كتب- يونس محمد ومحمد رشدي: انحازت للشعب ورفضت قرارات مرسي بقتل المتظاهرين وأمَّنت البلاد ب440 ألف ضابط وعسكري كانت ثورة 30 يونيو صاحبة فضل على المصريين لتخليصهم من نظام "الإخوان"، ولكن الفضل الأكبر صب في صالح وزارة الداخلية، فكانت "30 يونيو" بوابة تعافي الشرطة واسترجاع هيبتها وثقتها في الشارع، ففيها غسلت الداخلية يديها من تجاوزاتها في عهد مبارك، لأول مرة تقف الشرطة بجانب الشعب وتسانده في مطالبه، التي استفادت منها ربما أكثر من الشعب فيما بعد، حيث توافد أفراد وضباط الشرطة على الميادين وقام بعضهم برفع الأعلام والكروت الحمراء التي كُتب عليها عبارات "ارحل"، كما رفعوا شعارات حملة "تمرد"، في مشهد تكرر في عدد من محافظات الجمهورية، أبرزها القاهرة والإسكندرية وبورسعيد. كما سمح رجال الشرطة الموجودون داخل سيارات الدوريات وسيارات الأمن المركزي باعتلاء المتظاهرين سياراتهم وجابوا بهم الشوارع، كما هتف بعضهم مع المتظاهرين، وقام عدد من المتظاهرين برفعهم فوق الأعناق. وتجاهلت وزارة الداخلية طلبات الإخوان بإرسال قوات لحماية مقر مكتب الإرشاد، حسب وليد شلبي، المستشار الإعلامي للدكتور محمد بديع، المرشد العام للجماعة -حينذاك- من اعتداء عشرات ممن أطلق عليهم ''بلطجية'' حاولوا حرق المقر. في اليوم التالي، لثورة 30 يونيو، تعرض مقر مكتب الإرشاد بالمقطم للنهب والحرق، في غياب قوات الأمن، وبحلول المساء أصدرت وزارة الداخلية بيانا أعلنت فيه التزامها بضمان سلامة المتظاهرين، وأنها ملك للشعب، ولا تنحاز لفصيل سياسي على حساب الآخر، مؤكدة تضامنها مع بيان القوات المسلحة الذي شدد على ضرورة حل الأزمة السياسية في البلاد خلال 48 ساعة، بالإضافة إلى تأمين المتظاهرين ب440 ألف ضابط وعسكري. مشهد آخر يعكس ما آلت إليه علاقة وزارة الداخلية مع المتظاهرين ضد حكم مرسي، خلال الأحداث، عندما قام رجال شرطة بتوزيع المياه والعصائر المثلجة على المواطنين في أماكن التظاهرات المختلفة بالعاصمة، اعتبرها البعض بداية جديدة لعصر يتسم بالإنسانية والتعامل الجيد بين الشعب والشرطة. وفي تصريحات صحفية سابقة للواء هاني عبد اللطيف، المتحدث الإعلامي السابق لوزارة الداخلية قبيل ثورة 30 يونيو، قال إن الداخلية قررت عدم الدخول في أي صدام مع الشعب أو المتظاهرين، من أجل حماية نظام الإخوان، وكانت تعليمات اللواء محمد إبراهيم وقتها، لقيادات وضباط الشرطة، بالحفاظ على أمن المواطن المصري، وليس أمن النظام، وهو ما تم بالفعل في أحداث مكتب الإرشاد بالمقطم عندما رفضت الداخلية التعامل بالقوة مع المتظاهرين، بل قامت بتأمين المتظاهرين وحمايتهم من العناصر الإخوانية المسلحة، والتي كانت تطلق على المتظاهرين الرصاص من داخل مكتب الإرشاد. كما أرسل نادي ضباط الشرطة رسالة إلى الشعب المصري، مفادها أن الداخلية انحازت لإرادة الشعب قلبًا وقالبًا على خلاف المتعارف عليه في العهود السابقة، وتعمل على تلافي السلبيات وإنهاء التجاوزات التي كانت موجودة والتي لا ينكرها أحد، وعاهد نادي ضباط الشرطة المصريين على أن تشهد الفترة المقبلة مولد جهاز شرطة قوي وأمين على شعب مصر، يبحث عن استقلاليته عن أي نظام حاكم وأن يكون لشعب مصر فقط ولمن يحتاج إليه من أبناء هذا الوطن، ولن يسمحوا باستخدامهم كأداة لمواجهة الشعب مرة أخرى. تأمين المنشآت والتعهد بعدم التعرض للمتظاهرين اعتمدت خطة وزارة الداخلية خلال 30 يونيو، على خطة