أمَّنت ب440 ألف ضابط وعسكري.. والأمن يوزع العصائر على المتظاهرين كانت ثورة 30 يناير، صاحبة فضل على المصريين لتخليصهم من نظام "الإخوان"، ولكن الفضل الأكبر صب في صالح وزارة الداخلية، فكانت "30 يوينو" بوابة تعافي الشرطة واسترجاع بعض من هيبتها في الشارع، ففيها أعلنت الداخلية عن توبتها الخالصة عما اقترفته في حق المتظاهرين في ثورة 25 يناير، وغسلت يديها من تجاوزاتها في عهد مبارك، وأنها في سبيلها للتكفير عما اقترفته من أخطاء، حيث خرجوا مع المواطنين للدفاع عنهم، وقدموا اعتذارا لضحاياهم، بعد أن ساروا تحت رايات عليها صور للشهداء. لأول مرة تقف الشرطة بجانب الشعب وتسانده في مطالبه، التي استفادت منها ربما أكثر من الشعب فيما بعد، حيث توافد أفراد وضباط الشرطة، على الميادين وقام بعضهم برفع الأعلام والكروت الحمراء التي كُتب عليها عبارات "ارحل"، كما رفعوا شعارات حملة "تمرد"، في مشهد تكرر في عدد من محافظات الجمهورية، أبرزها القاهرة والإسكندرية وبورسعيد. كما سمح رجال الشرطة الموجودون داخل سيارات الدوريات وسيارات الأمن المركزي باعتلاء المتظاهرين لسياراتهم وجابوا بها الشوارع، كما هتف بعضهم مع المتظاهرين، وقام عدد من المتظاهرين برفعهم فوق الأعناق. وتجاهلت وزارة الداخلية طلبات الإخوان بإرسال قوات لحماية مقر مكتب الإرشاد بحسب وليد شلبي، المستشار الإعلامي للدكتور محمد بديع، المرشد العام للجماعة -حينذاك- من اعتداء عشرات ممن أطلق عليهم ''بلطجية'' حاولوا حرق المقر. في اليوم التالي، لثورة 30 يونيو، تعرض مقر مكتب الإرشاد بالمقطم للنهب والحرق، في غياب قوات الأمن، وبحلول المساء أصدرت وزارة الداخلية بيانا أعلنت فيه التزامها بضمان سلامة المتظاهرين، وأنها ملك للشعب، ولا تنحاز لفصيل سياسي على حساب الآخر، مؤكدة تضامنها مع بيان القوات المسلحة الذي شدد على ضرورة حل الأزمة السياسية في البلاد خلال 48 ساعة، بالإضافة إلى تأمين المتظاهرين ب440 ألف ضابط وعسكري. مشهد آخر يعكس ما آلت إليه علاقة وزارة الداخلية مع المتظاهرين ضد حكم مرسي، خلال الأحداث، عندما قام رجال شرطة بتوزيع المياه والعصائر المثلجة على المواطنين في أماكن التظاهرات المختلفة بالعاصمة، اعتبرها البعض بداية جديدة لعصر يتسم بالإنسانية والتعامل الجيد بين الشعب والشرطة. وفي تصريحات صحفية سابقة للواء هاني عبد اللطيف، المتحدث الإعلامي السابق لوزارة الداخلية قبيل ثورة 30 يونيو، قال إن الداخلية قررت عدم الدخول في أي صدام مع الشعب أو المتظاهرين، من أجل حماية نظام الإخوان، وكانت تعليمات اللواء محمد إبراهيم، لقيادات وضباط الشرطة، بالحفاظ على أمن المواطن المصري، وليس أمن النظام وهو ما تم بالفعل في أحداث مكتب الإرشاد بالمقطم عندما رفضت الداخلية التعامل بالقوة مع المتظاهرين، بل قامت بتأمين المتظاهرين وحمايتهم من العناصر الإخوانية المسلحة، والتي كانت تطلق على المتظاهرين الرصاص من داخل مكتب الإرشاد. كما أرسل نادي ضباط الشرطة رسالة إلى الشعب المصري، مفادها أن الداخلية انحازت لإرادة الشعب قلبًا وقالبًا على خلاف المتعارف عليه في العهود السابقة، وتعمل على تلافي السلبيات وإنهاء التجاوزات التي كانت موجودة والتي لا ينكرها أحد، وعاهد نادي ضباط الشرطة المصريين على أن تشهد الفترة المقبلة، مولد جهاز شرطة قوي وأمين على شعب مصر، يبحث عن استقلاليته عن أي نظام حاكم وأن يكون لشعب مصر فقط ولمن يحتاج إليه من أبناء هذا الوطن، ولن يسمحوا باستخدامهم كأداة لمواجهة الشعب مرة أخرى.