حالات الاغتصاب حول العالم، لم تعد تقتصر على جرائم فردية، بل أصبحت سلاحا للحرب في معظم النزاعات، خاصة في ليبيا التي شهدت ثورة أطاحت بالزعيم معمر القذافي عام 2011، ومنذ ذلك الحين تشهد المنطقة جرائم حرب راح ضحيتها نساء وأطفال بل ورجال أيضا. المحامية الفرنسية والخبيرة في مجال جرائم الحرب "سيلين باردي"، روت تجربتها في ليبيا بعد مرور عامين فقط من سقوط معمر القذافي، وذلك خلال تقديمها استشارات للحكومة الانتقالية حول صياغة قانون يعترف بالنساء الليبيات المغتصبات بشكل منهجي خلال ثورة 2011 كضحايا حرب. "سيلين" أوضحت أنه في عام 2014 دخلت البلاد التي تهيمن عليها الحروب القبلية بين الميليشيات خلال فترة الفوضى، وأصبح الاغتصاب أداة انتقام ضد بعضها وبعض، واكتشفت "باردي" في ذلك الوقت أن الرجال هم أيضًا ضحايا عمليات الاغتصاب الجماعي، بحسب "الباييس" الإسبانية. اقرأ أيضًا: «انتهاكات جنسية وصدمات كهربائية».. رعب في سجون ميليشيات ليبيا وازدادت دهشة المحامية الفرنسية أكثر، عندما علمت أن هذه الميليشيات تستخدم الأسرى المهاجرين لارتكاب هذه الانتهاكات، وأن هؤلاء الرجال الذين يضطرون للهروب من بلدانهم الأصلية والسفر عن طريق ليبيا، يُجبرون على اغتصاب السجناء الآخرين تحت التهديد بالقتل. ووفقًا لبيانات صادرة عن منظمة العفو الدولية في مايو الماضي، فإن قرابة 7 آلاف مهاجر ولاجئ يعيشون في مراكز الاعتقال الليبية، حيث يعانون يوميا من الإساءات والإذلال، وفقًا ل"عاجل" الليبية. وقالت المحامية التي بدأت حياتها بمطاردة مجرمي حرب البلقان: إن "الضحايا في معظم الحالات لا يريدون أو لا يستطيعون الحديث، إما بسبب الصدمة أو بسبب الوصمة الاجتماعية التي يولدها الانتهاك". وشهدت ليبيا، العديد من جرائم الاغتصاب، وتصدر الرجال معظم المشهد العام، حيث يُعمل الاغتصاب كأداة لإبادة الخصم السياسي، وهؤلاء الرجال يختفون حرفيًّا من المجتمع. اقرأ أيضًا: ليبيا تغرق في الفوضى.. وتحركات لتخفيف الاحتقان بين الفرقاء والطريقة الوحيدة للوصول إلى هذه الشهادات الخاصة بالرجال كانت من خلال الأطباء، أو المنظمات غير الحكومية التي تقوم بنقل الضحايا إلى تونس ليتم التعامل معهم، بحسب المحامية. وتعرض هؤلاء الرجال إلى العنف لدرجة أن الذين تعرضوا للاغتصاب مرارًا في السجون السرية لأربع أو خمس سنوات في بعض الأحيان، لا يستطيعون المشي أو مصابون بسلس البول، وفقًا للموقع الليبي. يقول أحد جنود جيش "القذافي" الناجي من عذاب الميليشيات: إن "المسلحين اعتادوا إدخال سجين جديد في زنزانة تضم 600 شخص، ويختارون واحدا من المحتجزين لإرغامه على اغتصاب السجين الجديد وإلا فسيكون مصيره الموت"، بحسب يورو نيوز. وذكرت التحقيقات أيضًا أن عددًا من الرهائن المُحتجزين لم يتم تحريرهم إلا بعدما قالوا لهم "اغتصبوا بعضكم أولا"، وكان المسلحون يصورون هذه المشاهد المروعة بهواتفهم. يمكن القول إن الانفلات الأمني النسبي الذي تشهده شوارع ليبيا ربما يكون أحد الأسباب التي ساعدت على انتشار هذه الآفة، وكان آخر هذه الجرائم البشعة تعرض فتاتين مسلمتين بريطانيتي الجنسية للاغتصاب في مدينة بنغازي على يد 5 أشخاص. ليس هذا فحسب، فقد ذكرت منظمة خيرية بريطانية، أن أطفالًا ليبيين لا تتعدي أعمارهم ال8 سنوات، تعرضوا للإساءة الجنسية، خلال الصراع في البلد الإفريقي منذ 2011. اقرأ أيضًا: مؤامرة سرية في ليبيا.. و«حفتر» يحبط مخطط تقسيم السلطة وقالت منظمة "إنقاذ الأطفال البريطانية": إنها "تحدثت إلى نحو 300 طفل في 6 مخيمات مؤقتة في مدينة بنغازي، وسمعت شهادات عن أعمال اغتصاب وقتل، ارتكبت في رأس لانوف وأجدابيا ومصراتة، وفقًا ل"فرانس برس". وزارة العدل الليبية، في فترة ما بعد القذافي، اعترفت بأن الحالات المعنية بالانتهاكات الجنسية تصل إلى حد أن تكون موضوع نقاش عاما، وأنشأت بالتالي صندوق "معالجة أوضاع ضحايا العنف الجنسي"، قالت: إنه "الأول من نوعه عبر العالم الذي يُعنى بمرافقة ضحايا هذه الانتهاكات خلال الحروب"، بحسب أخبار ليبيا. خلاصة القول أن ضحايا العنف والاغتصاب لم تقتصر على البلد العربي الإفريقي، بل امتدت إلى دول عديدة في العالم، فوفقًا للبيانات الصادرة عن المنظمات غير الحكومية، فإن ما بين 200 ألف و600 ألف امرأة من ضحايا الاغتصاب في حرب الكونغو الديمقراطية والسودان. كما يوجد انتهاكات يصعب حصرها، والتي تعد بمئات الآلاف، مثل سوريا وليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى وسري لانكا ونيجيريا وميانمار والعراق.