يوم عيد الأضحى، العاشر من ذي الحجة، هو أحد أعظم الأيام في الإسلام، وله مكانة خاصة في قلوب المسلمين لما يحمله من معانٍ عظيمة تتجلى فيها الطاعة، والتضحية، وشكر الله على نعمه، ومع اقتراب هذا اليوم، يتساءل كثير من الناس عن الأحكام المتعلقة به، خاصة في ما يخص الصيام والعبادات. يوم عيد الأضحى هو يوم عبادة من نوع خاص، ولا يجوز صيامه لكن يُستحب فيه الإكثار من الذكر والتكبير وصلة الرحم وذبح الأضاحي، وهو يوم يُظهر فيه المسلم فرحه بطاعة الله، ويتقرب إليه بعبادات تعكس روح الجماعة، والشكر، والتضحية، فينال بها أجرًا عظيمًا لا يُدرك في غيره من الأيام.
هل يجوز صيام يوم عيد الأضحى؟ أجمع العلماء على أن صيام يوم عيد الأضحى محرم، ويُعد من الأيام التي يُنهى فيها عن الصيام بشكل قاطع، فقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله"، كما ثبت في الصحيحين أنه نهى عن صيام يومي العيدين (عيد الفطر وعيد الأضحى). ويوم العيد هو يوم فرح وسرور وشكر لله، ويُظهر فيه المسلمون شعائر الله من الذبح، والأكل، والابتهاج، مما يتنافى مع الصيام الذي هو مظنة التعب والانقطاع عن متع الحياة.
أفضل العبادات في يوم عيد الأضحى رغم النهي عن الصيام، فإن يوم عيد الأضحى غني بالعبادات التي يُستحب الإكثار منها، ومنها: صلاة العيد من أبرز مظاهر العيد، ويُستحب الخروج لأدائها جماعة في المصلى، وتكون بعد طلوع الشمس وارتفاعها قدر رمح، ويستمع المسلمون فيها للخطبة التي تُذكّر بالتقوى، وتحث على التضحية والبر والإحسان. ذبح الأضحية من أعظم القربات في هذا اليوم، ويتقرب به المسلم إلى الله، اقتداءً بسيدنا إبراهيم عليه السلام. تبدأ الأضحية بعد صلاة العيد وتستمر إلى غروب شمس يوم الثالث من أيام التشريق (13 ذي الحجة). التكبير من السنة الإكثار من التكبير المطلق والمقيد. يبدأ التكبير المقيد بعد كل صلاة من فجر يوم عرفة، ويستمر حتى عصر آخر أيام التشريق، ويُسن الجهر به في الأسواق والمساجد والبيوت، وصيغته هي "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد." ذكر الله وشكره يُستحب الإكثار من الذكر والدعاء، خاصة التسبيح، والتهليل، والحمد، والاستغفار، ويُعد هذا من أعظم الأعمال التي تُرضي الله، خصوصًا في هذه الأيام المباركة. صلة الرحم وإدخال السرور يوم العيد فرصة عظيمة لصلة الرحم، وزيارة الأقارب، والتصدق على الفقراء، وإدخال السرور على الناس، وهي عبادات اجتماعية تُضاعف فيها الأجور.
هل يختلف أجر العبادة في يوم العيد عن باقي الأيام؟ يوم العيد يأتي بعد أعظم الأيام وهي أيام عشر ذي الحجة، التي أقسم الله بها في القرآن بقوله:"وليالٍ عشر" [الفجر:2]، وقد ثبت في الحديث أن العمل الصالح فيها أحب إلى الله من أي وقت آخر، ويوم العيد هو تتويج لهذه الأيام، لذا يُعتبر من الأيام التي يُرجى فيها مضاعفة الأجر والثواب. ورغم أن العيد يوم فرح، إلا أن الفرح لا يتنافى مع العبادة، بل يكون التعبد فيه شكرًا لله على التوفيق لطاعته في الأيام السابقة، لذلك فإن العبادات فيه، وإن كانت غير صيام، تحمل أجرًا عظيمًا وتمتاز بأنها متصلة بأعمال جماعية تُظهر وحدة المسلمين وتكافلهم.