بعد قطيعة دامت 20 عامًا بين دولتين في القارة السمراء، على أثر اندلاع الحرب الحدودية عام 1998، جاء اللقاء بين رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، مع رئيس إريتريا، أسياسي أفورقي، ليعيد التلاحم الإفريقي مجددًا، ويرسم مستقبل المنطقة. البداية كانت من خلال اندلاع حرب على حدود البلدين عام 98، وفي نهايتها عام 2000، تم عزل منطقة بطول 255 كيلومترا داخل إريتريا لتكون تحت إشراف قوات حفظ السلام، ولم تستطع إثيوبيا الحفاظ على تقدمها العسكري الذي حققته باحتلال ربع الأراضي الإريترية بسبب قبولها لخطة السلام المطروحة من منظمة الوحدة الإفريقية، لتبقى بلدة بادامي المتنازع عليها إريترية. وظلت الخلافات بين الجارتين تلوح في الأفق بين عامي 2007 و2008 بسبب مناوشات حدودية، وخلال عامي 2015 و2016 اتهمت إثيوبيا إريتريا بانتهاك الحدود أكثر من مرة. لكن مع تولي رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد آبي أحمد المسئولية، كأول رئيس حكومة من عرق الأورومو، ألقى حجرًا في مستنقع الكراهية والمناوشات بين البلدين، ليعلن تفعيله اتفاقية الجزائر عام 2000 لإحلال السلام بين البلدين، ودعا إريتريا للتعاطي بإيجابية مع طرحه الجديد. اقرأ أيضًا: وسط ضغوط دولية.. هل تنجح وساطة إثيوبيا في جنوب السودان؟ وسرعان، ماتجاوب رئيس إريتريا، ويعلن ترحيبه بمبادرة رئيس الوزراء الإثيوبي، لتبدأ مرحلة جديدة من العلاقات بعد ذوبان الجمود، حيث وقَع "آبي أحمد علي" اليوم، مع الرئيس أسياسي أفورقي "إعلان أسمرة" ليدشن صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، حسب "سكاي نيوز". وتضمن الإعلان "ضرورة تطبيع العلاقات بين البلدين مع فتح الحدود بينهما في وقت لاحق، وانسحاب إثيوبيا من المناطق التي تسيطر عليها بالإضافة إلى القيام بعمليات تطوير مشترك لموانئ إريترية على البحر الأحمر". من جهة أخرى، ثمَن وزير الخارجية الإثيوبي ورقينه جبيو، دور دولة الإمارات العربية في إصلاح العلاقات بين بلاده وإريتريا، مضيفًا أن الاتفاق التاريخي بين أديس أبابا وأسمرة نتيجة جهود ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. فما تم التوصل إليه اليوم هو جهد مشترك بين زعيمي الدولتين، لكن ولي عهد أبوظبي دفع باتجاه هذا الاتفاق التاريخي، حسب الوزير الإثيوبي. اقرأ أيضًا: رسميًا.. انتهاء الحرب بين إثيوبيا وإريتريا وتأتي تلك القمة عقب إعلان "آبي" أن إثيوبيا ستنسحب من بلدة بادمي وغيرها من المناطق الحدودية الخلافية، تنفيذًا لقرار أصدرته الأممالمتحدة عام 2002 بشأن ترسيم الحدود بين البلدين، حسب موقع "سويس إنفو" السويسري. في سياق متصل، قالت مصادر من الأممالمتحدة في العاصمة الإثيوبية: إن "الأمين العام للمنظمة، أنطونيو جوتيريس سيلتقي رئيس الوزراء آبي أحمد اليوم في أديس أبابا بعد يوم من إعلان إثيوبيا وإريتريا نهاية لأزمة عسكرية استمرت نحو 20 عامًا". أما أحمد سليمان المحلل الإثيوبي في مركز شاتام للأبحاث في لندن فقال: إن "التحرك الإثيوبي يمثل تحولًا كبيرًا عن سياساتها الفاشلة التي استمرت طويلًا". وتابع "أن نرى بعض التحرك فهذا أمر إيجابي للغاية، وهذا هو الصراع الكامن الأكثر أهمية داخل القرن الإفريقي، وإيجاد حل له مهم للسلام والأمن في المنطقة، حسب رويترز. اقرأ أيضًا: حان وقت السلام.. زعيما إثيوبيا وإريتريا يتعانقان قبل قمة تاريخية في حين وصف المحلل السياسي السوداني أحمد حمدان العريق، التقارب الإثيوبي - الإريتري بأنه نقطة تحول تاريخية ستحدث انقلابًا في الميزان الإقليمي، معتبرًا أن الخسارة ستكون لدول تعمل على تأجيج الصراع وصناعة الأزمات بالمنطقة لتمرير أجندتها الخاصة وتحقيق مكاسب معينة، حسب موقع العين. المحلل السياسي أكد أيضًا أن إكمال التقارب سيشكل مكسبًا وإنجازًا تاريخيًا لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، الذي بادر بقبول اتفاقية الجزائر، مضيفًا أن جميع رؤساء إثيوبيا السابقين نجحوا في تحقيق التنمية، لكنهم فشلوا في ملف السلام مع إريتريا، مما يعزز تميز "أبي أحمد" الذي بدا واثقًا من إكمال عملية التطبيع مع أسمرة. يذكر أن إريتريا كانت منفذ إثيوبيا الوحيد على البحر قبل أن تعلن استقلالها عام 1993 بعدما طردت القوات الإثيوبية من أراضيها في 1991 بعد حرب استمرت لسنوات، ومنذ ذلك الوقت أصبحت إثيوبيا البالغ عدد سكانها نحو 100 مليون نسمة بلدا من دون منفذ بحري. لكن التحول في سياسة إثيوبيا فور وصول "آبي أحمد" للسلطة أنهى الخلافات، وأعاد السلام بين البلدين خاصة بعدما وعد المسؤول الإثيوبي بالتنازل عن الأراضي التي احتلتها بلاده منذ انتهاء الحرب الحدودية الدامية عام 2000.