بينما تضغط روسيا على إيران من أجل الانسحاب من الجنوب السوري، بات الوضع أكثر تأزما مع رفض حزب الله اللبناني الخروج من ريف حمص، لتجد موسكو نفسها أمام عراقيل جديدة من قبل طهران كي تترك مواقعها للقوات السورية. الحقيقة أن إيران لم تغير مواقعها في سوريا التي تضم 32 ألف مقاتل، رغم مقتل 7806 من الميليشيات، و1649 على الأقل من عناصر حزب الله اللبناني، بحسب المرصد السوري. ويبدو أن الخلاف الروسي - الإيراني في سوريا، يشهد تصاعدًا واحتدادًا مع تزايد التعنت الإيراني تجاه تنفيذ المقترحات التي تمليها روسيا في سوريا، لتزيد من حجم ما تحصِّله على الجغرافيا السورية. مصادر ميدانية أكدت أن قيادة القوات الروسية طلبت من حزب الله اللبناني سحب عناصره وقواته من مطار الضبعة العسكري والقواعد الموجودة في ريفي حمص الغربي والجنوبي الغربي، لكن حزب الله لم ينسحب إلى الآن من المنطقة، وما جرى من أنباء عن انسحابات، لم يكن إلا انسحابات إعلامية، فيما لا يزال الحزب موجودًا في مواقعه بالقطاعين الغربي والجنوبي الغربي لمدينة حمص، حسب الشرق الأوسط. اقرأ أيضًا: معركة «مثلث الموت ».. الجيش السوري يتأهب وإيران تنسحب فمواقع الحزب تشهد بين الحين والآخر عمليات تبديل للقوات الموجودة في المنطقة، بوحدات جديدة ما أظهر توترًا بين القوات الروسية وحزب الله، ليتزامن مع التوتر المتصاعد بين حزب الله والقوات الإيرانية من جهة، والروس من جهة أخرى حول الوضع في الجنوب السوري. إذ إن القوات الإيرانية لا تزال رافضة للطرح الروسي بالانسحاب من محافظتي درعا والقنيطرة وكامل الجنوب السوري نحو مناطق أخرى في وسط سوريا. وتأكيدًا على ذلك، صرح الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله أن بقاء حزب الله في سوريا مرهون فقط بطلب من النظام السوري الذي يملك وحده حق أن يطلب منا المغادرة. "نصر الله" قال أيضًا: "ليس لدينا معركة اسمها من يخرجنا ومن يبقينا في سوريا، لكن لو اجتمع العالم كله ليفرض علينا أن نخرج من سوريا لا يخرجنا من سوريا، وهناك طريقة واحدة أن تطلب القيادة السورية ذلك"، حسب صحيفة "القدس". فيما رجحت مصادر أخرى أن القوات الإيرانية فرضت شرطًا لانسحابها نحو البادية ووسط سوريا، وهو إخلاء القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي لقاعدة التنف على الحدود السورية - العراقية، كشرط لها لمغادرة الجنوب السوري، في الوقت الذي تعمل روسيا مع النظام السوري للتوصل إلى حل حول المنطقة، وفقًا لصحيفة القدس. اقرأ أيضًا: خلاف حاد بين موسكووطهران بعد نشر قوات روسية قرب لبنان على جانب آخر، رصدت الصحيفة، وجود اتفاق بين روسيا وتركيا بشكل غير معلن، يقوم على إنهاء الوجود الإيراني بشكل كامل في الشمال السوري، حيث تسعى كل من روسيا وتركيا من خلال توافق مشترك على إجبار القوات الإيرانية على الانسحاب ودفعها لذلك عبر دفع من دولة إقليمية للتصعيد ضدها في شمال وغرب مدينة حلب، خلال الأسبوع الأخير. يمكن الإشارة هنا إلى أن التوتر الروسي - الإيراني، شق الصف داخل قيادات وضباط في قوات النظام، بين موالين للروس وآخرين موالين لإيران، التي توجد بقوات من حرسها الثوري مع قوات حزب الله وميليشيا موالية لها من جنسيات سورية وعراقية ولبنانية وأفغانية وآسيوية، حسب المرصد السوري. وتتوزع مناطق تمركز ميليشيا إيران بين منطقة الكسوة وريف دمشقالجنوبي الغربي، والريف الجنوبي لحلب، ومحيط بلدتي نبل والزهراء بريف حلب الشمالي، وفي الريف الشرقي لإدلب والريفين الشمالي والجنوبي لحماة وسهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، والقلمون وسهل الزبداني وريف حمص الجنوبي الغربي والبوكمال وباديتي حمص ودير الزور، بحسب المرصد. من جهة أخرى، بدأت القوات الحكومية السورية عملية عسكرية محدودة في محافظة السويداء جنوب البلاد ضد الفصائل المسلحة المنتشرة في بادية محافظة السويداء الممتدة باتجاه منطقة التنف، حيث القاعدة الأمريكية ومخيم الركبان قرب الحدود السورية - العراقية - الأردنية، بحسب وكالة الأنباء الألمانية. اقرأ أيضًا: الأسد يحصل على دعم إسرائيل.. ويتخلى عن إيران ووصف قائد ميداني العملية بأنها محدودة وتهدف إلى تأمين مدينة السويداء وتطهير الجيوب التي تسلل إليها مسلحو المعارضة في الآونة الأخيرة وإعادتها إلى سيطرة الحكومة السورية. فالوحدات المهاجمة بدأت تقدمها البري من محور القصر والساقية، على تخوم البادية باتجاه الشرق لإعادة السيطرة على مناطق تسلل إليها المسلحون في جيب لم يدخله الجيش سابقا لكن كان يعتبره تحت سيطرته، وفقًا للوكالة. يبدو من التحرك السوري ميدانيا أن هناك اتجاها لفرض السيطرة الكاملة وإجبار ميليشيا إيران على التراجع والانسحاب من كل من مناطق الجنوب. وظهر ذلك من خلال عدم مشاركة أي قوات حليفة -في إشارة إلى مقاتلي حزب الله والحرس الثوري الإيراني- في العملية ضد التنظيم الإرهابي "داعش"، وأن قوات من الفرقة الأولى والفرقة 15 في الجيش النظامي هي التي تنفذ العملية بتغطية من الطيران المروحي السوري، بحسب وكالة "سانا". ويسيطر تنظيم داعش على مساحة 50% من بادية السويداء، ويتمركز مقاتلوه بشكل أساسي في المناطق الوعرة منها، حيث يستعدون لتنفيذ عمليات انتخارية عقب فقدانهم السيطرة على الكثير من المناطق.