"فرصة للحد من التوترات الدبلوماسية، وبدء إصلاح العلاقات، ومعالجة عدد من القضايا الدولية التي تهم كلا من الولاياتالمتحدةوروسيا، مثل إيرانوسورياوأوكرانيا".. هكذا وصف البيت الأبيض القمة المرتقبة بين الرئيس دونالد ترامب، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في ضواحي العاصمة الفنلندية "هلسنكي" وبالأحرى في "قرية فانتا" 16 يوليو المقبل. فيما أعربت موسكو أيضًا عن أملها في أن تنجح في إحياء الحوار بين الحكومتين، دون أن تتوقع حدوث أي تطورات مفاجئة في العلاقات بين البلدين. مجلة "نيويورك" الأمريكية أشارت إلى أن بوتين لا يحتاج إلى أي تطورات كبيرة في العلاقة، حيث إنه يحصل بالفعل على معظم ما يريده من ترامب. وأضافت أنه بالنظر إلى إعجاب الرئيس الأمريكي، الشديد، بشخصية الزعماء المستبدين بشكل عام، ونظيره الروسي على وجه الخصوص، يسعى بوتين إلى إضافة بضعة بنود أخرى إلى قائمة أمنياته في "هلسنكي". حيث تمر العلاقات الأمريكية الروسية في هذه اللحظة، بمرحلة تشبه مرض "انفصام الشخصية"، فبشكل رسمي، تستمر حكومة ترامب في تطبيق العديد من السياسات الصارمة التي انتهجتها إدارة أوباما ضد النظام الروسي، بل تتعداها أحيانًا. وتشمل هذه السياسات، العقوبات المفروضة على موسكو ردًا على غزو أوكرانيا وضم شبه جزيرة القرم، بالإضافة إلى بيع الأسلحة إلى أوكرانيا لمكافحة المتمردين المدعومين من روسيا وطرد العملاء الروس. اقرأ المزيد: قمة بوتين وترامب في ضاحية بفنلندا.. والكرملين: ستناقش الأزمة السورية ومع ذلك، لم يكن أي زعيم في العالم مستفيدًا من إعجاب ترامب بالقادة الديكتاتوريين مثل بوتين، حيث قام الرئيس الأمريكي بالثناء عليه علنًا، بل وهنأه على انتصاره في انتخابات مزورة تمامًا في مارس. كما كانت الاتصالات السابقة بين الرجلين ودية، وغالبًا ما كانت مفيدة لبوتين، حتى إنهم أمضوا ساعة كاملة معًا دون حضور أي مستشارين أو مسؤولين أمريكيين سوى مترجم بوتين، وذلك على هامش اجتماع مجموعة العشرين في العام الماضي. بالإضافة إلى ذلك، يُصدق ترامب ادعاء بوتين بأن بلاده لم تتدخل في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016، على الرغم من وجود أدلة تثبت عكس ذلك. وأشارت المجلة إلى أنه بالنسبة لترامب، فإن كل قراراته نابعة من أهواء شخصية، ويمكنه إبرام أو إلغاء اتفاقيات وفقًا لمشاعره تجاه الناس الذين يتعامل معهم. ففي وقت سابق من هذا الشهر، قدم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، الذي ارتكب جرائم ضد حقوق الإنسان متمثلة في العمل القسري والتعذيب والقتل، انطباعًا جيدًا لترامب في قمة عُقدت في سنغافورة، لدرجة أن الأخير قرر بشكل أحادي ودون أي شيء في المقابل وقف ما وصفه ب"ألعاب الحرب" مع كوريا الجنوبية، متجاهلًا كل من سيول والبنتاجون. فترامب يرى أن المثقفين والفشلة هم فقط من يتبعون الإجراءات والقرارات المحسوبة، ولكن بالنسبة له كل شيء يعتمد على حدسه. اقرأ المزيد: هل تؤثر العقوبات الأمريكية على بوتين فعلًا؟ ومن الممكن أن يمنح ترامب العديد من "الهدايا" المماثلة لبوتين في هلسنكي، مثل تعليق شحنات الأسلحة إلى كييف، أو تخفيف العقوبات المفروضة على موسكو، أو منحه الضوء الأخضر للقيام بكل ما يرغب في سوريا. ولفتت المجلة الأمريكية أن هذه الفكرة الأخيرة تروق لترامب بالفعل، حيث ذكرت تقارير أنه أحيا فكرة سحب القوات الأمريكية من سوريا وترك البلاد تحت رحمة روسيا وحليفها بشار الأسد، خلال لقائه مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني هذا الأسبوع. ومن الواضح أن الروس يتصرفون كما لو أنهم يقودون هذا الاجتماع، حيث ذكرت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، أن روسيا برعت في السيطرة على الأمور من الآن، وكانت أول من أعلن عن اقتراح عقد القمة في مارس، كما أفرجوا عن المزيد من المعلومات من خلال وكالات الأنباء الخاصة بهم، مثل تفاصيل رحلة مستشار الأمن القومي جون بولتون إلى موسكو للتفاوض على الاجتماع. وأعرب "مايكل ماكفول" السفير الأمريكي السابق لدى روسيا، عن مخاوفه في مقابلة مع "بوليتيكو"، قائلًا: إن "الأمر سيكون مشابهًا لما حدث في سنغافورة، حيث سيخرج ترامب من قمة "هلسنكي" مشيدًا بذكاء وقوة بوتين، دون تحقيق إنجازات حقيقية وملموسة. وتقول "نيويورك" أيضًا: إن "الأسوأ من ذلك، هو أن الاجتماع سيعقد مباشرة بعد قمة حلف شمال الأطلسي في بروكسل، وزيارة رسمية إلى لندن، لذلك سيكون ترامب متأثرًا بسلسلة من الاجتماعات مع حلفاء الولاياتالمتحدة". ففي قمة مجموعة السبع في كيبيك في وقت سابق من هذا الشهر، دخل ترامب في خلافات مع بعض أقرب الحلفاء، ورد أنه اشتكى في واحدة من زلات لسانه، بأن حلف الناتو سيئ بقدر اتفاقية منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، من حيث كونها صفقة سيئة بالنسبة للولايات المتحدة. اقرأ المزيد: 5 دلائل على «صورية» الانتخابات الروسية كما أوضح أن هناك احتمالًا بأن شبه جزيرة القرم تنتمي إلى روسيا بأي حال من الأحوال، لأن الجميع هناك يتحدثون بالروسية، مرددًا أكاذيب الكرملين، وطالب بإعادة روسيا إلى مجموعة السبع، والتي تم طردها منها بسبب كارثة أوكرانيا. في الوقت نفسه، يعمل ترامب بنشاط من أجل زعزعة استقرار الاتحاد الأوروبي، وتشجيع الأعضاء الرئيسيين فيه على الانسحاب من المنظمة، وقوله في اجتماع حاشد هذا الأسبوع أن الاتحاد الأوروبي تم إنشاؤه للاستفادة من الولاياتالمتحدة، وللحصول على أموالنا"، وهي تصريحات مجنونة تمامًا حتى لو كانت مبنية على الخلاف التجاري بين أمريكا والاتحاد الأوروبي. وبالنظر إلى أن روسيا تدخلت في استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مثلما فعلت في الانتخابات الأمريكية، فمن الواضح أن إضعاف أو تفكيك هذا الاتحاد يتصدر جدول أعمال الكرملين. وذكرت المجلة الأمريكية: "سواء كان بوتين لديه أدلة يمكن أن يبتز ترامب بها، أو أي شكل آخر من أشكال النفوذ الشخصي على ترامب، أو ما إذا كان الرجلان متفقين على أنه من الأفضل التخلص من النظام الليبرالي في أوروبا وأمريكا، فإن بوتين يحصل بالفعل على ما يريده من هذا الرئيس". ومن المرجح أن تأتي أي اتفاقية بعد قمة الشهر المقبل في صالح روسيا، وذلك لأن بوتين يعرف تمامًا ما يريده من ترامب، في حين لا يبدو أن ترامب يريد أي شيء أكثر من أن يعجب به بوتين مثلما هو معجب به، حسب "المجلة".