يتعرض سكان تجمع "الخان الأحمر" شرقي مدينة القدس لمحاولات اقتلاع وتهجير من قبل الاحتلال الإسرائيلي، الذي لم يكتف بما يعانيه هؤلاء السكان من حياة قاسية، إلا أن سلطات الاحتلال تخطط لهدم القرية وترحيل أهلها إلى موقع قرب مكب للنفايات في بلدة أبو ديس شرق القدسالمحتلة. كانت المحكمة العليا الإسرائيلية قد قررت في مايو الماضي هدم تجمع "الخان الأحمر" البدوي، وهو قرار غير قابل للنقض أو الاستئناف، إلا فريق من المحامين نجح في إصدار قرار احترازي من المحكمة العليا بتجميد أوامر الهدم حتى 15 أغسطس المقبل، في وقت أعلنت فيه الحكومة الفلسطينية عن إحداث هيئة محلية باسم قرية الخان الأحمر. وقدم فريق من المحامين مستندات جديدة تثبت أن الأراضي التي أقيمت عليها القرى في مطلع خمسينيات القرن الماضي، هي "أراض بملكية فلسطينية خاصة ومسجلة"، أُجرت للسكان البدو، وليست أراضي عامة، فضلًا عن أن إجلاء السكان يعد مخالفًا للقانون الدولي. مطمع جديد هذه ليست المحاولة الأولى لتهجير هؤلاء السكان، حيث يهدف الاحتلال من وراء تهجير هؤلاء السكان إلى ضم أراضي الخان لصالح مستوطنة "معاليه أدوميم" ضمن المخطط المعروف ب"E1" الاستيطاني، بهدف فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها تمامًا. اقرأ أيضا: «الدمدم».. أداة الاحتلال ل«تحطيم عظام» الفلسطينيين ويرى الاحتلال أهمية ترحيل البدو من هذه المنطقة لقربها من الشارع رقم 1 ومن المستوطنات التي تستطيع ربطها بالقدس، وتوسيع حدود المدينةالمحتلة وضم المستوطنات اليهودية إليها. وكانت آليات وجرافات الاحتلال الإسرائيلي قد انسحبت من القرية وسط أنباء إسرائيلية تفيد بأن الدول الأوروبية الكبرى الخمس، حذرت إسرائيل من هدم القرية الفلسطينية، مهددة بأن ذلك سيؤدي إلى إجراءات أوروبية ضد إسرائيل. وكتب المحلل السياسي للقناة الإسرائيلية العاشرة، براك رافيد، على "تويتر": "الدول الأوروبية الخمس الكبرى حذرت إسرائيل بأن هدم خان الأحمر البدوية في الضفة الغربية سيؤدي إلى رد فعل أوروبي مضاد لإسرائيل"، حسب "عرب 48". إجراءات عملية وفي محاولة لجذب الأنظار لقضية "الخان الأحمر"، دعا رئيس الوزراء الفلسطينى رامى الحمدالله، المجتمع الدولى إلى أن يترجم بيانات الشجب والاستنكار إلى إجراءات عملية حازمة، لوقف جرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل فى قرية الخان الأحمر شرقي القدس وغيرها من التجمعات البدوية، من خلال الهجمة التهجيرية، ومحاولة طمس حضارة وتاريخ السكان الأصليين فى هذه الأرض. اقرأ أيضا: أسبوع الدم والنار في غزة.. الاحتلال يهدد بإحراق القطاع وانتفاضة في الطريق وقال الحمدالله، خلال مؤتمر صحفى عقد فى قرية الخان الأحمر شرقي القدسالمحتلة، المهددة بالهدم والترحيل، السبت: إننا "وبعد كل هذه العقود المتصلة من التشريد وسرقة الأرض والموارد والتوسع الاستيطاني، أحوج ما يكون لتطبيق قرارات الأممالمتحدة، وتفعيل الحماية الدولية لشعبنا من بطش الاحتلال الإسرائيلي العسكري". وأضاف أن إسرائيل أرادت بمخططاتها هذه عزل القدس، وتقطيع أوصال الضفة الغربية، واستدامة وإطالة احتلالها العسكري، كذلك تنفيذ مخططها الاستيطانى المسمى "E1"، في انتهاك واضح وصارخ للقانون الدولي، ولكل المواثيق والصكوك الدولية"، مؤكدًا أنه يجب على العالم بأسره أن يتحرك لمنع نكبة جديدة يتعرض لها أهالي الخان الأحمر اللاجئون، الذين ذاقوا مرارة العديد من الويلات والمحن، وولدت أجيالًا على هذه الأرض خلال عقود كثيرة على تغريبتهم وتهجيرهم، حسب "قدس برس". بوابة منيعة يقف "الخان الأحمر" شرقي المدينة القديمة بوابة منيعة مدافعةً عن عروبة القدس في وجه زحف استيطاني لم توقفه إسرائيل يومًا، فأراضيه البدوية الواقعة في الضفة الغربية المُحتلة وأهله بجذورهم الممتدة إلى فترة الحكم العثماني يقاومون عدوهم بقانوني التقاضي والتظاهر السلمي وتضامن أممي مع قضيتهم. اقرأ أيضًا: «رزان النجار».. ملاك الرحمة التي اغتالتها رصاصات الاحتلال الغادر سُمي الخان الأحمر بهذا الاسم نسبة إلى خان مبني بالطوب الأحمر، ولا تزال أطلاله قائمة إلى اليوم قريب من مقام النبي موسى، ويعود إلى حقبة إسلامية قديمة أو إلى حقبة بيزنطية بسبب وجود توابيت قديمة على الطراز البيزنطي الفلسطيني، حيث كان يعرف الخان باسم دير أفتيموس، نسبة لمار أفتيموس القديس المسيحي الذي أسس ديرا باسمه. ويقع "الخان الأحمر" بين عدد من المستوطنات شرقي المدينة القديمة، مما يضع مناطقه ضمن الأراضي التي تستهدفها إسرائيل لتنفيذ مشروعها الاستيطاني الكبير "E1"، الذي يستهدف الاستيلاء على 12 ألف دونم من الأراضي الممتدّة من القدسالشرقية حتى البحر الميت، ويبلغ عدد سكان القرية قرابة 200 مواطن، موزعين على 45 عائلة. وتعد أرض الخان شرقي القدس برية جبلية جرداء توجد فيها مساحات زراعية محدودة جدًا، وتقع بين مستوطنات ضخمة شبه عسكرية مغلقة مثل مستوطنة "معاليه أدوميم وكفار أدوميم"، ولصعوبة العيش في هذه البرية، فإن السكن فيها يقتصر على مجموعات بدوية ترعى فيها بعد مواسم المطر، وقد تكيفت مع هذا المكان القاسي بعد تشريدها من أراضيها واختصوا بتربية ماشية الضأن والماعز. ويطلق السكان المحليون على هذه المنطقة اسم برية القدس، وتبلغ مساحتها 1500 كم²، وتشكل أكثر من ربع مساحة الضفة الغربية. ويسكن أهل الخان الأحمر في مناطق (ج) بين مستعمرتين معاليه أدوميم وكفار أدوميم، وبعد أن تمّ تهجيرهم أكثر من مرة، لم يتم توفير أية مؤسسات تعليمية للأطفال. فقبل تأسيس مدرسة خان الأحمر الأساسية في عام 2009، كان على الأطفال أن يسافروا حتى العيزرية أو أريحا التي تبعد ما يقارب 20 دقيقة على الأقل مشيًا على الأقدام، وذلك على طول الطريق السريع رقم 1، وكانت هذه الرحلة خطيرةً وأدت إلى عدة حوادث طرق أصيب بها الأطفال، وهنا تزايدت الحاجة لوجود مدرسة داخل التجمع البدوي، فأقيمت مدرسة الخان الأحمر بجهود محلية وعالمية وبمساعدة بعض الناشطين والناشطات، حيث يتعلم اليوم في المدرسة أكثر من 85 طالبًا وطالبة، كما يستخدم أهالي الخان الأحمر مبنى المدرسة لعقد الاجتماعات والنشاطات. اقرأ أيضا: الأسلحة الشعبية.. إبداعات فلسطينية في مرمى نيران الاحتلال وأخيرا يفتقر "الخان" للخدمات الأساسية، كالكهرباء والماء وشبكات الاتصال والطرقات، بفعل سياسات المنع التى يفرضها الاحتلال على المواطنين هناك بهدف تهجيرهم.