أمنية مكبرة تم البدء فى تنفيذها قبل التظاهرات ب3 أيام، عقب رفع حالة الطوارئ لتأمين جميع المنشآت الهامة والحيوية والسجون ومجلسي الشعب والشورى، ومبنى الإذاعة والتليفزيون ومبنيي وزارتي الداخلية والخارجية بوسط القاهرة، وذلك للحفاظ على الأمن والنظام ومكافحة أعمال العنف وإثارة الشغب بجميع أشكالها. مجموعات قتالية ونقل السجناء أشرف على تنفيذ تلك الخطة فى ذلك الوقت، اللواء أسامة الصغير، مدير أمن القاهرة الأسبق، وقام بتزويد جميع أقسام ومراكز الشرطة بالمديرية بكاميرات مراقبة لتصوير أى حالات اعتداءات عليها لتحديد هوية المعتدين وضبطهم، بالإضافة إلى تزويد كل قسم ومركز شرطة بمجموعة قتالية من قطاع الأمن المركزى، بجانب القوات الأمنية المكلفة بتأمين القسم أو مركز الشرطة لصد أى هجوم عليه، فضلا عن نقل جميع العناصر الإجرامية من أقسام ومراكز الشرطة إلى السجون العمومية والمركزية يومى 26 و27 يونيو، حتى لا يستغل بعض العناصر الإجرامية المظاهرات فى الهجوم على أقسام ومراكز الشرطة لتهريب المحبوسين بداخلها. كانت التعليمات المباشرة للقوات أنه سيتم تأمين المظاهرات من مسافات بعيدة ولن يكون هناك أى تدخل على الإطلاق لمواجهة المتظاهرين إلا فى حالة الاعتداء على المبانى والمنشآت الخاصة أو العامة، مضيفا أن دور الشرطة سيقتصر على الفصل بين الجانبين دون الانحياز لأى طرف أو فصيل سياسى بعينه. كما شملت خطة التأمين، أيضا تكثيف الوجود الأمنى ببعض الميادين الرئيسية بمحافظتى القاهرة، والجيزة، والإسكندرية، خاصة ميدان التحرير، وتمركز عدد من الآليات وتشكيلات الأمن المركزى بجوار المتحف المصرى، استعدادا للتدخل فى أى وقت إذا لزم الأمر، فضلا عن تكثيف انتشار وحدات التدخل السريع على كل الطرق والمحاور الرئيسية لسرعة الانتقال إلى أية بلاغات والتعامل الفورى والحاسم معها. الشرطة تشارك المتظاهرين في ثورتهم أعلن ضباط الشرطة عن طريق ناديهم واجتماع إدارة نوادي ضباط الشرطة على مستوى الجمهورية أنهم لم يخرجوا ضد الشعب ولا ضد المظاهرات السلمية ولا ضد إرادة الشعب في التغيير، وانحازت انحيازا تامًا للشعب، وهذا ما ظهر يوم 30 يونيو وما قبله يوم 2 يونيو، وأن الانحياز الكامل سيكون لإرادة الجماهير، ولن تقف الشرطة مع فصيل صغير ضد الشعب، وهو ما قابله المتظاهرون بصدر رحب، بل وحملوا رجال الشرطة فوق أكتافهم وتشاركوا معا في الهتافات التي تطالب بإسقاط حكم الإخوان. وقال الرائد خالد محمود، عضو ائتلاف ضباط الشرطة، في تصريحات صحفية سابقة، إن أعداد الضباط الذين وقعوا على استمارات حملة "تمرد" يقدرون بثمانية أو عشرة آلاف ضابط، بالإضافة إلى أسرهم. الجيش والشعب والشرطة إيد واحدة للمرة الأولى منذ الثورة ظهرت الداخلية بشكل إيجابي في هتافات المتظاهرين، كان أبرزها هتاف «الجيش والشعب والشرطة إيد واحدة» الذي ردده المتظاهرون يوم 30 يونيو؛ احتفالاً بانحياز الشرطة العلني لهم. تمرد تدشن حركة «عشان رجالة» كما أطلقت حركة تمرد حملة «عشان رجالة» لتقديم الشكر للشرطة والجيش على مواجهة الإرهاب. الداخلية تنعي الشهداء يبدو أن مظاهر الاحتفاء المختلفة برجال الشرطة، قد دفعت الداخلية إلى إصدار بيان في الذكرى الثانية للأحداث في نوفمبر الماضي تنعي فيه الشهداء، وتؤكد أنها تحترم دورهم في مسيرة العمل الوطني، معلنة عن تأمينها لما وصفته ب«مظاهر الاحتفاء بالذكرى بما يتناسب مع وعي وتحضر المشاركين فيها».