اعتبرت الشواطئ الليبية على مدار الأعوام الماضية، بوابة المهاجرين نحو أوروبا، وهو ما دفعها إلى تعزيز السيطرة على حدودها البحرية مع البلد الإفريقي، بهدف تقليل أعداد المهاجرين القادمين إليها عبر البحر المتوسط. وبدأت أوروبا بتقديم مساعدات لخفر السواحل الليبية لاعتراض قوارب المهاجرين في البحر المتوسط ومنعهم من الوصول إليها، ما أدى إلى تعرض المهاجرين إلى الاحتجاز التعسفي والتعذيب والاستغلال في ليبيا، بحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية. واعتبرت المنظمة أن الدعم الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا لمنع المهاجرين غير الشرعيين من الوصول إلى أوروبا عبر البحر، يجعله شريكًا في انتهاكات حقوق الإنسان. أما الأمر الكثر سوءًا، هو مطلب جورجيا ميلوني، زعيمة حزب "إخوة إيطاليا" اليميني، بضرورة فرض حصار بحري على ليبيا بهدف إيقاف تدفق قوارب المهاجرين غير الشرعيين باتجاه السواحل الأوروبية. اقرأ أيضًا: كارثة إنسانية في ليبيا.. وقلق أمريكي من تهديد الاستقرار العالمي تصريحات المسؤولة الإيطالية، أثارت حالة من الغضب داخل بعض الأوساط السياسية الليبية، التي اعتبرت أن بلادها معتدى عليها وتدفع فاتورة هذه الهجمات بمفردها، دون تدخل المجتمع الدولي لوضع حلول جذرية لحل الأزمة. الدكتور أبو بكر بعيرة، عضو مجلس النواب، قال إن هذه دعاوى متطرفة بعيدة عن الموضوعية، ولا تقدم حلولًا لمشكلة تدفق المهاجرين غير الشرعيين على ليبيا من كل الجنسيات منذ قرابة سبع سنوات، بحسب الوسط الليبية. "من يدعو لحصارنا بحريًا لم يفهم أن بلادنا ليست إلا معبرًا لهؤلاء المهاجرين، الذين يتسللون عبر حدودنا عنوة، وبالتالي لا يوجد منطق في إطلاقها"، وفقًا للبرلماني. فقضية الهجرة غير الشرعية تخص المجتمع الدولي في عمومه، وليس ليبيا فقط، وأن البلد العربي الإفريقي لن تسمح لأحد بأن يحاصرها، وأن جميع المطالبات مصيرها الفشل. اقرأ أيضًا: ليبيا تنفض الإرهاب│حفتر ينقض على درنة.. ويمنع استغلال السكان كدروع بشرية وتضبط الأجهزة الليبية أسبوعيًا مئات الأفارقة والآسيويين، وهم يعبرون البلاد بشكل غير شرعي، بمساعدة عصابات محلية للهجرة إلى أوروبا، آخرها العثور على منزل به 62 مهاجرًا غير شرعي، بينهم 24 امرأة من جنسيات أفريقية مختلفة. من ناحية أخرى، استغرب مسؤول ليبي في جهاز الهجرة غير الشرعية دعوة ميلوني قائلًا: "بلادنا عانت كثيرًا من التدخلات الإقليمية والأجنبية، ونحن ندفع ثمن هذه الهجمات غير القانونية بمفردنا"، بحسب الشرق الأوسط. المسؤول أوضح أن الجهاز بكل فروعه في أنحاء ليبيا يقوم بدور كبير لمجابهة هذه الهجرة، ويسهم في نقل مئات المهاجرين إلى أوطانهم بشكل طوعي، وأن التصدي للهجرة غير الشرعية يكون من المنبع، عبر إيجاد تنمية حقيقية في دول أفريقيا، بما ينعكس على مواطنيها، ويجعلهم يتمسكون بموطنهم دون سواه. ورفضت إيطاليا ومالطا منتصف الأسبوع استقبال قارب يقل 629 مهاجرا غير شرعي، فاضطرت الحكومة الإسبانية إلى استقباله لأغراض إنسانية في مرفأ فالنسيا، ما تسبب في اندلاع بوادر أزمة دبلوماسية بين الجانبين. اقرأ أيضًا: ليبيا ما بعد القذافي.. المرأة تتحرر من القيود وتواجه الإرهاب وأخيرا يجب التأكيد على ضرورة التصدي لمثل هذه التحركات التي تنال من سيادة ليبيا، بعيدًا عن المواءمات السياسية للمتصارعين على السلطة في البلاد. وحسب آخر الإحصائيات الرسمية، يوجد قرابة 500 ألف مهاجر من مختلف الدول الإفريقية في ليبيا، بينهم 20 ألفاً فقط داخل مراكز الاحتجاز الرسمية، وهي أرقام تضاعفت بسبب ما وصف ب"السياسة الفاشلة لدول الاتحاد الأوروبي تجاه ملف الهجرة في ليبيا"، وفق مدير منظمة حقوق الإنسان في ليبيا، أحمد حمزة. وتتهم بعض الميليشيات المسلحة في ليبيا بإدارة ملف تهريب البشر والاعتداء بدنيا على المهاجرين سواء داخل مراكز التجميع أو الاحتجاز.