في واقعة تُجسّد ما وصفه حقوقيون ب"تحول جهاز الشرطة المصرية بزمن المنقلب السيسى من سلطة تنفيذ القانون إلى أداة للقتل والإرهاب"، قُتل الموظف السابق بوزارة الأوقاف، محمد إبراهيم محمد أحمد (62 عامًا)، برصاص قوات الأمن خلال حملة أمنية موسعة بقرية الحجيرات بمحافظة قنا، يوم 13 مايو 2025. الداخلية المصرية، التي لم تجد في تاريخ الرجل النظيف ما يدينه، لجأت إلى محضر قديم يعود لعام 2002، دون أي حكم قضائي صادر، لتُبرر اغتياله وتصنفه "عنصرًا إجراميًا خطيرًا"، متجاهلة أنه كان حتى تقاعده في نوفمبر الماضي موظفًا حكوميًا مشهودًا له بالخلق، وكان يسهمفي حل النزاعات العرفية بالقرى.
الحادثة، التي وثّقتها "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان"، شملت أيضًا مقتل الطفل يوسف محمود عبد الرحمن (8 سنوات) وعمه حسن عبد الرحمن (28 عامًا) – العائد حديثًا من السعودية – بينما كانا على جرار زراعي قرب منزلهما، وسط تجاهل رسمي كامل لأي تحقيق مستقل، أو حتى اعتراف بالخطأ.
مفارقة مأساوية كشفت عنها الشهادات الميدانية، أن المتهمين الثلاثة الذين تمت تصفيتهم لم تكن لهم أي صلة بالإجرام، بينما هرب المطلوبون الحقيقيون إلى الأراضي الزراعية بعد تلقيهم – حسب روايات محلية – معلومات مسبقة عن موعد الحملة، ما يطرح أسئلة جدية عن تواطؤ أو فساد داخل الأجهزة الأمنية نفسها.
الشرطة لم تكتف بالتصفية، بل سارعت إلىتشويه القتلى إعلاميًا، وهي ممارسة باتت روتينية منذ تصريح السيسى الشهير "الضابط لو قتل مش هيتحاكم خلاص"، في دلالة صريحة على تحصين القتلة من أي مساءلة.
ولم تكن هذه الحادثة استثناءً، بل حلقة في سلسلة طويلة من القتل خارج القانون، يغيب فيها التحقيق، وتحضر التهم الملفقة، ويغيب معها تمامًا دور النيابة كجهة رقابية. وقد دعت "الشبكة المصرية"النائب العام إلى فتح تحقيق جاد، لكن الدعوات السابقة لم تسفر يومًا عن محاسبة حقيقية. هل أصبح الدم المصري رخيصًا إلى هذا الحد؟ أم أن الدولة قررت أن الحماية الأمنية أهم من العدالة، حتى لو تطلبت تبرير