك، أصدر رئيس الوزراء عقب الاجتماع مع المواطنين ومشايخ العشائر، 7 قرارات بشأن مطالب التظاهرات التي شهدتها البلاد من بينها حل مجلس إدارة مطار النجف، وتخصيص 3.5 تريليون دينار فورا للبصرة. اقرأ أيضًا: «امتيازات النواب».. استفزاز للشارع العراقي الغاضب وفي حالة نجاح حكومة العبادي بالتفاوض مع العشائر العراقية وقادة التظاهرات والوصول إلى تهدئة سيكون السيناريو الأفضل للجميع، حسب "عاجل" السعودية. أما السيناريو الأكثر خطورة، هو الصراع المسلح، حيث يخشى الجميع من اندلاع صراع مسلح بين الميليشيات العراقية والمتظاهرين، في ظل رفض هذه التظاهرات لفصائل الحشد الشعبي وهجوم على بعض مقرات هذه الميليشيات. على جانب آخر، قدمت عشائر المحافظات الجنوبية عدة شروط لرئيس حكومة تصريف الأعمال الذي اتهموه ب"قمع" المتظاهرين، وأكدوا أنهم لن يتراجعوا عن حشد المظاهرات حتى تحقيق مطالبهم، وفقا ل"روسيا اليوم". وتمثّلت بعض الشروط في أن تلبي الحكومة العراقية مطالب المتظاهرين دون تسويف، وتكف عن قمع التظاهرات واستخدام السلاح لتفريق المتظاهرين، كما هددت العشائر بحمل السلاح ضد أي قوة ترفع سلاحها ضد أبنائها المتظاهرين. ويشهد العراق احتجاجات واسعة بدأت قبل عشرة أيام من محافظة البصرة، وامتدت لاحقًا إلى مناطق أخرى ذات أغلبية شيعية جنوبي البلاد، ومنها المثنى وميسان والديوانية وذي قار، حيث يطالب المتظاهرون بتوفير الخدمات العامة الأساسية كالماء والكهرباء وفرص العمل ومحاربة الفساد. اقرأ أيضًا: حرق «الخميني» في العراق.. رسالة للحد من النفوذ الإيراني واتخذت الحكومة جملة من الإجراءات لاحتواء الاحتجاجات، بينها تخصيص وظائف حكومية، وصرف أموال إضافية لمحافظة البصرة، والشروع في وضع الخطط لمشاريع خدمية على المدى القصير والمتوسط. إلى ذلك طالب خطيب الجمعة في مدينة الصدر ببغداد بإجراءات جدية لمعالجة المشاكل التي دفعت إلى خروج المحتجين، ومحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين، لافتًا إلى أنه يؤيد التظاهرات السلمية، بحسب الوكالة الروسية. وفي وقت سابق، أعلنت مفوضية حقوق الإنسان أنه تم الإفراج عن 336 معتقلاً على خلفية التظاهرات في محافظاتالعراق الجنوبية. وشدد دعاة المظاهرات، على الالتزام بسلمية الاحتجاجات والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة والتعاون مع القوات الأمنية. لكن رغم الانتشار الأمني الكثيف، ووعود الحكومة الاتحادية بتلبية مطالب المتظاهرين، تصاعد زخم احتجاجات في البصرة الليلة الماضية واحتشد المئات في ساحة الحرية وسط المدينة مرددين الشعارات ذاتها، ومطالبين بالإفراج عن عشرات الناشطين الذين تم توقيفهم خلال التظاهرات.